أريد أن أتقرّب من عائلتي مالحل..!؟
أود أن أشكركم على جهودكم وأسأل الله العليّ العظيم أن يأجركم عليها. سأختصر مشكلتي التي هي عبارة عن عدة مشاكل مجتمعة.
المشاكل هي بعائلتي؛ كانت تربيتنا صارمة ومتشددة، وكنا نعاني من القسوة في طفولتنا، حيث أني ورغم مرور كل هذه السنوات لم أنس القسوة التي عشتها في طفولتي، كلنا نعاني من ضعف في الشخصية وسوء التصرف وعدم القدرة على اتخاذ القرارات الصحيحة. أمي كانت شديدة، معنا لم أذكر يوماً أنها قبّلتني أو عانقتني، كانت تعتبر أن التربية هي الشدة والضرب وأننا لا نتأدب إلا بهذه الطريقة.
أخي في 34 من عمره وما زال يذكر كيف كانت أمي تضربه إذا تشاجر مع أطفال أقربائنا وتمنعه من أخذ حقه حتى لو كانوا هم المخطئين ومن اعتدوا عليه بالضرب. العلاقة بيننا فاترة جداً، فتخيل عندما كنت أدرس العام الماضي في الجامعة كان يوصلني بسيارته ونظل صامتين ولا نهمس بكلمة حتى نصل، هناك حواجز كبيرة صعب تحطيمها بيننا، رغم أنني أتمنى أن تتحطم، ولكنني جدّية فلا أستطع أن أكون مرحة وأتحدث معهم ولا حتى بجدية، رغم أننا نملك صداقات رائعة سواء نحن أو هم، لكن الحاجز بيننا -أقصد بين الذكور والإناث في العائلة- فلن تتغير علاقة فاترة باردة من سنوات إلى علاقة قوية رائعة.
أمي متضايقة لأن أخي الأوسط زادت علاقته بنا فتوراً بعد زواجه، رغم أنه شيء طبيعي، فزوجته رائعة، كما أن علاقتنا منذ زمن كانت ضعيفة فكيف ستكون الآن؟ تخيّلوا أنه يقول لزوج أخته كن قويّاً مع زوجتك ولا تسمح لها بمعرفة خصوصياتك! أي أنه يدمر حياة أخته. برغم أننا من عائلة ليست ذات حسب، لكننا تربينا في قرية متشددة وتطبّعنا بعاداتهم، هم لهم الحسب والأصل العريق ونحن لنا العادات والتقاليد السيئة والقديمة التي حتى الدين لا يرضى عنها.
أختي الكبيرة عمرها تقريباً 36 سنة، تزوجت في 33 من عمرها، المشكلة أنها تصدّ زوجها عنها وتمنعه من معاشرتها وذلك من أول يوم زواج إلى الآن، ورغم مرور 3 سنوات على زواجها إلا أنها لم تتحسن، لديها طفلة أنجباها بعد أن قام زوجها بربطها وضربها. المشكلة أنها تدمّر بيتها بيدها، حاولنا معها بكل الطرق، أحضرنا لها كتباً عن الزواج وأصبحنا نتحدث عمّا تفعله بعض الزوجات لتكسب زوجها وبعضها قصص من خيالنا لكنها ما زالت على حالها.
لا أريد أن يتكرر الأمر مع أبناء إخوتي الصغار؛ أخي لديه طفل في الثالثة من عمره ولكنه عدائي جداً ولا يعجبه الشيء إلا إذا رآه في يد طفل آخر، يرمي كؤوس الماء وأي شيء يراه أمامه ولا يبالي، يبصق على الناس سواء كانوا ضيوفاً أو غير ذلك مما يسبب لأبيه الحرج الشديد، ولا ندري ما الحل معه؟!
أتعاطف مع أخي الكبير كثيراً لأنه لا يجد راحته في المنزل، فلو لاحظتم من كلامي أن أختي تزوجت في سن متأخرة، وكذلك الحال بالنسبة لأخي، فنحن لسنا من عائلة عريقة وهذا الأمر ربما لم يعد موجوداً لديكم بكثرة لكنه هنا في السعودية موجود، فلا أحد يزوّجنا إن كان ذو حسب أفضل منا، والمضحك في الأمر أن أهلي مصرّون على أن يناقضوا أنفسهم ألا يرضوا بالواقع ويصرون على الزواج من عائلة عريقة وإلا فلا زواج!
أخي تزوج من أخت زوج أختي وهي للأسف من عائلة عريقة، ولكنها بطيئة جداً، فمثلاً إذا ذهبت لتصلي العشاء تدخل الحمام لتتوضأ وربما تظل في الحمام ساعة كاملة -وبلا مبالغة-! بطيئة في الحركة، في إنجاز أبسط الأمور! ذات مرة كنا نريد الذهاب في رحلة وجلسنا ننتظرها في السيارة فاستغرها الأمر ربما 20 دقيقة حتى خرجت! وزيادة على بطئها فإنها لا تهتم بنفسها بتاتاً، وبيتها دائماً في حالة يرثى لها، وابنها العنيد الذي حدثتكم عنه دائماً عندنا وهي تجلس في شقتها، ولا تهتم بملابسه وترتيبه. أخي تعب حتى تزوج وعندما تزوج لم يجد الراحة، حاول معها كثيراً لكن بلا أمل، تهتم يوماً أو يومين عندما يتشاجر معها ثم تعود إلى حالتها بعد ذلك، وهو حالياً يريد الزواج بأخرى ونحن نمنعه فدخله سيء وأطفاله محتاجون إلى اهتمام وهو مشغول دائماً -أنا متأكدة أنه هروب من البيت لأن علاقته بنا كانت سيئة وخفت عندما تزوج وكأنه أصبح يهرب منها إلينا- ولكنه تعب وأنا لا ألومه- فأنا ولست زوجها أملّ من حركاتها البطيئة وكلامها غير المفهوم فلهجتها صعبة، غير ذلك أنها متشددة جداً في الدين فما أن تجلس معك حتى تعطيك نصائح ودروس في الدين وكأنك كافر مما يسبب النفور أحياناً.
ومشكلة أخي الصغير في الصف الأول الثانوي، ألاحظ أن له عالماً آخر بعيد عنا، وبصراحه أخاف أن ينزلق إلى ما لا تحمد عقباه، فهو يضع سماعات الأغاني 24 ساعة في أذنيه، ولا يستحم أو يتنظف ونتعذب من رائحته البشعة رغم محاولات أمي الشديدة لإقناعه بالاستحمام! وبصراحة سمعت شريط كاسيت عن التعامل مع المراهقين وأن بعضهم يحتلمون ويذهبون ويصلون في المسجد ولا يعرفون شيئاً عن الاحتلام، وأشك أن أخي قد بلغ ولا أراه مستحماً إلا نادراً. غير ذلك أن أختي كانت تبحث في جهازه المحمول فقرأت قصصاً محملة على جهازه سيئة ولا تصلح لأن يقرأها أي أحد فما بالك بصبي مراهق، أتمنى أن أدخل إلى عالمه وأكون قريبة منه ولكن لا أعرف كيف؟!.
أريد أن أتقرّب من عائلتي وأن أكون أقرب لهم، ولكن لا فائدة فلست أملك الشخصية القوية المرحة ولا حتى التحدث بطلاقة، وسبق أن أخبرتكم عن الحواجز التي تصعّب الأمر، وزوجة أخي البطيئة ما الحل معها؟ هل أتحدث إليها صراحةً؟.
أريد أن أسافر إلى العاصمة كي أكمل دراستي، ولكن خائفة لأن دراسة الماجستير صعبة ولست تلك الشخصية القيادية القادرة على تحمل المسؤولية، كما أني خائفة على أهلي!.
أفيدوني جزاكم الله خيراً.
07/06/2009
رد المستشار
شكراً يا "ريم" على إطرائك على موقعنا كما أريد أن أشكرك أيضاً على ما لفت نظري فيك وأعجبني في شخصيتك فأنت لا تتوقفي عن البحث عن حلول لمشاكل عائلتك التي تعيشينها وتهتمين لها فأنت لم تتقوقعي على نفسك كرد فعل على المعاملة القاسية والجفاء في عائلتك بل توجهت إليها تبحثنين عن حلول لمشاكلها ولكن بصمت والخطوة الأولى المطلوبة منك هي ترجمة اهتمامك بعائلتك والبدء بنفسك في التغيير كي تتمكني من التأثير في عائلتك:
1- أنت يا صديقتي تعانين من ضعف في ثقتك بنفسك وهذا ما يجب أن تعملي على تغييره. أولاً تقبلي صفاتك الشخصية كالجديّة والتي يمكن أن تكون صفة إيجابية، لأن جزءاً كبيراً من الصفات تولد مع الإنسان وليس من الضروري أن تكون مكتسبة من التربية التي تعرّض لها. إذن اقبلي جميع صفاتك، وابدئي القراءة والاستماع لمواد تعينك على رفع تقديرك لذاتك وستجدين في موقعنا ملفاً كاملاً عن هذا الموضوع، وبإذن الله سترصدين تحولاً في شخصيتك طالما أنك مدركة للجوانب السلبية وتسعين في حلها، واجعلي الدعاء سلاحك الأول. اتجهي إلى دراسة الماجستير فهي ستساعدك في رفع ثقتك بنفسك، والسفر سيصقل شخصيتك كثيراً وسيكون داعماً لك. فعلى الرغم من صعوبته لا يحتاج لشخصية قيادية، بالعكس أنت سترصدين تغيراً كبيراً في شخصيتك بعد السفر للدراسة، ولكن حافظي على تواصلك مع أهلك أثناء دراستك.
2- ثانياً، لا تلقي باللوم على أمك فقد عملت ما كان في نظرها الأفضل من أجلكم، وكان خطؤها كما هو خطأ الكثيرين هو إقبالهم على التربية دون أي دراية أو دراسة بالأمر على الرغم من أهميته. استفيدي من تجربتها بأن تشجعي إخوتك الذي لديهم أولادأً على أن يقرؤوا ويتابعوا الأمور التربوية وأن تهتمي أنت شخصياً بالموضوع قبل إنجاب أطفال، ولا بأس من استشارة المختصين عند مواجهة مشكلة معقدة كالتي ذكرتها عن ابن أخيك حتى يتبصر المربي فيما يفعل، خصوصاً أنه يتعامل مع نفس وروح طفل في أكثر الأعمار حساسية وفيها يبدأ تشكل الشخصية.
3- ثالثاً، وكما قلت لك ترجمي اهتمامك الصامت بعائلتك لفعل، وتوجهي إليهم فرداً فرداً. ابدئي بأخيك الأكبر الذي يوصلك بالسيارة وتتعاطفين معه، استغلي ذلك الوقت وابحثي عن الأمور التي يحبها فحدثيه عنها، اكسري حاجز الصمت بينكما، أريه اهتمامك به وتعاطفك معه تعاطفاً متوازناً، أي انتبهي من أن يكون في تعاطفك تحريضاً له على زوجته، بالعكس شجعيه على محاورتها فهي متدينة وقد تستجيب لو حدثها هو أو أنت إن اقتضى الأمر من منطلق رضا الله ورضا الزوج وأن المرأة مأمورة بالعمل على إرضاء زوجها. لاحظي أنها تستجيب ليومين بعد مشاجرتها معه وقد تستجيب لمدة أطول لو كان الحوار الهادئ في الوقت المناسب وبالطريقة المناسبة هو الوسيلة. لا تشجعيه على الزواج من أخرى فقد يكون في الأمر زيادة المشكلة حسبما ذكرت، شجعيه على قبول زوجته والتحاور معها وذكريه بأنه (إن كره منها خلقاً رضي منها آخر). وبالنسبة لك تصادقي معها حتى تتمكني من الدخول إلى قلبها ثم نصحها فيما بعد، تستطيعين البدء باختيار هدية مناسبة لها وزيارتها وسؤالها عن أهلها ومساعدتها في أعمال المنزل والاهتمام بها في حال مرضها.
4- أحسنت بقراءتك واستماعك إلى طرق التعامل مع المراهقين، استمري في ذلك، اقرئي كتاب: "كيف تتحدث فيصغي المراهقون إليك وكيف تنصت إليهم عندما يتحدثون" سيساعدك بإذن الله في التعامل مع أخيك المراهق. تحاوري معه أيضاً واهتمي به ولا تستخدمي معه أسلوب الوعظ والأمر وإشعاره بأنك وصية عليه فهو من أسوأ الأساليب في التعامل مع المراهقين. أظن يا صديقتي أن أخاك يعبر عن رفضه لواقعكم الأسري من خلال ما يقوم به من رفض الاستحمام والاستماع المكثف إلى الأغاني. اكسبي قلبه من خلال التقرب إليه والبحث في اهتماماته والتحدث معه عنها، وأشعريه أنك معه وأنك تقبلينه لأنه أخوك وأنت تحبينه وأن حبك له غير مشروط بتصرفاته، وبعد كسب وده حدثيه عن أهمية النظافة وأنها أول شرط لكسب القلوب وهو ما يسعى إليه المراهق عادة.
5- بالنسبة لأختك المتزوجة: من الصعب عليك أن تحدثيها عن جمال العلاقة الزوجية بما أنك غير متزوجة، ولكن لا بأس من الاستعانة بمن تثق به ويستطيع ذلك، وإن لم ينفع معها حديثكم العادي أرى أن تحاولي معها في استشارة أخصائية تساعدها في كسر هذا الحاجز الوهمي من الزوج فهي على ما يبدو في حالة سيئة ومعقدة.
6- تحدثي مع أخيك الأوسط بخصوص أمك وأخبريه أنها فعلت ما بوسعها وما ظنته خيراً لكم فلا تبتعدوا عنها وقد أصبحتم راشدين، أخبريه عن حزنها لبعده عنها وشجعيه على أن يتواصل معكم وأن يساعدك طالما أنه مرتاح في زواجه.
من الرائع أن يكون لك صداقات جيدة وكذلك بالنسبة لإخوتك مما يدل على قدرتكم على التواصل الفعّال لكن الأمر يحتاج إلى سعيكم لتجاوز الأزمة الداخلية.
استمري يا "ريم" في بحثك واهتمامك، وفّقك الله ونوّر دربك وأعانك على إصلاح أسرتك.