حائرة, دلوني ماذا أفعل..!؟
أود أن أشكر كل العاملين في هذا الموقع الرائع والمحبب إلى قلبي، والله وبصدق شديد أستفيد منه جداً، وبصراحة عندما تقابلني مشكلة أتصفح الردود الرائعة فأتعلم منها الكثير، ولكن أرجوكم أريد حلاً أكيداً لمشكلتي.
أنا متعلمة تعليماً عالياً، والحمد لله على قدر من الالتزام والفهم، فأشكر الله عليه. تقدم لي شاب يكبرني بعشر سنين أحسست معه بالارتياح، لكن ليس عنده شقه ولا عمل ولا أي شيء، وجاء على أمل أنه سيسافر وإن شاء الله سيعمل، والمفروض أنه ملتزم. كان من أهم شروطي أن يعاملني بما يرضي الله وكل شيء بعد هذا سيأتي بإذن الله. كان أبي كان مسافراً ووافق عليه مباشرة مع أني تركت لهم الرأي ليسألوا عليه، واستخرت الله فيه وتزوجته في شقة مستأجرة.
هو من بلد أرياف وأنا من مكان مدني، وعند أهله عادات وتقاليد لم أعرف عنها شيئاً من قبل وأنا من النوع الذي يصدق أي أحد. في أول زواجي اكتشفت أنه ليس الإنسان الذي عرفته قبل الزواج؛ هو طيب جداً لكنه يسمع لأهله بطريقة غير عادية في كل أمر، ومنذ الشهر الأول كان يتركني ويبقى معهم طوال اليوم!. المشكلة أني أحس أن تفكيري عكس تفكيره نهائياً، مع أني أبسط له الأمور عن طريق الدين لكنه مبرمج على أشياء معينة ولا يقبل غيرها، يسمع كلام أهله فقط.
سافر بعد أربعة شهور وتركني مع أهلي، وكنت دائماً أزور أهله ولا أقصّر معهم، مع أني قابلت مسؤوليات كبيرة جداً لا أستطيع تحملها وحدي، فعاداتهم وتقاليدهم غريبة عني، أنا كنت مع أصحابي وفي الكلية لكني قابلت واقعاً غريباً عندهم. هو مسافر بعيداً عني، ولشدة حبي له أعمل كل ما من شأنه أن يرضيه، لكنه لا يقدّر هذا لي، ويقلد إخوته تقليداً أعمى. حالياً لا يوافق على سفري معه، ولن يزور مصر إلا بعد سنة أو أكثر، ولكني تعبت في التعامل معه هو وأهله، وهو لا يقدر أني أعمل كل ذلك لأجله.
آخر مشكلة، أن أبي تعبان وخضع لعملية خطيرة، فأقمت عند أهلي بسبب ذلك، ورغم معرفته بظف أبي الصحي إلا أنه يريدني أن أترك عائلتي في هذا الوقت الصعب وأذهب لأهله، وأخبرته أن ليس هناك من يقف إلى جانب أمي ويساعدها حالياً للعناية بأبي غيري، فأصر عليّ أن "أسمع كلامه وأنفذه" وأن أبي معه أمي... كان أسلوبه معي سيء للغاية رغم أنه كان يعاملني معاملة جيدة في السابق.
سؤالي هنا: هل سيبقى أسلوبه معي هكذا؟ وهل سأقدر على إكمال حياتي معه أم لا؟ وكيف أتعامل مع أسلوبه هذا؟ لأن أهلي لا تكلمون عني وسالبيون جداً معه.
أرجوكم دلوني ماذا أفعل؟ أنا متعبة حقاً منه، وهو لا يقدرحبي له وكم ضحيت لأجله.
وجزاكم الله خير الجزاء.
24/09/2009
رد المستشار
يبدو أن الزواج بصدق صفقة يتم حساب الخسارة والمكسب فيها! وهذه الرؤية للزواج ليست رؤية مادية بعيدة عن المشاعر والأحاسيس، ولكنها تقترب كثيراً منها حين "نقدّر" أنفسنا ونتعلم كيف نحميها وكيف نحافظ عليها، ولقد فاتك هذا التقدير لنفسك يا صديقتي حين تزوجت وأنت لا تعرفين ما هو الزواج ولا لماذا نتزوج ولا كيف نتزوج ولا كيف نختار! وكذلك حين نسيت نفسك وجعلتِ قيمتها مرهونة بموافقة الأهل وعدم المبالغة في اختيار الزوج المناسب. وللحق أعترف لك أنها ليست غلطتك بشكل كامل ولكنها غلطة المجتمع والأهل الذين يتزوجون لينجبوا دون أن يربوا ويعلموا أبنائهم شيئاً عن أنفسهم وعن الحياة، ومنها الحب والزواج والتضحية والاختيار.... إلخ.
والآن وسامحيني لوضوحي الشديد معك أن أقول: أن أمامك اختبار واختيار؛ فالاختبار هو في "تأقلمك" الحقيقي والصادق مع زوجك وبيئته، فهو ليس قاسياً وليس أهله أصحاب عادات غريبة؛ فهو قاسٍ من وجهة نظرك "أنت" لأنك تختلفين عنه، وعاداتهم غريبة لأنها ليست مثل عاداتك أنت وما تربيت عليه، فلست مخطئة وليسوا مخطئين.... بيئته تقول له أن يكون "طوعاً" لأهله "واللي مالوش خير في أهله مالوش خير في حد"، وبيئته مثلاً: تجعلهم على درجة من الإهمال وعدم الترتيب أو النظافة كما تربيت أنت، وبيئته تجعلهم أهل يتواصلون ويقيمون عند بعضهم بعضاً طوال الوقت تقريباً، فهذه أبجدياتهم الطبيعية لهم. أما أنت فتربيت مثلاً: على الدقة في الحديث واختيار الألفاظ، وأن هناك حدوداً للناس وخصوصية.... وهكذا.
الاختبار صار الآن: هل تنوين التتأقلم مع تلك العادات بشكل أفضل وأنت على يقين بأنهم لا يتعمدون إيذائك؟ هل ستتقبلين طريقة حديثهم وتداخلاتهم؟ والإجابة لن تكون اليوم ولن تكون الغد ولكنها ستكون وفقاً للصفقة! حين تضعين نصب عينيك قدراتك وما يمكنك خسارته وما يمكنك كسبه محترمةً طاقتك وقدراتك ودون الوقوع في فخ "التغيير" الأحمق للآخرين، فلن يتغير شخص أو كائن ما كان بسبب رغبة الآخر في ذلك أو لكثرة "الزن"، لكن يتغير الإنسان حين يرى "هو" ويقرر "هو" أنه يحتاج للتغير في أمر ما، وهنا سيكون الاختيار السليم، ولكي أساعدك على ترتيب أفكارك أود أن أوضح لك تلك النقاط:
* قسوة زوجك قد ترجع بدرجة ما لتصرفاتك دون أن تعي؛ فالإنسان يشعر بالآخر ليس فقط من كلماته ولكن من نظراته ومن تأففه ومن حركات جسده التي تفضح أكثر من أي شيء آخر، ربما قرأ زوجك منك أنك تستنكرين بشدة عاداتهم وطريقتهم وتكرهينها ولا تحترمينها دون أن تصرحي بذلك، فعاد لبيئته التي ترشده بأن الرجل إذا وجد زوجته "تحتقر" بيئته عليه أن يقسو ويقهر ويهذب ويثبت أنه رجل! فلتراجعي هذا.
* لم تستخدمي حتى الآن وسائل الزوجة في تقربها لزوجها؛ ألا تذكرين حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين قال أو كما قال "كوني له أمة يكن لك عبداً"؟ قد تكون نقطة الانطلاق في علاقتك به هو إعطائه "التقدير" و"الاحترام"، وقد يكون الاهتمام والحب والتفاهم الذي يفهمه هو، فلا تجعلي صدمتك تعمي عينيك عما يمكنك القيام به.
* أتصور أنه يمكنك بذكاء ولباقة -مع مرور الوقت- حين يستشعرون منك أنك تزورينهم مودة ومحبة لهم وإرضاء لزوجك بصدق، ستتغير المشاعر والتصرفات قليلاً معك وسيعطونك عذراً لتأخرك أو انشغالك عنهم بأهلك، فكلما قررت بصدق من داخلك أن تتقبليهم وتتعاملي معهم وفق فهمهم وعاداتهم في الفترة التي تذهبين فيها لهمن تحسنت الأمور كثيراً.
* الإنسان أسير الإحسان، والإحسان مساحته كبيرة منها: الكلمة الحلوة والمدح والهدية والتعاون والمرونة... إلخ، فلو أسرتهم لملكتهم.
أعلم أن ما أوضحته يسير بك في اختيار التأقلم، ولكنني لم أقصد هذا، ما قصدته هو أن أوضح لك بعض النقاط التي تعينك على إحداث تغيير ما في علاقتك بزوجك وبأهله، لتتمكني بعد فترة من وضع بعض "الحدود" التي تريحك معه ومعهم بعد حين إن وجدت -وضعي تحت "إن" عشرين خطاً- أسباباً حقيقية لبقائك زوجة له، وإذا كان هذا هو اختيارك فوجوده عاماً تحسنين فيه علاقتك به وبهم ويرضى عنك، سيكون له الأثر في إقباله ورغبته في استقدامك وقد يتغير الكثير حينها.