السلام عليكم ورحمة الله
أتمنى بإذن الله أن أجد العلاج والحل الأكيد عند أطباء هذا الموقع، وأنا مستعدة للتواصل معكم أكثر إذا كان هذا مطلوباً مني.
مشكلتي، وكما هي بسيطة هي أيضاً ثقيلة الحمل عليّ وأنا أعاني منها كثيراً. أعاني من قصر قامتي وهذا الأمر جعلني أمتنع عن مغادرة البيت والاختباء فيه وإضاعة سنوات من حياتي خلف بابه! ورغم أني لا أجد فيه راحة نفسية كبيرة لأن أمي لا تكف عن المدح السلبي لشخصيتي وشكل جسدي، إلا أنني أفضل البقاء فيه على مواجهة أفراد في الطريق، حتى أصبحت أهرب من كل شيء.
أنا لا أحب الخروج وكلما طلب مني ذلك أجد لنفسي عذراً كي أجلس في البيت، حتى أني أضعت دراستي الجامعية، لأن الخوف من الناس قد تضاعف عندي وجعلني أخاف حتى من زملائي في الدراسة، وأخاف خاصة من إلقاء بحث أمامهم أو أمام الأستاذ.. فدراستي في الجامعة كانت تتطلب مني كتابة بحث ثم الوقوف أمام جميع الطلبة والأستاذ ومناقشة هذا البحث. كنت أهرب وأهرب حتى كان رسوبي لمدة ثلاثة أعوام ثم طردي نهائياً.
كان الأساتذة يظنون أني لا أحب الدراسة وأني مهملة، وحتى أهلي، لكن والله والله يشهد على ما أقول أن السبب الوحيد لرسوبي هو الهروب والخوف من الوقوف أمام الآخرين. في الطريق والجامعة، أصبحت لا أحتمل فكرة أن أسير في الشارع مثلاً وأمامي مجموعة من الناس وأنا مجبرة على المرور من أمامهم.. أشعر وكأن قلبي يريد الخروج من صدري وتنتابني نوبة من الفزع وأبحث عن قطع الطريق أو إغلاق أذنيّ كي لا أسمع ما يمكن أن يقولوه عني.
ربما لم أستطع وصف مشكلتي جيداً، لكني أتمنى من الله ومن أي دكتور مساعدتي لأني أخسر كل يوم حياتي وكل الفرص في دراستي.
أشكركم مقدماً، وأنا جاهزة لأي سؤال من أي دكتور.
وجزاكم الله عني وعن كل من ساعدتموهم خيراً.
18/10/2009
رد المستشار
حضرة الأخت "لمياء" حفظك الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
لو افترضنا كما تقولين أن قصر القامة عاهة تستوجب العزلة، فماذا كنا لنقول أمام إعاقات أخرى كالعمى، أو الطرش، أو الصلع، أو الشلل...؟!.
"لمياء"، ماذا كنا لنجيب الدكتور طه حسين الذي تغلب على إعاقة العمى وأصبح كاتباً لامعاً وأديباً مميزاً؟ وكذلك الأمر العديد من الناس في جمعيات المعاقين الذين يجتمعون ويتعاونون ويحاربون الإعاقة بصبر وجلد وثبات كي يواجهوا الحياة بشجاعة ويتغلبوا على القدر.
يا أخت "لمياء" لم تنظرين إلى قصر قامتك "بالرغم من أنك لم تقولي لنا كم هو طولك"؟ لم تنظري بعين التفاؤل، بل اتخذت من هذا القصر سبباً لتختبئي وراء الجدران وتنسحبي من معركة الحياة. لقد كان بمقدورك أن تري أن كل صاحب إعاقة في الحياة له حساب يسير جداً في الآخرة، وعندها سيحسده كل الناس ويتمنون لو كانوا مكانه في الدنيا. كما كان بمقدورك أيضاً أن تواجهي الدراسة بذكاء فائق وتقفي بقلمك وفكرك أمام الناس لتتحدي كل ذوي الطول بعبقريتك المميزة، وأبحاثك الخارقة. أما وقد فضلت الانسحاب؛ فها أنتِ تصارعين العزلة في قوقعة المنزل.
يا أخت "لمياء" إننا ننصحك بأن تسجلي في جامعة أخرى، وفي فرع آخر، وتثبتي لنا بأن ما خسرتِه في الطول قد كسبتِه على مستوى الفكر والوعي والذكاء.
الحياة، كل الحياة جهاد وصبر، فاشكري الله على باقي النعم التي أنعم بها عليكِ، من بصر وسمع وعقل وقدمين للتنقل... ولا تعترضي على الامتحان الصغير لأنك عندها ستبتلين بأعظم.
لك منا أفضل التمنيات بالمواجهة، وبالنصر.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
* ويضيف د. وائل أبو هندي الابنة العزيزة "لمياء" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، ليست لدي إضافة بعد ما تفضل به مجيبك د. قاسم كسروان غير أن أقدم التهنئة والعتاب لكل الأخوة الجزائريين أما التهنئة فلأنهم فازوا بالتأهل لكأس العالم وأما العتاب فلأن سلوكهم كان فظا بدرجة تستدعي النقد والتوبيخ... أشكرك وفي انتظار متابعتك.