مللت من الانتظار أريد أن أتزوج..!
عمري 22 سنة، أفكر كثيراً جداً في الخطوبة والزواج، وبل يحتلان مساحة كبيرة من تفكيري، وأتخيل أحياناً إني مخطوبة مثلاً أو متزوجة وأني أتكلم مع الناس عليه، وأكلم نفسي حين أختلي بنفسي وأتساءل: لماذا لم يتقدم لي من يخطبني مع أني من عائلة محترمة جداً، وكل شيء ممتاز والحمد لله.
ماذا افعل؟
لقد مللت!.
14/01/2010
رد المستشار
عدت إلى بياناتك لعلك تكونين من فلسطين مثلاً أو من دولنا العربية التي تتزوج فتياتها صغيرة، أو لعلك تكونين من قرى مصر أو صعيدها، فوجدتك مصرية من المدينة ولديك فعلاً 22 عاماً، وتعجبت من مللك؟ فنحن الآن -شعب مصر- في مصر نعاني من مشكلة تأخر سن الزواج الذي تبعدين عنه بحوالي عشر سنوات! وأخذ العديد من طلاب الدراسات العليا درجة الماجستير والدكتوراه لتفرغهم فقط لوضع حلول لتلك المشكلة التي صارت ظاهرة، وكلما شاهدت التليفزيون أو طالعت الجرائد أو تمت استضافتي أنا شخصياً في برنامج تليفزيوني لا أجد لديهم أفضل من الحديث عن العنوسة وكيفية مواجهتها! فأين أنت من تلك القصة؟ أم تتصورين أنك شخص آخر لن ينطبق عليك أزمات البلد؟ عفواً فلم أقصد أبداً تبكيتاً لمللك ولا استخفافاً بأهمية الموضوع لديك، فهو أمر فطري موجود بداخلنا جميعاً وحقك المشروع جداً، ولكننا دوماً نضطر أن نتعامل مع الواقع وأنت تصرين على التعامل مع الخيال، فتحولت مشكلتك من مشكلة القلق على زواجك لمشكلة الغرق في أحلام اليقظة!
وعلى أية حال أريد أن أقول أن: أحلام اليقظة "نعمة" من الله سبحانه وتعالى تجعلنا نحلق خارج الحدود والقيود حيث نضع فيها كل الأماني والأفكار فنقتنص من حياتنا الواقعية التي قد لا نحقق فيها أمانينا وقتاً للسعادة والأمل وتحقيقاً للرغبات، وتتحول تلك الأحلام "لنقمة" تحتاج لتدخل نفسي حين نقع في ثلاثة أمور حيث تشير لخطورتها وهي، الأول... الاستغراق الطويل جداً -هناك من يحلم 16 ساعة في اليوم- في تلك الأحلام مما يؤثر على "أدوارنا" المطلوب منا القيام بها كطالب أو موظف أو أم أو صديق... إلخ، فتتأثر حياتنا الواقعية ويتم سرقة أدوارنا وعمرنا وتطويرنا الحقيقي لأنفسنا في الأحلام فقط، وكذلك حين نجعلها هي الأصل والملاذ فتصبح مكاناً مناسباً "للهروب" وكلما واجهتنا مشكلة في حياتنا الحقيقية هربنا من مواجهتها للأحلام، وتقوقعنا فصرنا أجساداً تعيش في مكان لا صلة لنا به؛ لأن تفكيرنا وروحنا هناك في الخيال، فلا ندري من يعيش معنا ولا ندري ما المشكلات التي تحيط بنا ولا تواصل ولا حياة إلا ما ندر، وما أبشع هذا التقوقع فهو يكاد يكون مرتع للأمراض النفسية والاجتماعية حين يصبح الشخص معزولاً منطوياً لا يجيد مهارات التعامل مع الناس ولا يستطيع أن يعبر عن نفسه ومشاعره، فأجمل ما في الحلم "محاولات" تحقيقه، أو تصبح نقمة لو وصلت لحدها الأقصى وبدأ الشخص يخلط بين الواقع والخيال أو يُسقِط ما قد يجده في الواقع على أنه يمثل ما يتمناه في الخيال، كأن تقابلي شخصاً فتسقطي عليه كل أحلامك وأمنياتك وهو لا يناسبك إطلاقاً مثلاً، فتقعي في وهم كان من صنع خيالك.
والآن صار السؤال: ماذا تفعلين حتى لا تتحول نعمتك لنقمة؟ أقترح عليك التالي:
* أحلام اليقظة تزداد مع الفراغ، فعليك بملء وقت فراغك بالمفيد مما تهوينه من هوايات أو كورس ينميك، أو أن تلتحقي بدورات تأهيل للزواج فتستعدي لتلك الخطوة بشكل أفضل حتى يأتي الوقت المناسب لزواجك، أو تتطوعي في عمل تطوعي يشعرك بوجودك، والأنشطة والرياضة كثيرة.
* أن تضعي خطة بسيطة للتحكم في فترة تلك الأحلام، كأن تجعلي مكاناً محدداً فقط في المنزل تحلمي فيه، وتضبطي المنبه لوقت معين -بتدرج- لتكُفْي عن الأحلام وتقومي بعمل أي شيء يأخذ منك جهداً ذهنياً لا بدنياً فقط.
* يمكنك تحويل أحلامك لشكل آخر يجعلك تستخدمين مهاراتك وقد تكتشفي نفسك فيه فتقومي مثلاً بكتابتها أو رسمها أو جعلها مدونات يومية وهكذا.
* عندما يحين وقت زواجك ستسعدين كثيراً وستسعدين زوجك؛ لأنك ستكونين قد حشدت بداخلك كمّاً من التصورات والإبداع في علاقتك به وستكون جميلة وممتعة؛ لأنها ستجد مكاناً لها على أرض الواقع.
* لم أقصد أن الزواج شيئاً ثانوياً في حياتنا ولكنه لا يصح أن يكون هو محور كل الحياة ونغمض أعينا عن الكثير مما يمكن عمله حتى يأتي وقته الذي يقدره ويعلمه الله سبحانه، فلتبحثي عن عمل أو هدف يملأ كيانك لتكتسبي خبرة في حياتك ويكون في نفس الوقت مساحة للتعايش مع الواقع والتعارف بينك وبين الناس.
* الزواج رزق، ومعنى الرزق أنه مُقْدر ومحسوب ومحسوم، فيهبه الله سبحانه لمن يشاء من عباده وقتما يشاء كيفما يشاء على أن نكون موقنين بأن الله سبحانه يعلم الخير لنا أكثر منا وأنه هو الودود المقيت مدبر لشؤون عباده.
واقرئي أيضاً:
بعض حياتنا هاجس العنوسة والإشارات الحمراء
خائفة من العنوسة زيادة حبتين م1
شبح العنوسة وفضفضة مجانين م1
عنوسة ولا قلة حياء
كآبة وعنوسة وسمات شخصية بينية (حدية)