خروج الريح
أنا فتاه أبلغ من العمر 18 سنة، أعاني من الوسواس القهري منذ أربع سنوات.
في البداية كان الوسواس في قراءة الفاتحة؛ كنت أحتاج ساعة لقراءة الفاتحة قبل الانتقال لركن آخر في الصلاة، وفي عدد السجدات، وفي أني لم أقرأ التشهد، وفي نطق الحروف... وهكذا، وكنت أعيد الصلاة أكثر من ثلاث مرات!.
ثم صرت أوسوس في خروج الريح مني؛ أحسن أنه يخرج مني ولا أستطيع إمساكه، يخرج مني فجأة لكني لا أشم له رائحة ولا أسمع له صوتاً، لكن صار في أكثر الصلوات يتهيأ لي أني أشم رائحة وأني سمعت صوتاً أقول أنه مني، وإن لم ألتفت إليه ضميري يوجعني ويصيبني ضيق في الصدر واختناق لدرجة أني أحس أني أريد التقيؤ. فبماذا ترشدني يا شيخ؟ أعيد الوضوء أكثر من 6 مرات لشكي أنه انتقض، أحتاج ربع ساعة لأتم وضوئي! أنا أشكو من الإمساك، مما يجعلني أشك أنه السبب في إحساسي بخروج ريح، أمكث في الحمام قرابة النصف ساعة أو ساعة! لا أدري أخروج الريح حقيقة أم وهم؟ علماً بأن ذلك يحدث معي في كل صلاة، وأريد أن أعرف كيف أتحقق من ذلك؟.
أيضاً أغيّر ملابسي في اليوم أكثر من 5 مرات، أحس أنها نجسة لأني دخلت بها الحمام، فربما أصابها شيء من النجاسة، كما أغسل يدي باستمرار وأقول أنها نجسة، أيضاً أحس أن نقاطاً من البول تنزل عليّ، ولأني كلما أقوم أحس أني أرغب في التبول وأرجع لأتبول ولا ينزل شيء! مع العلم أني تعالجت وقال الطبيب أني لا أشكو مرضاً عضوياً وأن السبب نفسي، والله أخشى على صحة الجهاز البولي لكثرة ما اضغط على نفسي في الحمام! حين أقوم للصلاة تأتيني تهيؤات أن بولاً ينزل عليّ رغم مكثي في الحمام لمدة نصف ساعة أو ساعة بسبب البول والإمساك! فماذا أفعل؟ وأغيّر ملابسي كثيراً لشكي في أن شيئاً من البول أصابها.
تعبت جداً وصارت الصلاة عليّ ثقيلة وصرت أكرهها، وبسبب هذا الشيء ما عدت أخشع في صلاتي، وصار أهلي ينتقدونني في أفعالي. ساعدوني رحم الله والديكم وأدخلكم الفردوس الأعلى،
وردّوا عليّ بكلام يقنعني أقاوم به هذا اللعين.
15/1/2010
رد المستشار
السلام عليكم يا "آلاء"، آلمتني كلماتك، وأحسست بمدى معاناتك، لكن يا آلاء لا أحد يملك لك حلاً إلا أنت!.
أنت التي بيدك إنهاء هذه الآلام التي تعيشينها، أنت تدركين تماماً أنك مصابة بالوسواس، وأن هذا يسبب لك الحرج لك ولمن حولك، فلم يبقَ إلا أن تنهضي للعلاج بعزم وتصميم. وساوسك تتلخص: في الصلاة، وفي انتقاض الوضوء، وفي الشك بالنجاسة.
أما الصلاة، فمعروف أن الإنسان السليم إذا شك في صلاته فعليه أن يأتي بما شك فيه ثم يكمل صلاته، لكن الموسوس مريض، والمريض له أحكامه الخاصة، والإسلام لم يغفل عن أحكام الموسوسين فجاء في الأحاديث والأحكام المستنبطة منها ما يساعد الموسوس على العلاج والخلاص من آلامه. وملخص هذا العلاج: أن تمضي أعمالك دون التفات لما يُوسوَس في صدرك: فإن جاءك وسواس بأنك ما قرأت الفاتحة، تعتبرين نفسك قرأتها وتتابعين، وإن شككت هل صليت ركعة أم ركعتين، تعتبرين نفسك صليت ركعتين وتتابعين، وإن شككت سجدة أم سجدتين: تعتبرين نفسك سجدت سجدتين وتتابعين..... وارجعي في أدلة هذا الكلام وتفصيله، إلى:
منهج الفقهاء في التعامل مع الوسواس القهري (8)،
منهج الفقهاء في التعامل مع الوسواس القهري (9)،
منهج الفقهاء في التعامل مع الوسواس القهري (10)، وستجدين كلامًا مقنعًا وتفصيلاً يريحك بإذن الله تعالى.
أما انتقاض الوضوء، والشك في النجاسة: فإنه ما دمت تقولين: يا ترى هل انتقض أم لا؟ أو هل أصابتني نجاسة أم لا؟ فاعلمي أن وضوءك معك، وأن ثيابك أو جسدك طاهران! ذلك أن الشريعة تعود الإنسان على ألا يعمل بشيء حتى يتيقن منه، والقاعدة المشهورة هي: (اليقين لا يزول بالشك) أي عندما تتيقنين الطهارة فلا بد لك من دليل ناصع واضح على النجاسة لتقومي بالتطهير أو تغيير الثياب، أو إعادة الوضوء.
فلا يكفي أن تشكي وتقولي: ربما أصاب رشاش النجاسة ثيابي، أو يا ترى هل ما زال وضوئي معي أم لا؟ فحتى لو أحسست بشيء يخرج منك، أو خيل إليك أنك تشمين رائحة، فإن وضوءك لا ينتقض إذا لم يقوَ هذا الإحساس وهذه الرائحة على أن يخرجاك من دائرة الشك (هل يا ترى، وربما، وماذا لو) إلى دائرة اليقين (أكيد ومتيقن أنني بلا وضوء..).
وكذلك يقال بالنسبة لإحساسك بنزول البول، ثم إن شدة تقصيك في التبول ودخولك المتكرر إلى الحمام كفيلان أن يصيباك بحرقة تحسبينها خروج بول، وإنما هي من تكرار الدخول إلى الحمام والتأكد وقد أكد الفحص الطبي سلامتك، وأن ما تشعرين به مجرد توهمات.
لهذا: أول عمل ينبغي أن تقومي به، هو الذهاب إلى الطبيب لتناول دواء لعلاج الوسوسة ولمساعدتك على تخفيف قلقك عند اتباع العلاج السلوكي. ثم عليك ألا تستجيبي لأي من الأفكار التي تأتيك: فلا تغسلي يدك التي تنجست في ظنك، ولا تغيري ثيابك وصلي بها وإن ظننتها نجسة، كذلك صلِّ وإن كان في ظنك أنك بغير وضوء، أو أنه خرج منك ريح أو بول! فإن زاد قلقك فقولي لنفسك: أنا موسوسة، وهكذا أمرني ربي أن أفعل وكذلك يقول الأطباء أيضاً، وأنا مأمورة بطاعتهم ولي الثواب في ذلك!.
وستجدين في كثير من إجابات الاستشارات التي تتكلم عن هذا الموضوع ما يعينك كثيرًا على الشفاء.
وتابعينا بأخبارك بعد ذهابك للطبيب وبدئك بالعلاج الدوائي والسلوكي. عافاك الله.
ويتبع>>>>>>>>>>>>>>>>>وسواس في خروج ريح م