منفتح التفكير: يستيقظ ليلاً وينام نهاراً
أتكلم اليوم بلسان حال زوجة سابقة، لم يطلقني بعد ولكننا بصدد الطلاق. عمري 31 من السعودية... عندما تقدم لخطبتي كنت فتاة محدودة الخبرة، كنت أقرأ كثيراً وأهتم بالرياضة فكانت زياراتي تقتصر على الأهل والنوادي الرياضية، واهتمامي بالغذاء الصحي، وقراءة الكتب الإنجليزية! أخبرني أن تجربته السابقة كانت مع ابنة عمه وأنها لم تكن تحترم آراءه. كان يتميز بشخصية راقية وحديثه لبق وفهمت أنه منفتح التفكير ويكره الناس المنغلقين، فوافقت على الزواج منه. بعد عقد القران لم يأتٍ لزيارتي إلا مرة واحدة وتعلل بأنه مشغول ببناء المنزل!
وبعد فترة 8 أشهر تزوجنا وانتقلت من الرياض إلى مكة للسكن في شقة مؤقتة في جدة ريثما يجهز بيت الزوجية في مكة بجانب أهل زوجي، لكن بعد الزواج فوجئت بأن زوجي لم يجعل هذه الشقة لي بل هي بمثابة فندق نذهب إليه عندما يفكر زوجي بلقاءٍ زوجيٍّ بعيداً عن عيون أهله! ولأن بيت الزوجية لم يكتمل فقد أصبحت الشقة عبارة عن غرفة في بيت أهله وهكذا بدأت حياتي الزوجية بعدما تكشفت أمامي أول صفات زوجي: عدم الوفاء بالعهود، وإسماعك ما تريد سماعه ثم فعل ما يريد فعله!.
يبدأ يومي بالسلام على أمه وأخواته ثم أتناول الإفطار معهم، ويتركني هو بعد الفجر بحجة أنه لا يستطيع النوم بعد الفجر ثم ينام في المكتب (وهو خارج المنزل ويزوره فيه أصدقاؤه) ويمر اليوم ينام في النهار ويسهر في الليل ويأتيني الساعة 7 صباحاً أحياناً أو الخامسة، حاولت قدر الإمكان الابتعاد عن الشجار معه فهو يقلب الحقائق وأي نقاش يدخله يحب أن يكون فيه هو المنتصر بغض النظر عن الآخرين. اكتشفت أنه يكره أهله ولا يحب إخوته وساءه أن أكون على علاقة جيدة مع أمه وإخوته وزوجات إخوانه، أحسست بضائقته المالية فأردت مساعدته ولكن عندما تغير كلامه بشأن المشروع سحبت عرضي لأني شبعت من تغيير الكلام. أفتقد أهلي كثيراً فأنا لم أتعود هذه الحياة، ثم ابتدأت الفوارق بيننا؛ فهو يعد ويخلف، يتكلم ويكذب، وأصبت بالاكتئاب خصوصاً أني شعرت بأنه لا يعجبه شيء ألبسه.
أنا فتاة تزوجت لكي أمنع نفسي عن الحرام، تزوجت لأني أريد أن أشبع نفسي عاطفياً قبل الجنس. ومضت الحياة بنا والأشهر ومرت الأيام حتى أصبح يشك في كلامي، فإذا تكلمت في شيء يعتقد أني أقصد شيئاً آخر! وبدأت الدائرة تضيق عليّ فاقترحت على أمي الطلاق لكنها رفضت، فقررت أن أدرس لعل الابتعاد عنه أفضل وبدأت الدراسة. سافرت لأمي في إجازة ولما رجعت بدأت الحياة تسوء وتضيق أكثر فعرضت عليه الانفصال أو الذهاب لمستشار زواج فقال نحن لسنا ألمان -جدتي ألمانية- فبلعت الإهانة، وقال لي: إذا كنت تريدين أن تثبتي فشلك؟
فقررت أن أسافر معه شهر العسل لعل الحياة تتحسن ودفعت من حساب الهدايا لأنه في ضائقة مالية منذ تزوجنا، ولولا أني أملك حساباً في البنك لصعبت الحياة أكثر عليّ، وهناك ظهر على حقيقته فهو كسول ولا يحب الاستيقاظ من النوم، يقول لي: "أنا لست مرافقاً لك، إذا كنت تريدين التمشي فاذهبي وحدك سألحق بك بعد أن أستيقظ" رغم أني أستيقظ الساعة 9! أصبحت أذهب وحدي ثم يلحق بي.
آلمتني الحياة يا سادتي، فأنا أشعر بالغبن والحزن. وفي نهاية شهر العسل تشاجرنا فاتهمني أني متسلطة وأني أريد حرمانه من أهله، كيف وأنا تحملت قرابة 10 أشهر من الحياة معه ومع أهله في غرفة من بقايا غرف أخواته البنات! فخرجت أهيم على وجهي في بلد غريب أتمنى أن أموت أن تدهسني سيارة أن أخطف أو أقتل، وعندما رجعنا إلى الفندق حملنا حقائبنا وفي حقيبتي علبة دخان وكتاب اسمه عالج حياتك للكاتبة louise hey كرهته ورجعنا إلى السعودية.
بدأت بالابتعاد عنه فكرياً فاكتشفت أنه يريد أن أخبره بكل ما يجري في حياتي حتى كلامي مع صديقاتي وإن لم أفعل ولو في أمر بسيط مثل معايدة لأحد أقربائي أو أقربائه يقول أنت تخططين من ورائي ولا تقولين لي شيئاً! في مناسبة ذكرى زواجنا دفعت ثمن الكعكة والزهور الجديدة لأني أريد أن أشعر أني متزوجة، لم يدفع فيها إلا عندما نقصت 10 ريالات فطلبتها منه. بعد فترة جاء عيد ميلاده فقلت له اليوم يوم جميل هل تعرف لماذا فأصبح يتندر ويسخر مني فأعطيته هديته وكتبت لأمي رسالة، قد لا أكون أجمل أنثى في الدنيا ولكن إنسانة ومن حقي أن أشعر بالحب والاحترام والتقدير سأعود إليك ولن أقبل أي كلام وكانت رسالة طويلة فيها الكثير من العتب؛
كلمتني أمي صباح اليوم التالي وهي تبكي وقالت لي كلمي أخواته، فكلمتهن وسافرت للرياض وأعطاني مبلغاً من المال ووجهاً ظريفاً تعودت عليه كلما خاف من ردة فعلي، فقبلته على مضض. وضعت المال جانباً وتكلمت مع أهلي (إخوتي وأمي) وقلت هذه قضية طلاق حاولوا إقناعي فرفضت وعندما تكلمت معه أمي صرخ في وجهها وظهر بأخلاقه الجميلة وقال لها: "هي فقط تريد السكنى منفردة" واعتدى عليها بالكلام وهي تحاول تهدئته وقال أن ابنتك عنيدة فسألته: فيم هو عناد ابنتي لك؟ قال عندما تقدم لي الفاكهة لا تسألني ما هي فقط تقشرها لي وتقطعها؟ لا تخبرني بم تفعل (وهو يحب نقل الأحاديث والكلام)، وقال لها عندما تعمل مساج لقدمي تضع الكريم على وجه القدم وليس على أسفلها!! مرضت أمي وشعرت بالذنب، والآن بيننا قضية طلاق خصوصاً بعد وقوف بعض من أهله إلى جانبه وراحت المعاملة الطيبة التي عاملتهم إياها أدراج الرياح. لم يطلق ولم أرفع عليه قضية خلع وكلمته وقلت له طلقني فأرسل رسالة ينبهني أنه سيطلقني.
المشكلة يا سيدي أني حزينة جداً.. وأصبح قلبي قاسياً... ما زلت أقرأ وأمي فرضت علي أن أذهب للنادي مرة أخرى فأصبحت أذهب معها، لكني دائمة الحزن! لقد فقدت جزءاً كبيراً من إحساسي بآدميتي, أفكر في الوظيفة أحياناً ولكني لا أريد شيئاً، أريد أن أظل في غرفتي أقرأ وأقتني حيواناً أليفاً، أريد أن أعرف ما هو خطئي؟ هل أخطأت عندما عاملت أهله بطيبة؟ أم أخطأت عندما كنت أحاول رأب الصدع؟
لقد حاولت إعطاءه كل شيء كي أبني حياة معه، أنا لم أتزوج عن حب ولكن الآن ليس عندي قدرة على العطاء، الله يعلم أني لولا الخوف منه لفعلت أشياء كثيرة لا ترضيه، لقد أهملني على كل صعيد، ومع صبري عليه فعل ما هو أكثر بتسقط أخطائي (إن كنا نعتبر أن طبق فاكهة بغير سؤاله هو خطأ!) هذا عدا بذاءة اللسان واتهامي بالتسلط؟ ما رأيكم يا سادة؟ وما الذي يجب عليّ فعله؟ ومن منا يا ترى صاحب الخطأ؟.
28/1/2010
رد المستشار
الأخت الكريمة؛
في لحظات معينة وظروف وسياقات معينة قد يدفع الناس ثمن أخطاء لم يرتكبها أحد بعينه، وهي ما يمكننا تسميته بأخطاء الأوضاع!!
ما هي ثقافة الزواج عند هذا الرجل الذي فهمت أنت أنه منفتح التفكير فقبلت زواجه لتشبعي عاطفياً قبل الجنس وبعده؟!! ما هو رصيد معارفه في أساليب التفاهم والتواصل مع امرأة، فضلاً عن أن تكون زوجته؟!! بل ما هو وضعه النفسي والاجتماعي غير أنه مجرد شاب مدلل خربان العقل والسلوك تمتلئ رأسه بالمفاهيم المغلوطة والملغومة ويحسب نفسه رجلاً لأن شعر ذقنه ينبت كلما حلقه، ولأن قضيبه ينتصب حين يشعر بالشهوة؟! ومثله مثل ملايين من "ذكورنا"!!.
لا أدري من أين جاءت مشاعر الإحباط وخيبة الأمل واليأس والحزن الذي تشعرين بها حالياً؟! زوجك لم يخصك بالمعاملة السيئة، ولكن هذه أخلاقه، وهي خليط بين صفات شخصية سيئة وشائعة مثل الكسل، وعدم الكياسة، وغياب الخبرة في معاملة النساء ومعاملة لائقة. ونهجه في إهمال مشاعرك ووجودك، وإشباع احتياجاتك الإنسانية هو أيضا شائع جدا على خلفية الجهل البشع العام في هذا الشأن وغيره!!!
لا قامت بينكما علاقة حتى تبكي على انهيارها، ولا تواصلت بينكما مودة حتى تتأثرين بانقطاع أوامرها، إنما حصل بينكما مثلما يحصل يومياً بامتداد العالم العربي من توثيق أوراق، وزغاريد وملابس جديدة، ثم نسمي هذا زواجاً ونتوقع مودة ورحمة، ولا أدري على أي أساس ستقوم، ومن أين يمكن أن تأتي.؟!!
هل يصدمك كلامي؟! وهل تعتقدين أنه يمكن أن يوقظ النيام؟! أم سيكون الأسهل أن يعتبره الناس مجرد رأي غريب أو وجهة نظر عابرة ثم يستأنفون ممارسة هذا الابتذال الفاضح والفشل المتكرر زاعمين أنه الزواج، وأنه سنة الحياة، باحثين عن السبب مثلما تبحثين وتتساءلين!!.
طبعاً أنا لم أسمع من زوجك، وهو يرفض فكرة المستشار الزواجي لأنكم لستم ألماناً، وكأن الألمان لهم المشورة والإصلاح، ونحن مبروك علينا الفشل والتعاسة لأننا عرب أو مسلمون!!!.
عزيزتي، أنت في وسط مستنقع السخف العام الذي تورط فيه كثيرون وكثيرات بسبب محدودية الخبرة، والكذب الشائع، والاستعباط والاستهبال، والتواطؤ على إخفاء الحقائق، وتأجيل المشكلات، وعلاج هذا المأزق لا يكون بدموع أمك، ولا صراخ زوجك، ولا وساطة فلان وعلان ممن لا يفهمون ولا يعرفون كيف يمكن علاج هذا الشذوذ الفكري والسلوكي، والفشل العام والخيبة القوية التي كان ولا بد أن نحصدها في دائرة الزواج والعلاقات الأسرية طالما نديرها بكل هذا التعامي والاستخفاف والرعونة مثلما فعلت من أول يوم، ومثلما فعل زوجك، وأهلك وأهله، ومثلما نفعل غالباً.
نقطة البدء بسيطة للغاية وتنطلق من أن تطرحي جانباً مشاعرك السلبية غير المبررة ولا محل لها على الإطلاق كما حاولت أن أشرح لك، ثم تحسبي أنت وحدك، على مهل، ودون تدخل من أحد ليزيد الطين بلة!!.
ويمكنك في حساباتك هذه طبعاً أن تستعيني بمستشار أو مستشارة علاقات زوجية تطمئنين إلى كفاءتها، والغرض أن توازني بين الجوانب الإيجابية والسلبية لهذا الإنسان لتقرري إما العودة ببرنامج طويل لإعادة بناء علاقة زوجية –لم تتم أصلاً- ستلعبين فيها أنت دوراً يتجاوز المفعول به المنتظر لتحسن الطرف الآخر أو مبادرته الإيجابية، وتقديره لوجودك واحتياجاتك، وهو أمر أعرف أنه ليس سهلاً. على أن الاختيار الثاني بالطلاق ليس هو النعيم المقيم لأن نتيجة هذا الاختيار أن تلحقي بملايين النساء من حاملات لقب المطلقة أو وصمة كما تراها مجتمعاتنا السعيدة!!.
ليس في الأمر عزيمة ولا جريمة حين تختارين هذا أو ذاك، ولكن تحديد الاختيار الأقل سوءاً هو أمر تستقلين أنت بتقديره مع توصيتي بتأجيل الإنجاب في حالة اختيار العودة حتى تتحسن الأوضاع والروابط بينك وبينه، لأن الإنجاب في بيت آيل للسقوط هو عبء جديد أزعم أنك في غنى عنه، وتابعينا بأخبارك.