التخيلات الجنسية: من الهاجس حتى العزم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أ. رفيف شكراً لاهتمام حضرتك بالرد على في رسالة سابقة وهذا ما شجعني لأن أرسل لك سؤالاً آخر.
أنا فتاة غير متزوجة، أظن أني ملتزمة وأحاول ألا أفعل ما يغضب الله قدر استطاعتي، أحب شخصاً حباً كبيراً لكني لم ولن أصرّح له بذلك مطلقاً، ولن أظهر هذا في كلامي ولا تصرفاتي معه، ولكني فقط دائماً أتخيل نفسي وأنا معه ولست في حاجة لأن أصف لحضرتك شكل هذا التخيل، وسمعت من واحدة زميلتي أن هذا التخيل حرام، رغم أني أعرف أن الشخص لا يُحاسب على تفكيره ولكن يُحاسب على أفعاله ونواياه، وأنا لا أفعل شيئاً ولا أنوي على فعل أي شيء، أرجو أن تجيبيني هل تفكيري في هذا الشخص وتخيلاتي حراماً فعلاً؟
وشكراً.
3/3/2010
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
أختي الغالية، إن الله تعالى خلق الإنسان، وخلق له يداً وخصّها بأفعال تقوم بها لا تستطيعها باقي الأعضاء، وأفعالها هذه منها ما هو معصية ومنها ما هو طاعة، ومنها ما لا يوصف بحكم وقد عفا الله عنه كالأفعال غير الإرادية. وخلق له رجلاً ولها أفعالها، وأفعالها منه ما هو معصية، ومنه ما هو طاعة، ومنه ما هو عفو لا حكم له.... كذلك خلق له قلباً، وله أفعاله الخاصة به، ومن أفعاله ما هو طاعة، ومنها ما هو معصية، ومنها ما هو عفو لا حكم له...
فمثلاً: الإيمان طاعة القلب، والكفر معصية للقلب، والخواطر التي تجري فيه دون إرادة عفوٌ لا حكم لها...
لهذا ترين أنه ليس كل ما يجري في القلب من أفكار ومشاعر معفوٌ عنها، وغير محاسب عليها، كذلك ليس كل ما يجري في القلب محاسب عليه.
وسأذكر لك ما قاله العلماء، وأمثل لك بأمثلة ليتبين لك الموضوع بشكل أوضح، ولتعرفي ما يحاسب عليه العبد من الأفعال وما لا يحاسب عليه، سواء كانت أفعال قلوب، أم أفعال غيره:
قال العلماء: الذي يقع في النفس من قصد المعصية على خمس مراتب:
الأولى: الهاجس: وهو ما يلقى فيها؛ أي ما يأتي إلى النفس دون إرادة منها من إرادة السوء. كمن يلقى في نفسه أن يذهب ليزني بفلانة حقيقة.
وبالنسبة لحالتك: يلقى في قلبك أن تفكري بذلك الشخص.
ثم جريانه فيها وهو الخاطر: أي أن يسترسل الإنسان في التفكير بالمعصية التي يمكن أن يقوم بها. فيتخيل نفسه وهو مقبل على الزنا معها.
أما في حالتك: تقومين بالاسترسال بمسألة التفكير به، أي نفسك قبلت الفكرة ولم تشمئز منها وتطردها فورًا.
ثم حديث النفس: وهو ما يقع فيها من التردد هل يفعل أو لا؟ هنا تبدأ النفس بالتفكير بفعل المعصية لترجح أحد الطرفين، الفعل أو الترك. هل يزني أم لا؟
هل تقومين بالتخيل وتستمتعين به أم لا؟
ثم الهم: وهو ترجيح قصد الفعل. أي يرجح أنه سيقوم بفعل الزنا.
ترجحين أنك ستجلسين وتسرحين بخيالك بما تحبينه من ذلك الشخص.
ثم العزم: وهو قوة ذلك القصد والجزم به. وهنا قرر قرارًا جازمًا بأنه سيذهب ويزني بمن اشتهاها. ولم يبق إلا أن يمشي إليها.
قررت قرارًا جازمًا أنك ستتخيلين وتفكرين، ولم يبق بعدها إلا أن تستمتعي بهذا الخيال.
فالهاجس لا يؤاخذ به إجماعا لأنه ليس من فعله؛ وإنما هو شيء ورد عليه، لا قدرة له ولا صنع. والخاطر الذي بعده كان قادرًا على دفعه بصرف الهاجس أول وروده، ولكنه هو وما بعده من حديث النفس لا يحاسب عليهما الإنسان كما جاء في الحديث الصحيح، قال صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّم)). وإذا كان حديث النفس لا يحاسب الإنسان عليه، فما قبله لا يحاسب عليه بطريق الأولى. أما الهم والعزم، فمؤاخذ عليه.
فالقلب عند تخيّل ما حرم عليه واستمتاعه بذلك إراديًا، قد عمل عمله الخاص به، والحديث الشريف فيه العفو عن حديث النفس ما لم يترجمه الإنسان بعمل.
ومن الأحاديث الدالة على أن تخيل الجنس الآخر وتمنيه إراديًا يؤاخذ المرء عليه: الحديث المتفق عليه الذي يرويه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَصِيبُهُ مِنَ الزِّنَا مُدْرِكٌ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ، فَالْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ. وَالأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الاِسْتِمَاعُ. وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الْكَلاَمُ. وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ. وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الْخُطَا. وَالْقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى. وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ وَيُكَذِّبُهُ)).
فإذن لكل عضو من الأعضاء ما يناسبه من التذاذ بالجنس الآخر، والتذاذ القلب يكون بالتمني والاشتهاء والتخيل.
غير أن إطلاق الزنا على العين والأذن واليد والقلب، إطلاق مجازي لأن أفعالها مقدمات للزنا الحقيقي، وزناها من الصغائر التي يغفرها الله تعالى بالاستغفار. وأما الزنا الحقيقي فهو زنا الفرج وهو من الكبائر.
فأنت وإن لم تعزمي على فعل معصية ظاهرة، إلا أن قلبك بالاشتهاء والتمني قد فعل معصيته التي يختص بها، واستمتع بما لا يحل له. والاستغفار مع العزم على عدم العود للمعصية والتخيل، هي كفارة فعله. فسارعي بالإقلاع عما اعتدت عليه، واصرفي عنك التفكير بمن تحبينه ما استطعت، ثم لا تؤاخذين بعد ذلك على مشاعرك وأفكارك غير الإرادية، فالله لا يكلف نفسًا إلا وسعها.
واقرئي على مجانين:
تقول الفتاة : تخيلات جنسية؟ أم استرجازٌ بالتخيل؟
التخيل والعادة السرية والكذب، والنوم كمان
التخيلات الجنسية والتكلم أثناء النوم
تلاحقني التخيلات وأنا معه
القصص والتخيلات