موسوس من الدرجة الأولى صحيح
وسوسة من كل حدب وصوب، من الرابح يا ترى: أنا أم قريني؟ السلام عليكم ورحمت الله وبركاته، من يستطيع منكم أن يكون سببا لنجاتي إن شاء الله؟ من منكم يصبر نفسه قليلا ليقرأ هذا المقال عن هذا الموسوس الأبله؟ إن شاء الله يجعلها الله في ميزان حسناتك. ولا داعي بأن تنصحوني بالذهاب إلى طبيب، لأني في بلد أجنبي “اليابان” فكيف سيفهمني الطبيب الياباني ويشخص حالة وساوسها تحوم حول الأمور الدينية، بل كيف سأشرح له باليابانية؟؟ وحتى إذا كانت إنجليزيته لا بأس بها، فكيف أتعامل مع المصطلحات الدينية... تعقيد وراء تعقيد.
أريد أن أتعالج بنفسي بالاعتماد على الله ثم الأخذ بالأسباب. كيف أبدأ؟ ربما هذه الوسوسة بشتى أنواعها وأشكالها وألوانها جاءتني من خلال ذنب أذنبته حيث أني كدت أصل إلى…. لولا أن نجاني الله منها، ورغم أني أردت أن أتهرب من انتقام الله مني بالاستغفار وفعل بعض الحسنات، إلا أني أظن أن الله عز وجل أبى إلا أن يؤدبني أيما تأديب ولله الحمد والثناء. فوقعت في براثن الوسوسة وظلماتها أسبح فيها ليل نهار، نوما ويقظة عسى أن أصل إلى شاطئ الأمان عما قريب إن شاء الله رغم ما ألاقيه من رفسات ولكمات وصفعات وركلات وهجمات وفزعات وأهوال من هذا الشيطان الذي وجدني فريسة سهلة الآن.... لكن قلت له:حيث أني مقيد لك الآن فاعمل ما في جهدك ريثما أنهض لك من جديد... وإن شاء الله سأندمه أيما ندم... حتى إذا سولت له نفسه على أن يخدعني مرة أخرى يذهب إلى أبيهم إبليس ليتعلم حيلا جديدة...
كثيرا ما أحب العمل بالأسباب مع الدعاء. وذلك لإيماني بأن الله سن للكون سننا على حد علمي، فهناك الدعاء والعمل بالأسباب، وهناك استشارة واستخارة، فالله عز وجل أمر مريم عليها السلام وهي في فترة المخاض وهي مرحلة ضعف بالنسبة للمرأة بأن تهز جذع النخلة لتساقط عليها رطبا جنيا ولو أن الله بإمكانه أن يرزقها دون هذا الفعل، لكن لابد من العمل بالأسباب. لذا أريد رأيكم حول مشاكلي لعل الله عز وجل يجعل على أيديكم الشفاء آمين.... فكنت وضعت برنامجا للعمل بالأسباب، ومنها الاستخارة والاستشارة، فهاأنذا أستخير الله وأريد أن أستشيركم أنتم المتخصصون لعل وعسى أن تكونوا سببا في نهاية هذه المعضلة وأنا لم يبق لي إلا أقل من شهر لأبدأ الدكتوراه... حتى أني أردت أن أفعل شيئا ليغفر لي الله وهو: كيف أضحك رب العالمين؟؟ حيث أنه إذا ضحك سبحانه سيغفر لي... فوجدت أنه يضحك عندما ينهض العبد من فراشه ليلا ليعبده، أردت أن أفعل ذلك لكن خفت أن أشدد على نفسي...
وربما الشيطان هو الذي ثبطني بأن أوهمي أنه علي أن أجاهد نفسي على الحفاظ على الصلوات أولا، بدلا أن أقوم الليل أيضا لأن النبي صلى الله عليه وسلم أوصانا بالقصد، هل أنا على حق أم هي حيل من حيل الشيطان؟؟....
لنبدأ القصة: تصفحت يوما ما موقع من المواقع الإسلامية فوقعت على فتوى تحذر من النذر وأن العاقبة قد تكون هي النفاق في القلب إلى يوم أن تلقى الله، أخذني رعب شديد لكوني وقعت في نذور على ما أظن، وإذا لم أف بها سيعقبني نفاق في القلب إلى يوم القيامة، والمصير جهنم والعياذ بالله، بل الدرك الأسفل من النار والعياذ بالله... شعرت بغم وهم وحزن وندم وربما اكتئاب وشك والتباس ووو. فقررت أن أتبع رضوان الله وأمتثل لأوامره قدر ما أستطيع. ومن ذاك اليوم سقطت في مستنقع الوسوسة (نعم إنه الابتلاء)، أغرق في وسوسة وأنجو من أخرى... أصابتني وسوسة في وجود الله سبحانه وتعالى، وسوسة في الدين الحق، وماذا لو كان الدين الحق هو ديانة أخرى غير الإسلام؟؟؟؟ فأردت أن أبرهن وأقنع نفسي أن الإسلام هو الحق مع الإكثار من دعاء “يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك”، فأصابتني وسوسة في كلمة “ثبت” هل أقول “تبث” أم “ثبت”؟؟؟ لأننا في المغرب ننطق الثاء تاء والظاء ضادا والذال دالا، ولما كنت أغلط في الدعاء أصححه بالتكرار ونطق الحروف كما هي وعندما أخطأ في الدعاء كأن أدعوَ على نفسي خطأً، تصيبني وسوسة أن ماذا لو يقبلها الله، فأكثر من الدعاء الصح بعده مباشرة رجاء أن يقبله الله ولا يقبل الدعاء الذي قلته خطأً.....
أضحك أحيانا لما أتذكر ذلك.... فحين أصاب بوسوسة من الوسواس ويلتبس علي الأمر، أبدأ بالدعاء والتضرع إلى الله، وبالفعل نجاني الله من الوسوسة في العقيدة وفي كثير من المواقف والحمد لله. فكلما قويت الوسوسة يلهمني الله بالدعاء ولله الحمد، فأكثر وأكثر الدعاء والبكاء حتى يتقبلها الله. فماذا عمل الشيطان للتصدي لهذا السلاح الفتاك به؟؟؟؟ أصبح يركز على ثلاث أمور مهمة عندي: الدعاء، الحلال والحرام، النذر.
الدعاء: أتذكر مرة، أراد أن يقنعني بأني دعوت الله أن لا يتقبل لي دعاء رغم يقيني بأني لم أفعل، لكنه ركز على هذه النقطة حتى كاد أن يقنعني لولا أن نجاني الله منه، وغرضه أن أوقف الدعاء لينهال علي بهمزاته ونفخاته ونفثاته ويجلب علي من كل حدب وصوب.
لم يفلح هنا، فالتجأ إلى خطة أخرى وهي تخطيئي في الدعاء ليقنعني أن الله سيتقبل الدعاء الخطأ وبذلك سيكون هلاكي والعياذ بالله، رغم ذلك ألهمني الله عز وجل إلى تجاهل هذا الأمر. فالتجأ الشيطان إلى نقطة أخرى: ما هي هذه النقطة؟ وهي لما أدعو الله مثلا بأن يجعلني من المحسنين، أو من الصالحين، يأتيني خاطر يقول لي أنه ربما قد يتقبل الله هذا الدعاء فأصبح أعيش بينهم ولكن ليس منهم كالمنافق مثلا، فأتنطع في الدعاء لأفهم الله -أستغفر الله- بأني أريد أن أكون “صالحا” من الصالحين (يعني تأكيد) وأن ألقاه وهو راض عني وليس غضبان، وربما كان يريد أن يشككني في بعض الأدعية فأقول لله “إنك تفهمني يا رب”، لكن نجاني الله منها ولله الحمد.
لم ييأس العدو، أصبح يستعمل سلاح “الكذب”، فمثلا أدعو الله بأن كل شيء ضاق علي ففرج عني، يأتيني الشيطان ويقول “قد كذبت في الدعاء، ليس كل شيء ولكن بعض الأشياء فقط، وهذا كذب”، فأقول لله حينئذ “مفتون يا رب حتى في الدعاء”...
واستعمل الشيطان سلاحا آخر هو الاعتداء في الدعاء، فيوهمني أني أعتدي في الدعاء والله لا يحب المعتدين. لذا، أحيانا لما كنت أسأل الله بأن يقضي لي حاجة أكمل “اغفر لي إن كان هذا تعدي”، أو أقول لله مثلا “هذا الدعاء ليس تعدي يا رب”، وكأني أريد أن أفهم الله ما هو أعلم به مني -أستغفر الله- الحلال والحرام: الأكل والمأكولات: لشدة حاجتي للدعاء وتحسينه رجاء أن يتقبله الله ليفرج عني عما قريب، بحثت عن أسباب قبول الدعاء، فغالبا لما ابحث في الإنترنت عن شيء في الدين ألقى أنني شددت على نفسي أكثر فأكثر... فحق ما قال لي صديق لي (تدخل بمشكلة تخرج بعشر...) فلكوني أعيش في بلد أجنبي (وتعرفون مشكلة الأكل الحلال والحرام) أتفقد كل منتوج أشتريه هل به بعض المواد المحرمة أم لا؟؟؟، وآتي إلى الانترنت لتفقد أصل الفيتامينات وبعض المواد المكتوبة بالحروف اليابانية التي لا أكاد أقرأها لصعوبتها، فأضيع الوقت في التفتيش عن هذه المواد حتى ضاق المجال عندي هنا، فالمنتوجات الحلال تكاد تندر بسبب تشددي المبالغ فيه، لكني أخاف أن آكل الحرام وأنا أعلم أو أشك فيه وبذلك يقول لي الشيطان أن الله لن يتقبل دعائك لمدة أربعين يوما!!!!!!!!
حتى بلغ بي الأمر ما بلغ أني أتفقد الشاي والحليب هل به مواد حرام أم لااااااااااااا؟؟؟؟؟؟؟ اضحكوا من هذا الموسوس....... بل هناك ما هو أشد من ذلك، أني لما أريد طبخ البيض مثلا (الذي هو حلال ولله الحمد، واستغفر الله فأنا لا أريد أن أقول أن الله ضيق علينا كما يخبرني الوسواس الآن) في المطبخ المشترك بين الطلاب الأجانب، احذر كل الحذر من أن تلمس يداي أو بيضي أو أدواتي المطبخية مكانا في المطبخ قد يكون ربما تلطخ بلحم الخنزير أو أي شيء آخر من المحتمل أن يكون حراما، فأغسل وأغسل حتى أغسل مفتاح الصنبور ذاته (قد تتساءلون لماذا؟ لأنه ربما لمسه أحد الأجانب فلطخه بمواد خنزيرية أو أشياء حرام) أعلم أنها من الشيطان لكنكم سميتم هذا النوع من الوسواس بالقهري، فعوضا أن يقهرني بكثرة الشكوك فيما بعد، أفعل هذا لأرتاح بعدها وأسد باب الوسوسة....
المال: هذه الأيام يركز على المنحة التي منحها لي الله من خلال الحكومة اليابانية. فهو يريد أن يقنعني أنها حرام لأني لم أكتب ما أنفقه من مال شهريا بالشكل المضبوط (ولو أنه من المستحيل أن تقدر المال الذي تنفقه شهريا بالضبط في كل أغراضك) في إحدى مستندات هذه المنحة، رغم أن المسئولة عن هذه المستندات قالت لي لا بأس لأنني وجدت صعوبة في تحديد وحساب القدر الذي أنفقه شهريا، فيقول لي أني كذبت وبالتالي المال سيصبح حراما فكيف سيتقبل الله منك الدعاء وأنت ستعيش على هذا المال الحرام؟ فأسأل وأسأل حتى أن المسئولة هي التي اقترحت علي أن أكتب بعض القيم رغم أنها ليست صحيحة، فماذا أفعل؟؟؟؟؟ بل أعطيتها القلم لتكتب هي بنفسها بعض القيم، ورغم ذلك رجعت إليها من جديد، وصححت مرة أخرى، والآن يوسوس لي بأن أذهب من جديد لأصحح وأصحح...
الطلاق: ربما أول مشكلة في تاريخ الوسوسة، صدقوا أو لا تصدقوا، أنا غير متزوج وهو يطلب مني الطلاق (أي عندما أتزوج بفتاة أعرفها)، وأنا انتظرها لما تسلم إن شاء الله، واصطادني الشيطان لما كنت أقرأ فصل الطلاق في كتاب إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان (كأن الوغد يقرأ معي ما أريد أن أحاربه به). فكلما كنت أحاول أن أصد هذه الوسوسة يذكرني أني إن لم أفعل سأعيش في الحراااااااااام إلى أن أموت. تفقدت الإنترنت مرة أخرى، فوجدت أن المالكية يقولون بهذا القول ولو أنك لم تتلفظ رغم أن جمهور العلماء يعارضونهم، فأنا لا أستطيع أن أحكم من معه الحق منهم، فوقعت في غم وهم وضيق في صدري. فوقعت في حيرة حيث أنه لا طلاق فيما لا يملك الإنسان، وأنه لا طلاق قبل نكاح. فأصبحت أفكر ما العمل إذن؟ هل لما أتزوجها أطلقها قبل أن أدخل بها أم بعد أم ماذا؟؟ هل أتبع المالكية أم جمهور العلماء؟ ماذا لو كانت المالكية على حق؟ وقعت في حيرة............. لا أدري كيف سيفرجها الله.
مشكل النذور: لم أكن أعرف أن أمر النذر خطير جدا، فكنت أظن أنه شيء جيد لإصلاح النفس. ابتدأت كل وسواسي انطلاقا من هذه النقطة بالذات، ولا أتذكر هل تلفظت بالنذر أم لا، لكن لنقل أن هذا الشك بالتلفظ هو 90 في المائة: الاستمناء: أو غلني الشيطان في هذا الأمر قبل أن أبلغ الحلم ولم أكن أعرف حينها، لكني جاهدت نفسي مرارا وتكرار أن أبتعد عن هذه الفعلة القبيحة. فكنت أسمع القرآن وبعض الأشرطة الدينية لبعض الدعاة المعروفين، فتكلم ذاك الشيخ عن رجل من سلفنا الصالح، حيث أنه كان يعاني من اقتراف ذنب من الذنوب، فقرر أن يصوم كلما فعل ذاك الذنب، لكن لم يفلح، فغيَّر طريقة الصوم إلى طريقة إنفاق المال، فلحب الدراهم ترك الذنب.
ترسخت هذه الفكرة في عقلي ويا ليتها لم تترسخ والله أعلم هل هي حقا خير لي أم شر... فبعد مرور الأيام تلو الأيام أردت أن أصلح نفسي فعزمت على صوم 10 أيام إن فعلتها، فكلما أوقعني فيها الشيطان كنت أصوم هذه العشر.... حتى حين تسول لي نفسي أو الشيطان باقترافها أتذكر صيام العشر فأقلع عنها. فارتحت منها تقريبا سنة على حد تقديري، فأحسست براحة نفسية وتعجبت من نفسي كيف أقلعت عنها تقريبا نهائيا بفضل الله.
وأتذكر أنه ذات مرة انتظرني الشيطان حتى بقي لرمضان أياما قلائل بل ربما كان اليوم التالي هو رمضان، فأوقعني فيها ثانية، ففهمت ما كاده لي، لكني انتظرت حتى انتهى رمضان فصمت العشر مرة أخرى. وبالتالي أقفلت عليه هذا الباب من جديد. فارتحت منها لمدة طويلة والحمد لله. لكن الشيطان لا يمل والعياذ بالله. انتظرني حتى جئت لليابان، ففعلتها حتى اجتمعت علي 240 يوما متضمنة نذورا أخرى هي التي سأذكرها كالآتي... المواقع الإباحية: عزمت أني كلما أشاهد موقعا أو قناة إباحية أصوم يوما. صلاة الفجر: إذا لم أصلي الفجر في وقته لمدة ثلاثة أيام متتالية أصوم يوما.
الكذب: هذا أشك فيه هل نذرت أم لا أم أني كنت فقط أفكر في الأمر، لكن عندي شك أني نذرت وتراجعت عنه قبل أن أعرف الحكم....
والآن أنا ملتزم بالتصدق عن كل كذبة أكذبها، صدقوا أو لا تصدقوا؟؟؟ وصل بي الأمر إلى البحث عن ما هو الكذب في الإنترنت، الآن لا أستطيع أن أفرق بين ما هو الكذب المحرم والأشياء التي يتجاوز عنها الشرع. فمثلا: إذا سألني أحدهم: كيف حالك؟ أجاوب: الحمد لله على كل حال (إذا قلت الحمد لله وحدها يعني أني أكذب لأني ليس في حال جيد، وإذا قلت أني لست بخير فهي أيضا كذب فربما أنا بخير...) ذات مرة سألني شخص عن حقيبة يريد أن يشتريها: هل هذه جميلة؟ فسكت قليلا أفكر في الجواب هل هي جميلة أم لا، فأجبته قائلا: جميلة إن شاء الله. فاستغرب وقال لي ماذا تعني بإن شاء الله؟؟، هل هي جيدة أم لا؟؟؟
سألتني امرأة يابانية في عمر جدتي عن انطباعي حول اليابانيين، فسكت قليلا أفكر في الجواب، فتعجبت المرأة التي أكرمتني كم من مرة وأنا في دار أحد أصدقائها، فأجبتها جوابا غريبا وربما بقي في نفسها شيء. أنظروا ماذا فعل بي هذا الشيطان اللعين... يفسد علاقتي مع الناس. إذا سألني أحدهم عن الساعة الآن وكانت مثلا: 2:32 لا أقول الثانية والنصف بل أقول الثانية واثنين وثلاثين دقيقة حتى لا أكذب (الحمد لله أنه لم يصل بي الأمر أن يوسوس لي في الثواني أيضا وإلا فلن أستطيع أن أقول الوقت بالتحديد). الدردشة أو التشات: إذا أردت أن أرسل ابتسامة مثلا وأنا غير مبتسم، أبتسم رغما عن أنفي لأرسلها بدون كذب، والله المستعان. الآن لا أحب أن يسألني الناس عن رأيي في شيء ما، لأني مهما كان جوابي سلبيا أو إيجابيا، نعم أو لا، أقع في وسوسة هل كذبت أم لم أكذب، غريب والله ما يحصل لي.
الدراسة باليابان:عندي ظن كبير أني نذرت أن أصوم يوما في كل أسبوع لمدة ستة أشهر لما آتي إلى اليابان. فكان رمضان وسط تلك الشهور ولم أحسب له حساب، لكن عملت على غلبة ظني وهي الاسترسال في الصوم بعد رمضان وستة أيام من شوال، وأنا ما زلت أصوم لحد الآن خوفا من أن لا أفي بالنذر فيعقبني نفاق في القلب. بل أضفت ستة أشهر بعد رمضان الفائت ولو أني صمت شهورا قبله لأفي بهذا النذر (صوم يوم واحد في الأسبوع)، فجراء هذا أصابتني وسوسة خطيرة في الصوم. أنا أصوم الآن ثلاث أيام من أجل أن يصح يوم واحد ويتقبله الله. ومرة صمت ستة أيام ماعدا الأحد وأنا أبكي ليتقبله الله، فكنت أقول لله أن يتقبل أي يوم شاء.
وسوسة ناتجة عن النذور: في خضم هذه المعركة ضد هذه الوسوسة، يستعمل الشيطان سلاح الدمار الشامل ”النذر” تجاهي: فتقريبا كل عمل أو مشروع أفكر فيه لألهي نفسي أو حتى لما أفكر أني سأخرج من الابتلاء يوما ما وأبتسم ينبثق من نفسي شيئا كأني أنذر، فإما أقع في الشك، أو أنقطع عن ذاك العمل أو أتركه إلى حين تهدأ علي هذه الوسوسة التي تكاد تدمرني.... ولو أني قلت لله أن ما أوقعني في هذه الورطة هو مشكل النذور (وبطبيعة الحال البعض من ذنوبي) لا أجد نفسي إلا وأنا أرغم على نذر لا أريده أو أقع في حيرة وشك وخوف.... تأتيني بعض النذور في صدري في العبادات، فذات مرة أرغمني هذا الوسواس على أن أصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ألف مرة في آخر ساعة من يوم الجمعة (ساعة يتقبل الله فيها الدعاء على حد علمي) حيث كنت أرتقبها لأسأل الله أن يقضي حاجاتي. فأراد الشيطان أن يلهيني بالصلاة على النبي حتى لا أجد وقتا لأسأل الله، فلغضبي عليه، كنت أنهي كل مائة صلاة على النبي بالدعاء لي والدعاء عليه بجهنم حتى أغيظنه كما أغاظني.
ليس هذا فقط، فهو -أي الشيطان على حسب ظني- يوجد بعض النذور في صدري على أن أنفق المال الذي أحصل عليه، وقد اصطادني كم من مرة حتى وصل بي إلى مبالغ ضخمة أني سأعطيها كأنها نذر وأنا لم أنذر لكني أخاف أن يعقبني نفاق في قلبي إن لم أفعل، وهو الآن يركز على نصف المنحة، وامصيبتاه!!!!!!!! بل يريد أن ينتقل إلى نصف مالي طول حياتي!!!!!!!! وأنا لم أنذر ولم أعاهد بل أني لم أنطق أو أتلفظ، لكني في شك، وانتظر أن يفرج عني الله عما قريب بأن يرزقني اليقين اليقين اليقين، لأني أصبحت لا أستطيع أن أميز الحق عن الباطل.
بل لا أستطيع أن أميز هل أنا فعلا نويت أم فقط فكرت أم هي وسوسة، هل... ، لا أدري والله. للإضافة فقط، أريد أن أعطيكم أسلحة قريني من خلال السنة والله أعلم: “دع ما يربيك إلى مالا يربيك”، “اقطع الشك باليقين”، “استفت نفسك وإن أفتاك الناس وأفتوك”، “فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه”.... فبهذه الأسلحة وغيرها أشدد على نفسي أكثر فأكثر.... ربما لم أفهم المقصود جيدا... ولكن لا أدري ما سأفعله بالضبط.... أطلت كثيرا وسامحوني، لكن هذا ليس إلا غيض من فيض.
وإليكم وسوساتي التي أصبحت كلما أدخل في إحداها أتطلع وارتقب “ما هي الوسوسة القادمة يا ترى؟؟”: في وجود الله في....... الله (اللهم اغفر لي) في....... الله (اللهم اغفر لي) في الدين الحق في الكذب في قراءة القرآن وسماعه في ارتكاب الموبقات والكبائر والفواحش في نقض عهد الله في النذور والعهود في الصيام: النية، مبطلات الصيام، بلغم وقيء ولعاب مضمضة، شك في تغيير النية والتلفظ بها.
في الوضوء: عدد المرات، الإستنجاء، غسل الوجه، مسح الرأس، الأذنين، غسل الرجلين، كعبين، أصابع الرجل، دلك الوجه و المسح على الجوارب، في نقض الوضوء.... في الصلاة: التكبير، السلام عليكم، التحية، متابعة الإمام في الفاتحة،و إعادة صلاة الإستخارة. في الدعاء في هل أنا موسوس أم لا في قراءة النصوص التي تبدأ بحمد الله والثناء عليه والصلاة على نبيه عليه الصلاة والسلام في الحلال والحرام، في البرامج الإليكترونية حلال أم حرام في الخوف من بعض الأحلام أو الرؤى في المشي في اليمين والصلاة في اليمين فقط، ووضع الرجل اليمنى على اليسرى...
خواطر في الحكم على الناس هل هم من أهل النار أم الجنة (استغفر الله) في خوفي من أفكاري السلبية وأنها ستقع والعياذ بالله في المسيح الدجال ويأجوج ومأجوج في المرض والموت بالطائرة في الأذكار (عدد المرات) في بعض الأدعية النبوية أني لم أعقلها أو أن عقلي لم يكن حاضرا فيها أو في بعض مفرداتها في قول صلى الله عليه وسلم في أن اكتب اسم الجلالة باليمين باستخدام لوحة المفاتيح في ضبط اتجاه القبلة في مخارج بعض الحروف خصوصا اللهم ثبتني على دينك في التأكد من المأكولات هل بها أشياء حرام أم لا لدرجة التأكد حتى من الشاي والحليب في الطلاق في طلب العلم الشرعي ربما أضحكتم قليلا، لكن الأمر جدي والله، أحيانا تصل بي الأحزان إلى غياهب قرارات نفسي، وأحيانا أذرف العبرات تلو العبرات، بل لو قلت لكم ما أخفيت عنكم لما ضحكتم البتة... لكن ولله الحمد على كل حال، إن صبرني الله الصبور فأنا صابر إلى حين يفرج عني.
يا ما تفلت على الشيطان ولا هو يريد أن يستحي، ويا ما نعته بصفات قبيحة ولا هو يريد أن يرتدع، ويا ما أردت أن أغيظنه كما أغاظني ولا هو يريد أن يمتنع، ويا ما تكلمت معه ونصحته بأن نتعاون لندخل الجنة معا ولا هو يريد أن يُنْصح.... بل لما أتفل على يساري، أستعيذ بعدها، وربما أحيانا لما أشتمه أو أسبه (أستغفر الله) أستعيذ بعدها فقط لأني كنت قرأت هذا الحديث: (ما رواه رجل كان رديف النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم فعثرت دابته فقلت تعس الشيطان! فقال صلى الله عليه وسلم: لا تقل تعس الشيطان؛ فإنك إذا قلت ذلك تعاظم حتى يكون مثل البيت، ويقول: بقوتي! ولكن قل: بسم الله؛ فإنك إذا قلت ذلك تصاغر حتى يكون مثل الذباب". أخرجه أحمد في المسند (5/59 ، 71) وأبو داود في السنن (رقم4982) وقوى إسناده ابن كثير في التفسير (4/576) وصححه الألباني في صحيح أبي داود (ص746)، وأستغفر الله سبحانه وتعالى عما بدر مني، ولكنه يغيظني فأردت أن أغيظه كما يفعل بي ثم أستعيذ، أخزاه الله (أنا بريء ممن يفعل مثلي إذا قرأ مقالي هذا).
بل لو أن الله أظهره لي وسلطني عليه لأهلكنه بقوة ومدد من الله، لكني لا أراه، وهذا مما شاء الله فعل وله الحمد. قد ترون أني أبله أو مجنون، لكن حق ما تقولون، فما الفرق بين الذكاء والجنون إلا شعرة واحدة كما يقول البعض. ربما كثير من أصدقائي يظنون أني ذكي وصالح، لكن ما خفي أعظم. كنت وأنا منذ الصغر أريد أن أشارك أو ربما أقود الأمة الإسلامية وأوحدها، والله إني أظن أن لي نية في أن أعمل لأجل هذا الهذف بجد، لكن عوضا أن أعمل بجد وأقود هذه الأمة العظيمة، هجم علي أسفه وأحمق وأغبى وأشقى وأبأس وأتفه مخلوق حقير “الشيطان” يقودني الآن (أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم)... وتارة لما أنظر في نفسي وماضي أراني لست أهلا لذاك وهذه هي الحقيقة على ما يبدوا لي، والله أعلم. والسلام عليكم أخوكم في الله: محمد.
12/03/2010
رد المستشار
أهلاً بك وسهلاً يا أخ محمد، وكان الله في عونك، فأنت موسوس من الدرجة الأولى، فذهنك لا يحوي وسواسًا أو اثنين، بل عواصف وأعاصير من الوساوس!!
وسمات الموسوسين من الشعور بالمسؤولية والذنب، وتحري الدقة والكمال... كلها موجودة عندك...
وبعد تكرار قراءتي لروايتك الوسواسية التي تنقل التشويش الذي في ذهنك نقلاً دقيقًا، أقول لك: إن حالتك يا محمد معقدة لا يمكن أن تداوى من خلال هذا الجواب، لا بد لك من طبيب له خبرة بالعلاج النفسي يشرف عليك مباشرة، وسأبذل جهدي في الإجابة على ما اتضح من أسئلتك، حيث إنك لم توضح عددًا مما ذكرته فيها، فلم أفهم سؤالك في مسألة الطلاق أبدًا، كذلك في مسألة المنحة الدراسية لم توضح شروط هذه المنحة لأعرف وجه الإشكال عندك، وإن كنت أرى وسوستك بشكل واضح فيها.. كذلك بعض العبارات في أسئلتك عن النذر لم تكن واضحة، وغير ذلك....
- بالنسبة لسؤالك عن التقرب إلى الله تعالى بقيام الليل وهل هو تشديد على النفس أم لا؟ أقول: قيام الليل بحد ذاته ليس تشديدًا على النفس وبل هو أمر مرغب فيه، ولكن عليك أن ترقى إلى فعله شيئًا فشيئًا...، فحافظ أولاً على فرائضك. وفي الحديث القدسي قال تعالى: ((..وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضت عليه..))، فإذا أصبحت مواظبًا على الفرائض في أوقاتها، فحاول التقرب إلى الله تعالى بعد ذلك بالسنن والنوافل، وشيئًا فشيئًا، حتى تفوز بحب الله تعالى لك... وقد جاء في نفس الحديث السابق بعد العبارة السابقة: ((.. ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه..)).
- أما بالنسبة لوساوسك: فأرى أن نصفها متعلق بقضية الدعاء والوسوسة فيه، وهذا ليس عندك فيه شبهة تجهلها فأجيبك عليها، وإنما عليك أن تحسن تمرين نفسك على إهمال الوساوس التي تأتيك حول هذا الأمر، وأن لا تستجيب لها بفعل أو اعتقاد... وهذا يحتاج منك إلى جلسات علاجية مباشرة واستعانة بالدواء، غير أني أنصحك بقراءة البرامج العلاجية الذاتية على الموقع ريثما يتيسر لك الذهاب إلى الطبيب...
- يأتي بعد هذا في الأهمية: وساوس النذور: وسأبين لك بعض ما التبس عليك من الأحكام:
أولاً: لم يتفق الفقهاء على كراهة النذر، بل قال الحنفية إنه قربة مشروعة، وأما المالكية والشافعية ففصلوا حسب نوع النذر فبعض أنواعه مكروهة، وبعضها غير مكروه. ولم يقل بالكراهة مطلقًا إلا الحنابلة. فلا تخف من قضية أن النذر أمر غير مرغوب.
ثانيًا: النذر لا يلزم إلا بالتلفظ، وأحيانًا تقول: عزمت!! والعزم على النذر ليس نذرًا ما لم تتلفظ.
ثالثًا: إذا شككت هل نذرت أم لم تنذر فالأصل أنك لم تنذر.
رابعًا: مجموع نذورك عبارة عن نذر يسميه الشافعية: (نذر لجاج)، وهو النذر الذي تريد به أن تحث نفسك على شيء، أو تمنعها من فعل شيء، فحيث نذرت أن تصوم إذا قصرت أو أذنبت فهذا نذر لجاج تريد أن تمنع نفسك به من التقصير والذنب، وأنت مخير في هذه الحالة بين الوفاء به، وبين أن تكفر بدلاً عنه بكفارة اليمين، أي إن حكمه حكم اليمين. فإن شق عليك الوفاء فكفر عن نذرك وتحلل مما يشق عليك.
خامسًا: مسألة نذرك لصيام يوم من كل أسبوع لمدة ستة أشهر...، يكفي فيها أن تقضي بعد رمضان الأيام التي فاتتك في رمضان. وذمتك برئت الآن بعد كل هذا الصيام الذي صمته.
أخيرًا: ونظرًا لظروفك، فمجانين على استعداد لمساعدتك في هذه الفترة، على أن ترسل في كل مرة نوعًا أو اثنين من أنواع وساوسك، وتشرح لنا فيها المسألة تمامًا، لنستطيع فهمك وتوجيهك إلى السلوك الأفضل، ولا أرى مانعًا في ذهابك إلى الطبيب على الأقل لتناول العقار المناسب لك، وحاول أن تكلمه بما يفهمه من وساوس، واترك الباقي على مجانين... والله المعين.ويتبع>>>>>>>>>>>>>>>>>>> موسوس من الدرجة الأولى صحيح مشاركة 1