الرهاب الاجتماعي... واتخاذ القرار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين سيدنا محمد (ص)، أما بعد؛
وبعد الثناء والشكر الجزيلين لكم ولجميع رواد موقعكم المميز أود عرض مشكلتي التي بدأت تمتد في حياتي ومجتمعي كسرطان خبيث_لا قدر الله_لا نستطيع إيقافه.
إن الحديث عن أصل مشكلتي (الرهاب الاجتماعي... واتخاذ القرار) له أثر كبير حاليا في حياتي فأنا معزول عن غيري أمارس نشاطي لوحدي فقط، غير متصل اجتماعيا بأحد، أخاف التكلم والحديث مع غيري لكي لا ألقى النقد.
موضوع اتخاذ القرار، يأخذ حاليا حيز ال99 % من حياتي، فمثلا ذات مرة رحت أقدم لطلب وظيفة في أحد المولات وكان علي أن أذهب لأسأل عند مكتب الاستقبال وكلما أقرب إليه أخاف وأتلعثم وتصيبني الرهبة من ذلك ووقتها غادرت ورجعت أدراجي للبيت وادعيت عندما سألوا أني قد قدمت الطلب، وقبل يومين ذهبت لشركة طباعة وكنت ذاهبا لأقدم طلبا، وخوفا من أن لا أذهب أخذت أخي الصغير لكي لا أهرب كالعادة، وعندما وصلت للشركة أخذ الخوف يمتلكني ولا أدري سبب ذلك وكنت أكثر من مرة أريد الرجوع لكن وللسخرية أخي الصغير يقول لي: "شو خايف يأكلوك اذا سألت"؟، ولدرجة أن أمي تكلمت معي عندها وقالت "بلا مسخرة... فوت وقدم شو ما عندك شخصية"؟
وبالفعل دخلت بتردد وقلت وأنا متلعثم: "بدي... بدي... أقدم طلب توظيف"، ولا أدري كنت خائفا عندما كان ينظرون علي الموظفون (وتلك هي الرهبة) وقال لي: "هلا ما في تقديم طلبات... ليوم الأربعاء القادم" وأنا الآن أخاف الذهاب مرة أخرى بل خائف من أن أعمل هناك، على الرغم من أن الراتب مناسب والوظيفة مضمونة، لا أدري سبب هذا الخوف والرهاب هل هو كمرض بجسدي نفسياُ.
وكثيرا ما هناك لي قرارات بسيطة أعجز عن فعلها وأستشير غيري فيها. أحيانا أحس أنه عار علي أن أكون كما أنا أو أن أقبل أن أكون أنا بهذه الصورة، لعل هناك أسبابا كثيرة وعديدة وراء ذلك ولا أود الحديث عنها فقد مللت من ذكرها ولكن باختصار بسيط، أن سبب علاقتي المثلية آخر مرة كانت تعلقي بولد ب16 من عمره وفعلي الممارسة معه خوفا من أن أفقده لأني بالنهاية سأفقده ولن ينظر لي أحد نظرة شاب بال25 سنة من عمره كرجل بأفعاله.
إن هروبي من العزلة وإثبات نفسي أجدها باللعب بل التأقلم للأسف مع أصدقاء أخي الصغار ذوي ال13 سنة وهذا ولأسباب أخرى يدفعني لرغبات أخرى. لكن مضمون حديثي هل يعقل أن شابا بال25 سنة يلعب ويتصرف بشكل صبياني مع أولاد بال13 سنة؟؟؟؟؟؟
حاولت أن أقوم بعلاقات اجتماعية مع فتيات قريبات لي وقد وجدت واحدة وأحبتني، ولكن رحت أتصرف معها بتصرفات مجنونة ورحت أحتقرها، خوفا ولا أدري بسبب ضعف شخصيتي ووقتها تساءلت: يا ترى متى الخلاص؟
ينتابني العار عندما يقول أبي لي غدا ستغدو أبا_إن شاء الله_ وستربي أولادك وستكون عندك مسؤوليات يجب أن تكون إنسانا ناضجا وليس هكذا. وكثيرا فيما مضى كان أحد الأشخاص يقول لي ممازحا لكن حقيقة: (أنت لازم تنتحر... اللي زيك لازم ما يعيشوا)، هل حقا أنا كذلك من أنا أحيانا ولسبب علاقاتي المثلية سابقا أعتقد أني مريض بالإيدز_لا قدر الله_ وأن لا فائدة من أي تغير أقوم به بالرغم من أن هذه الرهبة انتهت فقد قمت بفحوصات عدة عند الأطباء والحمد الله وبعد استشارتكم سابقاً وطمئنتموني بأني بخير، لكن ما بعد ذلك، عسى ربي أن يكون غفر لي إن لم يكن بالدنيا فعسى بالآخرة لنا ولكم.
وبالنهاية، هكذا هو حالي أرجوكم أبدوا لي النصح ورأيكم عسى أن يثمر رأيكم في حياتي لتصبح حياتي كعسل صافي عذب نقي حلو المذاق، لتطيب حياتي بما تبقى منها_والله أعلم_
وأنا والله لن أقدر أن أشكركم بمال الدنيا كلها لو استطعت لأنكم بالنسبة لنا كالكنز الذي لا يفنى، وأنتم كالزهر الذي يفيح من ورده عطرا
ووفقكم الله والسلام عليكم.
09/04/2010
رد المستشار
الأخ الفاضل؛ أشكر لك اهتمامك ورغبتك بالتحسن وتغيير نفسك إلى الأفضل، وثقتك في قدرتنا على مساعدتك وأرجو أن نكون عند حسن ظنك.
إن الرهاب الاجتماعي هو خوف أن يكون الشخص موضع تقييم من قبل الآخرين، والشخص المصاب بالرهاب الاجتماعي ليس لديه مشكلة في أن يتعامل ويختلط بالآخرين طالما أنه ليس موضع تقييم من قبلهم. ولذلك قد يتداخل ما تعاني منه من أعراض مع اضطراب الشخصية التجنبية Avoidant Personality Disorder حيث يعاني المصابون بهذا الاضطراب من الخوف من الرفض والنقد مما يجعلهم يعترضون على إقامة أي علاقات اجتماعية دون وجود دليل على تقبلهم، كما أنهم يتجنبون الأعمال والوظائف التي تتطلب التعامل والاحتكاك بالآخرين، كما يتجنبون الحوارات والمحادثات الاجتماعية المباشرة مع الآخرين، ومن أي مواقف قد يعتقدون أنها مسببة للإحراج.
ولكي تتغلب على هذا الخوف والقلق الذي ينتابك عند التعرض للمواقف الاجتماعية كالتقدم لطلب وظيفة أو الذهاب إلى الشركات والتحدث مع الآخرين، فإن عليك أن تذهب إلى طبيب نفسي والذي سوف يساعدك على التغلب على هذا الاضطراب من خلال العلاج الدوائي والذي يؤخذ جنبًا إلى جنب مع العلاج المعرفي السلوكي والذي يتمثل في تقليل نسبة القلق الذي يعتريك عند التعرض لهذه المواقف وتخفيف الضغوط التي تزيد من شعورك بالقلق، كضغط الأسرة عليك والنقد السلبي من الآخرين، وأيضًا التعرض للمواقف الاجتماعية والتي تثير القلق والخوف ولكن بشكل تدريجي وذلك وفق إطار منظم وليس بشكل عشوائي، مع إعطاءك واجبات منزلية للتعض للمواقف المثيرة للقلق، بالإضافة إلى تعليمك تدريبات الاسترخاء والتي تقلل من نسبة القلق وتساعدك على التحكم في عضلاتك وإعادتها إلى وضع الاسترخاء.
ومن الأشياء المهمة أيضًا والتي سوف تعينك على التغلب على المشكلة الأولى وعدم القدرة على اتخاذ القرارات أو القيام بعقد صداقات وعلاقات ممن هم في مثل سنك، هي رفع ثقتك بنفسك وتقديرك لذاتك، فأحد الأسباب الهامة التي تجعل الشخص يتجنب المواقف الاجتماعية والتحدث مع الآخرين أو التعامل في المواقف هي انخفاض تقديره لذاته وعدم ثقته بنفسه وبقدراته.
ويمكنك استعادة ثقتك بنفسك عن طريق تغيير الطريقة التي ترى بها نفسك، هل تركز على إيجابياتك وما تستطيع فعله، أم تركز على سلبياتك وما لا تستطيع فعله؟ وكيف ترى ذاتك؟ وما هو تقييمك لنفسك؟ هل أنت راض عن نفسك أم لا؟ كل هذه الأسئلة تكشف عن تقديرك لذاتك والذي سوف يؤدي إلى التصرف إما بطريقة تنم عن الثقة والتقدير للذات أو بطريقة تدل على اهتزاز الثقة بالنفس وتدني تقديرها. فحاول أن تزيد من ثقتك بنفسك وتقديرك لذاتك ستكتسب القدرة على التعامل مع الآخرين وإقامة علاقات معهم بشكل أفضل إن شاء الله، وأعانك الله ووفقك.
واقرأ أيضاً:
مدرس وألوذ بالصمت: احتياطات الأمان!
الرهاب الاجتماعي حلقات الإدامة والعلاج
اتخاذ القرارات.... مهارة
لا أستطيع اتخاذ القرار
عدم القدرة على أخد القرارات
اضطراب الشخصية التجنبية... راجع المختص
اضطراب الشخصية التجنبية: نصائح عملية
الشخصية التجنبية أم الرهاب الاجتماعي؟