الخوف المستمر من الوالد..!؟
حضرة الدكتور وائل أبو هندي،............ حفظه الله السلام عليكم أشكركم على الخدمات التي تقدمونها من خلال موقعكم وأنا من المتابعين لهذا الموقع المتميز عزيزي الدكتور وائل أبو هندي؛ كنت مترددا في إرسال مشكلتي ولكن عقدت العزم على البوح لك بما أعانيه عسى الله أن يجعلك سببا في التخلص من مشكلتي:
إنني أعاني من ضيق شديد يأتيني من فترة وأخرى ليست متباعد الفترات منذ وأنا طفل وأنا الآن تخرجت من الجامعة ورافق ذلك الضيق خوف من الوالد حتى وأنا ادرس خارج بلدي في إحدى الدول العربية كان هذا الخوف يلازمني وإلى الآن ومضت الأيام وأنا في السنة ثالثة جامعة عرض علي الزواج من ابنة عمي فرفضت ولكن أبي أصر على ذلك وتم الزواج ولم أرتح لهذه الفتاة التي لا ذنب لها والآن لي سنتين من زواجي وعندي منها ولد وخلال سنتي الزواج كنت لا أستطيع التكلم معها إلا قليلا حيث أشعر بضيق شديد كلما جلست معها لوحدنا وأبكي بكاء شديدا حتى أنني لا أستطيع أن أنظر في وجهها فإذا كلمتها لا أكلمها إلا وأنا أنظر إلى شيء آخر أو أقرأ كتاب وغيره........
فصارحت والدي بالمشكلة التي أعانيها قال لي اصبر وصبرت ولكن حالتي تزداد سوءا ولم أشعر يوما أنني متزوج وأعدت مصارحة والدي ما أعانيه وعدم راحتي مع ابنة عمي فقال لي تزوج الثانية، لا أدري ماذا أعمل أشعر بذنب شديد لأنني لا أعامل ابنة عمي كزوجة وأحس أنني أظلمها أما عن نفسي فأنا شاب أحب القراءة والفكر والدعوة وكانت لي أحلام كثيرة أسأل الله أن يوفقني لتحقيقها وكانت من ضمن هذه الأحلام أن تكون لي زوجة جميلة متدينة متعلمة أحبها وتحبني نعمل سوى لخدمة ديننا ومجتمعنا.
ولكن لم يتحقق هذا الحلم مما زاد من حالتي خاصة وأن زوجتي الحالية تخرجت من صف الثامن الابتدائي وهي عكسي تماما لا تحب القراءة ولا الفكر وكل همها الفساتين الحفلات هذا مما زاد من مشكلتي أعترف لك يا دكتور أنني ضعيف الشخصية خاصة أمام الوالد لا أستطيع أن اتخذ قرارا وحدي حتى أصبحت لا أدري ماذا أريد من هذه الحياة ونتيجة لهذا كله وقعت في مشكلة أخرى ألا وهي العادة السرية وذلك بسبب أني لا أشعر بلذة عند الجماع فكنت أستعمل العادة السرية في الأسبوع 5 مرات ثم أستغفر وأتوب.........
كنت أفرح جدا عندما تذهب إلى أهلها لزيارتهم فأحس براحة قال لي والدي مرة عندما سيأتيك ولد ستتغير حياتك وجاء الطفل ولم يتغير شيء عزيزي الدكتور وائل أبو هندي؛ هذه مشكلتي مختصرة وإذا أردت تفاصيل أخرى سأكتب لك وأسأل الله أن تكون سببا في حل هذه المشكلة وجزاكم الله خير ودمتم في رعاية الله وكنفه
16/1/2004
رد المستشار
الأخ السائل أهلا بك في موقعنا مجانين لقد جاءت رسالتك خاليه من بعض التفاصيل الهامة، وإن كانت كافية بالشكل الذي يسمح لنا بالتعليق عليها. أحب أن أشير في البداية إلى أنك لست حاله فريدة أو جديدة، ولكن هناك كثيرون مثلك ممن نشأوا في كنف أب أو أم متسلطين فأنت حالة من ضمن الحالات التي تربت تربية ديكتاتورية من جانب أحد الوالدين أو بمعنى أشمل وأدق تربية الخوف والترهيب وفى حالتك أنت كان الأب هو الطرف المسيطر فبالرغم من أنك لم تعطنا لمحة مثلا عن ترتيبك بين الأبناء، أو ما هو دور الأم إلا أننا نستطيع أن نخمن كل هذا.
فدائما ما يكون ابن أو ابنة الأب أو الأم المسيطرين مثلك هكذا مفتقرا للقدرة على اتخاذ القرار بنفسه حتى وإن كان في شيء يخصه في المقام الأول مما يجعل بداخله خليطا من الخوف من الأب كما في حالتك والرغبة في التخلص من قيوده التي يقيده بها، وفى نفس الوقت نجد أنه يحب ذلك الأب ولا يستطيع أن يفعل شيئا دون الرجوع إليه لأنه نشأ على ألا يقدر على اتخاذ قرارٍ بنفسه حتى لنفسه، وعادة ما يكونُ ناقص الثقة بنفسه غير قادر على تحمل المسئولية، فالفشل يحرمه من عطف الأب فيتولد لديه صراع نتيجة لكل ذلك وهو صراع بين الرغبة في التحرر والعجز عنه في نفس الوقت.
وفي حالتك لم تستطع التخلص من سيطرة الأب وخوفك منه حتى وأنت بعيد عنه فالأب هو الحاكم الديكتاتور وأنت المحكوم وبالرغم من السخط الذي تكنه لأبيك إلا أنك لا تستطيع أن تعبر عنه مباشرة، فلا تستطيع أن توجه له أي عدوان أو تقدم على أي فعل يحررك منه لأنه والدك ولأن ضميرك لا يسمح لك بذلك وهذه ملاحظة نلاحظها بقوة في أبناء الوالدين الديكتاتوريين وهى قوة الضمير وسيطرة الأنا الأعلى عنده ولكن دائما ما تحب النفس أن تنفس عما يضيق بها، ولما كان من اللازم أن يكون هناك متنفس، وأنت وجدت ذلك المتنفس متجسدا في زوجتك.
ففي حالتك لم تستطع أن تصرخ في وجه أبيك فصرخت في وجه زوجتك لأنها النموذج الحي الذي تجسدت فيه سيطرت أبيك عليك فأنت ترى فيها عجزك وضعفك وعدم قدرتك حتى في اختيار أهم اختيارات حياتك وهو الزوجة التي تريد أن ترتبط بها ليس أكثر، وليس في زوجتك من سبب يعيبها، كل ما يعيبها أنها اختيار أبيك الذي أجبرك عليك كالعادة فهذا الاختيار ماثلٌ وجهك لمده أربع وعشرين ساعة في اليوم يواجهك بنفسك ويذكرك بما أنت فيه! ولعلني أتساءل الآن كيف تواجه هذه المسكينة مشاعرك السلبية هذه؟؟
إنه سؤال يلح علي بقوة لمعرفه الإجابة عليه، فهل فكرت أنت في هذا السؤال أم تعتقد أنها مجرد جماد لا يحس ولا يشعر زوجتك ليس لها ذنب فيما بينك وبين أبيك ولا عن نشأتك وتربيتك وتكوينك النفسي ونحن هنا أمام واقع وحقيقة ملموسة وكل كلامنا يأخذ صيغة المضارع لذا فما عسانا نفعل غير أن تتكيف مع ما أصبحت عليه بالرغم من مرارته؟
فلقد أصبحت الآن زوجا وأبا، واعلم أن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه فحاول أن تنظر لزوجتك من جديد انظر لها على أنها أم ابنك وأنها احتملتك فليس من السهل على المرأة أن تتحمل كل هذا التجاهل من أي شخص أيا كان، فما بالك إذا كان هذا الشخص زوجها وكفَّ عن النظر إلى عيوبها.. لماذا لا ينظر الزوج إلا لعيوب زوجته ولا يسأل نفسه أبدا هل هي أيضا تنظر إلى عيوبي وتفكر في مثل ما أفكر أنا فيها؟؟؟ فهي بشر مثلك يحس ويعانى وتلاحظ فتورك هذا جيدا حاول أن تنظر لها نظرة أنثوية وسوف تحس معها بما يحسه الزوج تجاه أنثاه فكما لعبت دور الابن وأجدته، العب دور الزوج ودور الأب وخد درسا من تجربتك هذه على أن تكون أبا نافعا لابنك وتعوض فيه ما فاتك وربه على ما كنت تريد أن تصبح عليه، فهل تريد أن تربيه تربية الخوف والترهيب التي تربيت عليها؟؟؟ أم تريد أن تهمله وتشغل نفسك بحالك؟؟
إذن فلتقيم الأمور من حولك مره أخرى على أن يكون تقييما مشمولا بالرضا، وتعلم أن لا تظلم وأنت أدرى بمعنى الظلم فلا تظلم نفسك قبل أن تظلم ابنك وزوجتك، فإن لم تستطع تغيير نفسك بنفسك فإن عليك اللجوء إلى معالج نفسي قريب من مكان إقامتك، وفقك الله وتابعنا بالتطورات.
ويضيف الدكتور وائل أبو هندي: الأخ العزيز السائل أهلا وسهلا بك على صفحتنا استشارات مجانين، الحقيقة أن الأخت الزميلة أ.إيناس مشعل، قد أفاضت في الرد عليك، وليست لدي إضافة إلا أن أقول لك أن إفادتك توحي بأنك تنتظر تغيرا دون تعب، وهذا مستحيل مع الأسف، فلابد من أن تواجه نفسك وتحملها ما يجب أن تحمله من مسؤولية، ولسنا في مقام أن أبي ظلمني بقدر ما نحن الآن في مقام أنك تظلم زوجتك وابنك منها، حاول أن تقترب منها وأن تدفعها للتغير بعد أن تغير من نفسك أنت.
وتذكر قول الله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ) صدق الله العظيم (الرعد:11) ومعنى ذلك هو أنك يجب أن تتعاون مع معالجك النفسي الذي أنصحك باللجوء بعد الله إليه ولا تتحرج من ذلك لأنك إن عجزت عن تنفيذ ما نصحتك به الأخت الأستاذة أ.إيناس نبيل فإن ذلك سيكونُ بسبب اكتئابك أو عسر مزاجك الذي أشعر أنه موجود منذ فترة معك.
وتذكر أنك لا يمكن أن تجد حلا جاهزًا نبثه لك عبر الإنترنت، وأنا أقول لك ذلك لأن واحدة من أهم معوقات الشفاء الكامل لدى المرضى الذين نعرفهم هي اعتقادهم الخاطئ بأن الدواء النفسي يجل أن يحل المشاكل دون تعب، وحقيقة الأمر أن التعب لازم للتغير، فإذا كنت لم تتعب فكيف تريد أن تصبح أقوى في مواجهة مشكلات الحياة التي لن تنتهي! كما أحيلك إلى قراءة ما يرد تحت العناوين التالية على مجانين:
اختيار شريك الحياة هل من ضابط
وجهة نظر حول الحب مشاركه
التوافق بين الزوجين : قواعد عامة
اللا مبالاة هل هي اكتئاب ؟
عسر المزاج والاكتئاب
التفكير النكدي
الاكتئاب الجسيم وماذا بعد
الاكتئاب الدائم أم عسر المزاج
علاج الاكتئاب المعرفي : فتح الكلام :
وأهلا بك فتابعنا بالتطورات ولكن من خلال الطريق المخصص للمشكلات من على صفحتنا استشارات مجانين لكي لا نتأخر في الرد عليك.