السلام عليك ورحمة الله وبركاته؛
أخي في الله أ.د وائل أبو هندي،
أعتذر لأنني أزعجك بالمشاكل، المشكلة ليست جديدة وهي الخلاف الذي بين أهلي وبين زوجة أخي.. للأسف افترقنا أنا وزوجة أخي بلا سبب واضح, ولكن ربما لأنني لم أعد استطع أن أتعامل معها بنفس العفوية التي كنت أتعامل بها سابقا.. ربما شعرت هي بالفرق ولكن الحاجز الذي تكون لم يكن بيدي, هو شعور أشعر به دون أن أمتلك القدرة على تغييره, المشكلة أنني بدأت اشعر بتأنيب الضمير لأنني حاولت الاتصال بها عدة مرات ولكن دون فائدة, أشعر أنني أنا التي تسببت في هذا الفراق ولكن الحاجز تكون رغما عني وإلى حضرتك الأسباب..
كنت مرة في حفل زواج أحد أقربائنا، وكنت حينها جالسة بعيدا عن زوجة أخي فإذا بأمي تكلمها, ولكنني وجدتها لا ترد على أمي بأدب، وذلك من ملامح وجهها، وهذه ليست المرة الأولى ففي مرة أخرى كانت تسألها أمي عن أخي فكانت تجيب على كل أسئلة أمي. لا أعرف....وبأسلوب غير لبق فلنفرض إن أمي أخطأت في حقها فهل يكون ذلك مبررا لتعاملها هذا... كيف يمكنني أن أنسى ذلك.. هي أمي كيف أرضى عليها؟
أما السبب الثاني.. فهو إن زوجة أخي كثيرا ما تكون في خلاف مع أختي لأن أختي تتدخل أحيانا في ما لا يخصها.. ولكن أحيانا تكون أختي ضحية ولا تكون مرتكبة لخطأ مع ذلك لا تتكلم معها.. وأنا الضحية الكبرى فكل واحدة منهن تحاول أن تزعج الأخرى وتبحث عن وسيلة سهلة لذلك.. وهذه الوسيلة طبعا هي أنا ودائما كانت تحاول أختي أن تفرق بيننا وتلومني كيف أفضل زوجة أخي على أخواتي أنا إنسانة لا بد أن أتأثر بكلامها.
ولكنني بدأت الآن أشعر أن أختي هي السبب في سوء علاقتي مع زوجة أخي، وللعلم فزوجة أخي الآن لا تكلمنا جميعا حتى أختي المتوسطة التي كانت تعتبرها أقرب مني إلى قلبها لا تكلمها وأنا متأكدة أن أختي هذه لم تخطئ في حقها.
أين الخلل, أشعر بحزن عميق في قلبي لأني فقدت صديقة قريبة جدا إلى قلبي هي رافضة تماما التحدث معي... ماذا أفعل.. والله حاولت عدة مرات الاتصال بها ولكنها تتعمد أن لا ترد علي.
وأنا أعيش الآن في عذاب خاصة أنني لم أعاود زيارة الأخصائية النفسية... وكيف سأفعل ذلك وكل الطرق سدت في وجهي حتى زوجة أخي التي وثقت بها تخلت عني سامحني على الإطالة ولكنني لابد أن أجد الحل
أختك في الله.
1/2/2004
رد المستشار
الابنة الفاضلة "صديقة قديمة" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، أرسلنا استشارتك إلى المستشارة أ. دعاء جمال الدين فكان ردها كما يلي:
الأخت العزيزة: أهلا وسهلا بك على موقعنا مجانين ونشكرك على ثقتك في صفحتنا استشارات مجانين إن الحياة مليئة بالضغوط التي تحيط بنا من جميع الجوانب والجهات، وتعد الخلافات مع الأقارب والأصدقاء من أكثر الأشياء التي تؤثر سلبا على الإنسان ولكن هذه الخلافات أصبحت ما أكثرها في وسط ظروف الحياة اليومية وفي ظل هذا المجتمع المليء بالصراعات التي يعاني منها الأفراد.
وبالرغم من هذه الخلافات التي لابد من حدوثها فإن الإنسان كائن اجتماعي لا يستطيع أن يعيش بمفرده بمعزل عن الأقارب والأصدقاء ولذا أيتها الأخت العزيزة هوني الأمر على نفسك ولا تغرقي نفسك في تلك المعاناة التي اتضحت لي من خلال سطورك السابقة حتى تستطيعي الوصول إلى حل في هذه المسألة وهي الخلاف بين أهلك وزوجة أخيك وهذا الحاجز الذي تكون بينك وبينها.
عزيزتي إن كلاً منا له ميزاته وعيوبه, حسناته وسيئاته فتلك هي الطبيعة البشرية وجميعنا قد نخطئ في وقت من الأوقات قد يحدث ذلك بلا سبب واضح وقد يحدث ذلك نتيجة أنه في تلك اللحظة لدينا العديد من المشاكل والهموم التي تقع على كاهلنا ومنا من يعود ويكتشف أنه قد أخطأ ومنا من لا يفعل, إن معرفتنا بعضنا البعض وعشرتنا يجب ألا تتأثر بموقف أو موقفين أغضبونا كي تدمر علاقاتنا وإنك عندما ذكرت أن زوجة أخيك صديقة قريبة جدا إلى قلبك فلابد أنك لم تصلي إلى ذلك دون أن تعرفيها جيدا وأنها هي الأخرى لم تحتل لديك هذه المكانة من فراغ أيضا
فالعلاقة التي تكونت بينك وبينها من صداقة ومحبة لم تكن وليدة اللحظة وما كان عليك وقتما رأيت ما لا يعجبك من أفعال صادرة منها تجاه والدتك أن تجدي الوقت الملائم وتذهبي إليها ثم تسألينها ما إذا كان هناك شيء يضايقها؟، وذلك بوصفك صديقتها كما ذكرت وواجب عليك إرشادها ونصيحتها والاطمئنان عليها إذا كان هناك ما يزعجها وأعتقد بأنها كانت ستخبرك ما إذا كان هناك في الأمر شيء
وكان عليك وقتها محاولة أن تتفهمي الموقف وأن تنصحيها بالصواب فالدين النصيحة فذلك حقها عليك, لا أن تتركي نفسك كي يتكون هذا الحاجز الذي تتحدثين عنه مرة تلو الأخرى، وحيث أننا الآن يجب ألا نبكي على اللبن المسكوب فما عليك هو محاولة استعادتها بشتى الطرق وذلك من خلال محاولة كسب ودها من جديد فعليك بزيارتها ومحاولة كسب ثقتها وودها مرة أخرى وبذلك يكون لك أجر وثواب عظيم عند الله إذ يقول الحق تبارك وتعالى (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (فصلت:34) صدق الله العظيم
ويقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث.. يلتقيان فيعرض هذا, ويعرض هذا وخيراهما الذي يبدأ بالسلام). وإن شاء الله ستسعد هي بتلك المبادرة من جهتك وتكون بداية لزوال هذا الحاجز بإذن الله كما يمكن أيضا أن تأخذي لها هدية تكون محببة إليها. فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (تَهَادَوْا تَحَابُّوا) فإن الهدية وإن كانت بسيطة عادة يكون لها أطيب الأثر على النفس لأنها تشعرنا بالاهتمام من جانب من يقدمها لنا وجميعنا بحاجة إلى أن نشعر أن هناك من يهتم بنا فمن النقاط الرئيسية لكسب محبة الآخرين هي إظهار الاهتمام بهم فذلك يعمل على ترقيق القلوب و يعمل على خلق المودة بين الناس وإن شاء سوف تستعيدين صديقتك المقربة إليك.
كما أن عليك محاولة إزالة الخلاف الذي بينها وبين عائلتك وتذكرتهم ببعض المواقف الجيدة من جانبها وأن كل إنسان له مميزات وعيوب وأنكم عائلة واحدة ولابد أن يكون هناك مودة وتفاهم بينكم وإقناع شقيقتك بأنك لا تفضلينها عليهم ولكنها تعد بمثابة أخت أخرى لكم فهي زوجة أخيكم أي لابد أن تكون بمنزلة الأخت بالنسبة لكم, كما عليك أن تتحدثي مع والدتك بأن أخيك قد أصبح له حياته الخاصة مع زوجته والتي لابد أن يشعرا فيها بقدر من الاستقلالية والخصوصية فتلك هي طبيعة الحياة وذلك لأن الكثير من الأمهات عادة ما تكون لديهن الرغبة في معرفة كل ما يدور في بيوت أبنائهن ومعرفة كل شيء خاص بينهم وبين أزواجهم أو زوجاتهم وذلك ليس من الإسلام في شيء. إن الأمر لن يكون سهلا بالنسبة لك في محاولة الإقناع هذه وهما أيضا لن يستوعبا ذلك بسهولة خاصة والدتك ولكن عليك بالمحاولة وتكرارها وليكن ذلك بأسلوب لين ورفق وليوفقك الله تعالى في ذلك.
أما بالنسبة لزوجة أخيك فكما قلت لك عليك محاولة الاستماع إليها ومعرفة ما الذي يضايقها ولكن ذلك بعد عودة الأمور بينكما إلى سابق عهدها بإذن الله تعالى وإذا كان هناك ما يضايقها من والدتك وأخواتك فعليك بتهدئتها وأن تشعرينها أنكم أهلها وأنها أخت لكم وأن والدتك بمثابة أم لها ويجب عليها تقديرها واحترامها ولابد عليك أيتها الأخت الغالية أن تحاول بشتى الطرق إصلاح الأمور بينهم وبإذن الله سيكون لك أيضا الأجر والثواب عند الله فالإصلاح بين الناس من الأمور البالغة الأهمية في ديننا العظيم حتى أنه من الجائز لنا أن نذكر بعض الأشياء من أجل ترقيق قلوب المتخاصمين فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا, أو يقول خيرا) وذلك لأهمية الإصلاح بين الناس.
أما الآن فهناك أمر أود منك أن تقومي به مع ذاتك وهو أن تنظري إلى نصف الكوب المملوء وستجدينه أكثر من النصف إن شاء الله ولكن عليك محاولة الرؤية جيدا، نعم لابد من رؤية الأشياء الإيجابية في حياتك لابد أن تساعدي نفسك كي تتخلصي من هذا القلق الذي يحيط بك حتى لا تجدين نفسك غارقة فيه تماما لابد أن تهوني الأمر على نفسك وتعطي كل شيء قدره ذلك لأن الشيء الذي قد تعانين منه أشد المعاناة ربما لا يكون بهذا السوء الذي ترينه به ربما يكون أبسط بكثير مما تعتقدين وأنا أقصد ذلك بصفة عامة لا مسألة بعينها,
كما عليك أيتها الأخت الغالية الإكثار من قراءة القرآن الكريم وذكر الله فإن ذلك سوف يكون له أفضل الأثر على نفسك بإذن الله تعالى ولتكثري من اللجوء والدعاء إلى الله تعالى وبإذن الله سوف يستجاب دعاءك ويعافيك الله من العذاب الذي تشعرين به ويفرج عنك ما تعانين منه (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (البقرة:186) وإلى جانب ذلك عليك معاودة الذهاب إلى الأخصائية وبإذن الله تعالى يكون في ذلك الخير لك ووفقك الله وعافاك من كل سوء.