الغرور
السلام عليكم؛ أنا أسامة طالب بكلية الهندسة. أنا لدي مشكلة تؤثر عليَّ في حياتي ودراستي، والمشكلة أني لا أعرف هل أذهب لدكتور نفسي أم ماذا أفعل؟؟؟
إنني مصاب ببعض الغرور، وأحيانا عدم الثقة بالنفس... فأنا لدي غرور شديد يمنعني من العمل الكثير أو المتشابه -أعني في دراستي- فأنا ذكي بعض الشيء لذلك أحب الرياضة والفيزياء، ولكن توجد بعض المواد الدراسية التي أفهمها وأستوعبها، ولكن تحتاج إلى عمل كثير مثل الرسم الهندسي، فإننا نرسم رسومات متشابهة كثيرة ومملة فلا أفعلها، ولكن عند الامتحان تظهر لي قوى تجعلني أرسم بالرغم أنني في الأحيان الأخرى لا أطيق أن أرسمها!! ولكن الآن بدأ مستواي في الانحدار فلم أعد أرسم أصلا لأني أحس أنني أفضل من أشطر طالب في الجامعة، ولا آخذ فرصتي أي لا يعرفني أحد. ولا أعرف هذا صحيح أم لا لأن المشكلة تكمن في تجميع الدرجات طوال العام.
وأحيانا أصاب بعدم الثقة التي تخيب أملي أكثر وأكثر عندما أرى درجاتي وأحس أنني لا افهم أو أنني لا أجيد هذا فالمشكلة ليست في الغرور فقط أو عدم الثقة فقط، ولكن المشكلة في الشعور اللحظي بالغرور لأقل جهد أفعله أو أقل مدح أجده من أحد وعندما لا أجد هذا ولا ذاك تعود إلي عدم الثقة بالنفس وأشعر بالاكتئاب، ولكن من مقولات الناس أو من حولي لأنني ذكي ولكن أحيانا لا أشعر أني بلا مميزات أو طموح!!!
أريد أن أقول شيئا آخر، إنني أشعر أحيانا أن الله يفضلني على الناس بالرغم من أنني لا أحافظ على الصلوات... أخيرا جزاكم الله خيرا، وأرجو منكم الرد ولو كان يوجد محادثة (اونلاين) أبلغوني بالمواعيد، وشكرا.
06/02/2011
رد المستشار
السلام عليكم أخي "أسامة"، ولنتفق على شيء هام، بأن الكتابة وحدها غير كافية فعلاً لتشخيص مشكلة، لذلك أرجو أن تقدر أننا نتعامل مع كلامك كنص مكتوب وذلك يحرمنا من فرصة الاستقصاء أكثر في التفاصيل. ولكن لنحلل الموضوع سويا كالتالي:
المشكلة حسب كلماتك ووصفك:
1) الغرور: لأنك لا تعمل كثيراً أو لا تعمل عملا متشابها في دراستك، ولنتحدث هنا عن إحساسك وكلنك تقول أنك تصاب بالملل من تكرار موضوع روتيني أو متشابه، لدرجة أنك لم تعد ترسم، وبقي لديك أحساس بأنك أفضل من الآخرين، وأيضاً أن الله يفضلك على الآخرين.
2) الشعور بالأسى لأنك تشعر بالأفضلية ومع ذلك لا أحد يعرفك ولا تأخذ فرصتك.
3) الشعور بالإحباط عدم الثقة لدى رؤية درجاتك في الجامعة.
ويبدو من أوصافك أن المشاعر المسيطرة على الموضوع متأرجحة ما بين (الشعور بالعظمة، والشعور بالإحباط، والشعور بالملل)، أما طبيعة أفكارك الأساسية فهي (الاعتقاد بأنك أفضل من الآخرين، الاعتقاد بأن الله يفضلك)، أما سلوكك العام فهو عبارة عن (عدم الاهتمام الكافي بالروتيني من الدراسة)، أما عن التحول الجوهري في السلوك (فقد كنت ترسم عند الامتحان والحاجة الملحة للرسم، والآن لم تعد ترسم أصلاً)، ونضيف الجملة الهامة في بداية كلامك (أنا لدي مشكلة تؤثر علي في حياتي ودراستي) أي أن ما وصفته لنا على الأغلب هو جانب من المشكلة لأنه جانب الدراسة ولم تعطي تفصيل حول ما يحدث بحياتك خارج موضوع الدراسة إلا بوصف بسيط في آخر شرح مشكلتك.
ونلاحظ من طريقة تفكيرك أنك تنظر لكل ما قد يصدر عنك بأنك تعمم هذا على نفسك بشكل تام، وتجعل من مشاعرك دليل وكأنها الواقع الحقيقي الذي تعيش فيه، وهذا موصوف بكلامك (فالمشكلة ليست في الغرور فقط أو عدم الثقة فقط ولكن المشكلة في الشعور اللحظي بالغرور لأقل جهد أفعله أو أقل مدح أجده من أحد وعندما لا أجد هذا ولا ذاك يعود إلي عدم الثقة بالنفس وأشعر بالاكتئاب) ونراك هنا تتصرف بأي طريقة لتحصل على الإطراء المحبب لديك والذي يساعدك بالشعور بالرضى لدرجة الغرور كما تصف وإذا لم تجد الإطراء تصاب بالإحباط، وكأنك تبحث عن حقيقتك وصورتك من وجهة نظر الآخرين الذين يساعدوك بكلامهم بالإطراء أو يزعجوك بعدمه، وأحياناً بإنجازك لعمل ما لكنك تضخم من قيمته تنظر لنفسك بتفوق.
ونلمس من كل ما سبق مشكلتك الحقيقية التي قد نستطيع إعادة وصفها كالتالي (الملل السريع من الأعمال الروتينية، لدرجة الإهمال بالعمل بعد فترة، والشعور بتضخيم الذات والأفضلية على الآخرين، حتى أن الله يفضلك على الآخرين، مع سرعة الإحباط في حال عدم الإنجاز أو عدم وجود إطراء من الآخرين)، ولذلك سنجعل محور هذه الاستشارة جملتك التي ذكرتها (الآن بدأ مستواي في الانحدار فلم أعد أرسم أصلا لأني أحس أنني أفضل من أشطر طالب في الجامعة، ولا آخذ فرصتي أي لا يعرفني أحد. ولا أعرف هذا صحيح أم لا لأن المشكلة تكمن في تجميع الدرجات)، فعدم إقبالك على المطلوب منك في الدراسة الآن بسبب نظرتك لنفسك بأنك الأفضل من الآخرين، وهذا يشعرك بتفوق (غير واقعي) يجعلك على أرض الواقع تكتفي بتخيلك أنك متفوق مما يحرمك من دافعية حقيقية داخلية للإنجاز الواقعي، وكأن كلامك يعكس صورة من الاكتفاء بالشعور بالتفوق، والذي لا يكفي وحده للتفوق حيث أن واقع الأمر يحتاج للعمل والجهد والدليل على ذلك أن هذا الشعور لم يساعدك في التفوق حتى الآن بل هو معيق لك في حياتك ودراستك حسب وصفك.
إذا نحن أمام معتقد بالتفوق والأفضلية عن الآخرين، وشعور متذبذب بين الرضى في حال أي إنجاز أو مديح أو الإحباط في حال عدم الإنجاز أو الإطراء عليك، ولذا من المهم تحديد الواقعي والطبيعي المتوقع في وضعك، فالطبيعي أن لا يتجاوز الشعور بالأفضلية هذا الحد ويصبح بالدرجة المرتفعة التي تعانيها، والواقعي أن الإنسان يتوازن في القدرة على الحكم على أفعاله وليس بالضرورة مدح الآخرين له، أو ليس بالضرورة تهويل الانجاز البسيط لدرجة أن نرى أن ما نقوم به أفضل من غيرنا.
نصيحتنا العلاجية:
بالإجابة على سؤالك (لا أعرف هل أذهب لدكتور نفسي أو ماذا أفعل) فأنت بحاجة لتقييم نفسي دقيق ومباشر من خلال مقابلة تشخيصية مع أحد الأطباء النفسانيين، ومن ثم خوض معالجة نفسية مع أحد المعالجين النفسيين بالإضافة للطب النفسي فقد يساعدك ذلك كثيراً في أن تكون أكثر واقعية في النظر لذاتك أو النظر للآخرين، كما يبدو مهماً جداً أن تدرب نفسك على برنامج يومي للقيام بواجباتك وتساعد نفسك أكثر إذا نظرت إلى الأمور بشكل جديد بان مشاعرك وأفكارك بتفوقك لم تقودك للنجاح الذي تريد، والتحصيل الدراسي يحتاج لمتابعة ودراسة وعمل وليس أحلام وتوقعات.
وأخيراً اسمح لنا أن نقدم لك الشكر والامتنان للتواصل معنى، ولكونك تثق بنا فتعبر عن نفسك، ونرجو في حال كان هنالك معلومات أكثر مشاركتنا بها والتواصل.
إن وفقنا لمساعدتك فمن الله، وأن لم نوفق فندعو الله بالتوفيق لنا أجمعين