أنا لا أعرف نفسي، لم أعد أحتمل....
بدأ الأمر بصورة اعتيادية وتدريجية حتى أني كلما رأيت بنفسي أي فرق عن الآخرين أصبحت أظن أن هذا أمرا عاديا وسببه هو اختلاف بيئتي عن بيئة غيري وظننت حقا أني ابن بيئتي. ولكن كلما كبرت بالعمر صار الأمر والأعراض أقوى وأشد وكذلك لقد شاهدت غيري وبمختلف الظروف والكثير من القصص. وأصبحت حياتي جحيم وعذاب فارقت البسمة وجهي واستوطن الألم والحسرة والخوف والعذاب النفسي بداخلي, مع العلم أنني من أفضل أبناء بيئتي حظا من ناحية الأسرة والثقافة والاهتمام والحرية وغيره, إلا أن هذا لم يكفيني ويهدئ من عذابي.
لن أطيل عليكم وسأبدأ بسرد أمري، أنا طالب ثانوية عمري 17 عام، متفوق والحمد لله إلا أن مشكلتي هي عدة أعراض أشعر بها.
الخوف: أنا إنسان جبان إلى أقصى الحدود، أخاف من أي شيء، في كل بداية سنة دراسية أخاف وأبكي مرعوبا من الرسوب إلا أنني أنجح وبتفوق. كذلك أنا أخاف من الكلاب وأرعب منها ومن الدراجات الهوائية ومن السيارات حتى أنه إذا أقبلت سيارة نحوي وأنا في الشارع أتجمد في مكاني وأرتجف خوفا إذا حصل أي أمر قريب أو دم أراه أرتجف ويدق قلبي بسرعة.
وكذلك أنا قلق دوما حتى أني لا أنام وحدي في الغرفة ولا أستطيع البقاء فيها وحدي. أخاف دوما من كل عائلتي وأصدقائي وفي كل لحظة أحس أن أحدهم سيتهجم علي ويضربني ويهينني، وهذا جعل مني أقلل الكلام وأبتعد عنهم مع العلم أن هذا لم يحصل لي ولا لأحد من عائلتي أبدا فعائلتي ديمقراطية ومتحررة جدا.
دائما ما أرى الناس تتكلم عني وإذا سرت في الشارع أرى الناس كأنها تستهزئ بي وتضحك علي مع أنني أحاول دوما أن أرتدي ملابس لا تثير الضحك وأحرص على أن أخرج بمنظر لا يثير الريبة إلا أن هذا لا يجدي، فهم يضحكون علي، وكذلك كلما أفتح التلفاز أرى شيخا أو واعظا يتكلم عن حالة مشابهة لي كأنه يتكلم عني ويوجه كلامه لي.
وكذلك أنا أشعر بأني أكره أهلي ولا أحبهم حتى أني إذا فارقتهم لأسابيع لا أشتاق لهم وعندما أراهم لا أفرح مع العلم أن أهلي يحبونني جدا ويعتبرونني رقم 1 في العائلة ودائما يذكرونني بخير ويعلنون وقوفهم جنبي. وفي إحدى المرات حصلت وفاة ابن خالتي وكنا في مكان إقامة العزاء في بيت خالتي وقد كنت أضحك ولم أكن مهتما ولم تتحرك مشاعري مع العلم أنهم كانا صديقين عزيزين علي. وحينها تعجب الجميع مني، وبعد فترة أحسست بمدى حقارتي وغبائي وكم أنا بعيد عن الإنسانية.
وكذلك في الكثير من مواقع الحزن والجميع حزانى يأتيني الضحك والمرح ولا أعرف أن أضبط نفسي فأطرح المزاح حتى عن الموتى وبعدها أتندم وأحزن لكوني لا أحترم مشاعر الحزانا ولكن ما الفائدة الأمر ليس بيدي. وقبل سنتين حملت حاجياتي وهربت من البيت من دون أن أحزن ولا أتألم ولا أشتاق لعائلتي أبدا ولكن الشرطة أعادتني للبيت.
وقبل أشهر حاولت الانتحار وذلك باستخدام السكين ولكن خوفي ومدى جبني حال دون ذلك فاكتفيت بتجريح يديَّ، وبعدها وقبل 3 أشهر حاولت الانتحار وقد تناولت 6 حبات من عقار مهدئ لكن والدي وأخواي منعوني من تناول البقية وأنقذوني.
أرجوكم أن تجدوا لي حلا أنا لم أعد أحتمل، أنا أرجوكم بأن يكلمني أي طبيب منكم بصورة مباشرة على الإيميل رجاء رجاء اعتبروني ابنكم وأعينوني
أنا لم أعد أحتمل أن أقضي الليالي باكيا وأن أسير بين الناس مرعوبا خائفا منهم وأن أرى الناس تضحك وأنا حزين وأن أرى الناس تبكي وأنا سعيد.
23/02/2012
رد المستشار
ابني العزيز؛ أشكرك على استعمالك الموقع.
في هذا العمر يبدأ الإنسان بخوض معركة بعد أخرى في الحياة من جراء دخوله في مرحلة النضوج التي تستمر أحيانا حتى بداية العقد الثالث من العمر. لكن رغم ذلك فإن المجتمع ومن حولك يتوقع تصرفات أكثر نضوجاً من الفتى المراهق في هذا العمر وخاصة بعد عمر السادسة عشر رغم أن الطب النفسي في الغرب يضع الذكور والإناث تحت عناية الطب النفسي للأطفال حتى تجاوز عمر الثامنة عشر.
عليك بالانتباه أولا وأخيراً إلى سلوك لا يمكن وصفه إلا بعدم النضوج والميل إلى التمرد لسبب لا تعرفه أنت ولا يعرفه أحد من حولك. ترى تصرفك يميل إلى الاستقطاب ورمي من حولك في قطب سلبي أو إيجابي بدون تفكير مسبق. هذه الظاهرة لا بد أن تتخلص منها وإلا رأيت نفسك على هامش الحياة.
من جراء هذا الاستقطاب ألاحظ أنك كثير الحساسية أيضا وتجمع بين الخجل والغرور في شخصيتك وتحاول جذب انتباه الناس إليك بأي ثمن. بعد ذلك بدأت تلجأ إلى السلوك المسرحي كما هو موضح في حديثك عن إيقاع الأذى بنفسك.
لا أحد يملك القدرة على تغيير هذا السلوك غير الناضج والشائع نسبياً في المجتمع إلا الإنسان نفسه.
أقر أنك متفوق علمياً ولكن لا بأس أيضاً من توسيع نطاق هواياتك غير الدراسية والانخراط في فعاليات اجتماعية وفكرية. هذا هو العمر الذي يبدأ الإنسان فيه باكتشاف شخصيته وتحديد مسار حياته ورسم الخطوط العريضة للمستقبل.