السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
جزاكم الله كل خير على هذا الموقع الرائع الذي أجد فيه الأمل والصحبة والنصيحة الذين أفتقدهم جميعا في حياتي..
وقبل أن أذكر مشكلتي أرجو منكم أن يكون صدركم رحب قدر استطاعتكم وأن تسمعوني بقلوبكم قبل عقولكم حتى يعينكم الله على مساعدتي.. لست أدرى ماذا أكتب أو من أين أبدأ لأني لأول مرة أشعر أن كلامي سيصل إلى أحد وأنه يهمه أن يساعدني.
لهذا اسمحوا لي أن أبدأ من البداية، أنا فتاة عمري 27عام, أبى وأمي أبناء عم من الصعيد ولكن انتقل أبى إلى الوجه البحري قبل زواجه للبحث عن عمل ثم تزوج أمي وسافرت معه, ظهرت خلافات سريعا بينهما وأمي حامل في أختي الكبرى ولم يراعِ أبي(رحمه الله وسامحنا وسامحه) أمي ولا إخوتي في أي شيء, انعدم الحب والأمن والحنان في بيتنا.
وبدلا من أن تضم أمي إخوتي إليها أصبحوا هم موضع إفراغ شحنات الغضب والعصبية. أبي صعيدي العقلية فيما يتعلق بحقوقنا (ممنوع الخروج, ممنوع الفسح, ممنوع النقاش, كل شيء عيب وحرام وخطأ, ليس عنده سوى الشك والارتياب في تصرفاتنا),
أما أمي (فلا مكان في قلبها للحب أو الحنان أو الرحمة, ممنوع الاقتراب منها, ممنوع حضنها).. هل تصدق يا سيدي أني حتى هذه السن لا أعلم إحساس حضن الأم الذي يتحدث عنه الناس ولا إحساس الأمان في وجود الأب!!, بعد 10سنوات من الذل والإهانة ولدت أنا وأصبح كل من في البيت يفرغ غضبه في. أما أنا على وجه الخصوص، فكنت منطوية على نفسي, لا أشعر بأي ثقة في نفسي أو فيمن حولي, في بداية سن الدراسة ذهبت إلى المدرسة وكنت أتميز عن زملائي بالذكاء والانطواء, لأول مرة يحبني أحد وهي مدرستي في الصف الأول.
ولست أدري لماذا حتى هذه اللحظة أحبتني, هل الطفل الذي لا يحبه أبواه يحبه أي إنسان آخر؟!!! في السنة السادسة انضممت إلى مجموعة تقوية و كان مدرس المجموعة يعاملني مثل إحدى بناته, في هذا المكان عرفت أن هناك من يهتم لأمري لأول مرة فى حياتى. و حصلت على 97% في الابتدائية وكان لي ترتيب على مستوى المحافظة, ورغم ذلك لم أشعر بفرح والديّ كما شعرت بفرح مدرسيَّ وجيراني, وانتقلت إلى المرحلة الإعدادية واستمر تفوقي ولكن بدأ يقل لافتقادي لمدرس الدرس الذي كان يعاملني بكل حب وحنان ولم يتعدَّ حدود الأدب والأخلاق أبداَ.. في بداية المرحلة الثانوية حاولت أن أكسر حاجز خجلي و انطوائي.
فبدأت أصاحب كل الزميلات وأبحث عن الأصدقاء الحقيقيين (منهم من استمرت صلتي بهم حتى فترة قصيرة ماضية) ومن الصف الثاني الثانوي بدأ مستواي يقل بشكل واضح, وبدأت أشعر بالوحدة مرة أخرى ولكن استطعت أن إلتحق بإحدى كليات القمة بعد تحسين سنة, ولقد مرت سنين الجامعة أسوأ ما يكون خاصة أن وحدتى زادت بعد زواج أخواتي في الثانوية العامة الأولى وللأسف الشديد أن أصدقاء المرحلة الثانوية لم يلتحق أحدا منهم بنفس الكلية.
وتعرفت في الجامعة على زملاء كثيرين وأصدقاء (أو هكذا كنت أحسبهم) منهم من استمرت صلتي بهم حتى هذا الوقت, مع ملاحظة أنى لم أكن أكلم الزملاء من الشباب إلا في القليل النادر. حتى هذه المرحلة من حياتي كانت الأمور واضحة لي إلى حد ما, حياة تعيسة منذ حتى قبل لحظة الميلاد, علاقات لا بأس بها مع الزملاء والجيران, علاقات صداقة لا بأس بها برغم أنها خالية من التعاون في الدراسة أو مساعدتي على حل مشاكلي.
ولكن على الأقل كنت أجد من يشاركنى هذه الحياة ويسمعنى وأسمعه, وأما عن علاقتي بأبي وأمي فلم تختلف منذ لحظة ميلادي بل زاد احتياجي لهما وزاد بعدهم عني وانشغلوا فقط بخلافاتهم, وعلاقتهما ببعض تسوء كل يوم عن التالي حتى أسمعوا الجيران مرات كثيرة.
أما عن علاقتي بأخوتي فقد أصبحت أكثر قربا ليس لأنهم حاولوا التقرب مني ولكن لأني أنا من كبرت وأصبحت أستطيع أن أصل لهم, بالإضافة إلى أنهم أنجبوا وأصبحوا أكثر عطفا وتفهما. ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن, في أجازة السنة الثانية أخذت دورة فى مجال الكمبيوتر, وهناك تعرفت على المحاضر الذي كان يعطينا المحاضرات, كان شابا به كل ما أتمنى, الرجولة، الطموح, الأدب, الحياء, وقد أعجبت به دون أن يظهر علي أي شيء,
وبعد انتهاء الدورة لاحظت أنه يحاول بكل ما يستطيع أن يجعلني أتصل به حتى آخذ النتيجة ولا أخفى عليك لقد تمنيت أن أرتبط به طول العمر لعله يرحمني من هذه الحياة, وأخبرت أمي بأني سأراه في الكلية ولم أرضَ أن أراه في أي مكان آخر, ومنذ هذه اللحظة بدأت أكتشف حقيقته, شاب مستهتر, يريد أن يتسلى بي, بل زاد الأمر عندما ذكرت لي إحدى الصديقات أنه خاطب ابنة عمه, وطبعا عندما واجهته أنكر كل شيء ولكن كانت الحقيقة أمامي مثل الشمس, ولا أدرى كيف يستطيع إنسان أن يخدع الناس بهذا الشكل!!, وقطعت علاقتي به تماما (استمرت أقل من 3أشهر)
ولكن بعد أن فقدت ثقتي في كل الرجال (أكثر من الأول) وفقدت الأمل في أني سأصادف الحب يوما أما أجمل شيء مر بي في حياتي, فهو وجود دكتورة كانت تدرس مادة مشوقة بالنسبة لي, وكانت هذه الدكتورة ذات شخصية رائعة, متواضعة, مرحة, حنونة, مثقفة, بنت ناس كما يقولون, قضت حوالي 17عام في الخارج, أحسست منذ أول مرة أنها قدوة بعني الكلمة, ولو كنت صادفتها قبل ذلك لتغيرت أمور كثيرة في حياتي, ولكن قدر الله وما شاء فعل.
وحدثت ظروف جعلتني أقترب منها أكثر وأحبها أكثر, فطلبت منها رقم تليفونها فأعطتني تليفون البيت والموبايل أيضا, ومنذ هذه اللحظة أصبحت هي أجمل شئ في حياتي. ولكن في مرة كنت أتصل بها ففاجأتني بأنها ستسافر مرة أخرى إلى الخارج, وأنها لا تعرف بالضبط متى ستعود, وبدأت أبكي من جانب وهي تبرر لي لماذا ستسافر من الجانب الآخر, حاولت أن أشغل نفسي بعد سفرها فأكملت دورات الكمبيوتر وقدمت في منحة وقد نجحت بها ولكن قبلت أيضا في عمل ففضلت العمل عن المنحة, ولا أستطيع أن أنهي رسالتي الطويلة هذه دون أن أقسم لك أني لا أكره أبي وأمي ولكن في نفس الوقت لا أحبهم بشكل طبيعي.
فهو حب نابع من البر بالوالدين والرحمة التي توجد في قلب المسلم والخوف من الله من أن يرد لي ما أفعله مع أبي وأمي في يوم من الأيام من أولادي. ولا أستطيع أن أمنع نفسي من أن أقول أن أبي ظلم أمي في البداية, وأمي ظلمت أبي في النهاية خاصة بعد مرضه الذي أصيب به منذ حوالى 12سنة, وطبعا أنا وأخوتي من ظلم في البداية والنهاية. أيضا لابد أن أقول أننا أنا وأخوتي حاولنا مرارا وتكرارا أن نصلح بينهما ولكن أبي لم يطلب منها السماح أبدا وهي لم تنسَ له ما فعله بها أبدا.
وحاولنا نحن التقرب منهما لتعويض الذي فات ولكن لا حياة لمن تنادي، أما فترة مرض أبي الشديدة (1.5شهر) قبل وفاته فهي كانت الفترة الوحيدة التي عرفنا فيها أن أبي يحبنا وعرف أبي أننا نحبه (مما خلق حسرة جديدة في قلبي على العمر الذي مر دون فائدة), وفي اللحظات الأخيرة لأبي طلب منا السماح وسامحناه, وطلبنا نحن منه السماح, والحمد لله على ذلك, ولكن تساؤلات لا حصر لها دارت في رأسي منذ هذه اللحظة, هل هناك ما يستحق في هذه الدنيا حتى نعيش العمر كله في غم وهم؟, وهل هناك أي سبب في الدنيا كلها يجعل أب وأم لا يحبون أبناءهم طوال هذه السنين؟
ولماذا لم يتسامح أبي وأمي منذ سنين لنعيش حياة طبيعية؟ أما الأصدقاء فقد ذهب كل واحد في طريق, وعند وفاة والدي لم نجد بجانبنا سوى الجيران والدكتور المعالج, وطبعا قبل الكل ربنا سبحانه وتعالى. إنني لا أعرف ماذا أقول يا سيدي خاصة بعد هذه الرسالة الطويلة جدا, هل من الممكن أن أعيش يوما ما عيشة طبيعية؟!!, هل من الممكن أن أكون زوجة ناجحة وأما حنونة؟!!
هل فاقد الشئ ممكن أن يعطيه؟!! قل لي كيف أعيش ما بقي لي من حياتي؟!!, أشعر أني ميتة, وليس لي ما أعيش من أجله, هل الخطأ مني؟, هل أنا شخصية ضعيفة أم كما يقولون ذات شخصية قوية؟, وإذا كنت قوية الشخصية فلماذا أشعر بالضعف ولا أستطيع أن أعيش حياتي؟
فكرت في أن أسافر إلى أهلي وأتزوج هناك ولكن لم يعرض أحد منهم علي هذا الأمر بالرغم من أنني لمحت كثيرا عن استعدادي للعيش هناك, ماذا أفعل حتى أغير حياتي؟!! هل أقبل بأي عريس؟ هل أحاول أن أوقع أحد الرجال في حبي؟
ملحوظة هامة: إنني أعاني من السرحان وأحلام اليقظة بشكل مستمر منذ سنوات طويلة, أفكر في الماضي وأتخيل المستقبل وأكلم الذين أحبهم في خيالي, أشعر أني سأجن
*أعاني من عصبية شديدة عندما لا أجد من يحبني و يفهمني أو يقدّرني.
*أتقي الله في كل شيء مما يجعلني أصطدم بالكثير من الناس.
*من يعرفني عن قرب يحبني كثيرا ولا ينساني بسهولة وهم قلة, ومن يراني في البداية يصفني بالغرور والكثير يصفني بالعند والتمسك بالرأي ولكن هل من يبحث عن ذاته ويفكر كثيرا قبل أن يتخذ أي خطوة ليس من حقه أن يدافع عن رأيه؟!! أيضا إن لم أكن كذلك ألم يكن من السهل أن أغضب الله وأبحث عن التسلية بأي طريقة والكل يعلم الإغراءات الكثيرة التي تحيط بالشباب هذه الأيام.
*أيضا أنا أحلم علي فترات متباعدة بالكثير من الشخصيات التي مرت في حياتي من الصديقات والمدرسات بأني أطلب منهم أن يأخذوني في حضنهم.
*وأحيانا أحلم ببعض الشخصيات التي مرت علي سريعا في حياتي من النساء وأنا أقبلهم وأحضنهم بطريقة لا تكون بين النساء, فهل أنا أعاني من مرض ما أم أعاني من ميول مثلية كما قرأت في موقعكم, مع العلم بأني لا أشعر بأي رغبة في ذلك في الواقع. بالله عليك ساعدني, ماذا أفعل؟
لو لم يكن الانتحار كفرا لانتحرت فورا ولكني أقول لنفسي دائما إنني لم أحظَ بالدنيا فكيف أضحى بالآخرة وأعود فأستغفر الله على هذه الأفكار. أرسل لي الرد بالسرعة التي تراها وبالله عليك لا تتركني وحدي, فالله وحده يعلم ماذا من الممكن أن يحدث لي إن فعلت أنت أيضا ذلك بي كما فعل الآخرون وتخلوا عني.
أعانكم الله على هذه الرسالة وجزاكم الله كل الخير
والسلام عليكم ورحمة الله....
12/03/2004
رد المستشار
عزيزتي، أولا يجب أن تفهمي وتعلمي أن والداك لم يكونا قادرين على الحب كما اتضح من وصفك لحالتهما وعلاقتهما المتوترة الغاضبة... وليس في هذا ما يعني أنك غير محبوبة أو أنه لا يمكن لأحد أن يحبك.
ثانيا من الخطأ كل الخطأ أن تعتمدي على الزواج لتعويض ما تفتقدينه... لقد وصفت عدة علاقات بأساتذة ومدرسين كانت تتسم بالحنان والحب والاهتمام الصادق.. وهذا يعني أن ما نفتقده في بيوتنا من الممكن تعويضه والحصول عليه من آخرين... لاحظي أن هؤلاء أعطوك الحب والحنان بدون مقابل أو زواج.
ثالثا أحلامك بتقبيل النساء بطريقة جنسية ما هي إلا تعبير عن رغبتك في حب والدتك وافتقادك لها... هؤلاء النساء في الأحلام هم رموز أو بدائل للأم والطريقة الجنسية هي رمز لشدة الرغبة في الحب من أمك أو بديلاتها وفي نفس الوقت رفضك الخفي للحب من نساء أخريات يمكنهن أن يكن بديلات لأمك وحبها.
لا يمكننا تغيير الماضي ولكن يمكننا تغيير ما نحس به و نفهمه عن الماضي:
إذا كان أبواك غير قادرين على الحب فلماذا اعتقدت أنه لا يمكن لأحد أن يحبك؟
هل من الضروري واللازم أن يحبنا أبوانا؟
كيف يمكن أن نتقرب من شخص يؤثر الانطواء والانعزال مما يعطينا الانطباع أنه لا يريد أن يتعامل معنا؟
لماذا تحقرين وتقللين من قيمتك الذاتية والتي هي واضحة من طيبتك وتفوقك ورقتك وجمالك (على حسب وصف صديقتك الدكتورة)؟
ماذا تريدين من نفسك ومن حياتك؟ ولماذا تريدين هذه الأشياء؟
لماذا تريدين الزواج؟ كل منا له أسبابه... منها الجيد ومنها المريض
فاقد الشئ لا يعطيه ولكن مفتقد الشئ يمكن أن يعطيه.. الافتقاد يعني أننا جربنا ومارسنا
لماذا فقدت الثقة بكل الرجال من تجربتين فقط (والدك وأستاذك)؟ هل هما النموذجان اللذان يلخصان كل الرجال؟
لماذا تؤثرين الاعتمادية وأنت ناجحة وقادرة على الاعتناء بنفسك؟؟
لماذا لا تحبين نفسك؟؟
كيف يمكنك أن تحبي آخر (أو أن يحك آخر) إن لم تحبي نفسك؟
ما هي العلاقة المنطقية بين ما حدث في منزلك وبين والديك من مشاكل وبين إحساسك باليأس من الحياة؟؟ لا أعتقد أن من الممكن إيجاد علاقة منطقية.
إن فقدك للأمل في الحب هو ما يبعد الحب عنك ويجعله صعب المنال... تذكري الحديث القدسي:أنا عند ظن عبدي بي... راجعي معتقداتك عن نفسك وعن الحياة وعن الله وناقشيها مع نفسك مناقشة منطقية وهندسية إن صح التعبير... إن ما يؤلمنا و يعطلنا هو تمسكنا بمعتقدات غير منطقية وسلبية عن نفسنا وعن الحياة وعن الله.
أرجو المتابعة معنا حتى نستطيع مساعدتك أكثر.
وفقنا الله وإياك لما فيه الخير والصواب.
ويضيف الدكتور وائل أبو هندي، الأخت العزيزة السائلة أهلا وسهلا بك، ونشكرك على ثقتك في صفحتنا استشارات مجانين، ما أود إضافته فقط بعد الإجابة الشاملة للأخ الزميل الاستاذ علاء مرسي، هو أن أحيلك إلى قراءة ما يرد تحت العناوين التالية على موقعنا مجانين:
المحرومة والأم البديلة : أمية أمتنا النفسية م
أبي خائن ... أصبحت أكرهه
الابنةُ المضطهدةُ ودبلوماسية العائلة ، مشاركة
السير على حد السيف واستراتيجية ترقيق القلوب
الحضن المفقود : والجماعة الاجتماعية غائبة
الوسواس القهري وأحلام اليقظة
التعويض في الحلم
عسر المزاج والاكتئاب
علاج الاكتئاب المعرفي: فتح الكلام :
وأهلا وسهلا بك دائما على موقعنا مجانين، فتابعينا بالتطورات.