فقدان الذاكرة الانفصالي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ جزاكم الله خيرا على مساعدتكم المستمرة لمن يطلب المساعدة
بداية الرسالة تتعلق بإحدى معارفي فتاة غير متزوجة جامعية عمرها 25 سنة، كانت تسير في إحدى الطرق بسيارتها، وقد اعترض طرقها مجموعة من الشباب بدراجات بخارية وأصابوها بالرعب وسرقوا متعلقاتها تحت تهديد السلاح وتركوها الحمد لله دون أن يمسوها شخصيا بأذى، عندما عادت الفتاة للمنزل حكت القصة لأسرتها ودخلت لتنام، في اليوم التالي حاولوا إيقاظها ولكنها ظلت نائمة لمدة يوم كامل، وفي اليوم التالي استيقظت وهي متعجبة من أن أهلها لم يوقظوها لتحضر امتحان الثانوية العامة، وأبدت تعجبها من تغير الحاجات في الشقة، ومن بعدها عندما خرجت تتعجب من تغير شكل الشوارع،
المهم أن أهلها توصلوا إلى أن ذاكرتها وقفت عند المرحلة الثانوية ونسيت تماما كل الأحداث والأشخاص الذين عرفتهم خلال السنوات الثماني الماضية، والغريب أنها تذكر الحادث الأخير، هذا الأمر مستمر لمدة شهرين ونصف حتى الآن، وكلما ذهبت لطبيب لم يدلها أحد على شيء.
أرجوكم نريد أن نفهم ما الذي حدث لها، وهل هي هستريا، أنا أعرف أن مريض الهستريا ينسى الحدث المؤلم، ولكنها هي تذكر الحدث المؤلم وتنسى السنوات الماضية، هل فيه شيء فعلا اسمه فقدان الذاكرة؟ وهل من علاج دوائي وسلوكي لحالتها
أرجو المساعدة
وجزاكم الله خيرا
9/3/2012
رد المستشار
الأخت العزيزة، شكراً على استعمالك الموقع.
هذه حالة من حالات فقدان الذاكرة الانفصالي Dissociative Amnesia. إن مصطلح الهستيريا لا يذكر في الكتب الطب نفسية هذه الأيام لكثرة استعماله العشوائي لوصف أي سلوك أو شخصية لا تتلاءم مع التيار الاجتماعي. على ضوء ذلك تم شطب المصطلح طبياً ولكن قواعد هذه الظاهرة النفسية القديمة لا تزال موجودة وإن تم استبدالها بمصطلحات عدة أكثر علمية.
عند مواجهة صدمة نفسية شديدة يصاحبها الرعب قد يتم خزنها في ذاكرة ليس بمتناول الوعي. كانت النظرية القديمة تتطرق إلى أن التجارب المريرة على مستوى أفقي تقسم وعي الإنسان إلى طابقين:
- الطابق الأعلى أو الشعور
- الطابق الأسفل أو اللا شعورأما اليوم فننظر إلى فقدان بعض الذكريات إلى حالة انفصال بصورة عمودية كما هو موضح أدناه. يتم دفع بعضها إلى الخلف بصورة مؤقتة وسحب البعض الآخر إلى الوعي عند الضرورة. هذا ما حدث للأخت الفاضلة من جراء صدمة نفسية، وفقدان الذاكرة هذا لا يمكن أن يكون إلا مؤقتا ويتم سحبه إلى الوعي أو الأمام في أي وقت اعتماداً على الظروف النفسية والبيئية.
الكثير من هذه الحالات تتحسن خلال 12 أسبوعاً.
الغالبية العظمى تتحسن خلال 24 أسبوعاً.
إذا استمرت بعد 52 أسبوعاً فلابد من التمعن في ثلاث احتمالات سأوضحها في النهاية.
العلاج:
أكثر الحالات تحتاج إلى شرح العملية النفسية التي حصلت للمريض وأن يطمئن أنها حالة وقتية. لا داعي لتناول عقاقير مع النصيحة بالمحافظة على الإيقاع اليومي. عند تعرض الإنسان لمثل هذه الحالات فمن الأفضل إعلام الجهات الأمنية وتسجيل محضر عند الدولة رغم أن احتمال القبض على المعتدين ضعيف، ولكن مجرد الكلام والحديث عن ما حدث هي عملية علاجية بحد ذاتها.
هذا ما يفعله الكثير في أوقات الأزمات والحروب بمجرد تعرض الفرد لحادثة مروعة يتم سحبه ويستمع إليه أحد المشرفين ويشجعه على سرد الحادث بالتفصيل. أما النصيحة بالصبر ونسيان ما حدث فقد يشجع على ظهور فقدان الذاكرة الانفصالي.
أما العلاج في بعض الحالات فهو علاج نفسي يسمى: العلاج مرحلي التوجه Phase-oriented treatment.
1- المرحلة الأولى: مرحلة الاستقرار ضمان عدم وجود انفعالات عاطفية وسلامة المريض من جراء فقدان الذاكرة
2- المرحلة الثانية: التركيز على الصدمة إن أمكن والتعمق في ما حدث.
3- المرحلة الثالثة: مرحلة الدمج والتصميم وإعادة الفرد إلى موقعه الاجتماعي.
رغم ذلك الكثير يتماثلون للشفاء بصورة تلقائية.
نصائح عامة:
من الأفضل معاملة الفرد بصورة طبيعية وليس كمعاملة امرأة مريضة. إن كثرة الحنان والرعاية قد تكون نتائجها عكسية بعدها الفرد يدخل في شباك السلوك المرضي وهذا ما يحدث في الحالات المزمنة. بعد ذلك لا يُعْنَى المريض باسترجاع ذاكرته التي بمتناول الوعي لعدم وجود الحافز المطلوب للتغيير وسجنه في السلوك المرضي غير الطبيعي.
إن عدم استرجاع الذاكرة أسبابه إذن:
1- سلوك مرضي غير طبيعي Abnormal Illness Behavior.
2- اضطراب مصطنع Factitious Disorder .
3- خديعة Malingering .