chaos
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,
تحية فاضلة وبعد, بعد التحية والشكر أود أن أوجز مشكلتي في بضع سطور .... أنا امرأة متروجة منذ ما يقارب الأربع سنوات لكن لا أشعر بأني متزوجة .. من جميع النواحي ..
فقد أجبرت قسرا ولو كان هذا الإجبار مغلفا غير معلن وهنا أعني بأن الخاطب الذي هو زوجي الآن كان مصرا على الزواج مني وظل يلح لعدة سنوات وسنوات ومع إصراره وإصرار الجميع بمن فيهم الوالدة والجدة اللذين كانا يرون بأنه الملاك المنزل من السماء لم أجد غير الموافقة حلا خصوصا بعد انتهاء قصة حب سابقة بيني وبين رجل من جنسية أخرى بسبب رفض الوالد,
فخضعت لما أرادوا فقط لأكسب رضاهم, مرت السنوات وكانت تنتابني نوبات اكتئاب وهلع ولم أجد التصرف المناسب من زوجي بالرغم من أنه رجل طيب لكن في قرارة نفسي أعلم بأنه ليس لي ربما أكون له لكن هو ليس لي,, على كل حال: في السنة الثالثة من الزواج حصلت على منحة جامعية لمواصلة دراساتي العليا في أي بلد أختاره وهنا كانت نقطة الخلاف مما اضطرني أن أستعين بوالدي الذي هو قدوتي في هذه الحياة وفعلا تم الأمر وكان الحلم بوصولي لهذا البلد ومواصلة طموحي لكن لوحدي وفي الحقيقة وجدتها فرصة لأهرب من زوجي ولو كان هروبا ضمنيا بيني وبين نفسي فالجميع يعتقد أني وهو في سعادة لا توصف بينما العكس صحيح .. هنا في بلد المهجر لم أشعر بغيابه ولم أفتقده للحظة .. حتى في رجوعي لبلدي لم أشعر من ناحيته بشوق أو لهفة ..
لم يحتويني كما يجب .. لم أكف عن محاولة إقناعه بأن يأتي معي وأني في حاجة ماسة إليه في محاولة مني لإصلاح الأمور لكن لم يستجب ورحلت من جديد للمهجر وحيدة وها أنا ذا أصارع لوحدي من غير رجل ..
لم أعد أحتمل وأريد الانفصال جديا ولم أحادثه منذ قرابة الشهر لكن المشكلة أن علاقتي فيه ليست ثنائية بل عنقودية فأخواتي متزوجات من إخوانه كما انه ابن عم لي وأبي وأمي وجميع العائلة تقدره كثيرا وتربطني بأخواته علاقات مودة ...
لا أريد أن أقلب الطاولة وأثير زوبعة وفي نفس الوقت أشعر بأني سجينة بين السماء والأرض ...
أغفلت كثيرا من التفاصيل لأني لا أريد الإطالة أكثر وأيضا سئمت كل شيء ..
شكرا لكم
19/04/2012
رد المستشار
أهلا بك وسهلا... وأنت في حالة تغبطك عليها نساء العرب، ومنها سنبدأ معا تأمل الموقف لنتعلم منه، ونتحرك تجاه مستقبل أفضل!!
حصلت على حرية السفر للدراسة، وهي فرصة هائلة للتعلم والتنفس، والنضج، والنمو، وفرصة الوحدة هي غنيمة مضافة ليتسنى لك التركيز مع نفسك، وفي أحوالك، وتخطيط حاضرك، والقادم من أيامك.. إن شاء الله.
كثيرات يشاركتك الشعور بأنهن "غير متزوجات"/ ولكن هؤلاء الزوجات الكثيرات محرومات من الحرية، والحركة، والتفكير... وعليهن قيود الدنيا كلها باسم الدين، أو العادات، أو الظروف...إلخ أما أنت فلديك وضع مختلف يتيح لنا التفكير، والتدبر معا.
أولا: طالما أنت مجبورة على الزواج، والعلاقة عنقودية – كما تصفين، وأعجبني وصفك – غالبا سيكون زوجك مجبورا أيضا، فهل فكرت في ذلك؟!!
أعرف أنه كان مصرا على الزواج بك، وطل يلح لسنوات، لكن هل تراه كان يعرفك شخصيا، وتعرفينه؟! ليتمسك بك؟! غالبا كنت ترشيحا من أسرته بناءا على الحسب والنسب والأخلاق، وكان مجبورا كما أنت مجبورة!!! أنا أحاول أن أفهم معك سبب بروده، وعدم اكتراثه، بعيدا عن تخمينات من قبيل: أعلم بأنه ليس أي، وكأنك اطلعت على الغيب، أو تعرفين الرجل!!!
أبتسم وأنا أتذكر ما سبق وكتبته عن "الزواج بلا علاقة"... أعتقد أنك وزوجك بينكما أوراق، وإشهار، وغير ذلك من أركان الزواج الشرعي، وشروطه، ولكن ليس بينكما "علاقة"!!
ثانيا: من الأخطاء الشائعة المتداولة، والظنون السائدة بلا فائدة أن تنظر الزوجة من زوجها التصرفات "المناسبة"، وتتوقع منه الحب والحنان، والرعاية والعناية، والقوامة، والرجولة بكل معانيها، ويمكن أن أكتب لك كل قائمة ما تنتظره المرأة من الرجل، ولكنها – أي المرأة – لا تتوقف لتسأل: ما الذي بيني وبين هذا الرجل / الزوج ليمنحني هذا كله؟!! وربما تسأل نفسها، أو تجيب بقولها: أليس بزوجي؟! إنه زوجي!!
وأذكرك بما قلته توا: ليس بينك وبين هذا الرجل يا سيدتي إلا أوراق، وتوقيعات، واعترافات إجتماعية، وصيغ تكفل الحقوق في المحاكم، بينما ليس بينك وبينه حقا جوهر العلاقة الإنسانية بين رجل وامرأة، التي تبدأ بتعارف حقيقي عميق، ثم انسجام عقلي وعاطفي، ثم امتزاج جسدي وروحي...إلخ، لم يحدث هذا بينكما، ولم يحدث بين ملايين يظنون أنهم أزواج وزوجات، وتكون لديهم خيبة الأمل لأنهم لا يحصلون على نتائج يتوقعونها بموجب أوراق تعني شرعية العلاقة، ولكنها لا تكفلها، ولا تؤمنها.. لأن العلاقة بين البشر تحتاج إلى تدابير، وإجراءات، وخطوات، ومجهودات تبدو الأوراق ثانوية فيها!! هل تفهمين كلامي؟!! لأن الرجل مجبور مثلما أنت مجبورة، وأنت زوجته على الورق فقط، فلا تنتظري منه أكثر من مجرد المحافظة على هذا الورق!!!
وتأملي بعمق: لماذا يحتويك؟! ولماذا يترك حياته المعتادة، ويسافر معك؟! ولماذا يمكن أن يشعر بالاحتياج إليك، وهو لا يعرف حقا!! وليس بينكما سوى أوراق، وعلاقة شبه جسدية أثق أنها كانت خاوية من حرارة الوصال بين العشاق!!!
ولماذا تتوقع نساء العرب من أزواجهن الوفاء بمقتضيات علاقة لم تتحقق شروطها، ولا بداياتها، ولا قامت أصلا هذه العلاقة التي ينتظرن الوفاء بعهودها؟!!
ثالثا: الاختيارات التي أمامك إذن تتراوح بين إقرار الأمر الواقع يعني إصدار أوراق الانفصال/ الطلاق لتعبر عن الحال الحقيقي المنفصل بينكما، أو أن تخوضا معا مغامرة الحياة الحقيقية بالتعارف، والتواصل الإنساني، والاستكشاف المتبادل، ثم تقرران الاستمرار من عدمه!!!
أنت غالبا تعيشين ما يمكن تسميته: علاقة ميتة مع شخص ميت!!!
لا أعرف عنه شخصيا الكثير، لكنني أتصوره كشخص مطيع لعائلته، طيب في سلوكه وأخلاقه، هادئ الطباع، بلا اهتمامات حقيقية، ولا مغامرات معرفية، ولا رغبات في التعرف على الدنيا، وما فيها، ولا قدرة على قبول الجديد، والتعلم منه!!!
رجل مثل ملايين الرجال في عالم العرب!!! وأنت قلب الدنيا: تقرأين، وتكتبين، وترقصين، وتركضين من أجل لياقتك، وصحتك!!! هكذا فهمت من بياناتك، ورسمت لك صورة في خيالي!! وبالتالي أنت تحاولين العيش، وهو ميت بالحياة، ويمارس "البقاء" كما ملايين منا، فهل يمكن كسر هذه الوضعية؟!! هل يمكن إغراء هذا الميت بأن يجرب، ويتذوق، ويغامر في التعرف على أشياء، ومسارات، وحياة أخرى غير حياة الموتى؟!! هل يريد هو هذا؟! وهل تستطعين مساعدته؟!!
هذا هو المدخل، وهذا هو التحدي؟!! وهي عملية إغواء بكل معنى الكلمة، وأنت في حرية كاملة أن تختاري هذه المغامرة، وتقبلي هذا التحدي، أو لا؟!!
أسميته في إجابة سابقة: إحياء الموتى، ولا أقصد طبعا ما منحه الله للمسيح عليه وعلى نبينا السلام، ولكن قصدت به الإغواء بالحياة الحقيقية بكل ما فيها من مذاقات، وتحديات، ومغامرات، وأفكار!!!
كيف يغوي المدمن صديقه بالإدمان؟! كيف يقنع المبشرون الناس باتباع فكرة، أو طريقة، أو ديانة؟! كيف ننجح في الإقناع باللفظ الرسمي، أو الإغواء، والاصطياد، والتسويق بألفاظ أخرى موحية؟!! أنت على بر الأمان طالما ليس بينكما أطفال، ويمكنك أن تعتبري هذه المهمة تحديا لذكائك، وأحسب أنك ذكية، ولمواهبك، وأحس أنك موهوبة، وهذا الرجل الطيب يمكن أن يكون الأنسب لك، وربما لا يكون... ربما حين يأخذ فرصة العيش أن يحمد لك إنقاذك له من الموت، وربما يتركك، وفي كل الأحوال ستربحين أجر المجتهدين، وشعورا إيجابيا ساحرا يعرف مذاقه كل من يمارسون "إحياء الموتى"، وهي لذة تفوق أغلب الملذات الشائعة!!!
لو قررت خوض هذه التجربة ينبغي التوقف عن الشكوى، وعن الأفكار، والذكريات السلبية، واجترار الأوجاع، والتبرم من غدر الزمان، وقلة الخلان، وينبغي التركيز على الفريسة (أبتسم)، أو لنسميه (الهدف)، وابدئي في لفت انتباهه إلى الأشياء ليحس، حاولي إغواءه ليقرأ كتابا ممتعا (ربما تبدأين بمقال)، حاولي إقناعه بتذوق فن من الفنون، ممارسة رياضية ممتعة، مذاق لطعام من ثقافة مختلفة!! معرفة عن بلد آخر... ربما يجرب السفر!!!
تخلصي تماما من ذكريات حبك السابق، هذه الذكريات تشوش عليك حياتك، ولن تصل بك إلا إلى البؤس، وتعطلك عن مستقبلك بالبقاء في ماضي وهمي لم يكتمل، والله وحده يعلم ماذا لو اكتمل؟!!
غيري إطار إدراكك لنفسك ولوضعك من حالة الضحية المغلوبة على أمرها إلى حالة المغامر الذي يتعلم الصيد، والبائع الذي يتعلم التسويق، والخبير المتدرب على الإقناع والإغواء!!!
جميلة هي الحياة، ورائع هو الإغواء بها، والقرار لك أولا وأخيرا، وتابعينا بأخبارك.
التعليق: في كل أشكال الخلق التي خلقها الله ... الأنثى هي المطلوبة والعملة النادرة التي يجري وراءها الذكر لاهثا ومن يقول غير ذلك كاذب كبير وليس بالعكس.....
لذا لديك كل المكونات والسحر وإن كان لم يقدر ويرى ذلك فليس عليك الركض لاهثة وراء أحد أو تقمص دور ليس من طباعك في شيء ,,, ليس عليك تحديد هدف كأنا في لعبة ومباشرة فنون الإغواء فليس كل حواء مجبرة عليه من أجل عيون آدم .....
إن كنت في قرارة نفسك مقتنعة بالانفصال فاقلبي الطاولة وأثيري إعصارا وليس زوبعة إن كان هذا يحقق لك السلام الداخلي ...
مع تحياتي