أريد أن أتغير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أحببت أن أقدم لكم قصتي، وهنا أنا لست بصدد طلب استشارة على قدر أني أريد منكم حلولا تساعدني على تخطي هذا الجانب الكبير من شخصيتي، حيث أني قرأت الكثير في هذا المجال، وعرفت كم هائل من المعلومات ولله الحمد، فهمت أنواع العلاجات، ولكن معظمها تحتاج إلى طبيب نفسي كي يمكنك من تطبيق العلاج بشكل سلس، ولسوء الظروف لا أتمكن من أن أذهب إلى استشاريي إلا عن طريق النت الذي هو الباب الأسهل والأوفر.
وُلدتُ في بيت مملوء بالنساء، أنا أخوهم الوحيد والصغير، بعد ثلاث أخوات وبعد انتظار مملوء بالأمل على أن يأتي الولد المنشود الذي لطالما حلمت أمي فيه، نعم وُلدت وتربيت في منزل مترابط متفاني، لكل أخت من أخواتي لها رابط خاص بي وهم كذلك، جانب من العطف من الحب والحنان الأخوي، تحت سقف أم حنونة لها شخصيتها في المجتمع، يحترمها القاصي والداني، لها كلمتها حتى على إخوانها الكبار، شخصية قوية تفرض احترامها أينما حلت بنظرة عينها، الكل يسعى لرضاها ومحبتها، قيادية، قادت المنزل على أفضل ما يكون، وتدبرت شؤونه بعد أن أطاحت بأبي الظروف المادية وبعد سقوطه المفاجأ قبل ولادتي بأشهر في هاوية الديون وقد أشهر إفلاسه، وقد كان من أفضل تجار البلاد في زمنه....
نعم أمي قادت المنزل، وأبي انكسرت هيبته أمام الجميع، وهذا الشيء الذي كان يؤثر فيني كثيرا، منذ الصغر أرى أبي لا كلمةَ له في البيت، أمي هي سيدة المنزل، كلمتها هي السارية وأبي لا كلمة له، فكنت اغضب كثيرا لذلك لأني أرى جميع أصحابي يخافون آبائهم ويحترموهم إلا أنا، نعم صحيحٌ إنه أنشغل عني وكنت في أمس الحاجة إليه في صغري بسبب ظروفه وبسبب همه الشاغل في تأمين حاجيات المنزل من خضار ولحم، رأيته وهو لا يملك فلسا واحدا، وأمي هي التي تكد وتتكبد عناء ديونه والمنزل ومصروفات البنات وأنا.
صار أسيراً لها، هي ساهمت في كسر احترامه كذلك، وبدوري كسرت هيبته واحترامه، فكنت لا أحترمه ولا أسمع كلامه ولا أعطيه أي أهمية. مجتمعي كان يتهمني بأني "بناتي" أحمل صفات النساء، وكان هذا الشيء يغيظني كثيرا حيث أني لا أراه في نفسي وأصحابي وعائلتي من الرجال يتهموني بذلك وكنت أغضب وأبكي في الليل، ولا أعلم لماذا؟ أني رجل، أريد أن أفرض احترامي، صحيح أني كنت لا أميل للعب مع الرجال كثيرا، ولكن هذا لا يعني أني أحب صفات المرأة.
أعتقد أني كنت متأثرا بالمحيط الذي كنت أعيش فيه، تعرضت للاعتداء الجنسي في صغري، مارست الجنس مع العديد مع من هم حولي وفي سني، كانت لي حياة جنسية طويلة منذ الصغر إلى أن وصلت إلى مرحلة المراهقة، وكان شخص يعتدي علي في هذه الفترة وأنا بدوري أفرغ هذا الضغط من الاعتداء في ممارسة الجنس مع غيري من الشباب اللذين كانوا من حولي، وبين الآونة والأخرى تعصفني ريح الندامة والتوبة والعود للذنب. المدرسة الإعدادية تعرفت على الشباب الشواذ وصارحته بشذوذي ولكنا لم نمارس الجنس لأنه يراني مثل أخاه! ولكني "قودتُ عليه"، كنت أجلب له من يحب وصرت أتاجرُ فيه، ولكن سرعان ما أكتشفت أن الأمر قد أنتشر ولصقت فيني تهمة "التخنث" وأكتشف الأساتذة ذلك وقاموا بنصيحتي أن أبتعد عنه ولكني لا أعبأ لهم لأني كنت أحبه بحد زعمي!، أخبروا والدتي، صارحتها أكثر من مرة أني أحتاج إلى علاج وهي لا تعبأ لي، صارحت أخواتي بعد اكتشافي دخول مواقع إباحية للشواذ، ودارت الأيام وهم لا يعبئون لي، وينشغلون عني.
نهاية الإعدادية، وفي ليلة من الليالي، كان زوج خالتي من المقربين لأسرتي كثيرا، ركبت معه في السيارة، وقال لي بالحرف: متى ستصبح رجل!!، أنا صدمت بهذا النوع من المواجهة لأنه بعد دخولي الإعدادية أنحلت عقدة أني بناتي أو بالأحرى لم أسمعها منذ مدة، فقلت له: أنا رجل، قال لا أنت انظر لحركاتك، لمشيتك! قلت له أنا رجل، وبالفعل أصر علي وعلمني أن أكون رجلا وبعد الكثير من المصارحات، عزز فيَّ ثقة الرجولة فكان له الفضل الكبير في تنمية هذا الجانب الذي كنت غافلا عنه، ولله الحمد حددت بعض الحركات التي تعتبر أنها أنثوية وأزلتها من شخصيتي، طريقة كلامي، حركاتي، وأزلتها بفضل من الله ومنه، فأنا إلى اليوم لا أعرف كيف أجازيه، لأنه ما إن انحلت هذه العقدة في شخصيتي حتى صرت أكثر انفتاحية على الشباب وكونت الكثير من الصداقات الغير شاذة، فكانت مرحلة تحول كبيرة في حياتي، لكنها ليست بالشيء الكبير.
نعم انفتحت على تكوين العلاقات ولكن بشيء محدود، نعم كان شكل أنفي يؤرقني كثيرا وكان يفقدني الثقة في نفسي، نعم تخطيت هذه المرحلة بعد الثانوية.
المرحلة الثانوية، ذهبت إلى عالم جديد، أناس جدد، أصدقاء جدد، عالم رجولي بحت، ولكن سرعان ما اكتشفت أني أحمل ميولي الشذوذية ولكن صرت أخفيها وأضمرها في نفسي، انطويت على ذاتي وعلى نفسي أكثر، أسكت كثيرا، أسرح كثيرا، أنام كثيرا، أكل كثيرا، ودراستي الثانوية متدهورة، في الثانوي تحسنت ظروفنا المادية كثيرا في المنزل، خفت ديون أبي عمل في إحدى الشركات ولله الحمد، ولكني كنت أنظر إليه بعين النقص مهما لبى طلباتي، وكنت أقول له أن يفرض رأيه وهو يقول هذه أمك.
دائما ما كنت أطلب منه أن يلعب دور الأبوة وهو لا يعي ما يقول، كنت أشعر بكراهيته لأنه مبتعد عني كأنه لا يعرفني، في حين أن أمي هي التي تحتويني أكثر وهذه هي طبيعة الأم كنت أغار من أختي التي تكبرني لأن أبي كان يحبها وأحس أنه لا يحبني، كنت أبكي كثيرا وأطلب من الله أن يحببني في أبي.
أريد أن أحب أبي، كنت أمارس الجنس مع شخص واحد فقط على فترات منقطعة بمنتهى السرية، وكنت اندم كثيرا لأني كنت أتقرب لله في هذه الأثناء، تخرجت من الثانوية، قررت أن أدرس في الخارج والكل شجعني على ذلك، ولكن قلة ثقتي بنفسي كانت تخبرني بأن التعامل مع الحياة صعب، لأني لا أعرف أن آخذ بحقي، أو أتكلم عن نفسي، أو أبرهن رأيي، أو أتفاعل مع المجتمع بشكل إيجابي، مع قلة الأصدقاء!
قررت أن أخوض تجربة الغربة، ذهبت للخارج وأنا أعرف كيف أتعامل مع الناس! في أثاء الغربة أحببت أبي كثيرا، صحيح أني أقلل من احترامه، أحببته لأني أراه وقد نظر إلي نظرة اشتياق لولده الوحيد، يحتضنني، يبكي في كل مرة يفارقني فيها، تغربت درست دخلت الجامعة وأنا لا أعرف سوى القليل من الشباب هناك وكنت لا أجتمع معهم، في هذه الأثناء كنت أقرا الكثير من الكتب في تنمية الشخصية والثقة لدى الإنسان وتعلمت كيف أثق في نفسي وأتعامل مع الآخرين، وكنت أميل للرجال في هذه الفترة كثيرا واقتصرها على العادة السرية مع دخول مواقع الإباحية الشاذة، وفي يوم في بداية الغربة، أقبل علي أحد الشباب ودعاني أن أجلس معهم في المكتبة بعد المحاضرة...
هنا وفي هذه اللحظة أحسست أن هنالك من يهتم لوجودي! أنا موجود!! ذهبت لهم دخلت عليهم بكامل الثقة، وتطورت علاقاتي واحتاجوني الشباب ولله الحمد، رموني في المعضلات، تعلمت الكثير وكيف أخرج من المشكلات، صرت اخطب في الحفلات، نمت ثقتي بنفسي، كنت دائما أخد دور عريف الحفل أو ما شابه ذلك، زاد عدد أصدقائي في الفيس بوك خلال سنيتين من 100 إلى 900 تقريبا، وزادت شهرتي في التصوير وغيره الكل صار يتقرب إلي، ويتعلم مني، الكل صار يستشيرني، ومن المؤكد كان عندي أصدقاء مقربون، معظم أصدقائي هم من الغربة وأنا الآن في السنة الثالثة من الاغتراب، لكن اكتشفت أني أتعلق بأصدقائي تعلق غير طبيعي، كنت أتعلق بالأجمل منهم تعلق غير طبيعي تعلق شاذ ولكن لا أظهر هذا الجانب الشاذ وأخفيه بمعنى الأخوة والصداقة.
كنت أغار، وتخرج صديقي تعلقت بأخر اسمه المستعار "حامد"، هذا الإنسان لما اكتشفت أن له ميول شاذة وانقلب كياني صرت أشتهيه كثيرا لا أريد منه أن يبتعد عني، ولكن كنت أخفي كل هذا وصرت أصارع ذاتي، كرهته بشدة، بسبب شدة تعلقي فيه، كان يطلب مني أن أعمل له مساج وكنت ألمس ظهره واحك قضيبي في السرير حتى أفرغ ما بداخلي وهو لا يعلم، بمجرد أن ألمس ظهره، هو أصغر مني بسنة، لما رأيت نفسي هكذا، صرت أحطمه، أقلل ثقته بنفسه، صرت أضره أجرحه بكلامي، أريد أن أبتعد عنه، جرحته كثيرا بكلامي، كنت استهزأ به أمام الجميع، هو بدوره يعاتبني على فعالي، لأنه أحبني حب الأخوة، وأنا كذلك لكن جانبي الجنسي وميولي نحوه هو الذي يضر بعلاقتي به.
الجانب النسائي، تعرفت من الإعدادي على البنات كحب، صحيح لا أميل لهم جنسا في هذه المرحلة، لكن كحب، أو كنت أريد أن أثبت لنفسي أني رجل، وبما أنه لا يوجد طريق محلل سوى الاقتران بالمرأة، كنت أحب ومن قلبي، والثانوي كذلك، صرت أشتهي المرأة ولكن ليس بمقدار اشتهائي للرجل، كذلك المرحلة الجامعية تعرفت على البنت وقررت أن أخطبها، وقد أحببتها كثيرا ولكن الله لم يشأ أن أقترن بها، وفي ليلة من ليالي رمضان أحسست أني مذنب وبصحوة ضمير وبكاء وحنين من الخالق عز وجل طلبت منه أن ينسيني هذا الجانب من التعلق العاطفي بالرجال وأن يسهل أمر زواجي، لأني أعلم أن الله خلق الرجل والأنثى كي تزاوجوا ويسكنوا ويتراحموا ويتعاطفوا على بعض، فأنا على كامل الاقتناع أن الرجل للمرأة والمرأة للرجل ولكن جانب ميلي للرجل يؤرقني كثيرا.
بالفعل بعد لحظة الصفاء مع رب العالمين، تيسرت أموري كلها وخطبت ابنة عمة حامد وأنا في الجامعة وأقرنت بامرأة جميلة جدا، أحبها كثيرا، أعشقها، لا أريد أن أفارقها، حياتي الجنسية أحلى ما يكون، والله المرأة أحلى من الرجل بألف مرة، عواطفي أسبلتها عليها، هي أشبعتني عاطفيا وجنسيا ولله الحمد، ولكن تعلقي بابن عمها حامد لا زال يؤرقني، ومللي للرجال كذلك لا زال ينخر في عظمي، لا أعلم ماذا أفعل؟ أنا الآن متزوج وزوجتي بعيدة عني بسبب غربتي وبين الآونة والأخرى نلتقي ونجتمع أحلى لقاء، ولكن سرعان ما تذهب حتى أشعر برغبتي نحو الرجال، صرت أتحسس منها إذا كانت تتكلم عن حامد.
دائما ما أتخيل لو أني اكتشف حامد مع زوجتي على السرير ما هي ردة فعلي؟ كيف سأتصرف، وكنت أعاقبه بسوء معاملتي له وهو الآن نسيبي، الكل يحسدني على قربه، الحمد لله الزواج أصلح حالي كثيرا، مع ميولي الشديد لزوجتي إلا أنه حاجتي للنظر إلى الرجال لا تفارقني، لا أعلم ماذا أصنع؟ لو كان الأمر بيدي لجلبت زوجتي معي إلى الغربة لكن الظروف المادية لا تسمح بذلك.
هذه هي مشكلتي باختصار، أنا الآن شاب متزوج عمره 22 سنة الكل يحبه ويحترمه ويريد أن يتقرب منه ويصادقه، أنا الشاب الواثق من نفسه لا يخاف الجماهير مهما بلغت! يتكلم بكل ثقة مبدع في دراسته وفي مواهبه، له جانبه الشاذ الذي لا يفارقه وقد هد قواه النفسية، والذي يكسر شخصيته من الداخل، ماذا أفعل؟ ماذا أصنع؟ أنا لا أعلم.
10/05/2012
رد المستشار
السيد علي؛
ماذا أفعل؟ ماذا أصنع؟ أنا لا أعلم..... ختمت رسالتك بهذه التساؤلات... أنت تستطيع أن تفعل وتصنع ما أحله الله وتترك ما حرمه على عباده. لن أسترسل بما ذكرته في طي كتابك, ولن أكون لك واعظا. فما مضى قد ولى وما هو آت قد يكون أعظم ما لم لم تتق الله في ذاتك.
تعرضت لاعتداء جنسي وتلاه تاريخ طويل من العلاقات الجنسية الشاذة مضافا إليهما سلوكك الأنثوي وكذا يكتشف الأمر لدى الأساتذة في المدرسة ومعرفة الأهل ومصارحتك العلنية للأسرة بشذوذك وطلبك الذهاب إلى طبيب لعلاجك ومساعدتك، أعدت قراءة تلك العبارات مرة بعد أخرى وخاصة العبارة (ودارت الأيام وهم لا يعبئون لي، وينشغلون عني)، أحسست بالصدمة، أنت تتمرغ في الوحل ولا تمتد يد العون لانتشالك ممن خرجت من رحمها أو ممن شاركنك ذاك الرحم، ولن أعلق على ذلك.....
طفل انتهكت براءته وقيادة أم لأسرة وغياب راعٍ تقتدي به وفقدان الحب والارتماء في حضن الشذوذ ويتلوه ذنب ثم ندم، ولما نظرت بعين العقل استطعت أن تعدل من شذوذك وأن تعرف مكامن الخلل وتحللت من عقدة الميول الأنثوية وكونت كثيرا من الصداقات وصرت أكثر انفتاحا على الشباب.. ولكن ظلت الميول في أعماقك وجاءت الغربة لتزيد الطين بلة.
وأنت تبحث عن مخرج وقرأت الكثير في هذا المجال، وعرفت كما هائلا من المعلومات فهمت أنواع العلاجات. فكان علاجك المرأة التي اقترنت بها (والله المرأة أحلى من الرجل بألف مرة، عواطفي أسبلتها عليها، هي أشبعتني عاطفيا وجنسيا.... نلتقي ونجتمتع أحلى لقاء ولله الحمد). الله حباك بحب هذه الزوجة. وغدا ستكون أبا ولك من الذرية الصالحة بإذن الله. ولتحسن التربية لهم, وتربيهم على الفضيلة والخلق الحسن.
ولا عذر لك إن أردت العلاج إلا أن تكون زوجتك إلى جوارك. وتختتم كتابك بالعبارة (أنا الآن شاب متزوج عمره 22 سنة الكل يحبه ويحترمه ويريد أن يتقرب منه ويصادقه، أنا الشاب الواثق من نفسه لا يخاف الجماهير مهما بلغت! يتكلم بكل ثقة مبدع في دراسته وفي مواهبه، له جانبه الشاذ الذي لا يفارقه وقد هد قواه النفسية). فالجانب الشاذ في شخصيتك قد نمى وترعرع في أعماقك, فهو يحمل الطابع الوسواسي القاهر حيث تستحوذ الأفكار الشاذة على أفكارك ولا تستطيع الخلاص منها إلا عندما تشبع رغبتك. وهنا أطلب منك التوجه إلى أحد الاختصاصيين في علاجك, وفقك الله.
واقرأ أيضًا:
الدفاعات النفسية والرغبات الجنسية ثنائية التوجه