من قلق لاكتئاب لوسوسة وأخيرا اختلال إنية.... ما الحل؟
أولا أنا أشكركم جدا على الموقع الرائع ده وعلى مجهوداتكم الطيبة، شكر الله لكم. معلش ممكن يكون الموضوع مش قصير بس أنا قلته بالتفصيل عشان تقدروا تقيموا الموضوع بشمولية: أنا شاب ملتزم 24 سنة، محاسب ملتحي، انطوائي إلى حد ما، من أسرة متعلمة ومستوى معيشتي فوق المتوسط.
في سن 18 سنة - واحد صاحبي كان بيتكلم عن وسواس العقيدة، خفت يجلي وروحت البيت ونمت، صحيت عندي قلق ووساوس في العقيدة ورحت لشيخ قال لي أحاديث عن الموضوع ده، هديت بعدها وبقيت أهملها لحد ما راحت خالص.
في سن 20 سنة -وأنا أتفرج على التليفزيون لما كان بييجي كلام عن مخ الإنسان أو دكتور مخ وأعصاب كنت أخاف، أحس أني ممكن أفكر في اللي بيقوله أتجن مثلا وفي مرة واحد تكلم عن أنه نام بالليل صحي لقي نفسه أتعمى فكنت بخاف أنام بالليل وكل شويه أفتح عيني أتأكد أني ماتعميتش (على فكرة أنا بكتب الكلام ده وأنا متوتر جداااا) لأني بخاف من أن التفكير في شيء يؤدي لحدوثه وده أكثر شيء فعلا تعبني في حياتي.
في سن 21 سنة -في آخر سنة في كلية التجارة وفي آخر تيرم- بقيت بصحى بالليل أذاكر وأنام طول النهار، بقيت حاسس باكتئاب بنسبة 40% وحتى لما عدلت يومي وبقيت بخرج وكده برده الكآبة حاسس بها
مشكلتي الحقيقية تبدأ من هنا: في يوم أثناء فترة بداية الامتحانات رجعت البيت بالليل كنت حزين برده وحاسس بحزن مش عارف ليه وكان في ذهني السؤال اللي بدأ يتكرر خلال الفترة ديه، أنا يومي بقى ممل ليه كده؟ الحاجات اللي كنت بحبها وبشتاق ليها مابقاش حبي ليها بنفس الدرجة، فتحت التليفزيون لقيت واحدة بتسأل طبيب على التليفون بتقول أن بيجيلها بالليل قلق مابتعرفش تنام منه، فجأة في ساعتها حسيت بقلق كبير جوايا ماعرفش جالي منين وبقيت خايف جدا ومتوتر، وفضلت على كده لحد تاني يوم مع إحساس كبير جدا بالكآبة والحزن، قلت لوالدتي ووالدي تاني يوم وكنت ببكي وقلت لهم لازم أروح لطبيب نفسي.
رحت لدكتور نفساني كبير أوي في إسكندرية وشرحت له الموضوع قال لي ده وسواس قهري ووصف لي فافرين وليكوستانيل مع بعض، القلق راح خالص بس الاكتئاب والوسواس موجود (كنت لما أقول للدكتور بيجيلي وسواس في كذا يستهزئ بالفكرة فتنتهي تماما وماترجعش تاني)، أعطاني سيروكسات 20جم حبايتين كل يوم.
لحد هنا كان آخر اتصال بيني وبين الطبيب، فضلت على الحبايتين لمدة سنة ونص وكنت مرتاح عليها جدااااا إلا في الصباح لما بصحى من النوم بحس بإحساس غير مريح ووبيروح بعد النهوض من السرير، وبعدين بدأت مع نفسي سحب الدواء بعد السنة ونص تدريجيا جدااا.
سافرت عقد عمل لمكة واللي أنا حاليا فيها وخلال سنة ونص في السعودية قللت الجرعة من حبايتين كل يوم لحباية ونص وبعد تلات شهور حباية وبعد شهرين حباية يوم واليوم التاني نص وهكذا، لحد ما وصلت لأني أقلل الجرعة لنص كل أسبوع, وكان مافيش أي تغير على حالتي النفسية غير بعض الوساوس اللي بتروح وتيجي ورهاب اجتماعي بدأ يظهر بشدة عليّ في كلامي ومعاملاتي وخلافه لكن ده مش مشكلة بالنسبة لي لأني أحاول مع نفسي أتغلب عليه.
في يوم تعصبت مع صديقي في السكن وأنا أصلا مابعرفش أتعامل مع الناس ودايما شايف الناس مش مدياني أهمية ومش مدياني احترامي وقدري وحاسس إن الناس كلهم أفضل مني لما شديت معاه حسيت بتوتر ولقل وتشتت في التفكير وببص في المرايا حسيت أني شايف واحد تاني اتفزعت جدا، استغربت شكلي، حسيت إن أنا مابقيتش أنا، وراح في ساعتها الإحساس ده، اترعبت وقعدت أستغفر ورجعت الجرعة زودتها، خدت نص في اليوم ده ونص في اليوم التاني ورجعتها لنص كل يومين لأني خفت ترجع تاني لأني بحثت على النت لقيت إن ده اسمه اضطراب الإنية والسيروكسات من علاجاته، لما كنت برجع أقلل الجرعة كانت ممكن تجيء لي النوبة ديه الاختلال لمدة ثانيتين في الأسبوع أو الأسبوعين لو تعرضت لموقف توتر وتروح تاني فبضطر أزود الجرعة تاني.
السؤال دلوقتي:
* أنا خايف جدا من موضوع اختلال الإنية ده يرجع لي تاني أو ييجي يوم يبقى عندي مستمر أو حاجة.
* أنا محتاج أني أتخلص من الأدوية ديه لأني عايز أخطب ومافيش بنت ترضى أنها ترتبط بشاب بياخد أدوية نفسية لأن هيبقى في نظرها مريض نفسي وحتى لو رضيت البنت فمافيش أسرة ترضى إنها تسمح لبنتها أنها ترتبط بشاب بياخد أدوية نفسية وفوق ده كله ماينفعش أني ماقولش لأن ده يبقى غش وكمان السيروكسات له أعراض جانبية في الجماع وأنا فوق ده كله محتاج جدااا للزواج.
أفيدوني مأجورين بخصوص حالتي وبخصوص الزواج
وجزاكم الله خيرا وآسف جدا على الإطالة.
21/06/2012
رد المستشار
أهلا يا "محمد" نورت مجانين أرض الموسوسين و-غير الموسوسين- كيف كنت تريد أن تختصر موضوعك هذا يا ترى وكيف يكون الموضوع ليس قصيرا ثم تقصره أنت لنا ؟ أليس عدم إخبارنا بكل شيء يا "محمد" سيجعلك توسوس ربما لو عرفوا أنني ..... لرأوا تشخيصا آخر مثلا وبالتالي يكون الرد الذي ردوه علي لحالة غير حالتي ... إلخ ما تعرفه من وسوسة المشاغبين مع نفوسهم ربنا يهدينا ويهديك يا شيخ "محمد" ... قصره دم رسالتك خفيف ولا تشغل نفسك بطولها يا ولدي.
عنونت ردي عليك "م6 خليجي انطوائي إلخ".. اختصارا لـ (ملتزم محاسب موسوس مكتئب مصري ملتحي انطوائي إلخ.) لسبب بسيط هو أن متلازمة: ملتزم محاسب موسوس مكتئب مصري في الخليج هي متلازمة شائعة على الأقل في ممارستي الإكيلينيكة خاصة في شهور الصيف التي تتواكب مع الإجازات السنوية للمصريين العاملين في الخليج ... محاسب مهندس طبيب أيا كان كل الناس يمكن أن يوسوسوا يا "محمد" وعلاج الوسواس القهري أيا كانت أعراضه وعلاماته وشدته موجود إن شاء الله.
لكن ما هو جدير بالتعليق في إفادتك كثير رغم ذلك حقيقة لأنك فيما يبدو قارئ نهم على الأقل فيما يتعلق بحالتك أو بالطب النفسي أو علم النفس .... أول ما تجب الإشارة إليه هو بداية المرض عندك والتي كانت بوسوسة في العقيدة فتقول: "صحيت عندي قلق ووساوس في العقيدة ورحت لشيخ قال لي أحاديث عن الموضوع ده هديت بعدها وبقيت أهملها لحد ما راحت خالص" فهذا هو ما يتكرر سماعه من مرضى وسواس قهري وهو يشير إلى غنى الثقافة الإسلامية بما يوقف الوسوسة ويحول دون وقوع خلق كثير في شراكها شريطة أن يتوفر الفقيه الفقيه ! في كل مسجد نسأل الله أن يعين.
تعلمت إذن أن إهمال الوساوس يؤدي إلى خفوتها وبالتدريج والاستمرار في الإهمال والتهوين من شأنها تختفي ... إلا أن ما أبقاك في شرك الوسوسة كان التفكير السحري أو الخرافي من نوع اندماج الفكرة الحدث Thought Event Fusion الذي عبرت عنه أجمل تعبير حين قلت: (مرة واحد تكلم عن أنه نام بالليل صحى لقى نفسه اتعمى فكنت بخاف أنام بالليل وكل شويه أفتح عيني أتأكد أني ماتعميتش............. لأني بخاف من أن التفكير في شيء يؤدي لحدوثه) فهذه السمة من سمات التفكير إضافة إلى ما أخمن أنه وساوس "نائمة" كما أسميها وهي وساوس تعتبرها أنت بسيطة وعادية وتتعامل معها باحتياطات أمان أو بفعل قهري خفيف على الماشي وهي بالتالي تحيا معك ولا تسبب لك كثيرا من القلق وتعتبرها أنت ومعظم الناس آمنة أو لا ضرر كبير منها والحقيقة أنها غير ذلك فهي بمثابة الإعلان المعرفي السلوكي عن نفسك أنا ممكن أوسوس أو هكذا أشبهها أنا فيما أسميه نموذج الاستعداد للوسوسة Obsession Compulsion Diathesis Model ، ويقصد به أن سلوكيات من هذا النوع يعيش معها المريض بالوسواس القهري دون أن تظهر حتى في صورته الإكلينيكية المفصلة أو ربما لا يعرف أصلا أنها وسوسة ... وأن بقاء هذه السلوكيات هو أهم معوقات النجاح ومنع الانتكاس حتى بعد العلاج المعرفي السلوكي الناجح.
رائعا كان أداء طبيبك المعالج فقد نجح ولا شك بشخصيته أن يجعل استهزاءه بفكرتك الوسواسية كافيا ورادعا لها لتنتهي وإن غالبا لغيرها ... لكنه على ما يبدو لم يعلمك كيف تستهزئ أنت بنفسك بالفكرة الوسواسية وتتعلم كيف تهملها –كما تعلمت إهمال الوساوس الدينية من قبل- وبهذا يكتمل جزء كبير من علاجك الحقيقي معرفيا وسلوكيا... كان الاكتئاب المتعلق بالوسواس القهري قد دهمك ووفق الله طبيبك النفساني إلى عقار م.ا.س.ا مناسب هو الباروكستين Paroxetine أو السيروكسات Seroxat واستمريت متحسنا تحسنا عقاريا ومزاجيا لكن وساوسك النائمة نائمة ومستمرة مثلا تطمئن كلما نظرت إلى لافتة طبيب رمد أنك لم يصبك العمى بأن تغلق عينيك وتفتحهما في النور ... إلخ، أو مثلا في وسوسة اختلال الإنية الأخيرة هناك من ينظر إلى المرآة قبل خروجه (هذا فعل طبيعي) لكنه يفعل ذلك ليشكل في وعيه صورة لهيئته التي بدا عليها في المرآة أنه تمام وبالتالي فإن الشعور الذي يفاجئه وهو في الطريق ليس حقيقيا (غير طبيعي بالتأكيد) وإن كان عليه أن يأكد عند أقرب مرآة يتأكد أنه هو! (وهذا لعدة أسباب من أهمها ضعف ثقة الموسوس في ذاكرته)!
اختلال الإنية في حالتك يا محمد كما أخمن ليس إلا موضوعا جديدا من مواضيع وسوستك وليس الاضطراب الأولي المزمن أو متلازمة تبدد الواقع اختلال الإنية التي تخشاها فتعامل مع مشاعر اختلال الإنية أيضًا بالإهمال لا التحاول لا التحقق ولا طلب الطمأنة بأي شكل وإن شاء الله ستتحسن وتعينك بعد الله العقاقير التي يصفها معالجك.
يبقى لنا بعد ذلك مشكلة اندماج الفكرة الحدث وهذه تحتاج إلى خطوات واستراتيجيات معرفية سلوكية معينة منها مثلا التجارب السلوكية هل بالتفكير في القطار مثلا يمكنك أن تجعله يأتي ؟ هل بتركيز التفكير على انطفاء الموبيل يمكن أن ينطفئ فعلا؟ وكذلك الواجبات التي يطلب فيها المعالج على مدار أسبوع مثلا كم مرة تفكر في الشيء فيحدث مقابل كم مرة تفكر في الشيء فلا يحدث .... ويضاف إلى ذلك عديد من التقنيات المعرفية أنصحك بمحاولة البحث عن معالج معرفي سلوكي يفيدك في هذا.
المهم يا محمد نادرا ما أستطيع نصيحة من لم يكمل العلاج المعرفي السلوكي بترك العقاقير التي تحسن عليها، لكنك ربما تستطيع استخدام عقارا آخر من مجموعة الم.ا.س.ا ربما الفلوفوكسامين Fluvoxamine أو الفافرين Faverin أو غيره كما يترائى لطبيبك النفساني المعالج وفي جميع الأحوال لا يوجد ما يبرر لا تأجيل طلب الزواج حتى تتوقف عن استخدام العقاقير "أي أن تعالج نفسك معرفيا وسلوكيا والله أعلم متى يكتمل ذلك حسب ظروف عملك وإتاحة من يحسنون العلاج، ولا أقبل –شخصيا- حتى بفكرة أنك إن أتممت العلاج يصح لك أن تخفي عمن تخطبها تاريخ وسوستك ... ذلك أن النزوع للوسوسة استعداد بنيوي معرفي سلوكي (كيميائي ثانيا) ولا نستطيع الجزم حتى الآن بأن العلاج المعرفي السلوكي الناجح ربما يغير أبعد من التغيير السلوكي الظاهر أي الذي يبقى محتاجا منك دائما إلى اليقظة لطريقة تفكيرك وسلوكك المبني على تفكيرك ... يا "محمد" نجاح العلاج المعرفي السلوكي طويل المدى يحتاج منك مستوى عاليا من الوعي لا يمكن أن نضمن اعتمادك عليه ... باختصار عليك:
أولا : عدم تأجيل البحث عن الحلال في الزواج
ثانيا : إخبار من تخطبها - بعد أن تعرفها وتعرفك- بأمر الوسوسة والعلاج منها، وهذا رأينا والله تعالى أعلى وأعلم.
واقرأ على مجانين:
التفكير السحري (الخرافي) في الموسوسين: تفصيل
التفكير السحري عند الموسوسين
لمس الأشياء دفعا للضر تفكير خرافي سحري
أفكار سحرية لا أذكار ولا استغفار
ظواهر الانفصال وسوسة فاختلال الإنية
اختلال الإنية العارض والمستقل
اختلال الإنية في نطاق الوسواس القهري مشاركة
اختلال الإنية- تبدل الواقع غالبا عرض
وسواس النظافة وقاعدة الانتشار السحري