أرسم وأشنهي
أنا شاب في العقد العشرين وأواجه عدة مشكلات نفسية منها ما هو جنسي وما هو اجتماعي.
أنا أعمل منذ الصغر لكسب لقمة العيش بسبب سوء أحوالي الاجتماعية وبتلخيص شديد فإن حالتي أن أبي قد تزوج على أمي بزوجة وقد جعل هذا حياتي جحيما وذلك منذ نعومة أظافري.
وأنا الآن أريد أن أبدأ أن أشرح المشكلة ولكن أخجل منكم إن المشكلة الجنسية هي أني أميل لزوجة أبي فهي امرأة جميلة وذات إغراء عالي وقد تزوجت أمي وأنا أقيم الآن في بيت أبي وإن أبي يغيب عن البيت كثيراً لظروف عمله وإنني عندما أتكلم معه في أمر النقود أو مشروع زواجي يسبني وأحيانا يضربني ولا أعلم ما هو سبب ميلي الجنسي هذا.
وأيضا أمارس العادة السرية بشراهة ومع ذلك كله أميل إلى الدين والحياة الدينية ولي أصدقاء متدينين ولا أستطيع أن أخبرهم بهذه الأحاسيس.
والمشكلة الثانية هي المشكلة الاجتماعية وهي أولا عدم وجود أي علاقة عاطفية تربطني بأمي ولا أبي ولا أحد من أقاربي وأنا أعاني من ذلك لا أني لا أحب أن أجلس معهم أو أحادثهم أو أزور أحد منهم وأميل إلى مجال واحد والرسم وأنا أحب أن أرسم كثيرا ً وأقضي وقتي بعيدا ً عن الناس بين صفحات الرسم وأكون في غاية السعادة عندما أرسم منظر طبيعي جديد أو أرسم جسد امرأة.
ذا كل ما استطعت أن أعبر عنه بين كلمات قليلة، سؤالي هو هل لمشكلتي هذه حل هل هو في اتجاهي نحو الدين أم أظل كما أنا وأحاول حلاً من النواحي النفسية فقط،
وأخيرا ً أقول لكم إني ضائع وأريد أن أصل إلى بر الأمان.
16/3/2004
رد المستشار
الأخ العزيز:
من تدابير القدر أنني كنت أمام شاشة التليفزيون مساء أمس أبحث عن نشرات الأخبار فوجدت علي قناة النيل (Nile T.V) فيلما مصريا قديما يتناول قصة تشبه قصتك، ولو كنت أعلم أنني سأستلم رسالتك اليوم لأكملت مشاهده إلى النهاية لأعرف عاقبة الأحداث حين تقوم علاقة بين الابن وزوجة الأب، وأفهم حرجك بالطبع من عرض مشكلتك التي ترى أنه ليس لها حل!
وأتجاوز مشاعري الإنسانية المتوقعة حين أجد أمامي حالة من الحب الممنوع أو الحرام لأقول لك أن الحب من حيث هو ميل واشتهاء، يقع للإنسان خارج إرادته، وبالتالي فمن الوارد أن يثيرك جسد زوجة أبيك.
ولكن ماذا بعد ذلك؟!!
هذا هو السؤال الأهم.... لأن ميلك الجنسي لزوجة أبيك ربما لا يكون فقط لأنها جميلة ومغرية كما تذكر، ولكنه أيضا قد يحمل دوافع أخرى –ولو غير واعية– منها الانتقام لنفسك من والدك بسبب طلاق والدتك ربما، وأيضا بسبب معاملته لك من سباب وضرب حين تطلب نقودا أو تتحدث عن الزواج!!! وربما من معاملة زوجة أبيك لك في طفولتك فكأنك تضربه أنت أيضا "في مقتل" و"تحت الحزام" كما يقول المصريون!!!
وهو مسلكٌ خسيس كما ترى، ولكنه وارد ويحدث، وتعالى لنفكر سويا كيف تتخلص منه؟! وكيف نتتعامل أيضا مع مشاكلك الأخرى؟!
-أنت تحتاج إلى أن تشعر بكيانك، ولا يكون هذا إلا بتحقيق إنجازات ملموسة في مجالات الحياة المختلفة: الحب الحقيقي التبادل أهم إنجاز ملموس، والقدرة على الكسب المشروع الذي يغطي النفقات الشخصية، ويؤهل للتفكير الجدي بالزواج هو إنجاز ملموس، والالتزام العميق بالدين الذي يتجاوز مجرد الشكليات والمظهريات فيجمع إليها الجوهر والفعل الإيجابي هو إنجاز ملموس.
أما إعجابك بجسد زوجة أبيك فليس إلا هروبا من صفحات الماضي الذي يؤرقك لتقفز وسط النيران، وهي هنا ثلاثية الأبعاد: -
احتقار الذات، والشعور المستمر بالإثم، والهياج الجنسي المتصاعد، وتوابعه من ممارسة العادة بشراهة.
-نقطة البدء تأتي من إرادتك وقدرتك على فهم ماضيك بوصفه صفحة لها ما بعدها، وأنك القادر بعون الله على جعل هذه الصفحة مجرد مقدمة مختصرة لمتن أو موسوعة مختلفة في مضمونها عما يمكن أن يكون لو أنك استسلمت للماضي وتداعياته.
والله يعطينا ظروف نشأتنا، والبيئة المحيطة بنا ثم ينظر كيف سنتصرف، وطبقا لاختياراتنا يحاسبنا، وهو حين يعطينا ظروف النشأة أو البيئة لا تكون بوصفها ترشيحات منه سبحانه لما ينبغي أن نسلكه في حياتنا، ولكنها مجرد مادة خام نعمل عليها، مجرد ورقة رسم، وريشة، وألوان بعضها داكن قاتم وبعضها غير ذلك، ثم هو سبحانه ينتظرنا حين نلقاه باللوحة التي رسمناها طوال أيامنا وليالينا، فمنا من يأتي ولم يرسم شيئا، ومنا من يأتي وقد رسم خرابا وبوما، وموتا ودمارا.
ومنا من يأتي وقد أبدع "فجعل من الألوان الداكنة ظلالا موحية، ومن الفراغات إضافة معبرة، فماذا سترسم يا أخي في لوحة حياتك؟!! وبماذا ستقابل الله؟! اللهم عفوك ورحمتك وتوفيقك.
-ولابد أن يكون لك عمل واضح محدد له مكسب ثابت –قدر الإمكان وبمشيئة الله ورزقه– ولأن هذا الدخل يبدو أساسيا في تقرير مصير زواجك، بل والأهم منه قدرتك على الاستقلال بمكان تعيش فيه بعيدا عن مثيرات الفتنة ودواعيها، فما هي جهودك في هذا الصدد؟!
-ولابد أيضا من صحبة صالحة تعينك على الخير، وتذكرك إذا نسيت، والشيطان مع الواحد المنفرد، وهو عن الاثنين أبعد، ويد الله مع الجماعة فلا تحرم نفسك من الصحبة الصالحة، وافهم صحيح الدين، وألزم نفسك به، فإن من يضل تتخطفه طيور الظلام، وتهوي به الريح في مهاوي التشدد المخالف لروح الإسلام، أو مهاوي الزيغ والانحراف الأخلاقي، وتعفف يا أخي بالابتعاد عن المثيرات حتى تستطيع وقف العادة السرية، أو التقليل منها تدريجيا بالأحرى، وراجع نفسك دائما حتى تكتشف أنك أفضل مما تظن، وأفضل مما تفعل بنفسك، وأن لديك مواهبَ وطاقات أنت غافل عنها، ومعرض عن استثمارها...
وربما تبدأ بعرض رسومك في صالة عرض للبيع أو حتى مجرد المشاهدة، وتمنياتي لك بالتوفيق، فكل مشكلة ولها حل، وكل داء له دواء، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.. تابعنا بأخبارك.