هل هذا من الوسواس؟؟
السلام عليكم ورحمة الله؛
أولا: أنا أعاني من مرض الوسواس القهري منذ حوالي 6 سنوات تقريبا وكنت قد انقطعت فجأة عن العلاج ثم أخذته ثانية، أنا آخذ حاليا سيبرالكس مشكلتي لا أعلم كيف أشرحها، ولكن أنا فقط أريد أن أعرف هل هذا عادي وطبيعي لمن في سني أم أنني لا يجب أن أفعل هذا.
في الحقيقة أولا ولله الحمد علاقتي بأمي وطيدة وقوية وأصارحها بكل شيء وأكره إخفاء شيء عنها... لدي فقط مشكلة تلازمني في أوقات كثيرة وقد تكون دائمة أنني أبكي عندما أبدأ مذاكرة ولا أريد أن أذاكر وقد تستمر معي هذه الحالة لمدة أسابيع ولكن ما يريحني وهو سبب طرحي لهذا الموضوع أنني لا أرتاح إلا عندما أذهب إلى أمي وأبكي لها وأقول أنني لا أريد المذاكرة وأنا مخنوقة وكدة... ومن ثم لا أعلم قد تكون البضع كلمات التي تقولها لي تريحني كثيرا علما بأنها كثيرا ما تمل مني وتتجاهلني وإذا فعلت ذلك أتعب كثيرا لأنني لا أرتاح إلا عندما أذهب إليها وأتكلم معها حتى ولو كان كل يوم فهل ذهابي لها يعد أمرا طفوليا أم ماذا؟؟
بصراحة عندما تقول لي أنها ملت مني أعيش في حالة من الحزن لمدة لأن مللها مني يضايقني كثيرا وأعلم أن هذا من طبيعة الإنسان وأيضا تأتيني مخاوف وأريد طرح نفس السؤال عليها مرارا وتكرارا هل ستبقين معي؟ هل ستهدئيني عندما أبكي في المذاكرة؟ أرجوكي لا تملي مني وأزيد ولكنها تمل دائما وهو الأمر الذي يزعجني كثيرا... خاصة أنني أصغر إخوتي ولم يبقى سواي أنا وهي وأبي في البيت فهل هذا مرض يعني ذهابي إلى أمي بهذا الشكل؟؟ أم ماذا؟؟
علما بأن مشكلة البكاء في المذاكرة بدأت منذ 6 سنوات تقريبا يعني مع بداية الوسواس... أرجو الإفادة وأن يكون هذا شيء طبيعيا لأنه حقا هذه المشكلة تزعجني منذ زمن..... ولكم الشكر الجزيل.
09/08/2012
رد المستشار
الابنة الفاضلة "نورس" تسألين في إفادتك: (أريد أن أعرف هل هذا عادي وطبيعي لمن في سني؟) وردنا الواضح لا بالطبع لا وبالتأكيد لا.... أنت الآن كيان ناضج مستقل يستطيع الاعتماد على ذاته... لكن للأسف هناك وسوسة ما بشكل لم توضحيه جيدا يا "نورس" تجعل المذاكرة ترتبط بالبكاء والأخير يرتبط باللجوء إلى طلب الطمأنة Reassurance Seeking من والدتك.
يرتبط الشَكّ المرضي Pathological doubt وهو أحد أهم علامات اضطراب الوسواس القهري، بسمة معرفية سلوكية في الموسوسين وهي عدم القدرة على تحمل الشك Intolerance of uncertainty أو الحاجة للاطمئنان 100% Need for Safety ، وتفاعلهما معا وفي حالتك تمثل الحاجة المستمرة للطمأنة وقودا مستمرا للأفعال القهرية بشكل عام وبشكل خاص لفعل طلب الطمأنة المتكرر من والدتك.... وأنت شكاكة على الأقل منذ بدأ الوسواس وأصبحت كذلك لا تطيقين الشك في نفس الوقت وهذا وقود الحاجة المستمرة للحصول على الطمأنة بطلبها ثم الشعور بالراحة عندما يطمئنك أحدهم -وهذا الذي أصفه يكون بمثابة الإدمان عند كثير من المرضى- فقط لفترة صغيرة تشعرين بعدها بالحاجة للاطمئنان والرغبة في طلب الطمأنة، وهذا أسميه فخ طلب الطمأنة Reassurance Seeking Trap
ورغم أن عبارات مثل (فهل هذا مرض يعني ذهابي إلى أمي بهذا الشكل؟؟ أم ماذا؟؟) تجعلني أشك في استعدادك للخلاص بسرعة من فخ طلب الطمأنة فإنني أفترض قدرتك ولو مرحليا على النجاح بالطريق الأسهل لك أولا، فجربي استخدام معرفتك بأن ما تفعلينه غير طبيعي ومرضي ووسواسي وكثيرا ما يرهق كلا من المريض ومن يقوم بالطمأنة إذا كانت هذه المعرفة ستنجح في إثنائك عن الاستمرار في طلب الطمأنة.... فبها ونعم وأما إن لم تنجح فإن العلاج المعرفي السلوكي واجب.
لابد لكي تقطع حلقة طلب الطمأنة المفرغة التي تكملها والدتك أحيانا أو غالبا لابد من مقابلة بين الوالدة ومعالجك النفساني لكي يعرفها ماذا تقول لك بدلا من مساعدتك في إتمام الطقس القهري....... وبعد ذلك يتفق معك المعالج على طريقة تصرفك أنت شخصيا مع البكاء ومع الرغبة المستمرة في انتزاع الطمأنة من والدتك ويتم تحرير عقد لاتفاق مع ذويه يسمى عقد الطمأنة Reassurance Contract والذي يعد أفضل أساليب مناجزة طلب الطمأنة وفيه يتفق المريض مع ذويه أو من يلجأ لهم عادة للطمأنة على أن يمتنعوا تماما أو إلى أقصى حد ممكن عن طمأنته، وعندما يسأل أحدهم عليه أن يقول -على سبيل المثال-:
"تذكر أنك طلبت الكف عن الطمأنة لمساعدتك، وهذا يعني أنني لا أستطيع الإجابة على هذا السؤال. الآن دعنا نذهب لنفعل كذا... "
اسمعي يا "نورس" يا ابنتي العلاج الناجع للوسواس القهري لا يعالج الأعراض التي يشتكي منها المريض فقط وإنما تحتاجين لعلاج لكل الوسوسة، وعليك أن تجدي المعالج الذي يحسن الجمع بين العقاقير والعلاج المعرفي السلوكي، وتابعينا على مجانين.
واقرأ أيضًا:
التشاؤم والوسوسة هل من علاقة ؟
الاستعمالات المختلفة لكلمة وسواس عند الناطقين بالعربية