مشكلة ocd
السلام عليكم.
إلى أ.د وائل أبو هندي المحترم بدأت مشكلتي بعد انتقالي إلى السعودية حيث بدأ الأمر معي بأفكار تراودني بشأن (الذات الإلهية) ثم زالت، ثم أثناء الثانوية قبل السنة الأخيرة بفصل، درست في منهج التوحيد الأمور المتعلقة بيوم القيامة والموت والحساب والجنة والنار فبدأت تأتيني أفكار عن الموت وأني سأموت في الحال وأصبحت في حالة خوف دائم وترافق ذلك مع موت أحد أصدقائي فأصبحت في حالة يرثى لها. وكنت غالبا لا أنام في الليل لمدة شهرين ثم عرضني والدي على أحد الأطباء النفسيين وكان صديقه فتكلم معي فهدأت ثم ذهبت إلى الأردن في الإجازة الصيفية ثم عدت وذهب عني هذا الأمر بفضل الله.
ثم ما لبثت أن عدت حتى بدأت المأساة وأنا في آخر سنة لي في الثانوية كنت إذا درست أمرا في مواد الدين مثل الكفر والشرك وغير ذلك وكنت إذا سمعت أمرا من أحدهم يتعلق بالدين تأتيني الوسوسة مثلا أني كفرت أو أشركت أو استهزأت بالدين أو بأحد من أهل الدين، وكنت حينها أسارع في التوبة والدعاء (هذا جيد) لكن الأمر بدأ أشبه بالفعل القهري ومعادلته، حيث تأتيني الوسوسة بأني كفرت أو أشركت أو استهزأت على أي أمر وأقوم حينها بالتشهد والدعاء حيث أن فكرة الكفر عندي تسلطية تكرارية ما ألبث أن أطردها حتى تعود. وعندها أشعر بالقلق الكبير وعندما أتشهد أو أقوم بالدعاء أهدأ.
هذا جانب والجانب الآخر أن الوسوسة غزت جميع مناحي حياتي. كنت قبل أن أصاب في مرضي أبغض المال الحرام وعندما أصبت أصبحت تأتيني الوساوس على شكل مثلا: أني إذا غششت في المدرسة فإني سوف آخذ شهادة حرام، وأدخل الجامعة بالحرام، وأعمل بالحرام، وأتزوج من الحرام، وأطعم نفسي وأهلي الحرام وقس على ذلك! وصرت أشك في معظم المعاملات المالية وإذا تجرأت وأهملت الوسوسة تبدأ السلسلة التي ذكرتها أعلى حتى أني شككت في دراستي وفي مالي وفي طعامي وفي بيتي وفي ملابسي وفي ...إلخ وطبعا عندما أهمل الوسوسة أصاب بقلق وضيق شديد وهذا جانب .
جانب آخر طاعتي لوالدي عندما يتعلق الأمر بشيء يخصني تصبح قهرية مثلا: إذا قالت لي أمي ضع معلقتين من السكر في الشاي فإني التزم بالأمر بشكل قهري وسواسي وإذا فكرت أن أخالف الأمر تبدأ السلسلة حرام ثم حرام ... ثم تأتيني وسوسة تقول أنت تفتي بلا علم فأنت ... فأقع في معظم الأحيان في دوائر مفرغة. في بداية مشكلتي كنت أعاني من وساوس انتقاض الوضوء وكنت أجلس ساعات في الحمام تقريبا من ٣ إلى ٤ ساعات يوميا مما أصابني بشيء أشبه بالقولون العصبي، حيث أصبحت فعلا لا أقدر أن أضبط وضوئي أكثر من نصف ساعة، ووقت الصلاة قد لا أستطيع أن أضبطه ٥ دقائق.
دخلت الجامعة والوساوس ما زالت، وتنتقل من شيء إلى آخر حيث معاناتي مع المرض عمرها ٣ سنوات تقريبا. بعض الأعراض خفت عندي حيث كنت أوسوس في الصلاة والوضوء، ولكنها خفت كثيرا أما باقي الأعراض فما زالت تلازمني.
ومن الوساوس التي أصابتني وسوسة الامتهان، حيث إني سمعت من مدرسي الدين في السعودية أن البراويز واللوحات لا تعلق في بيت، لأنه إذا شغلت الأغاني في وجودها تمتهن، وأصبحت أوسوس في الأمر لدرجة انه إذا مر على شريط إخباري كلمة عبد مضافة إلى أي اسم من أسماء (الله) وترافق ذلك مع وجود موسيقى أبدأ في الوسوسة. بل أكثر من ذلك أنه إذا كان في جوالي أي شيء يتعلق بلفظ (الأسماء الحسنى) ومثلا أسقطت الجهاز وهو مقفل وليس الاسم ظاهرا فيه فإني أوسوس.
البيئة التي عشت فيها في السعودية لما أصابني المرض كانت بالنسبة لي بيئة مغلقة حيث كنت أقضي معظم وقتي وحيدا في غرفتي على الحاسوب وكان لي القليل من الأصدقاء، ولم أكن أخرج كثيرا وكان احتكاكي بالسعوديين قليل. أما بالنسبة لبيتي نفسه فكان في الغالب يسوده جو من الكآبة وكان والدي قليل الحديث جدا معنا بالإضافة للجدية التي كانت في الغالب تسود الموقف. أما بالنسبة للأمراض النفسية في العائلة فيها تقريبا معدومة أو قليلة جدا.
(لقد قمت بتجربة بعض اختبارات الـ OCD online test على الشبكة وأثبتت أني مصاب بهذا المرض حتى بعض الاختبارات أعطتني النتيجة 20 ونسبة احتمال وجود المرض 12 أو أكثر تقريبا).
أما بالنسبة للأفكار القهرية فتأتيني غالبا إذا هممت أن أفعل شيئا يغلب عليه الأهمية بالنسبة لي، وتصبح شديدة إذا كان الشيء مهما. وتقريبا معدل وسوستي ساعة باليوم بالمتوسط، قد تكون أقل أو أعلى. أما بالنسبة لتأثيرها على دراستي وعلاقتي بالناس فهي في الغالب تدفعني لسلوكيات تجنبية، حيث أصبح أتجنب بعض الأشياء أو الناس.
أشكركم جدا على موقعكم الرائع الذي يزخر بالمعلومات القيمة، وأشكر الفرسان الذين يقومون على الموقع لما يبذلونه من جهد رائع. وكنت قد قرأت معظم مقالاتكم في نطاق الوسواس القهري، وأتمنى أن تصفو لي دواء من الم.ا.س.ا مع الجرعات التي يجب أن أبدأ بها، وتحيلوني إلي برنامج سلوكي.
ودمتم سالمين.
21/09/2012
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله يا أخ hasan...، وشكرا على مشاعرك الطيبة
ذكرت عددًا من الوساوس التي تنقلت بينها منذ سنوات وما زلت تعاني إلى الآن...، (وساوس في الذات الإلهية، في الموت والقيامة والجنة والنار، في الكفر، في المال الحرام، التزام الأوامر بشكل وسواسي، انتقاض الوضوء،
وسواس امتهان الأسماء المقدسة). وكنت واسع الاطلاع على ما يتعلق بمرضك وهذا جيد...
لكن هل تتردد على طبيب نفسي الآن كما فعلت في أوائل وسوستك؟ ستثير عجبي إن قلت: لا لأنه لا عائق عن ذلك لا من قبل أسرتك ولا من قبلك!!
هذا الموقع إرشادي تثقيفي، وليس علاجيا، ولا يمكن أن يوصف لك الدواء المناسب من خلاله...، عليك أن تطلب ذلك من الطبيب الذي ستزوره وبسرعة، فالتأخر في العلاج يزيده صعوبة أما البرامج السلوكية، فالأفضل أيضًا أن تجد طبيبًا يتابعك فيها، وإن لم تجد فالبرامج التي وضعها الدكتور محمد شريف سالم في نطاق الوسواس القهري كافية ويمكنك الرجوع في وساوسك الدينية إلى منهج الفقهاء في التعامل مع الوسواس القهري...
ولدي تعليق على بعض وساوسك الدينية من حيث حكمها:
-المال الحرام: مسألة أن الغش في الامتحان يعني أن المال الذي تجنيه بسبب الشهادة حرام!!! لا دخل أخي الكريم بين غش الامتحان والمال الذي تحصل عليه، هما أمران منفصلان...، الغش معصية إن تبت منها فالله تعالى يمحوها بفضله فتنتهي وتنتهي آثارها كلها، وليس لعنة تلازمك إلى قبرك.
أما المال فلا علاقة له بورقة الشهادة، وإنما يتعلق بأدائك لعملك، فإذا قمت بواجبك كما هو مطلوب فمالك حلال بإذن الله.
-عدم القدرة على ضبط الوضوء أثناء الصلاة –خصوصًا- بحيث لا تجد وقتًا لأداء الصلاة دون أن ينتقض: تتعامل مع عدم القدرة على ضبط الوضوء أثناء الصلاة فقط، كما نتعامل مع عدم القدرة على ضبطه طوال وقت الصلاة بحيث لا يوجد وقت يسعها بغير حدث، أي: تتوضأ وضوء دائم الحدث تتوضأ بعد دخول وقت الصلاة، وتسارع إلى أدائها بعد الوضوء مباشرة، وتستمر في صلاتك حتى لو انتقض الوضوء أثناء الأداء.
-وساوس الامتهان: إن إشعال الموسيقى بقرب الأسماء المقدسة لا يهينها ولا يحرم! وإن في الأمر شيء، فلا يتعدى الكراهة، فليست الموسيقى أسوأ حالًا من الدخول بالمصحف إلى الحمام أو قراءته فيه، وغاية ما في ذلك الكراهة!! وأنت تعلم أن فعل المكروه لا إثم فيه، لكن يثاب من يتركه. الذي يهمك من هذا الكلام، أن ردة فعلك بالنسبة للامتهان لا تتناسب أبدًا مع الحكم الشرعي للمسألة...
كذلك بالنسبة للآيات في الجوال أو الحاسب ونحوها، لا حكم يتعلق بها –أبدًا- ما دامت غير ظاهرة على الشاشة...
-والخلاصة: أن عليك أن تتوجه إلى الطبيب بسرعة للعلاج الدوائي والمعرفي السلوكي، واستعن ببرامج العلاج الذاتي للوسواس القهري الموجودة في نطاق الوسواس القهري، ولب ما فيها: أن تتعرض لما يثير الوسواس عندك، مع عدم الاستجابة لرغبتك في القيام بالفعل القهري، ستشعر بقلق شديد في البداية، لكنك ستتخلص من معاناتك خلال أسبوعين أو ثلاثة فيما لو ثابرت.
عافاك الله وشفاك.