وسواس قهري مزمن من دون أفعال قهريّة
لا أعرف من أين أبدأ صراحة ولكن أريد الاختصار لأن حتّى الكتابة تتطلّب جهدا أنا شاب في العشرينات من عمري، بدأت معاناتي حوالي الست سنوات عندما كنت في الثامنة عشرة، فبدأت مع الوسواس القهري وتطوّرت إلى الاكتئاب وأخيرا الشخصيّة الحدّيّة لقد قمت بإرسال بعض الاستشارات إلى هذا الموقع في الماضي والأجوبة أجمعت على الشخصيّة الحدّيّة المهم ولكي لا أطيل، وسواسي القهري "اختفى" تقريبا لمدّة سنتين، في حين عوارض الشخصيّة الحدّيّة كالفراغ المزمن والتفكير الأبيض\الأسود ومشاكل العلاقات زادت بشدّة علما أنّني لم أخضع لأي علاج (باستثناء بعض الأدوية في الماضي والتي كانت قصيرة المدى...)
المهم أنا مقتنع حاليّا بأن العلاج النفسي كالمعرفي السلوكي والتعرّض ومنع الاستجابة هما الأمثل لي لأنني فعلا أريد أن "أتفاهم" مع أفكاري (علما أنّني لا أعارض الدواء مطلقا، ولكن خيار العلاج صعب حاليّا لأسباب عديدة خارجة عن موضوع استشارتي الحاليّة) لقد تخرّجت من الجامعة رغم كل المعاناة وتوفّقت بوظيفة خارج بلدي.
مشكلتي الحاليّة: عوارض الوسواس القهري عادت بشدّة جدا وأنا حاليّا مغترب في بلد آخر إن أفكار الوسواسيّة تتمحور حول الأخلاق، التأكّد والكمال قبل أن أسرد بعض الأفكار، أريد أن تعلموا أنّ وسواسي نادرا ما يتضمّن أفعال قهرية فمعاناتي الأساسيّة هي مع ما يسمّى بـ Pure O أي أفكار وسواسيّة بحتة والله ليت أفكاري كانت أكثر تقليديّة كالعد والتحقّق والنظافة... المهم، أريد من هذه الاستشارة أن أعرف هل أفكاري التي سآتي على ذكرها هي فعلا منطقيّة (من منظور أخلاقي أوّلا ومن ثم ديني، علما أنّني لست متديّنا كثيرا)، أنا أعلم أنّها أفكار وسواسيّة وسخيفة ولكنها "منطقيّة" أحيانا. أفكاري:
1) إذا توسّط لي أحدا بواسطة لا أستحقّها لكي أحصل على عمل، وافتراضا أنّني حصلت عليه، فإن عملي أصبح حراما وغير أخلاقيّا، إذن راتبي ومالي حراما، إذن كل ما "سأبنيه" (ركّزوا على كلمة بناء) من هذا المال هو باطل (كان زواجا، بيتا، سيّارة...)
2) شخصا يعمل في عمل حرام دينّيّا، فإن كل ما سيبنيه من مستقبل هو باطل، لماذا؟ لأنّ كل ما يبنى على باطل هو باطل! إذا تزوّج بهذا المال فإن زواجه باطل! إذا علّم أولاده بهذا المال فإن علمهم هو باطل ومستقبلهم باطل، لماذا؟ لأنّ كل ما يبنى على باطل هو باطل!
3) وجدت قلما على الأرض (ليس لي، لا يحقّ لي استعماله)، قمت بتعبئة طلب تسجيلي بالجامعة ==> الدخول بنفس الدوامة أعلاه! أي علمي باطل ومن ثم عملي بشهادة تخرّجي باطل... لأنّ شيئا باطلا دخل في العملية.
4) قمت ببناء سيرتي الذاتية على برنامج مسروق (أي مخترق) على الكمبيوتر، قدّمتها على وظيفة وحصلت عليها ==> الدخول بنفس الدوامة أعلاه أي عملي وكل ما كان ينتج عنه باطل... لأنّ شيئا باطلا دخل في العملية.
5) لقد قمت برش عطور مسروقة أو من دون إذن صاحبها وذلك قبل مقابلة عمل، حصلت على العمل، نفس دوّامة بطلان العمل وكل شيء!
6) خلال العمل، قمت باستعمال هاتف العمل وذلك لمكالمة شخصيّة لتصليح سيارتي فمذا فعلت؟! لقد قمت باستغلال موارد الشركة في أمور شخصيّة، فتصليح سيارتي باطلا ويجب عليّ التخلّص منها أو تعطيلها مجدّدا والعطل يجب أن يكون 100% مطابقا مع ما صلّح!
7) لقد قمت بتضيّيع موارد الشركة كاللعب بالمكبس الذي يستعمل لكبس الأوراق وإضاعة خراطيشه من دون جدوى، فعملي أصبح حراما وأصبحت أدين للشركة بالمال!
8) لقد قمت بوضع حاسوبي الشخصي على طاولة ليست لي ولم آخذ الإذن باستعمالها، ولقد قمت بكتابة كتاب على الحاسوب الموجود هذه الطاولة، فبعت الكتاب، ولكن مالي أصبح حراما وباطلا، لأن شيئا "باطلا" ساهم بإنتاجه...
9) أخي يعمل في مكتب العلاقات العامة في نفس الشركة التي أعمل بها. عند توظيفي، قدّم لي طلب الفيزا (أي تأشيرة العمل) وقد رفضت في أوّل محاولة المشكلة أنّه لا يحقّ له إعادة تكرار المحاولة وطلب التقديم يكلّف ما لا وليس من دون مقابل وقد قال لي أخي أنّ مديره قال له أنّه إذا رفضت المحاولة الثانية فعلى أخي دفع المال من حسابه الشخصي الحمد الله أنّني قبلت في المحاولة الثانية وكل شيء جيّد المشكلة الآن أنّني أشكّ بأن أخي لم يخبر مديره بنيّته التقدّم للطلب مرّة ثانية.
سؤال: إذا افترضنا أنّه لم يخبره بتاتا، هل عملي الآن حراما وحصولي على تأشيرة العمل باطلا كون أخي لم يخبر مديره بأنّه سيحاول التقدّم بالطلب مجدّدا؟
10) عند الفحص الطبّي عندما بدأت العمل، بدل أن نقف بالصف الطويل جدا وفي الشمس أحيانا كجميع الناس، قام السائق بإدخالنا واسطة فإنه فحصنا بسرعة... عملي أصبح باطلا لأنّني أدخلت (أو دخلت) بواسطة غير مشروعة ولم أقف مع جميع الناس (لأنّني مثلي مثلهم)... مثل هذه الأفكار التي قد (وأقول قد) تحصل بموافقتي (نادرا جدّا) تعذّبني وتقتلني!
فكما ترون، مشكلتي الأساسيّة تكمن في "كل ما يبنى على باطل هو باطل"، أعلم أنّني أبالغ ولكنّ أفكاري قد تبدو حقيقيّة وخصوصا تلك التي لها علاقة بالعمل الحرام والأمور الأخلاقيّة... بدأت بتطبيق بعض الخطوات كتسمية المرض بتسميته عندما تأتي هذه الأفكار والقول بأن سببه هو خلل في توازن كيمياء المخ، الخ... أعلم أن العلاج النفسي ضروري ولكن كما ذكرت، صعب حاليا.
ما أطلب منكم الآن هو الإجابة على بعض الأسئلة أعلاه، فهل فعلا أفكاري 100% (أكرّر 100%) غير منطقيّة؟
شكرا جزيلا.
03/10/2013
رد المستشار
إي نعم، أفكارك 99,99% سحرية وغير منطقية!!
اقتنعت هكذا؟ أم تريد 100%؟
أنت نفسك تقول: (كل ما بني على باطل فهو باطل).... هي مسألة (بناء) إذن....، بحيث لو تم سحب لبنة من الأسفل لسقط البناء.... وليست مسألة (دهان)... أو (نوافذ)... أو (تمديدات ماء أو كهرباء)... لا تؤثر على البناء إن خربت.
فالوساطة لدخول وظيفة، هي فقط لقبولك، أو لتقديمك على غيرك فيها. وإذا كانت لديك جميع المؤهلات ولم تتعدَّ على حق شخص له مؤهلات تفوقك، فماذا تضر الواسطة؟ إنما حصلت على حق لك....
أما الأجر فهو شيء آخر، الأجر يبنى على العمل الموكل إليك والذي تؤديه كل يوم في هذه الوظيفة.... ولا يبنى على مجرد جلوسك في غرفة عملك....، فإذا كنت تقوم بما وكل إليك فمالك حلال....
أعيد: الواسطة من أجل وجودك ضمن الكادر الوظيفي، أما الأجر فهو مبني على أدائك لعملك في الوظيفة.
من الأفكار غير المنطقية 200%عندك: من كان كسبه حرام فعلم أولاده باطل، ومستقبلهم باطل! ما معنى باطل هنا؟ العلم موجود في دماغهم، والمعلومات مضمونها حلال!!!! فأين البطلان في الموضوع؟!!!...
أيضا، من الأفكار غير المنطقية بطلان شهادتك الجامعية لكتابتك لطلب التسجيل بقلم وجدته على الأرض!!! (ومثلها كتابة سيرتك الذاتية على نسخة غير أصلية في الكمبيوتر)
أولًا: تسجيلك في الجامعة تم بموجب مؤهلاتك، وليس بموجب القلم الذي تكتب به الطلب!!!!! (أو البرنامج، أو جهاز الحاسوب...)
وثانيًا: الأشياء التافهة التي لو ضاعت من شخص لما عاد أدراجه يبحث، ويفتش، ويسأل ليجدها، يمكنك أخذها فورًا، ولا يجب عليك أن تعلن عنها... مثل: قلم حبر جاف...، ملقط غسيل... حبات من السكاكر... إلخ...
بالنسبة لمسألة رش العطر دون إذن: إذا كان من المعتاد بينك وبين شخص ما أن يستخدم كل منكما أشياء الآخر دون استئذان، أو ليس من عادتكما ولكن تعلم أنه لا ينزعج من استخدامك لعطره فلا يحتاج الأمر استئذانًا...، استعمله حلال عليك...
ولن أناقشك فيما تبقى من الأمثلة تفصيلًا، فكلها أفكار سحرية تنشر الحرمة والبطلان في الأشياء كما تنتشر النار في الهشيم، فيطال –أعني البطلان- في مخيلتك ما لا علاقة له به أبدًا، بل ما لا يتصور فيه البطلان أصلًا!!!!
عليك أن تضع حدًا لهذا الانتشار السحري للبطلان والحرمة، بوضع حد للاسترسال في أفكارك، وبوضع خطة جدية للعلاج بإشراف مختص، فهذا الموقع إرشادي تثقيفي لا علاجي، ولا تكفيك هذه الأسطر للنجاة من براثن ما تشتكي منه.
عافاك الله وأعانك.
ويتبع >>>>>>>>>>>>>: وساوس خالصة: تفكير سحري وتنطع أصيل م