جميلة الجميلات مقهورة..!؟
السلام عليكم؛
لا أعرف كيف أبدأ أنا أحس أني إنسانة غريبة لدي العديد من المشاكل ولم أعرف لمن ألجأ... الأطباء النفسيين هنا أشبه بمشايخ الكل يتفق على كلمة صلي وتقربي من الله، هل الارتياح النفسي حكر على المسلمين مثلا حتى يكون علاج كل ضائقة نفسية في الصلاة؟
أم أن الصلاة مجرد مخدر يساعدنا على تحمل كل همومنا لأننا نقتنع بأن هناك أمل أن يصلح الله حالنا وإذا لم نأخذها في الدنيا نأخذها في الآخرة.
المهم إليك نبذة من حياتي وسأذكرها بتفاصيلها الصغيرة لعل ذلك يكون مهما ولعلك تصل لنتيجة أحاسيسي المختلفة:
نشأت في أسرة مكونة من ولد و3 بنات، أنا الكبرى بينهن
طفولتي كانت سعيدة جدا أب حنون وأم متفهمة لم يحرمانا من شيء أبدا
في عمر ال4 سنوات أصيب أمي بحالة نفسية ربما انهيار عصبي حسب ما أتذكر.
كانت تغضب بطريقة مخيفة وكان أخي الوحيد والذي يكبرني بعام واحد يأخذني وأختي التي عمرها سنة ويقفل علينا باب الحمام ونجلس هناك حتى تهدأ أمي أو يأتي أبي.... وهذا الموقف لم يؤثر على علاقتي بأمي أبدا فأنا أحبها وأعلم أنها مريضة وليس بيدها، في مرحلة الروضة أتذكر أني مارست العادة السرية أول مرة أمام أمي وأخوتي عن طريق الاحتكاك الخارجي (فوق الملابس) ووبختني أمي وأصبحت أمارسها بعيدا عن الأنظار.
في المرحلة الثانية من طفولتي من (7 _ 12) كانت سعيدة جدا أيضا وبذل أبي وأمي جهدا خارقا لنعيش حياة رائعة رغم وجود أزمات مادية في وقتها... أمي كانت رائعة وكريمة وتحملت كثيرا كثيرا لكنها كانت تفرق بين معاملتنا ومعاملة أخي، مثلا إذا كنا نحن الأربعة نلعب واقترفنا خطأ ما كانت تخرج أخي من الغرفة ثم تضرب البنات، لم يكن ضربها قاسيا أو مبرحا لكنه تأديبي فقط.
أصبت بالصرع وتناولت الديباكتين والتغريتول لمدة 3 سنوات
في مرحلة المراهقة لم أعش أي مراهقة، نشأت في مدينة لا يوجد بها أي نوع من أنواع الاختلاط وليس لنا أقارب ذكور أو جيران لذلك لم يكن لي أي علاقات نهائيا، ولم أتعلق بزميلة أو أفكر في معلمة بطريقة غير سوية، لم أكن أفكر في موضوع العاطفة أو الجنس نهائيا ماعدا بضع مرات من العادة السرية بنفس الطريقة التي كنت أفعلها وأنا صغيرة دون نزع الملابس، وكنت أشعر بذنب فظيع بعدها إلا أنني لم أستطع تركها، أتذكر أن أول إعجاب عندما نزلنا في صيف أحد الأعوام إلى الأردن وكان عمري 15 وشاهدت ابن الجيران فأعجبت به كثيرا لكن لم أتحدث إليه ولم أكلمه أبدا بل كنت أنتظره عند الشباك لأراه وهو داخل أو خارج وكان هو ينظر ويبتسم فقط.
أصبت بمرض الصدفية في سن الخامسة عشر، وكان شعور صعبا نظرات الناس واستفساراتهم تقزز البعض من لمسي أو مصافحتي، أصبحت أتعمد لبس ملابس ساترة أغطي بها المرض كي لا أتعرض للإحراج، تحجبت عندما أنهيت المرحلة المتوسطة، ارتديته كي أجربه وخرجت لأريه لأمي وزوجة خالي فزغرطوا وباركولي لكني قلت لهم أني أجربه فقط، قالوا ستحبينه وبدأوا بإشاعة الخبر أني تحجبت، واضطررت أن ألتزم بالحجاب رغم عدم إقتناعي الكامل به عندما أصبح عمري 16 سنة بدأت أتغير، بعد سنين من الغربة استطعنا زيارة بلدنا الأم في أحد الصيفيات، في تل الصيفية أحسست باختلاف غريب عجيب في طباعي، بعد أن حدثتني بنت عمي عن شاب من أقربائنا وأنه يحاول أن يعجبها وأنه معروف بعلاقاته الغرامية الكثيرة، أحسست بداخلي بنوع من التحدي على أن أجعل هذا الشاب يهمشها ويجري ورائي، وبالفعل نجحت في ذلك.
شعرت بنشوة عارمة خصوصا أني بسبب الصدفية قلت ثقتي بنفسي كثيرا، تبادلت مع هذا الشاب بعض القبلات والأحضان ولا شيء أكثر، وعندما تقدم لخطبتي رفضته لأني لا أراه من مستواي، أنا أبحث عن شخص غني وله نفوذ وهذا ليس لديه أي منهما، وانتهى الموضوع عند هذا الحد وعدت للهدوء الذي كنت فيه, وتعلقت في نهاية المرحلة الثانوية بممثل وأصبحت أجمع صوره وأراسله، ولا شيء غير ذلك.
العديد طلبوا مني الزواج منذ المرحلة المتوسطة لكن كان أبي دائما يرفض فالتعليم أهم، كان ممن خطبني مسؤولين وأثرياء وأصحاب مناصب عليا، هذا الشيء عزز ثقتي بنفسي كثيرا وأصبحت أرى نفسي (فرجينيا جميلة الجميلات) لأن كل من كان يراني كان يبالغ في مدحي رجالا ونساء على السواء، قد يكون ذلك مجاملة لا أكثر ولكني كنت آخذه على محمل الجد خصوصا أني الوحيدة التي كانت تأتيها عروض زواج في عائلتنا رغم وجود فتات في عائلتنا أكبر مني بعشر سنوات.
خطبت لشخص بطريقة تقليدية، لم يعجبني شكله ولا أسلوبه ولكني وافقت فقط لأن مادياته ووضعه ممتاز وليعرف الجميع أني أول من تزوج في عائلتنا (أعتقد هذا لوحده مرض) صارحته بوجود الصدفية ولم يمانع أبدا (مثله مثل غيره) كان يرى أني مجموعة مميزات لا يؤثر فيها وجود عيب ضئيل كالصدفية عقدنا قراننا ولكني قبل الزواج بشهر طلبت الانفصال لأنه لم يكن كريما أو صاحب شخصية قوية وهما أمران مهمان للغاية عندي حاولت التغاضي عنها ولم أستطع وفعلا انفصلنا... لم أشعر بأي ندم أو حزن، هو الخسران، دعمني أهلي وصديقاتي واستمرت الحياة.
بعد انفصالي سافرت إلى بلدي الأم لألتحق بالجامعة الفرع الذي حلمت به دائما، لوحدي دون رقابة من أهلي، فقط أخي الكبير الذي أعتبره صديقا مقربا لي وأحب من في هذه الدنيا إلي، ولم يكن رجل شرقي فهو صاحب فكر منفتح ومتحرر لذلك لم يكن يعارض التواصل مع الشباب.
تغيرت شخصيتي تماما، أصبح همي الوحيد جمع الرجال حولي، ليس بحثا عن الزواج أو الحب، إنما هواية فقط، مثلما يوجد أناس يحبون جمع الطوابع أنا أحب جمع الرجال، كل من وضعته في بالي استطعت الحصول عليه حتى إذا عرض علي الزواج أحسست بالملل منه وتركته.
لم أعتمد على الإغراء الجسدي في اجتذاب الرجال أبدا حتى أني لم أخزلع الحجاب أبدا ولم يلمسوني أبدا، كلمات فقط، أسلوب معاملة، ضحك مزح، نظرات، أسلوبي ظاهريا يدل على قمة البراءة ولكنني أعرف ما أفعله وأعرف أنه يؤثر فيهم، كل واحد منهم كان يظن أنه مميز ولم يشعر أحد بما أفعله مع الآخر.. كل واحد كان يظن أني له فقط ويثق في بطريقة عمياء.
ثقتي في نفسي في أعلى درجاتها أنا المحبوبة المرغوبة من الجميع. الجميع يحب أسلوبي وطريقتي في الكلام والجميع شباب وفتيات يتفقون أني أضفي على الجلسة روح المرح.
أحد الأشخاص كنت أحاول اجتذابه ونجحت ثم وقعت في حبه وكان ببيننا علاقة عميقة جدا، عندما صارحت أهلي برغبته بالزواج بي وأني موافقة، ثارت ثائرتهم هو بدون مال بدون منصب بدون شهادة ثانوية وبدون حتى نسب يفتخر به، حاولوا أن يثنوني عن قراري فرفضت فأعادوني إلى البلد الذي نقيم فيه ومنعوني من الجامعة (هذا شيء لا أسامح أهلي عليه لأني بذلت جهدا حقيقيا لأقبل في هذا التخصص وكان بمثابة حلم لي وحطموه بكل بساطة).
خطبت كثيرا بطريقة تقليدية ورفضت لأني أريد من أحبه، لكنني استمريت في اجتذاب الشباب. بعد عدة أعوام تخرجت من إحدى الجامعات الموجودة في بلد إقامتنا وبعد أن لاحظ أهلي إصراري على الزواج بمن أريده وافقوا وتم الزواج. وهنا انقلبت حياتي رأسا على عقب:
1- الرجل الذي تزوجته لا يشبه بأي شكل الرجل الذي أحببته
2- جاف عاطفيا لا يقول كلمات الحب
3- أسلوبه جاف في الطلب والانتقاد وحتى في تقبل الهدايا
4- العلاقة الزوجية يفهمها على أنه حق خاص به، يمارسه يوميا مرة أو أكثر، يحاول إسعادي أثناء العلاقة لكن لا يراعي ظروفي النفسية قبل البدء فيها أو إذا كان وقتها مناسبا لي أو لا
5- يكذب في أمور تافهة جدا ولا تستحق الكذب، والمشكلة أنه ينسى وكل مرة يروي فيها الكذبة بشكل مختلف
6- يرى أن المرأة كائن درجة ثانية، عنجهي، لا يقبل النقاش في أي موضوع، كلمته هي العليا والوحيدة
7- يسخر مني وينتقدني بطريقة جارحة وينتقد كل ما أفعله
8- إذا غضب يضربني بقسوة، ولم يتوقف عن هذه العادة حتى ضربته أنا بدوري في آخر مرة ضربني فيها، لكنه لايزال يهدد بالضرب
9- كان يطلب مني ممارسات شاذة كأن أنام مع شخص غيره أو يجمع بيني وبين فتاة أخرى في ممارسة الجنس أو يذكر أسماء قريباتنا من باب التخيل أثناء العلاقة
ثقتي في نفسي أصبحت معدومة، أصبحت أرى نفسي بين النساء الأقل جمالا والأقل مالا والأقل حظا والأقل احترما
حصلت على وظيفة عن طريق صديقتي أصبح يجبرني على أن أعطيه الراتب، في آخر شهر رفضت وقلت لا هذا تعبي فاتصل بمديري وطلب منه فصلي من العمل وحقق مديري طلبه تجنبا للمشاكل.
حاولت كثيرا أن أصلح علاقتنا، طلبت الطلاق ورفضه أهلي لأن الرجل اختياري وأنا من أصريت عليه أصبحت إنسانة محطمة كئيبة، مهملة لشكلي وملبسي وثقافتي ومنزلي وحتى أطفالي.
لم أعد أهتم بما يقوله أو يفعله، يصرخ لأني غير مرتبة أو لأن المنزل فوضى أو لأن الغداء غير جاهز، أنظر إليه وأسكت، أحس أنني جسد بلا روح.
عدت لعادتي القديمة في اجتذاب الشباب ونجحت في ذلك لكن لم تزد ثقتي في نفسيكما توقعت، شعرت بذنب فظيع وأنني خائنة وحقيرة واعترفت له بما فعلته، علما أن خروجي مع الشباب لم يتعدى فنجان قهوة في منزل أحدهم في أعظم الحالات
ضربني ضربا مبرحا وقال لي كلاما قبيحا لم أرد، كان بودي أن أصرخ بوجهه أنه السبب لكني سكت لأني أعرف أنه لا يقتنع إلا بما يقوله هو.
مضى على زواجنا 8 سنوات، أشعر بالضياع والملل والفراغ والوحدة، آكل كثيرا بشراهة حتى أني أحيانا أصاب بالغثيان وأستمر في الأكل، خلال 3 سنوات زاد وزني 30 كيلو، فكرت في الانتحار كثيرا، دعوت عليه بالموت، دعوت على نفسي، أحس أني في سجن أحس أني مخنوقة.
أحيانا أتمنى الانتحار، وأحيانا تأتيني خيالات بأني أقتل أطفالي ثم أنتحر لكي يكونوا أطفالي معي، ذات مرة وجدت نفسي أغطي فم وأنف ابنتي بيدي فأبعدتها وبكيت كثيرا، لجأت لطبيب نفسي، قلت له أني أهوى اجتذاب الشباب قال لي بالحرف (يحق لك) ثم حاول التحرش بي فتركته، زادت كآبتي وكسلي وخمولي، مشاعر كئيبة جدا بداخلي لا شيء سوى الظلام في داخلي، ومع هذا إذا كنت مع جماعة أضحك وأمزح وكأنني أسعد إنسانة في العالم، والله يشهد على الألم والقهر والحقد والإحساس بالظلم الذي في داخلي.
أشعر أن حياتي تافهة ولا معنى لها، أشعر أني شخصيا تافهة، على أبواب الثلاثين ولم أفعل في حياتي سوى انجاب الأبناء، مثلي مثل أي فلاحة من القرون الوسطى، لم أتقدم وظيفيا لأنه رفض أن أحصل على وظيفة، ليس لي صديقات ومجتمع لأنه بيتوتي جدا، ليس لي طموح أبدا.
أشعر بضيق فظيع جدا جدا.
أرجوك ساعدني لا أعرف مالذي أريده لكن أريد أن أسعد نفسي، أن أعرف كيف أتعامل مع زوج بهذه المواصفات.
ملاحظات نسيت ذكرها في مشكلتي (جميلة الجميلات مقهورة)
1- عندما كنت طفلة كان حلمي أن أكون راقصة، أو محظية أو سكرتيرة تجذب المدير، كل رغباتي كان لها علاقة (دون أن أفهم ذلك) بإغواء الرجال
2- زوجي رغم أن علاقتنا بشكل عام متأزمة إلا أنه أحيانا يكون كالملاك ويشبعني بكلمات الحب والغزل ويطلب رضاي، ولكن لا أعرف سر تحوله من حالة إلى حالة
3- أميل كثيرا إلى البكاء لوحدي وأفكر مؤخرا كثيرا في إيذاء نفسي جسديا.
14/11/2013
رد المستشار
كنت ولا زلت خادعة ومخدوعة طوال الوقت سيدتي، خدعت نفسك منذ أعوام الطفولة؛ بأنك كنت طفلة سعيدة وهذا لم يحدث قط؛ فكنت تتجرعين ألم حرمان الشعور بوجودك كإنسان له أهمية ويحتاج للأمان، أتذكرين كيف كنت تجلسين في الحمام مقفول عليك حتى تهدأ والدتك دون أن تعرفي حقيقة ما يحدث مرارًا وتكرارًا؟!، أتدرين أن مثل هذا الحدث في حياة الطفل يقتل الشعورعنده بالأمان خصوصًا مع تكراره؟، ولكنك آثرت أن تريْ والدتك ووالدك بخير ويؤمنان لك مناخ الطمأنينة والسعادة، بما يوفرانه من مأكل ومشرب، ونزهات وملابس!، ولكن جهازك النفسي أبى ذلك فعبر عن ارتباكه وتعبه النفسي بالصرع تارة، وبالصدفية تارة، ولكنك تحبين خداع ذاتك كما تخدعين غيرك تمامًا، فقولي لي أين حقيقة علاقتك بوالدتك، أو والدك؟،
هل تعرف والدتك بما يدور في رأسك من أفكار؟، هل شاركت أحدا من أفراد أسرتك لأحلامك ومشكلاتك وهمومك؟، أين تلك هذه السعادة التي تحدثت عنها حتى نهاية مراهقتك؟، أتدرين ماذا فعلت؟ لقد تشبثت بالسطحية في كل شيء في حياتك لتخدعي نفسك مرة ومرات بأن هذه السطحية هي نفسها منتهى العمق!، وتعالي نرى سويًا؛.. فلقد رأيت ملامح وجهك وتقسيمة قدك هو كل الجمال!، حتى طبيبك النفساني تحرش بك! رغم أنه بالطبع قال كثيرًا عما حدثته عنه ولكنك وقفت عند تلك الجمل التي تخص جمالك وهرولة الرجال نحوك لتثبتي لنفسك أنك أنت التي على حق!-مع رفضي طبعًا لما قاله بلا أدنى شك-، واختزلت الثقة بالنفس لديك واحساسك بالوجود والأهمية والتميز بهالة الرجال المغفلين من حولك بل وتجعلينهم يرونك بريئة متميزة لم تنجب أم مثلك!،
وحتى نهايتك الدرامية بالزواج من هذا الرجل وصفتها بأنها كانت علاقة عميقة!!، وحاربت من أجل الزواج منه، رغم أن إكمال دراستك التي كنت تريدينها كانت أولى بهذا الصراع، ولكن على رغم عمق العلاقة بينك وبين من تزوجت إلا أن كل اكتشافاتك التي تجعل الأقل جمالًا وأهمية في الحياة ترفض مثل هذا الرجل الذي يطلب أن يجامع زوجته رجلًا غيره وأمامه!،ألم تظهر تلك المصائب أثناء هذا العمق؟!، وها أنت تختزلين وجود أطفال لك بأنهم مجرد روتين وأمر تفعله أي قروية جاهلة لا تساوي كثيرًا!،...
وخدعت من حولك أيضًا طوال الوقت؛ فكذبت، واستغليت ثقة من حولك فيك، وأغويت رجال بلهاء وبلا جنس؛ وكانت مشكلتهم أنهم كانوا هم أصدق في مشاعرهم نحوك، وكنت تظهرين رونق ومرح في أي لقاء بلا سعادة حقيقية ولا صدق في المشاعر؛ رغم أنهم كانوا سعداء بالفعل لتعليقاتك ووجودك وسطهم!،
فلتقدمي العزاء في تقديرك الحقيقي لنفسك وإحساسك؛ فلقد عشت سيدتي صراعًا مستمرًا بداخلك طوال سنوات عمرك وكان موضوعه واحد لا غير.. هو أنتِ فقط، لم تتمكني من رؤية أي آخر بصدق، ولا شغلت رأسك به بصدق، لا أهل، ولا رجال أحبوك، ولا زوج، ولا حب، ولا أبناء، ولا أصدقاء، أنتِ وأنتِ فقط، ماذا تأخذين، وكيف تحصلين على ما تريدين، وكيف تظلين في بؤرة النور عند من تعرفين ومن لا تعرفين،..
ولن أحدثك عن الله سبحانه وتعالى وأقول لك حرام وحلال، ولن أقول لك صلي وأدعو لله تعالى فتحل مشكلاتك، ولكن سأقول أنني وجدت لديك أمرًا كبيرًا مهمًا إن أردت استخدامه سيكون سبيل ارتياحك بصدق، ألا وهو "بقايا ضمير حي"؛ فأنت رغم كل ما حدث ويحدث إلا أنك تؤنبين نفسك، وتحاسبينها، وتقسين عليها، وتتمكنين بين الحين والحين من ردعها رغم الوقوع في الزلات مرة تلو الأخرى، وبقايا ضميرك الحي هو طوق نجاتك من الصراع البائس الذي لم يغني ولم يسمن من جوع، ومن وقوعك في الإلحاد، ومن وقوعك فريسة لأمراض نفسية أكثر وطأة مما أنت عليه، وسيحدث ذلك إن أردت حين تقومين وتعيين تلك النقاط:
- الحياة الحقيقية هي الحياة التي يكون لها معنى وقيمة؛ والقيمة والمعنى موجود في كل شيء إن أراد الإنسان؛ ويكون المعنى أعمق وأحلى حين يستخدم الإنسان نقاط قوته ويقوم بتفعيلها؛ فلعل مهاراتك في الحديث مع الآخرين، أو قدرتك على جذب الانتباه، أو ذوقك الراقي، أو جمال ملامحك تكون هي ما ستجعل لحياتك معنى؛ حين تحاولين مثلًا تعليم آخرين المهارات الاجتماعية في التواصل فيما بينهم، أو تعليم الفتيات كيفية التزين، أو غيره؟،.. فأترك لك البحث والإبداع في هذا؟
- غواية الرجل تحمل تفسيرات كثيرة ولكن على أية حال؛ قد يكون سببها مما حدثتينا عنه في سطورك وفهمناه؛ لكن الرجل في النهاية عندك ليس له قيمة في حد ذاته، إلا أن ينبهر ويرغبك ويتحدث عن جمالك طوال الوقت؛ فهو وسيلة لتحقيق نرجسيتك، فالحل هنا ليس في كيفية وقف الجري وراء الإغواء، ولكن في فهم حقيقة النرجسية وعلاجها بصبر ودأب إن اعترفت بها من الأساس.
- تدربي على العطاء بصدق؛ وبذل جهد حقيقي لآخر، ولتبدئي بأطفالك؛ فلتجتهدي في التعرف عليهم وتقديم الحب والاهتمام النفسي لهم خارج إطار المأكل والملبس،....الخ، واقرئي وطوري نفسك، واقرئي في الشخصية النرجسية والشخصية الهيستيرية، وتطوعي في أعمال تطوعية تحث بداخلك العطاء والقيم الإيجابية، وغيره.
- الخروج من النرجسية أمر شاق جدًا وصعب، ولكنه ليس مستحيلًا؛ بالتدرب والتدرج والتكرار لقيمة العطاء، والتواصل مع الآخر لتكون العلاقة معه في صورة أخذ وعطاء ستساعدك كثيرًا.
- الميل للرجال فطري، ولدى الشخصية التي تعاني كذلك من درجة من حب الدراما -الهستيرية-، والإسراف في التعبير عن الشعور بشكل مبالغ فيه خاررجيًا مع ضحالته في الواقع، تجعل الرغبة في إغوائهم أعلى؛ وهذا يفسر عدم رغبتك الجنسية فيهم وتمكنك التام من الوقوع في أكثر من قبلات وأحضان؛ لأن الشخصية الدرامية تتحدث عن الجنس دون أن تعني حبها الحقيقي فيه، وتتحدث عن الحب ولا تقدم بذل حقيقي له، وتتحدث عن الصداقة ولا تقدم تضحيات للحفاظ على متانة تلك الصداقات، وهكذا، لذا ما ينتظرك من "شغل" على نفسك كثير سيدتي.
- أما زوجك فبعد أن صورته لنا على أنه رجل قاسي، متوحش، غبي في ردود أفعاله مع الأنثى، ديوث يطلب منك معاشرة رجال، له شذوذاته، قلت أنه يتحول لملاك ويتحدث عن الحب ويعبر عنه، ويسترضيك!،- إنها الدراما ثانيًة- ؛ فلتراجعي بحياد حقيقة هذا الزوج، وساعديه أن يأخذ الدور الذي تريدينه منه، ولن يحدث ذلك إلا إذا صدقت مع نفسك كما تفعلين أحيانًا، وتسألين نفسك هل أسعده أم أبحث عن سعادتي أنا فقط؟، هل أدفعه للتهور معي، أم هو رجل يستخدم يده قبل لسانه فعلًا؟، هل ما يطلبه مني في العلاقة الخاصة مجرد حديث وتفريغ لديه لا أكثر من باب الخطل، أم هو يعنيه؟، هل أستمتع بالجنس فعلًا، أم أمارسه لسبب نفسي آخر؟،..الخ.
- أخيرًا.. لم أقل لك كل ما أردت، ولكن إن وجدت ما قلته صعب عليك استيعابه، أو تنفيذه؛ فلا مفر من التواصل مع طبيب نفسي ماهر والأطباء النفسانيون المحترمون كثر، أو طبيبة نفسية أفضل على أن تكون ماهرة، وإن وجدت نفسك غاضبة مني، وتتصورين أنني لم أقدر معاناتك فتذكري أنك مخطئة في ذلك؛ فكل ما قلته كان لأجلك أنت، وتابعينا بأخبارك.
التعليق: السلام عليكم
أختي الكريمة، صحابة الرسول صلي الله عليه وسلم قبل الإسلام، منهم من كان يشرب الخمر، ومنهم من كان يعذب ويقتل المسلمين، ثم رضوان الله عليهم اهتدوا وانقلبوا إلى أشخاص رضي الله عنهم، يعلمون الناس الخير.
الله سبحانه وتعالى أقسم بالنفس اللوامة في القرآن، إذاً فهي نفس يحبها الله، تلوم نفسها على المعصية وهي مؤهلة للنفس المطمئنة والنفس المطمئنة هي الأفضل عند الله.
ابحثي عن قصة "مالك بن دينار" وستعلمين أن الله غفور رحيم واسع كرمه ودود، وأن البشر فقراء ضعفاء.
حاولي التقرب إلى الله بأعمال فيها عطاء بالأسلوب المناسب لطبيعتك لتحبي العطاء. فالعطاء يكمن فيه قوة تجعل نفسك أكثر دفئا وتوازنا بقدر الإمكان وتتحمل أقوى الصدمات.
تتفتح أبواب الخير سواء التبرع بمال أو بدم أو بأشياء أو بأعمال تطوعية. كلها أعمال تعطي بركة فيما تعطي منه ولا ينقص بل يزيد كثيراً. واسألي المجربين الصادقين في عطائهم لا يبغون مديحا.
نعم من حقك الاهتمام بنفسك، ولكن للآخرين حقا عليك. فإن أهملت نفسك، كرهت العطاء وتوقفت عنه. فنفسك أولاً ثم الآخرين. نفسك أولاً لا يعني عدم العطاء للآخرين، والعطاء للآخرين لا يعني أن تنسي نفسك.