وسواس قاهر جدا وغريب ومزعج, ومقلق وأرجو المساعدة بسرعة
السلام عليكم, والصلاة والسلام على سيدنا محمد؛
أنا شاب عمري 18 سنة والحمد لله وبفضل الله ملتزم لكني فاهم الدين بشكل صعب جدا بنظري وأن الدين يقف لشخص على النقرة وهذه سبب لي هم كبير جدا واكتئاب والمشكلة غريبة جدا, وأريد أن أقوم بطرحها على شكل نقاط، فمشكلتي أن ضميري يؤنبني كثيرااا، وأنا هدفي أن أبتعد وأتجنب قدر المستطاع قدر! الإمكان!! من الإثم أو السيئات وبالتالي لا أعلم إذا الذي أصابني هل هو الصح أم هو وسواس قاهر فأنا لا أشعر بحلاوة في الإيمان وأشعر بهم فأرجوكم الله يوفقكم أن تجدوا إلي حل أن أتقيد فيه دايما ويكون جواب كافي شافي صافي ومن بعض هذه الوساوس أو وهي:
1- أنا طالب جامعة في جامعة مختلطة الحمد لله أنا أغض بصري لكن لكل إنسان النظرة الأولى الفجائية, فالنظرة الأولى هذه!! يصبح ضميري يؤنبني عليها وأني سوف أثم عليها وهذه يسبب لي تنفر من غض البصر, فأريد أن أعرف في أي حالة آخذ الأجر وفي أي حالة آخذ الإثم.
2- أيضا يؤنبني ضميري جدا في هذه الحالة عندما أكون جالس بصدفة مع شخص أو جالس عن قصد أو مروري من جانب أي شخص بصدفة، وأسمعه يسب! أو يقذف بالإعراض أو يتكل كلام بذيء أو يغتاب أو يتكلم عن البنات، فبتالي أنا إذا كان صديق لي أنصحه وإذا كان شخص بصدفة أبتعد عنه ولكن المشكلة أني في كلتا الحالتين ضميري يؤنبني أني سوف آثم بمجرد أني جلست مع شخص سب حتى لو نصحته ضميري يؤنبني أني سوف أثم بسبب جلوسي مع هذه الشخص فأريد أن أعرف في أي حالة آخذ الأجر وفي أي حالة آخذ أثم.
3- والحالة الثالثة أني عندما أكون على السبيل المثال راكب مع تاكسي أو جالس مع شخص أو مررت بجانب أي شخص يفعل أي شيء مخالف للشرع وللدين مثل شوفير التاكسي يشغل أغاني أو شخص يغتاب أو يقذف في الأعراض, أنا في الحالة هذه ضميري يؤنبني استنادا للحديث: إذا رأيت منكرا فغيره بيدك فإن لم تستطع فبلسانك فإن لم تستطع فبقلبك فضميري يؤنبني أني سوف أثم وآخذ الذنب لأني لم أوافق الحديث ولم أطبقه وفي الحقيقة فإنه يصعب علي النصح نظرا للمجتمع وقد يحصل مشاكل ولا أحد يحب أن ينصحه وبالتالي فضميري يؤنبني كثيرا على أني آخذ إثم عندما لا أنصح أو أن أصاحب شخص يدخن وأنا لا أطبق الحديث وما المقصود في الحديث؟ وهل هناك نهي على أنه ممنوع السكوت عن المنكر أو الشيء إجباري يجب أن أغير المنكر؟ وفي أي حالة الإثم يأتي وفي أي حالة أوجر.
4- يؤنبني أيضا ضميري أنه سوف آثم لعدم خشوعي في الصلاة!!
5- يؤنبني ضميري عندما أستيقظ من النوم وأقوم دون أن أرتب فراشي أو غرفتي وعدم ترتيبي هذه يسبب لي تأنيب ضمير أني سوف آثم.
6- وعندي مبالغة كبيرة في الكذب من ناحية على سبيل المثال: أنتم في الموقع تطلبوا الاسم الأول والاسم الأخير أنا قمت بوضع اسم غير اسمي، وضع اسم غير اسمي وقعني في تأنيب الضمير وأني قد أثم، لأني كذبت فعقلي وضميري حلل أني لعدم وضع اسمي الصحيح داخل المربعات لموقعكم أني قد آثم.
7- ضميري يؤنبني أيضا عندما أنصح صديق لي في الدين والشريعة أنصحه في الصلاة أو الاعتدال وترك المنكرات فضميري يؤنبني لأني أنصح بغير علم فأنا أدرس قانون لا أدرس شريعة وبالتالي عندما أنصح شخص ضميري يؤنبني كثيرا لنصحي بغير علم هكذا عقلي وضميري يحلل مع أني لا أدخل في نقاشات وتفسير آيات ولا أحاديث معلومات بسيطة في النصح فأريد أن أعرف أيضا في هذه الحالة, في أي حالة آخذ الأجر وفي أي حالة آخذ إثم.
8- أنا أرفع إزاري أي طرف البنطلون... فأحيانا يسترخي أي ينزل دون قصد تحت الكعبين فأنا عندما ينزل تحت الكعبين يصبح ضميري يؤنبني أني سوف آثم.
9- عندما أكون أسير في الشارع يكون في بعض الأوساخ على الأرض الآن في الحارة هذه ضميري يؤنبني على أني سوف آثم لعدم، أخذي لهذه القذارة وإلقائها في القمامة هذا شيء عجيب!
10- وفي المحاضرة في الجامعة تعلمنا معلمة وهي تضع مكياج كثيرا لأن أنا مضطر أن أنظر لها، يصبح ضميري يؤنبني لنظري لها وأنا سوف آثم..!!
11- وأريد أن توضحوا شروط الحديث وضوابطها بالتحديد لأني عندما أتكلم مع أي حد أشعر أني أذنبت وأني آثم
12- أشعر بذنب عندما أظن في أحد مع أنه لا ينعكس هذه للفعل أو قول.
13- أشعر بالذنب وفي الإثم في حالة قمت في إضاعة جزء من وقتي في غير التعلم والعبادة من أجل الاستمتاع والمرح والتسالي حتى لو رفهت عن نفسي ساعة!!!
# صدقوني أنا أشعر نفسي في سجن مقفل علي من كل الجهات صدقوني أنا في وضع صعب جدا وأريد حلا وأن يكون الحل كافيا وكاملا وأن أتقيد فيه دائما وأريد أن أشعر أني في آخر اليوم لم آثم ولا إثم وهذا علمه عند الله نعم, ولكن الشخص يجب أن يحاسب نفسه لكن أنا مع أني أصلي كل الصلوات في المسجد وأذكر الله بعد الصلاة نصف ساعة أصلي قيام الليل الحمد لله وأقوم بالكثير من العبادات الحمد لله فضل الله فضله وأقرأ قرآن الحمد لله الحمد لله إلا أني أشعر أني في آخر اليوم أقف مع نفسي صدقني وكأن جبال ذنوب على ظهري استنادا للوساوس التي عرضتها عليكم مع العلم أن هذه الوساوس قد تغطي من الوساوس الآخر التي تأتيني 70 % فقط وشكرا وأرجو المساعدة وفقكم الله.
28/11/2013
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته؛
آسفة جدًا على تأخيري...، كلما جلست لأكتب في الاستشارات، ينقطع التيار الكهربائي، ولو تعلم كم مرة انقطت الكهرباء وأنا أكتب الإجابة!!، فإذا جاءت مكثَتْ قليلًا فلا أجد الوقت الكافي للإجابة...، وطبعًا ليس الحق على الكهرباء وحدها لكنها تشكل 90% من الأسباب التي أخرتني، فسامحني.
إنه لمن توفيق الله تعالى لك أن عرفت أن ما بك وسواس وتفكير سقيم، ولم تكن مقتنعًا –سواء من نفسك أو أحد أقنعك- بأن هذه هي محاسبة النفس التي يدعو إليها الشرع!!
إن من سمات الموسوسين فرط الشعور بالمسؤولية والذنب، وهذا الذي يدفعهم إلى مراقبة كل حركة تصدر منهم، وكل فكرة تطرق ذهنهم، فيحللونها ويقيسونها، ويشدونها ويمطونها ويقلقون منها وبالتالي يتحاشونها، ويتحاشون كل ما يثيرها خشية الندم والمحاسبة.
جميل أن يسعى الإنسان إلى الاستقامة، وهجران الذنوب كلها، لكن هذا مستحيل، فالإنسان لا ينفك عن الخطأ، لا معصوم إلا الأنبياء، قال صلى الله عليه وسلم: ((كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون))... هذا قانون إلهي في الإنسان، ومن حِكَم خلق الإنسان هكذا أن يشعر بضعفه وحب الله تعالى له إذ يقبله على ما فيه، وهو دواء للتكبر والإعجاب بالنفس.
ولما كان الإنسان خطاء، لا ينفك عن ذلك، كان العدل والكرم الإلهي أن يجعل باب التوبة مفتوحًا لكل مذنب، يخطئ فيتوب ويستغفر، فيُمْحَى ذنبه، وينتهي الأمر... ما ينبغي أن تشغل بالك به بعد ذلك، لأنه انتهى وزال، ولم يعد له وجود!
بل ينبغي أن تتجه النفس بعد التوبة إلى التفكر بآلاء الله وصفاته وجميل أفعاله...، وألا تضيع وقتها فيما يضر ولا ينفع...
وهذا في حال اقتراف الذنوب فعلًا، ليس كأفعالك التي لا تعد ذنبًا أصلًا!!!
* فمما عددته ذنوبًا، أمور لا إرادية، لا هي ذنب، ولا فيها محاسبة مثل:
- النظرة الأولى الفجائية، فلا أحد يسلم منها...، كلنا نسير في الشارع، ونخالط الفسقة ونضطر إلى التعامل مع الجنس الآخر... ولابد من نظرة تقع عليها عينك... هذه لا إثم فيها، ولكن الإثم في أن تتابع النظر وتكرره لأن هذا يصبح بإرادتك... وحتى لو حصل، استغفر الله، وسيغفر وتعود صحائفك نظيفة، فلمَ تشغل نفسك بالتفكر بالأوساخ؟ استمتع بالنقاء الذي أصبحت فيه...
ومثل ذلك النظر إلى المعلمة... النظرة الأولى والعابرة دون التحديق والتكرار لا مشكلة فيها، ولا أظن أن اختصاصك في القانون يستدعي النظر إليها كثيرًا، اكتفي بالسماع منها، فإن شرحت شيئًا على السبورة اهتم بما تكتبه، واترك الأمور تسير بيسر بعد هذا... وقعت عينك عليها وهي تكتب...، لم تستطع إلا أن تنظر إليها وهي تشرح قبل أن تكتب على السبورة...، كل هذا لا تفكر فيه... نحن نعيش في عصر لا يمكنك إلا أن تفعل شيئًا من هذا... هذا بلاء عام لا يمكنك الفكاك عنه، لا تكلف إلا أن تكون غير راضٍ بالمعاصي من حولك، وألا تتعمد النظر والتحديق... واهتم بالدرس ولا تصرف ذهنك في غيره...
صعبة هي تلك الحالة التي تعيشونها...، خاصة مع الثياب.. –عفوًا- الطلاء الذي تطلي به النساء أجسادها في زماننا... أعانكم الله... وهل قال عنهن النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها)) إلا لأن فعلهن من عظائم الذنوب؟ يجعلن الرجال يعانون هذا العذاب الأليم ليستمتعن ببعض رغباتهن! حب التزين ورغبة في كونهن جميلات، تتطور إلى استمتاع بلفت الأنظار، ثم إلى فتنة وعذاب أليم لهن قبل غيرهن... فالجزاء من جنس العمل، نسأل الله لهن الهداية، لو كنّ يدركن معنى الجنة ومعنى النار حقًا ما فعلن هذا...
نرجع لموضوعنا ونترك هذا الاستطراد في موضوع يكوي قلبي، شفقة عليهن قبل أي شيء آخر...
- من الأمور اللاإرادية أيضًا: استرخاء طرف البنطلون وحده!!! لست مسؤولًا يا ولدي عن تصرفات غيرك من الجمادات والأحياء، أيًا كانوا!! ولكنك تملك التصحيح، وفي تصحيحك الأجر لإتيانك بطاعة... وفعل مأمور به...
قال صلى الله عليه وسلم: «من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة». قال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله إن أحد شقى إزاري يسترخى، إلا أن أتعاهد ذلك منه. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - «لست ممن يصنعه خيلاء».
فالحرمة تكون في إرخاء الثوب وجره تكبرًا واختيالًا...، أما لو أرخيته قصدًا لا للتكبر فهو مكروه فقط، وإن ارتخى وحده فلا شيء فيه أبدًا...
- من أسئلتك التي تصنف هنا: أن تظن في أحد ظن سوء، دون أن تنقله إلى حيز القول أو الفعل: مجرد ورود ظن السوء على الذهن لا إثم فيه فهو من أحاديث النفس التي عفي عنها... قال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم يتكلموا أو يعملوا به)). لا تصرّ على ظنك، ولا تحوله إلى فعل أو قول، ولست بآثم.
*ومما عددته مصدرًا للإثم، أمورًا ليست بواجبة أصلًا حتى تأثم بتركها، كالخشوع في الصلاة أو ترتيب غرفتك، أو إزالة الأوساخ من الطريق!! هذه لا تزيد عن كونها سنة وتارك السنة لا يأثم، إنما يثاب على الفعل...
ويشبه هذا تأثمّك من إمضاء شيء من وقتك بغير العلم والعبادة!!!! ومن يستطيع هذا يا ولدي؟ الجسم والعقل والقلب تحتاج للراحة لتكمل مسيرة الطاعة، وإلا تعبت ولم تصل إلى مقصدك...
النبي صلى الله عليه وسلم نهى إرهاق النفس بالعمل والعبادة، وعدم إعطائها حقها من الراحة، وقد ورد هذا في أحاديث كثيرة، أشهرها:
عن أنس رضي الله عنه، أن نفرًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سألوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن عمله في السر؟ فقال بعضهم: لا أتزوج النساء، وقال بعضهم: لا آكل اللحم، وقال بعضهم: لا أنام على فراش، فحمد الله وأثنى عليه. فقال: «ما بال أقوام قالوا كذا وكذا؟ لكني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني».
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم فإذا حبل ممدود بين الساريتين، فقال: «ما هذا الحبل؟» قالوا: هذا حبل لزينب فإذا فترت تعلقت. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا، حُلُّوه ليصل أحدكم نشاطه، فإذا فَتَر فليقعد».
وهناك غير هذا كثير، المهم أن تعلم أن الغلط هو ملء وقتك كله بالعلم والعبادة، والصحيح والمطلوب هو ترك فسحة للنفس كي ترتاح وتتنشط لأداء واجباتها...
واعلم أنه ما يكون كمالًا في حق شخص ما، قد يكون نقصًا أو شططًا في حق آخر...، فصلاة الإنسان الصحيح قائمًا هو الكمال، وقعوده نقص...، بينما المريض الذي يضره الوقوف يكون وقوفه شططًا منه، وإضرارًا بنفسه، والكمال بالنسبة له هو القعود!! وهكذا نتعامل مع الفروق الشخصية بين إنسان وآخر.. لا تهمنا صورة الفعل بقدر ما تهمنا مناسبته للفاعل والظروف من حوله...
*كذلك يشعرك بالإثم أمور تتعلق بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وسأحاول تلخيص أهم الأمور:
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على الكفاية في الأمر بالواجبات، والنهي عن المحرمات، أما في المسنونات والمكروهات فهو مندوب فقط لا واجب.
ومعنى أنه فرض على الكفاية: أنه لا يجب على كل إنسان بعينه، ولكن المراد منه حصول المعروف وزوال المنكر، فيكفي أن يقوم أحد الناس بالمهمة فيزول الإثم عن الآخرين... كذلك لا يجب إلا في المحرمات المتفق على حرمتها، وفي الواجبات المتفق على وجوبها. فلو كان أمر ما محرمًا في مذهب، وغير محرم في آخر، لا ينهى الفاعل عنه...
والوجوب هو الحكم الإجمالي، لكنه حسب الظروف، ووجود شروط معينة أو عدمها يتغير... فقد يكون مسنونًا، أو مكروهًا، أو محرمًا!!!
وأذكر لك أبرز الأمور وأهمها:
1- يجب أن يكون الناصح عالمًا بالمسألة التي يأمر بها أو ينهى عنها...، ولا يشترط أن يكون من علماء الإسلام، أو طالب علم شرعي...، فأي شخص علم مسألة ما، يمكنه أن ينصح غيره بها... ويُعَدُّ بذلك داعيًا إلى الله على بصيرة. أما ما لا تعلم حكمه فلا تقربه، واتركه لمن يعلمه، فقد يكون جائزًا في أحد المذاهب، أو ببعض الشروط وأنت لا تعلم... ولا يجوز الأمر والنهي بغير علم، فقد يأمر الشخص بمنكر وينهى عن معروف وهو لا يدري!
2- ألا يؤدي النهي عن المنكر إلى منكر أكبر من الذي تنكره! كأن تنهى شخصًا عن سباب شخص ما، فيسب الدين مثلًا والعياذ بالله، أو يسب شخصين آخرين غيره... فإذا كنت تعلم أن من تكلمه من هذا النوع، يحرم عليك الإنكار!! أما لو سب الناصحَ وآذاه، فلا يحرم الإنكار ولا يجب، ولكن يكون مسنونًا.
3- إذا غلب على ظنك أن الذي تنصحه سيقبل منك، كان النصح واجبًا، أما إذا كنت تعلم سلفًا أنه لا يهتم لنصحك، ويصر على ما هو فيه، فهنا يتحول الحكم من الوجوب إلى الندب...
وكما ذكرت لك: لا إثم في ترك المسنون (المندوب) وإنما يوجد ثواب على فعله...، بالمقابل لا إثم في فعل المكروه، ولكن يوجد ثواب على تركه.. أما الحرام ففاعله آثم، وتاركه له ثواب، والواجب تاركه آثم وفاعله له ثواب.
هذا أبرز ما يمكن ذكره هنا، والكلام في هذا واسع طويل...، لهذا اختصره العلماء فقالوا: إن العامي (يعني الذي لم يدرس العلوم الشرعية)، لا يجب عليه الأمر والنهي إلا في الأمور الظاهرة المعلومة في الدين، كالأمر بأركان الإسلام، والنهي عن إتيان الكبائر كالزنى وشرب الخمر، والغيبة والنميمة ونحو هذا... أما دقائق الأمور فلا يقربها، فلعله يفسد بدل أن يصلح وهو لا يدري..
وبالنسبة لجلوسك مع صاحب المعصية، عندنا مشكلة كبيرة هذا العصر...
فيما سبق، كان الناس إذا قاطعوا عاصيًا غالبًا يرتدع ويتوب، لأنه يجد نفسه منبوذًا بين قوم صالحين...
أما اليوم، إذا قاطعت كل أصحاب المعاصي، وجدوا عشرات من العاصين أمثالهم وتركوك دون أن تستفيد شيئًا!!
لهذا فأوضاعنا تحتاج إلى حكمة بالغة وعلم، ونعمل قدر طاقتنا ولا نطالب بأكثر...
أهم شيء هذه الأيام ألا تجالس العصاة حالة إتيانهم بالمعصية إلا لنهيهم حتى لا تألف أفعالهم فتستسهل أمرها، وربما قلدتها دون أن تشعر، فإن وجدت الظروف غير مواتية، أو الشروط غير مكتملة، فاتركهم ولا تخالطهم إلا عند الحاجة إليهم: كبيع وشراء أو دراسة...
*بالنسبة للكذب: الكذب في أصله حرام، لكنه قد يكون مباحًا، وقد يكون واجبًا في أحوال!!! وملخص كلام العلماء:
- كل شيء محمود يمكن التوصل إليه بالصدق والكذب جميعا فالكذب فيه حرام.
- وإن أمكن التوصل لهذا الشيء المحمود بالكذب وحده: فإذا كان هذا الأمر المرغوب المحمود مباحًا فالكذب لأجله مباح. وإن كان واجبًا، فالكذب لأجله واجب!! كما لو رأى إنسانًا اختفى من ظالم يريد قتله أو إيذاءه فالكذب هنا واجب، لوجوب حماية هذا الإنسان، بل لو طلب الظالم منه أن يحلف، لزمه الحلف ويستعمل المعاريض، أي الكلام الذي يحتمل أكثر من معنى، فيحلف له: ليس هذا الشخص هنا، ويقصد ليس في مكان وقوفه، والظالم يفهم أنه ليس عنده في البيت...
- وكذلك لو سأل شخصٌ شخصًا آخر عن فاحشة وقعت منه سرًا كزنا أو شرب خمر....، فله أن يكذب ويقول: ما فعلت.
- ولو أن أحدًا ائتمنك على سره، وجاءك من يريد معرفته وأصر عليك، فلك إنكار السر والكذب، إن لم يمكن الإنكار إلا بالكذب...
فإخفاء الأسماء في الموقع من باب حفظ السر أو ستر النفس...، فكم من شخص وقعت منه فواحش لا يريد أن يعلمها منه أحد...، فله أن يبدل بياناته أو يخفيها سترًا لنفسه... وغالب الناس لا يحبون أن يعرف الآخرون حالتهم النفسية ومشاكلهم صيانة لقدرهم بين الناس...، كل هؤلاء يحل لهم الكذب لأنهم لا يستطيعون حل مشكلاتهم إلا إن لم يصرحوا بأسمائهم...
ثم بالنسبة للاسم تحديدًا أمره سهل جدًا! ما المانع أن أسمى نفسي بأي اسم آخر؟ أي يكون لي اسمان: الحقيقي والذي اخترته أنا لنفسي؟
كذلك لو قلت لك: إن الكهرباء انقطعت ألف مرة خلال إجابتي على سؤالك ووقف قلبي من ذلك. وهي قد انقطعت عشرين مرة ولم يقف قلبي بعد بل كاد... لا يعتبر قولي كذبًا لأنه من باب المبالغة للدلالة على الكثرة. أما لو انقطعت مرة واحدة، وقلت لك: انقطعت ألف مرة. طبعًا أكون كذبت.
أخيرًا: فإن سؤالك عن ضوابط الحديث لا يمكن استيعابه هنا، فارجع إلى آفات اللسان في كتاب مختصر منهاج القاصدين للمقدسي، وستجد فيه ما يسرك ولا يضرك...
وقبل النوم استغفر مئة مرة لتنظف الغبار عن صحائفك، ثم عطرها بمئة من التسبيح، ومئة من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم... واسترخِ وانعم بنوم هادئ، وأحلام جميلة ترى فيها نفسك في مكة والمدينة، ثم تستيقظ فتجد أنه كان مجرد حلم جميل...
وأكون بفضل الله قد انتهيت من الإجابة واغتنمت القدوم الميمون للسيدة كهرباء المصون!!
وطبعًا قبل أن أرسلها بدقيقة انقطعت الكهرباء مرة أخرى، وها أنا أدون لك هذا الحدث العظيم!!