ماذا يحدث خلف أسوار جامعة القاهرة.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
أولا لن أستطيع أن أتفوه ولو بكلمة واحدة على موقعكم الجميل هذا فأحيانا يعجز الكلام عن التعبير فيبقى الصمت هو الأداة المُثلى لذلك.....
قد يكون العنوان الخاص بالمشكلة مبهما إلى حد ما لكن سيتم توضيحه الآن...
أولا.....
أريد أن أحيطكم علما بأنني أتكلم بلسان الملايين من الشباب وبالأخص الطلبة والذين تعاني الغالبية منهم من نفس المشكلة وهى...
مع العلم بأنني طالب في كلية التجارة جامعة القاهرة وتلك المشكلة أرى أنها تمثل حدا فاصلا للعديد من الطلبة وبخاصة جميع طلبة السنوااااااات الأولى.......
المشكلة يا سيدي الفاضل تتلخص في كلمتين ((التكيف الاجتماعي))...
وأنا وإن ذكرت التكيف هنا أعني بالأحرى التكيف داخل أسواار الجامعة
فنحن الغالبية العظمى من الطلبة نعاني من تلك المشكلة وهي عدم التأقلم الجيد مع الحياة الجامعية الجديدة بكل ما تحمله من متغيراااات...
المشكلة غالبا ما تبدأ مع بداية الدراسة في الكلية فمنذ اليوم الأول تفاجأ بأنك أتيت لمكان لم تتوقع أنه ذلك الذي كنت تتخيله بذهنك في الماضي القريب....
تأتي للكلية لأول مرة لتجد نفسك بداخل مجموعة (مدرج) يحتوى على أكثر من 1000طالب وطالبة من مختلف الثقافات والمستويات الاجتماعية وهنا لُيملأ عقلك الدهشة فهل ستستمر في هذا الجو الجديد أم ماذا ستفعل وتأتي كلمات أحد الدكاترة الأفاضل ليصف لنا الجامعة في بداية السنة الأولى على أن جميع الطلبة يرونها على أساس أنها.. ("نادي اجتماعي") ربما وبرغم الفارق بين المعنيين هذا ما مثله رأي الغالبية الطاغية من الطلاب في رؤيتهم للجامعة وللدراسة بها....
فنحن يا سيدي الفاضل قد اعتدنا على نظم الدراسة القديمة ("الثانوية العامة") حيث لا يتعدى الفصل 40طالب بل والمدرسة بأكملها عن ال500طالب تأتي للجامعة لتفاجأ بأنك على شفا حياة جديدة لا تعلم ماذا سيحدث أو كيف ستستمر وبأنك صرت وحيدا وها قد تفرق من حولك الأصدقاء.....
ولكي لا أطيل عليكم سأحاول أن ألخص المشكلة في الآتي........
1. كيف تختار أصدقاءك الجدد وما هو معيار الحكم على شخصية الآخرين (المستوى. الفكر. الثقافة, الخ)؟
2. كيف تحقق لنفسك شخصية متميزة من بين أولئك وهؤلاء؟
3. إذا ما لو قمت باختيار صديق واكتشفت بعد ذلك أنكما لا تناسبان بعض ما هو الحل هل تتركه أم تبقى على علاقاتكما والسلام؟
4. الموضوع الخطير المسمى "الاختلاط" هل تكلم البنات أما أن تعتكف عن الاختلاط بهم أما أن تكون وسطا مع العلم أن الاختيار الأخير قد يكون مستحيلا في بعض الأحيااااان ولو أقدمت على ذلك ما هي شروط تلك البنت التي سوف تكلمها ما هي طريقتك في التعامل معها كيف ستحدث صداقة بمعنى حقيقي بين شاب وفتاة لا يعرفان شيئا عن الاختلاط بالغير؟
5. وإن كنت سيدي غير مقتنع بالسؤال التالي فلك حق عدم الرد عليه وهو...
كيف يمكن أن تحقق المعادلة الصعبة أعني "أن تعيش حياتك الجامعية بسعادة وحب وأن تحوز على التقدير الجيد والتفوق الدراسي" فأنا شخصيا والحمد لله متفوق وحاصل على تقدير جيد جدا وفرق الامتياز معي على درجة واحدة ولكنني بالنسبة للعنصر الأول أفتقده جدا وأحس أحيانا أنني لا أريد أن أذهب إلى الجامعة ثانية قد يكون ذلك لإحساسك بالوحدة أو لأنك لا تجد أحدا هنا يفهمك أو يفكر مثلك فالغالبية وللأسف يعملون بمبدأ "أقضيها والناس لبعضيها" الكثير لا يفضل الحضور أو المذاكرة أو الاجتهاد. مع العلم أنني كلما ذكرت لشخص أنني غير سعيد عن الحياة الجامعة يعلق قائلا "لأنك متعرفش بنات" فهل هذا هو المفتاح السحري للسعادة في الحياة الجامعية كما يراه الآخرون أم أنه مجرد رأي ساذج لا يحمل سوى وجهة نظر بسيطة مع العلم أن غالب من طرحت عليهم هذا السؤال من طلبة السنوات الثانية والثالثة والرابعة أم أن هناك خللا في المفهوم نفسه وأن كل هؤلاء يفكرون مثل بعضهم البعض.....
وفي النهاية لا أملك إلا كل الحب والتقدير لموقعكم المميز وأرجو الرد على رسالتي مع التقدير لكل العاملين لإنجاح الموقع من مصممين وأساتذة علم نفس أفاضل.....
ولا أملك إلا أن أردد بعض من كلمات الله عز وجل:
"إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا"
وصدق المصطفى صلى الله عليه وسلم ومنحنا وإياكم شفاعته يوم القيامة
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
23/04/2004
رد المستشار
يتحدث البعض عن الجامعة وكأن الدخول إليها قفزة إلى مجهول منقطع الصلة تماما عما قبله يتعامل فيه الإنسان مع كائنات غريبة يحتاج فيها إلى إقامة علاقات جديدة وكأنه بلا رصيد أو سابق خبرة أو علاقات مع زملاء أو أصدقاء.... نعم قد تكون الأعداد أكبر... وقد يكون التباين أوضح ولكنهم في النهاية هم الطلاب بل والطالبات الذين كانوا معي في المدرسة وفي المجموعة الدراسية وفي النادي وفي الشارع...
والذين ولابد أنهم كان لي من بينهم أصدقاء وزملاء بدرجات مختلفة من القرب والبعد أو الاتفاق والاختلاف... لذا فالجامعة امتداد لما قبلها من المراحل... قد أكون في احتياج لأن تكون علاقاتي أنضج وأكثر عمقا ولكن في النهاية لدي رصيدي الذي أبني عليه... ولا يصلح أن يبدو الأمر وكأنني بلا رصيد وأنني أجيب على أسئلة مبدئية وأولية لم يتم الإجابة عليها من قبل...
إنني في عالم الأصدقاء أحب أن أستخدم تعبير "باقة الزهور" حيث لكل صديق لون ورائحة مختلفة, فهناك من أصادقه من أجل فكرة أو ثقافته وهناك من هو صديق الدراسة والمذاكرة وهناك صديق الفسحة والمرح وهناك صديق الأزمة والحاجة والذي لو طلبته لفسحة ما تحمس وحضر....
وهكذا فلا يوجد معيار واحد لاختيار الصديق.. نعم هناك المعيار المشترك من حيث الحد الأدنى من الخلق والالتزام السلوكي، ولكن لا يعني هذا أن هناك نمطا خاصا بالأصدقاء يصلح لي ولا يصلح غيره... والتميز المطلوب هو أن أكون أنا بشخصيتي... بطبيعتي دون تكلف أو تعسف أو تصور لشخصية فذة غير موجودة أحاول إظهارها للآخرين... أنا كما أنا هذا هو قمة التميز ببساطة شديدة...
وكما أقول دائما فإن إحدى مبادئ الصداقة الصحيحة هو أن يدرك الطرفان منذ البداية أنهم سينفصلان إما بالسفر أو باختلاف طبيعة العمل أو للانشغال أو لأي سبب كان لأن هذه هي طبيعة الحياة..."يا محمد أحبب من شئت فإنك مفارقه" هكذا أخبر جبريل الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم
وبالتالي فإن من يكتشف في صديقه صفات يرى أن الصداقة معها لا تصلح للاستمرار فهذا شيء طبيعي ووارد لأن البشر مختلفون في طباعهم وسلوكهم... ليست نهاية العالم أن يبتعد صديقان عن بعضهما... مع مراعاة القاعدة الأولى التي ذكرناها في البداية "باقة الزهور" بمعنى أن تدرك جيدا أن الاختلاف في حد ذاته ليس السبب في الفراق ولكن لأن الاختلاف بينهما لا يصلح معه الاستمرار
أما عن الموضوع الخطير على حد تعبيرك ووصفك في رسالتك المسمى بالاختلاط فلا نرى فيه خطورة... فالقواعد المحددة الواضحة تجعل الأمور تسير على خير دائما بإذن الله... فما بين الطالب والطالبة في الجامعة هو ما نسميه "الزمالة الملتزمة" والتي تحكمها آيات غض البصر "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم... وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن.."
آية الحجاب... وكل ثوب محتشم يفي بالأغراض الشرعية للحجاب هو حجاب صحيح و ليس له شكل أو لون أو طريقة بعينها... وآية عدم الخضوع بالقول "فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض" أي موضوع الحديث... فما كان تحية أو حديثا في العلم أو العمل أو الأحداث العامة دون تجاوز بلفظ صريح أو غير صريح... كل ذلك يجعل العلاقة بين الطالب والطالبة في الجامعة علاقة لها حدود تسير في إطارها ولا تتجاوزها ولا تحولها إلى موضوع خطير.... ويقوم ذلك على اعتقاد راسخ لدى الطرفين أن الحب والعاطفة بين فتى وفتاة إنما يكون من أجل الارتباط الشرعي وأنه طالما أن الظروف الاقتصادية والاجتماعية لا تسمح اليوم بالارتباط... فإن ملف الحب بأكمله مؤجل لا داعي لفتحه ولذا فإن ما أشعر به من إعجاب نحو زميلي أو زميلتي وهو أمر وارد يجب أن يقف عند هذا الحد حتى لو اضطررت للابتعاد قليلا لأنه لا داعي لفتح القلب لعاطفة ليس هذا وقتها أو مكانها أو شخصها...
وأما الصداقة بين الجنسين فلا مكان لها حيث إن الصداقة بين طرفين تحتاج لنوع من القرب الشديد الذي يؤدي وجود الميل الفطري بين الجنسين لتطور لعاطفة غير محسوبة نتائجها... لدينا صياغة خاصة لا هي العلاقة المفتوحة بغير حدود ولا هي الانغلاق ولا العلاقة غير المنطقية وقد فصلنا في صفحة مشاكل وحلول هذه الأمور يمكنك العودة إليها.