تفسير حلم أقلقني
الحقيقة مشكلتي ليست مشكلة هي حلم، أنا أحب الأقصى جدا وأسكن في فلسطين في الضفة الغربية وبسبب الأوضاع التي نعيشها فذهابي إلى القدس وزيارة المسجد الأقصى أصبحت شبه مستحيلة آخر زيارة لي للأقصى كانت في رمضان الماضي وكانت من أجمل أيام عمري حيث قضيت اليوم كاملا في الأقصى وقضيت ليلتي في بيت خالي وعدت لصلاة الجمعة في اليوم التالي ثم عدت لصلاة التراويح في تلك الليلة.
بالطبع زيارتي للمسجد الأقصى لم تطفىء شوقي إليه فأنا مازلت أحن إليه وأتمنى زيارته لمرات عديدة وأتمنى لو أستطيع السكن في القدس بجانب الأقصى حتى أزوره باستمرار، ومن شدة حبي وشوقي للأقصى حلمت لمرات عدة أنني أزور الأقصى في المرة الأخيرة حلمت حلما بدا جميلاً لكنني شعرت بالخوف عندا استيقظت.
حلمت بأنني ذهبت إلى الأقصى وكنت أقف قريبا من قبة الصخرة المشرفة, لم يبدُ المسجد الأقصى جميلا كما عهدته: إنما الأرض التي تحيط به بدت وكأنها خالية من الأشجار الخضراء بدت وكأنها كئيبة. وهناك رجل عجوز يحمل فأسا يقوم بحرث قطعة أرض صغيرة بجانب قبة الصخرة, وهناك أيضا عدد من الشباب لا يأبهون بهذا العجوز. فقررت أن أعمل شيئا للإسلام وأساعد هذا الرجل بحرث أرض الأقصى.
أخدت منه الفأس وبدأت بالحرث لكن الفأس كان مكسورا !لكنني أمسكته بيدي من مكان كسره وبدأت بالحرث ولحسن الحظ أن الأرض كانت سهلة الحرث جدا.
حاول أحد الشباب الذي كان غافلاً عن الشيخ في البداية أن يساعدني, ولكنني رفضت.
ثم طلب مني الرجل العجوز أن أعطيه الفأس لكي يقوم ببعض التعديلات على ما قمت به.
وعندما عدت إلى البيت أخبرت أمي أنني ذهبت إلى المسجد الأقصى. فقالت لي: أنت ذهبت إلى قبة الصخرة المشرفة وليس إلى المسجد الأقصى! فقلت لها: أتمنى لو أنهم سمحوا لنا بدخول الأقصى. فقالت لي أنه: أصبح لهم.
آسفة جدا إن كان سؤالي ليس من تخصصكم وأعذركم إن لم تساعدوني ولكنني لم أجد غيركم لأستفسر منه.
جزاكم الله كل خير.
4/5/2004
رد المستشار
الأخت العزيزة...... "فاتنة"، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
سعدت كثيرا بقراءة حلمك (وحلمنا) ودعوت لك ولكل أهل فلسطين بالخير فأنتم ما تبقى لنا من كرامة وما تبقى لنا من أمل وأنتم بمثابة النواة التي تتجمع حولها الهمم والعزائم والآمال المتبقية بعد أن تبعثرت الأمة، ففلسطين بحق أرض الميعاد والمعاد لأمة الإسلام.
كما أشكر أخي الحبيب المجتهد المثابر الأستاذ الدكتور وائل أبو هندي على اختياري للرد على هذه الرسالة (الهدية) من بين مستشاري الموقع الفضلاء.
أما عن حلمك يا أختاه فهو يحكي الحكاية من أولها لآخر ها في صورة رمزية مكثفة (كما هي طبيعة الأحلام)، وفى رأيي لو أن كبار كتاب السيناريو في العالم أرادوا شرح الموقف بشكل درامي متميز وباستخدام أقل الكلمات والصور لما استطاعوا تركيزه بهذا الشكل المبدع، ولكنها قدرة الله سبحانه وتعالى تتبدي في وظائف المخ البشرى والجهاز النفسي وخاصة في وظيفة الأحلام، تلك الوظيفة الهامة التي لم تنل حتى الآن ما تستحقه من الدراسات العلمية الجادة لبيان أسرارها وخباياها وفوائدها.
لقد رأيتِ المسجد الأقصى يقف وحيدا تحوطه أرض جرداء وقد أزيلت كل الأشجار الخضراء من حوله، وهكذا الموقف الآن فقد أحاطت قوى الخراب والغدر والتآمر بهذا المكان المقدس العظيم تحاول أن تجعله مقطوع الصلة بالناس (الأرض الفضاء من حوله) ومقطوع الصلة بالحياة (إزالة الأشجار الخضراء من ساحته)، وهو يقف وحيدا حزينا ينتظر من ينصره ويحميه ويزود عنه، ولكن شباب الأمة (إلا من رحم ربي) يقفون لاهين مشغولين بأخبار الأغاني ومباريات كرة القدم ويصوتون بالملايين للمطربين والمطربات على الفضائيات العربية السكرى اللاهية العابثة، ووسط هذا المشهد المأساوي يقف رجل عجوز هو آخر ما تبقى من رموز المقاومة والشرف (ربما يرمز للشيخ المجاهد أحمد ياسين رحمة الله عليه أو غيره من المرابطين الأبطال)، يقف هذا الرجل بفأسه (سلاحه) البسيط يحاول أن يعيد الحياة حول المسجد الأقصى وأن يوقف هذا الخراب ويملأ هذا الفراغ حتى لو اضطر أن يفعل ذلك وحده في زمن انفض الناس من حوله.
ولقد أثار هذا الموقف حماسك للمشاركة وغيرتك على الإسلام وإشفاقك على العجوز الوحيد فأخذت الفأس (السلاح البسيط المتاح للفعل والمقاومة والصمود) وحاولت المساعدة على الرغم من وجود كسر بالفأس (ضعفا في السلاح المتاح بسبب الحصار والتضييق والتآمر من الداخل والخارج) وثابرت على ذلك خدمة للإسلام (وهكذا فعلت الفتيات والنساء في فلسطين وغيرها حين هالهن انصراف الرجال وتخاذلهم وانشغالهم بتوافه الأمور)،
وحين حدث منك هذا أثار الحمية في أحد الشباب (والذي كان يقف لاهيا عن الرجل العجوز قبل ذلك) فطلب أن يأخذ الفأس ليعمل بدلا عنك ولكنك رفضت وآثرت الاستمرار بنفسك (ربما غضبا من تخاذل الشباب أو عتابا لهم على ذلك أو إصرارا على أن تلعب المرأة دورا حيويا في هذا الأمر)، وقد قبلت طلب الرجل العجوز وتوجيهاته لك لتعديل بعض الأشياء التي قمتِ بها،
وفي هذا احترام منك للقيادة الرشيدة التي تثقين بها. وهذه المعاني والقيم ربما تمثل محتوى العقل الجمعي للمرأة الفلسطينية التي تشعر الآن أنها تقف بلا غطاء في مواجهة عدو لا يعرف القيم وتحت سمع وبصر مليار مسلم لا يأبهون كثيرا لما يحدث أو يأبه بعضهم ولا يستطيع فعل أي شيء.
وبعد هذا الجهد بالأدوات البسيطة المتاحة عدت إلى أمك فخورة بزيارتك للمسجد الأقصى ولكنها فاجأتك بأن ما زرته هو قبة الصخرة فقط وأن المسجد الأقصى -كما قالت– أصبح لهم، وهذا ما تخشينه أنت (ونخشاه جميعا) أن تظل الأمة لاهية وتكتفي بوجود بعض الجهود المقاومة البسيطة بأسلحة تكاد تكون بدائية حتى يضيع المسجد الأقصى، ويبدو أن هذا هو السيناريو الجاري حتى الآن.
ومعروف أنه في الحروب يكون النساء والشيوخ في الصف الأخير حيث يتقدم للجهاد شباب الأمة ورجالها، ولكن التخاذل الحادث من الشباب والرجال جعل الكثير من الفتيات والنساء يقدمن أنفسهن فداءاً لفلسطين في عمليات استشهادية قامت بها فتيات في عمر الزهور وأيضا نساء حوامل وأمهات تركن صغارهن وذهبن للشهادة، في الوقت الذي يجلس فيه شباب الأمة ورجالها على المقاهي وأمام التلفاز يمتعون أنظارهم بأجساد النساء في الفيديو كليب على شاشات الفضائيات العربية، أو يتجولون بين مواقع الإنترنت بحثا عن مواقع الشذوذ والانحلال الجنسي.
وهنا تبدو الإشارة الخاطفة في حلمك إلى انشغال الشباب عما يقوم به الرجل العجوز من محاولات مثابرة لحرث الأرض وإعادة الحياة حول المسجد الأقصى ورفضك المعاتب أو الغاضب لمساعدة الشاب الذي تحركت نخوته وكرامته مؤخرا وجاء عارضا المساعدة بعد فوات الأوان.
والحلم ليس شيئا ثانويا أو ترفيا وإنما هو يؤدي وظيفة لها معنى فهو أحيانا إشارة تحذير من خطر داهم، وأحيانا بشرى بخير قادم، وأحيانا تقويم لوضع قائم، وأحيانا أخرى تنفيس عن مشاعر مكبوتة ورغبات محرومة أو تعويض عن نقص مؤلم. وبما أن الحلم يخضع لعمليات نفسية كثيرة (تسمى عمل الحلم) مثل التكثيف والترميز والإزاحة وغيرها لذلك نجد محتوى الحلم غاية في الإيجاز والرمزية وخال من الانفعالات العنيفة التي ربما تهدد استمرار النوم. ويوجد في الجهاز النفسي ما يسمى بالرقيب،
وهو يقوم بقص المشاهد التي لا يحتملها الجهاز النفسي أو بالأدق لا يحتملها الضمير (الأنا الأعلى).
وللحلم وظيفة تنبؤية هامة لأنه نتاج عمليات عقلية معقدة ترتكز على قاعدة بيانات ضخمة مخزونة في العقل الواعي واللاواعي، تحذر الإنسان من خطر داهم، فهو بمثابة ضوء أحمر ينبه إلى الاقتراب من منطقة الخطر، ويضاف إلى ذلك بعض الفيوضات الربانية التي ربما تصل إلى الإنسان في صورة رؤيا، وهذه الأخيرة لا نعلم كنهها وآلياتها ولكنها ثابتة في الكثير من النصوص الدينية (مثل حلم سيدنا يوسف، وحلم الملك الذي فسره سيدنا يوسف، وحلم فتح مكة، وغيرها كثير)، ونشاهد بعضها في حياتنا اليومية (وإن كانت ليست بالتواتر الذي يدعيه بعض الناس في أحلامهم).
والإنسان يقضى ربع وقت نومه في الأحلام (فيما يسمى بالنوم الحالم) ولكنه لا يتذكر منها إلا القليل، ولكي يتذكر الحلم إما أن يستيقظ أثناء الحلم (وهذا يحدث في الأحلام المفزعة التي أفلتت بعض مشاهدها من مقص الرقيب) أو بعد انتهاء الحلم بمدة لا تزيد على عشرين دقيقة، ولذلك نجد بعض الناس يقولون أنهم لا يحلمون،
وفى الواقع هم يحلمون ولكنهم لا يتذكرون أحلامهم. والحلم يؤدي وظيفته النفسية والفسيولوجية (التي نعرف بعضها ونجهل أكثرها) سواء تذكرناه أم لم نتذكره، وسواء فسرناه أم لم نفسره.
وتفسير الأحلام نوع من الاجتهاد يقوم على قراءة الرسائل الرمزية المكثفة في الحلم ومحاولة ربطها بواقع الشخص صاحب الحلم (أي أنه ليس علما يقينيا بأي حال من الأحوال) والرمزية في الحلم تختلف من بيئة لأخرى ومن شخص لآخر ومن زمن لآخر لذلك فإن وضع تفسيرات ثابتة لكل الرموز يعتبر خطأ منهجيا في التفسير وقد وقع فيه مفسرون قدامى ووقع فيه أيضا فرويد حين حاول اختزال الرموز بشكل متعسف ليربط بينها وبين نظريته النفسية الجنسية فقال بأن كل شيء مستطيل يرمز إلى الأعضاء التناسلية للرجل وكل شيء مستدير يرمز إلى الأعضاء التناسلية للأنثى، وهذا بالطبع تبسيط مخل.
أما عن مصادر الأحلام فيمكن إيجازها فيما يلي:
1- مؤثرات حسية: مثل ضوء يقع على العين أثناء النوم فيحلم الشخص أن هناك حريقا، أو امتلاء البطن بالطعام والذي يؤدي إلى الحلم بأن وحشا مفترسا يجثم على صدر الشخص النائم.
2- الأحداث اليومية: بما فيها من صراعات ومخاوف، فالإنسان يكمل السيناريوهات التي لم تتم أثناء يقظته فيرد مثلا على من أهانه، ويحل مسألة رياضية عجز عن حلها في يقظته.
3- المكنون النفسي: من ذكريات ورغبات مخزونة في الجهاز النفسي ولا تجد لنفسها فرصة للتعبير في اليقظة.
4- الرسائل الغيبية: وهذه تنقسم إلى رسائل ملائكية ورسائل شيطانية، ويجملها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن للملك بابن آدم لمة وللشيطان لمة، أما لمة الملك فإيعاز بالخير وتصديق بالحق، وأما لمة الشيطان فإيعاز بالشر وتكذيب بالحق".
وهذه لا نعرف كنه حدوثها وإنما نؤمن بها لأنها جاءت بصور مختلفة في النصوص الدينية.
وأخيرا أرجو أن يكون حلمك هذا صرخة في آذان النائمين والمتخاذلين والمخدوعين في أمتنا.
ويضيف الدكتور وائل أبو هندي الأخت العزيزة أهلا وسهلا بك على موقعنا مجانين، وشكرا على ثقتك وعلى هديتك القيمة، ليست لدي إضافة بعد تعبير أخي الفاضل الدكتور محمد المهدي لرؤياكِ الصالحة إن شاء الله، إلا أن أحيلك إلى ما ظهر على موقعنا من قبل حول الحلم والأحلام، وحول بعض المعاني التي يعبر حلمك عنها من حال أهلنا في فلسطين المتفاوت بين المرابطين والمتغافلين، فانقري الروابط التالية:
ستار أكاديمي الفقرة الأخيرة علي شاشة الانتفاضة
دماغي محتاج تجميع: ثمن الصمود الفلسطيني
دماغي..... ثمن الصمود الفلسطيني : متابعة
صعوبة البلع : في زمن الانتفاضة
النوم والأحلام في الطب النفسي الحديث
وقد خصصنا لأهلنا الفلسطينيين خدمة فلسطين يد بيد، وعليه رسائل عديدة من ريم الرياشي التي تراسلنا من الجنة، ونطلب منك المشاركة في هذا القسم من موقعنا وأهلا وسهلا بك دائما فتابعينا بأخبارك.