كيف أساعد أماً فقدت جنينها؟
من لمى، د. داليا مؤمن
السلام عليكم؛ لقد صدمت حين رأيت باب استقبال المشاكل مغلقا, ولهذا أرسل لحضرتك على الإيميل..
فهي استشارة عاجلة فعلا..
جزاك الله كل خير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
لدي استشارة عاجلة جدا جدا جدا, وأرجو أن تجعلوها في مقدمة الاستشارات التي أمطرتكم بها يوم الجمعة قبل الماضي, فهذه الاستشارة فعلا هي الأهم الآن..
اليوم اتصلت بي إحدى الأمهات اللواتي يحضرن معي دورة تدريبية لتطلب مني أن أشترك معهن في قراءة سورة يس بنية التيسير على جارتهن التي هي أيضا من النسوة اللواتي يحضرن الدورة, هذا القرآن لييسر الله عليها ولادتها –غير الطبيعية– فقد تُوفي الجنين في بطنها مع أنها في نهاية شهرها التاسع..
هذه المرأة لطيفة جدا وحساسة جدا.. ومثل هذه الصدمة ستكون قاسية جدا عليها..
ستلد الآن – وأسأل الله أن يقومها بالسلامة – ولكنها ستخرج من المسشفى بدون طفل.. ياااه ما أصعب هذا الموقف..
وكل التحضيرات التي قامت بها للاستعداد للمولود الجديد ستذهب أدراج الرياح لأنه: لا مولودا جديدا..
لا حول ولا قوة إلا بالله..
هذه هي الحالة باختصار..
أعلم أن القرآن سيقدم جزءً من الدعم النفسي لهذه السيدة, ولكنني أريد أن أتعلم كيف أقدم الدعم النفسي بطريقة علمية وصحيحة..
قرأت مرة في مجلة المختار كيف أن أما فقدت طفلا لها واحتاجت كثيرا للدعم النفسي في محنتها تلك, هذه الأم قامت بعد أن تجاوزت أزمتها بإنشاء جمعية لتقديم الدعم النفسي للآخرين حين الشدائد والكروب..
أعجبتني هذه الفكرة جدا في ذلك الوقت, والآن جاء وقت تطبيقها..
بالمناسبة, المقال الذي نُشر على الموقع في قسم فلسطين يد بيد للدكتورة داليا مؤمن في كيفية مساعدة الإنسان ليتجاوز الصدمات, هو مقال رائع صدمات الطفولة, نحن بحاجة كثيرا لهذه المعلومات ولهذه الأساليب.
ليتني كنت أعرف هذه الأساليب منذ 3سنوات لاستطعت وقتها أن أخفف عن صديقتي وأطفالها فجيعتهم بفقد أبيهم بعد مرض عضال ظل يصارعه 8أشهر وهو طريح الفراش..
الأزمة كانت قوية جدا, على الأم وعلى الأطفال أيضا..
إذن ما أريده هو: برامج عملية بخطوات محددة: 1 – 2 – 3 -......... تخبرني ما أفعله لأقدم الدعم النفسي للمفجوعين. وأول هذه الحالات هي حالة أختي التي فقدت طفلها قبل ولادته..
وجزاكم الله كل خير..
أرجوكم من المهم جدا أن يتم تقديم الإجابة عن هذه الاستشارة قبل كل الاستشارات الأخرى التي أرسلتها لكم..
وشكرا
1-5-2004
رد المستشار
أهلا بك على صفحة الاستشارات، اتصل بي الدكتور وائل على المحمول –أخبرني أن هناك مشكلة هامة يجب علي أن أرد عليها، وقد كنت خارج القاهرة وبمجرد أن وصلت أكتب لك هذه الرسالة.
جميل أن يبحث كل منا في ظل الأزمة التي نعيش فيها عن السبل التى يتخذها ليساعد الآخرين، جعلها الله فى ميزان حسناتك.
هناك عدة مداخل للمساعدة منها:
مدخل التفريغ أى أن تتركي لها الفرصة لتعبر عن مشاعرها وأحزانها وأفكارها، ثم ذكريها أن الحياة تستمر ولا تتوقف على موت أحد وإذا كان قد مات لها ابن فقد مات للرسول صلى الله عليه وسلم سبعة أبناء فمن منا يطيق ذلك.
يمكنك أن تدخلي إليها أيضاً من مدخل ديني: وضحي لها أن المؤمن مبتلى، قال تعالى (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) (البقرة:155). والصبر على هذه الابتلاءات هو ما يميز المؤمن من الكافر والصادق من المنافق والصبر من الانسان الذى يجزع. والصبر هو ما يكون في اللحظات الأولى.
واستشهدي بالحديث القدسي الذي يشير أن من مات لهم أبناء فإن هؤلاء الأبناء حينما يقول لهم الله تعالى ادخلو الجنة يقولون لا يا رب لا ندخل إلا مع آبائنا وأمهاتنا فيأخذوا بأيدي آبائهم وأمهاتهم ويدخلون معهم الجنة.
فالجنة ثمنها غال ولكنها تستحق هذا الثمن. ويمكن أن تشرحي لها أن هذا الأمر هو قضاء الله وقضاء الله نافذ، وأن علينا الإيمان بالقضاء والقدر والإيمان ليس بالكلام وإنما بالأفعال أيضاً. احضري لها شريط تسجيل عن الصبر وثوابه مثل شريط للأستاذ عمرو خالد.
ويمكنك أن تدخلي لها من مدخل آخر وهو تذكر أن الخبرات المؤلمة التي مررنا بها من قبل -على الرغم من أنها تبدأ قوية جدا وننفعل لها بشدة، ولكن من لطف الله بعباده أن انفعالاتنا بها تقل بالتدريج، وأنه من المتوقع أن تقل مشاعرنا مع الوقت بعد انقضاء الحدث المؤلم،فالنسيان من نعم الله علينا.
والمسألة هي مسألة وقت.وذكريها بالآية الكريمة(مَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً) (الطلاق:2).
وهناك مدخل التدعيم:
1- تدعيم من جانبك:- فاذكري لها أنك موجودة عندما تحتاجك واتركي لها أرقام تليفوناتك وفرغي نفسك لها كلما اتصلت بك، واتصلي بها أنت أيضاً وزوريها أنت ومن كان معها في الدورة التدريبية.
2- تدعيم من الزوج:- وهو مهم جداً أن يقف زوجها بجانبها ويذكر لها أنه يحبها سواء أنجبت له أم لا وأنه في حاجة إليها بصحة جيدة ويشجعها على أن تستعيد صحتها ويتواجد بقربها بقدر استطاعته.
3- تدعيم من الأسرة:- اطلبي من أسرتها أن تبقى معها وألا تتركها بمفردها وأن يشركوها في التحدث عن موضوعات أخرى.
وهناك مدخل أخير وهو مفيد للغاية إذا استطعت القيام به وهو أن تطلبي منها التحدث أو مقابلة سيدات فقدن الأجنة والطرق التي استعملوها في مواجهة تلك الأزمة. وما هي مشاعرهم الحالية بعد مرور فترة طويلة من الحدث المؤلم.
وتابعينا بأخبارها، وأتمنى أن تكتب لنا هي في المرة القادمة.