لا أشعر بطعم شيء... لم يعد هناك شيء يسعدني.... أريد أن أضحك من قلبي.... لم أعد أهتم بشيء.
إنها أكثر الشكاوى المرضية التي تهز كياني وإنها أسمعها من مريض... إنه يقولها بكل المعاناة والألم ويعود فيسألني أتشعر بي...
وأهز رأسي دليلا على شعوري به فاستطرد أنه شعور رهيب أن تفقد طعم الحياة.... إنني أختنق... أنني أشعر بثقل فوق صدري.... إن رأسي تموج بالأفكار السلبية... إنني أفكر بالموت... وأشعر أن الموت أفضل لي لكي أستريح مما أعانيه... لقد فكرت في الانتحار ولولا إيماني بالله لأقدمت عليه... حتى علاقتي بالله تأثرت مما أعاني منه أنني فقدت حتى الشعور بطعم الصلاة والقرآن والتسابيح التي كانت ملاذي الأخير...
إنني لا أكاد أركز في شيء أنسى كثيرا.... ولا أريد أن أعمل أي شيء... حتى غسل أسناني... حتى استحمامي أشعر في كثير من الأحيان بعدم الرغبة في القيام بذلك...
مع انتهاء المريض من شكواه..... يكون الاكتئاب قد بدأ يتسلل إلى نفس الطبيب فيدرك في الحال أن المريض الذي أمامه إنما يعاني من الاكتئاب فهذه شكاوى الاكتئاب التي لا تخطئها العين والتي لو اجتمعت مع تعبير المريض عن إحساسه بالحزن وتعسر المزاج لتجمعت أمام الطبيب كل محكات التشخيص لحالة الاكتئاب والتي تحتاج إلى العلاج لان وجود بعض الأعراض دون وجود الأعراض المكملة لما يحتاجه التشخيص تجعل هذا الشخص لديه أعراض اكتئابية أي أنه لم يصبح بعد مريضا بالاكتئاب ولكن عليه أن يحذر لأنه في الطريق......
يقولون أن الاكتئاب مرض العصر ربما لتنوع أسبابه ودرجاته وأشكاله مما يجعله يغطي طيفا كبيرا من المرضى النفسيين وتقول الإحصائيات أن الاكتئاب ربما يصبح أحد أهم الأمراض المؤثرة على الإنتاج والمستنزفة للدخل القومي في الحقبة القادمة.... لذا فإن اكتشافه والتعرف عليه مبكرا يكون من الأسباب التي تحسن النتائج المترتبة على العلاج.
وعلاج الاكتئاب يشمل العلاج الدوائي والعلاج النفسي السلوكي المعرفي والعلاج الدوائي يكون بمضادات الاكتئاب وهي أدوية تبدأ بالعمل خلال أسبوعين من تناولها بحيث يظهر التحسن في خلال شهر ونصف على الأقل إلى ثلاثة اشهر من تناول العلاج بالجرعة المناسبة وتعتبر منسقات المزاج أحد الخطوط العامة للعلاج في الآونة الأخيرة والتي أحدثت نقلة نوعية في علاج الاكتئاب ويحتاج الاكتئاب إلى ستة أشهر على الأقل من الانتظام على العلاج الدوائي حتى تقلل فرصة الانتكاسة يعد الشفاء.
أما إذا تكررت نوبات الاكتئاب فإن مدة العلاج تزيد في كل نوبة تدريجيا ويقوم العلاج السلوكي على وضع برنامج للأنشطة السارة يلتزم بها المريض حتى يخرج المريض من حالة الكآبة بينما يعتمد العلاج المعرفي على تغيير الأفكار السلبية التي تسيطر على المريض وتؤدي إلى إحباطه ويعتبر برنامج العلاج الذاتي أحد أهم الوسائل المعرفية لعلاج الاكتئاب وفي الحالات الشديدة يكون العلاج بالكهرباء والذي أشرنا له تفصيلا في مقال سابق هو العلاج الأخير لحالات الاكتئاب.
اقرأ أيضا:
عندما يضطرب الوجدان فتضطرب الحياة / اضطرابات وجدانية: اكتئاب Major Depression / ما تود أن تعرفه عن العلاج المعرفي السلوكي / العلاج المعرفي مشاركة