دائما وأبداً وعلى مر العصور منذ خلق الله عز وجل البشرية، توجد فئة قليلة تسلب الحرية من فئة أكبر وهي فئة الشعوب، وتختلف درجات سلب الحرية لتصل قمة الديكتاتورية إلى أن يؤمر الشعب بعبادة ملك البلاد كما الفراعنة والرومان. قد يبدو الحديث سياسياً أو ربما عن تاريخ الشعوب والأمم .
حركات التحرر من الديكتاتورية عادة ما ينظر لها (من وجهة نظر القائمين على الأمر) أنهم انفصاليين أو متمردين أو مخربين، فالخلاف في الرأي ليس فقط يفسد للود قضية وإنما يحول المخالف إلى عدو يجب التخلص منه. وحركات التحرر تختلف في أهدافها فهناك من يطلب انفصالا جزئيا عن وطن وهناك من يطلب تحرر الإعلام والرأي أو يطلب تحرر المرأة أو الرجل أو الحيوان أو العمال وغير ذلك. وتنشأ طبقاً لرؤيتها لمواطن الظلم والقهر. وعادة تكون محدودة بمكان جغرافي وزمني فليس كل مكان به نفس نوع الظلم وتنبع قوة أي حركة تحرر من قوة مؤيديها وعددهم والداعمين لها.
نحن في العالم الرقمي Digital World وخصوصا في عالم الحاسبات الآلية لدينا قضية كبيرة، ربما ملايين من البشر والذين يفترض أن تهمهم القضية غير مدركين لها بسبب اختلاف الثقافات والاهتمامات واللغات، ولكنها قضية بلايين من البشر الذين يعملون ويملكون أجهزة الحاسب الآلي وهم شعب العالم الرقمي، وهم لا يشعرون بتلك النار المشتعلة بين حركة التحرر الخاصة ببرامج الحاسب الآلي وعلى رأسها Free Software Foundation وبين الديكتاتوريين وعلى رأسهم ميكروسوفت. وهنا أكتب حتى تصل بعض نقاط القضية لهذا الجزء من العالم لكي يفطن لأبعادها.
هذه القضية ليست حديثة وإنما منذ حوالي 20 عاما أو أكثر بقليل وهي منذ أن بدأ إنتاج أجهزة الحاسب الآلي الشخصية PC (Personal Computer) في بداية الثمانينيات من القرن الماضي. بدأت بوجود شركات تحاول احتكار أنظمة التشغيل Operating Systems لهذه الأجهزة مثل DOS , Windows , OS/2, UNIX وبيعه فرضا على كل جهاز وبالطبع ليس الأمر وقف أنظمة التشغيل وإنما الكثير من البرامج التي تنتجها تلك الشركات.
المشكلة هي الاحتكار وإغلاق تلك البرامج ضد أي تعديل أو حتى تشغيلها على أي جهاز غير الذي تم الشراء له والكثير من الأساليب التي تجعل المستخدم مقيد الحرية بتلك البرامج وأنه لو اخترق رخصة التشغيل يكون في وضع غير قانوني حتى ولو لم يساءل قانونيا فالعامل النفسي غير صحيح لإحساسه بعدم الراحة لاختراقه نص الرخصة.
قامت Free Software Foundation عام 1985 ميلادي للدفاع عن حقوق مستخدم برامج الحاسب الآلي في نسخ وتعديل ودراسة وإعادة توزيع برامج الحاسب الآلي. وهي أحد مؤيدي GNU (GNU’s Not Unix) في مشروعها لإنتاج نظام تشغيل حر والتي أنشئت 1984 م لهذا الغرض. ونجحت في إنتاج نظام شبيه بنظام اليونيكس Unix وهو GNU/Linux جنيو لينكس. واستمر النجاح بكتابة الكثير والكثير من البرامج بنفس الغرض ألا وهو حرية المستخدم في الاستخدام والتعديل وإعادة التوزيع وأهم تلك البرامج كان Open Office والذي يتنافس مع MS-Office .
أصبح نظام GNU/Linux بتوزيعاته المختلفة مثل ماندريفا Mandriva والقعبة الحمراء Red hat وديبيان Debian ومئات أخرى منافس للنظام الذي يمثل الاحتكارية والديكتاتورية والذي حاولت الشركة الضخمة المنتجة له فرضه وقامت الكثير من القضايا ضدها وآخرها من شركة Google كون آخر إصدار من نظام التشغيل Vista لا يعتمد سوى محرك البحث الخاص به ويفرضه على المستخدم، وتمادت ميكروسوفت في هذا النظام بوضع الكثير من الأدوات المقيدة لحرية المستخدم بل اتخاذ قرارات نيابة عنه بإلغاء أو عدم تشغيل برامج خاصة به أو ملفات خاصة به وكأنها وصية عليه وذلك عن طريق ما يسمى DRM (Digital Rights Management) إدارة الحقوق الرقمية وقد شهد بروس شانير (أحد أشهر علماء أمن البيانات) أن هذه الخاصية تعمل ضد مستخدم الحاسب الآلي وتجعل الجهاز أقل أماناً وتسبب في تباطؤ الجهاز.
طالب كثيرون من ميكروسوفت أن تفتح برامجها لدراستها ومعرفة ما يحدث ولكنها لم تقبل. ومن الجانب الآخر فإن جميع البرامج التي تعمل لصالح الحرية هي برامج مفتوحة المصدر Open Source حتى ولو كانت ذات تراخيص تجارية، فقد ترى شركة ما أنها لابد أن تحصل على مقابل مادي مرتفع ولكنها تقر بأحقية المشتري والمستخدم بتغيير ما يراه ليتناسب مع متطلباته. وتخضع البرامج المفتوحة المصدر لعدة أنواع من الترخيص العامة GPL General Public License تعطي المستخدم كافة حقوقه .
القضية كبيرة ولا يكفيها مقال ولذلك أدعوكم لزيارة المواقع الآتية علها توضح لكم الأمر كله.
www.fsf.org
www.gnu.org
www.opensource.org
www.freeculture.org
www.schneier.com
www.schneier.com/blog/archives/2007/02/drm_in_windows_1.html
حاول المهتمون بتقنية المعلومات في مصر والوطن العربي نشر ثقافة البرامج مفتوحة المصدر ولكنها تحتاج إلى كثير من الجهود والدعم.
ومن أشهر المشاريع العربية :
www.arabeyes.org
www.eglug.org موقع جنيو لينكس مصر
1/10/2007
ملاحظات :
(1) جميع حقوق الملكية والملكية الفكرية للعلامات التجارية والمسجلة التي ذكرت في المقال ملك لأصحابها .
(2) الحقوق الفكرية للمقالة لكاتبها وتحت ترخيص GPL General Public License. يمكن استخدمها للأغراض غير التجارية مع ذكر اسم كاتبها والموقع www.magnin.com .
واقرأ أيضا:
افتح يا سمسم / لغتنا الجميلة... واحد/ صفر