كنت أجول بخاطري في ذكرياتي القديمة وأسترجع طعم أيامي الجميلة معها فقد كانت أيامنا معا مليئة بالبهجة والمرح والتفاؤل ولم نكن نضم في نفوسنا شيئا غير الحب والأمل وتنبهت إلي أن علاقتي بها منقطعة منذ ما يقارب الأربعة أشهر ولمت نفسي كيف تركت كل هذا الوقت يمضي دون لقياها وتوقفت عند آخر حديث دار بيننا عبر الهاتف وكيف كانت تلح علي لزيارتها.
فعقدت العزم على زيارتها في محافظتها المجاورة وانتهزت يوم أجازتي للقيام بهذه الزيارة جاش الطريق بذكرياتي مرة أخرى مع هذه الجميلة صاحبة العيون الخضراء اللامعة التي كانت حكاية في زينتها وهندامها وتتردد على مسامعي ضحكاتها المرحة الرنانة حتى أن شفتاي تباعدتا معلنتان عن بسمة ترتسم على وجهي عندما تذكرتها.
دققت الباب لتفتح لي أختها مرحبا وجاء كل من بالبيت للترحيب بي ولم يتبقَّ إلا هي فسارعت بالسؤال عنها فأجابتني أمها سوف أوقظها لك إنها لا تقف عن النوم هذه الأيام.
انتظرتها كثيرا لتهل علي صديقتي مرحبة بي وتهللت أساريرها عندما رأتني، أما أنا فقد تجمدت أساريري برؤيتها وكأني رأيت شبحا ولم أتمالك لساني وقفز هذا السؤال (مالك تبدين هكذا؟!! ماذا حل بك؟!!)
خلت الحجرة علينا وجلسنا سويا وإن كانت حالة الذهول لا تزال مرسومة على وجهي فقد غاب حسنها وتناقص وزنها حتى بدت للناظرين عظام وجنتيها، أعدت عليها السؤال مرة أخرى لأسمعها تجيب لم أعد أرَ للحياة طعما ولا للطعام أو الشراب طعما لم يعد هناك ما يفرحني فقدت الاهتمام بكل شيء لا يوجد في الحياة أمل، فهل تعلمين كيف أرى الدنيا؟!!
هل تعلمين ما هو حالي صديقتي ماذا أقول؟!
ما عدت أستشعر الفرح وتساوى لدي الحزن بالسرور، اختفى الجمال من الحياة وتبعث الألوان في نفسي النفور أرى البحار دموع جرح كبير، وقد علت موجاته تئن وتثور، أعيش الدقائق ساعات وتمر علي الأيام دهور، يحرقني الصبح بنور شمس ويذكرني الليل بصمت القبور، يقتلني الغد غدرا وتزيد الأيام من عمري نفور، سئمت الحياة كلها وأنتظر الموت بقلب صبور.
لقد هالتني كلمات صديقتي وأدركت أنها تجرعت كأس الاكتئاب المرير فدوما ما كانت تبالغ في آمالها وطموحاتها التي تحطمت على صخرة الواقع، ودائما ما كنت أقول لها رفقا وخشيت عليها من أن تكون تطارد وهما وكانت تقول لي: ولم لا أحلم فقد تتحقق أحلامي يوما، فعلا كانت الحياة عنيدة مع صديقتي وعلى قدر ما علت أحلامها على قدر ما سقطت، نظرت إلي صديقتي وأدركت ما أود أن أقوله من قسمات وجهي فهذا عهدي بها دائما فدائما ما كانت تدرك ما بعقلي دون أن أتحدث وقالت لي لا تقلقي علي فلازلت قوية الإيمان وأنتظر أن يقضي الله أمرا كان مفعولا، ومازلت أرى الشروق في وجهك وأسمع الألحان بصوتك وأنسج الأمل من كلماتك.
تبسمت من كلماتها وقلت لها:
عشقت فيك البهجة دوما، واجعلي في الغد أملا، تدور علينا الأيام دولا، والدنيا كما نراها إن أردت الجمال رأيته، فابحثي عن الجمال في الله وخلقه
وأحسني الظن بربك، فهو سبحانه عند حسن ظن عبده به.
وانقضت ساعات اليوم معها سريعا وقضيت معها يوما آخر من الحب الذي أضاف إلي رصيد صداقتنا المزيد. وما فارقتها إلا بعد ما شعرت بتحسن معنوياتها وذهبت على أمل لقاء آخر بها
روابط ذات صلة:
الاكتئاب الجسيم يفتح للشيطان! كلاكيت2 / الاكتئاب الجسيم لا الأعظم! / فراغ أم اكتئاب / الدواء لا يؤدي إلى تحسن الاكتئاب م / الاكتئاب والقلق: الأعراض الجسدية
التعليق: ما الحل لذلك هل سنبقى نصارع الاكتئاب ولماذا نحن الطيبون يصيبنا هذا المرض القاتل بصمت لا نستطيع الخروج منه إلا بارادة الله
أنا فيه سنوات طوال يذهب ويأتي يذهب ويأتي ومؤثر على نشاطي وإقبالي على الحياة حتى على دراستي لم أعد تلك الفتاة المتفوقة المثابرة فقط أريد النجاح الآن لا تهمني العلامة