السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
قررت أن أعود بذكرياتي إلى خمسة عشر عاما مضت كنت طالبة بالصف الثالث الثانوي، اليوم كان امتحان مادة التفاضل والتكامل إجاباتي جيدة حمدت الله على ذلك وكنوع من المكافأة لنفسي قررت أن أخرج قليلا لتغيير الجو واستعادة النشاط فلم يبقى إلا امتحان الكيمياء ثم إن غدا أجازة أستطيع المراجعة من أول اليوم، حين عدت وجدت إحدى صديقاتي العزيزات وقد جاءت للاطمئنان على حالي، كانت تصغرني بعام واحد وجدتها وقد تركت لي المجلة التي تصدرها نقابة المهندسين (طبعا قبل أن توضع تحت الحراسة) وقد طلبت منهم في المنزل أن أقرأها بعد انتهاء الامتحانات ولكن فضولي دفعني لتصفح المجلة وليتني ما فعلت، فقد كدت أتقيأ من هول ما رأيت.
كانت المجلة تتحدث عن عمليات التطهير العرقي للمسلمين في البوسنة وقد دعمت ذلك بالصور، مر أبي من جانبي في طريقه للخروج وقد وضع عطرا مازلت أسميه إلى اليوم رائحة الموت أحمد الله كثيرا أنه توقف عن استعماله، فهذا العطر يذكرني دائما بتلك المشاهد لا أكاد أشتمه حتى أشعر بالغثيان لا أعرف كيف مر على اليوم والأيام التي تلته كنت أشعر بالضيق.
التحقت بالجامعة كنت أسير في المسيرات التي ينظمها الطلبة احتجاجا على ما يحدث في البوسنة يعلم الله أنني لا أنتمي إلى أي تيار مع إن ذلك لا يعيبني في شيء، تديني للأسف غير كامل أرتدي حجابا عاديا، عدت إلى المنزل لأجد أمي تبلغني أن خالي يريدني، اتصلت به قال أعلم أنك ابنة صالحة لا تفعلي شيء خطأ ولكن صديق لي في حرس الجامعة أخبرني إنك تسيرين في المسيرات التي ينظمها الطلبة، رددت وما عيب ذلك فقال لا عيب فيه ولكن يا ابنتي اهتمي بدراستك أولا وبعدها فلتفعلي ما شئت.
أمي تحدثني ماذا تريدين أن تفعلي بنا هل ستسعدين حين تعتقلين هل تتحملين لطمة واحدة من أصغر مخبر، ولماذا يحدث هذا يا أمي ماذا فعلت لست إرهابية بل أنا إنسانة أعبر عن وجهة نظري أحتج بأكثر الطرق هدوءً هل أصبح هذا جريمة؟
عاد إلي نفس الشعور بالعجز مع أنه لم يكن قد اختفى تماما، أشعر بأنني أصرخ في غرفة معزولة لا يسمعني أحد أصرخ خ خ خ حتى يبح صوتي، وأظل أسأل كيف نقاوم الشعور بالظلم؟ كيف نقاوم الشعور باليأس والعجز؟ هل سيأتي اليوم الذي يكون فيه الإنسان هو القيمة الأعلى والأهم في أوطاننا، أم إن بسم الله ما شاء الله العدد في الليمون لو مات شوية هنا ولا هنا مش حيجرى; حاجة أهم يخفوا الزحمة شوية.
آسفة للإطالة عليكم، وددت أن أتخفف قليلا من تلك المشاعر وأشرككم فيها.
واقرأ أيضًا:
التفاصيل الصغيرة / مدونات مجانين وقت التوقف عن الأحلام
التعليق: لا تعجبني نبرت اليأس في حديثك فلكل طريق نهايه فإذا بدأنا في الطريق الصحيح سنصل إلي الطريق الصحيح وإذا احترمنا أنفسنا سيحترمنا الآخرون وإذا توحدت كلماتنا ستكون الأعلي.