تنهدت واغرورقت عيناها باليأس المجبول بواقع كئيب، نظرت إلى المرآة مرات ومرات، وكان السؤال في رأسها يأبى الخروج إلى لسانها كلمات... أرادت أن تبكي، دون إحساس بالدموع، أرادت أن تشعر بالآخر يعيش من أجلها، أرادت أن تكون أنثى.
نظرت إلى جسدها كثيراً، شعرت بجحافل العمر تمر فوق بياضه لتترك أقدامه رائحة الندم على أيام مضت، وصور وتجاعيد تجسد واقع لهاثها خلفه، أمل رسمته في أحلامها وما تزال تبحث عنه في مستنقع الواقع.
عيناها سفينتان تبحران في بحر الحزن المقيم، شعرها ليل مسافر في ظلمة نور قد ينبثق، وجنتاها ضفتان يجلس عليهما تائه يبحث عن ماء يجري هادئاً عندما تحشرج أنفاسها... أما قلبها، فبركان مستعد للثوران أمام أي براءة ترفع شعار الحب وتدخل بين جوارحها من نافذة الروح المسرعة أبداً، وقد طال انتظار إغلاقهما على وقع عصفورين في سجن ذهبي.
جلست وهى تلعن تربيتها المتحفظة حيناً، وتحمد الله على أخلاقها حيناً آخر، وتحقد على حضها المتكسر على أبواب الواعد تحسد هذه وتتمنى أن تعيش مثل تلك، ولكن القدر أعمى فقد تركها تنزف من الانتظار، والحب أعمى فلم يرَ قلبها الساكن في عشق مولود منتظراً نصفاً آخر كي تختلط الدماء ويولد وطن من الآهات من أجل أن تنال من صيامها الأبدي..
لكم تمنت أن تعود تلك الطفلة التي تعدو خلف أبويها، ترقص بفستان قصير حالمة بلعبة ذات ضفائر طويلة
تعيش معها وترى العالم الكبير صغيراً على مقاس لعبتها!.
تنهدت حتى كاد النفس أن ينقطع فأبت أن تعيد الدموع حفر الأنفاق على خديها، تخيّلت في لحظة أنها خرجت من عباءة جسدها فرأت نفسها جامدة، نصف ضاحكة أفقدتها السنوات نصف الضحكة الآخر وأبدلتها بنصف سخرية من الدنيا،
كادت تنهيدتها الثالثة أن تصرخ باختصار الصمت الكافر، لكن نظرة شاردة إلى صورة حبها،
رسمت رغماً عنها بريق وهم تعيش على أمل أن يستمر ليلعن خيوط الشمس الذابلة والنافذة بين الغيوم المتراكمة في سماء تطلعاتها إلى الغد المجهول،
وعاد السؤال المخيف في رأسها ليجد طريق فمها الأخرس
فصاحت بأعلى صمتها:
ألست أنثى؟!
واقرأ أيضا:
حينما توصلنا الفلسفة إلى العبث! / في الماراااثون! / عن أي حب يتحدثون؟ / زى النهاردة.... سينما مختلف / حينما نسرق الجنس! / للرفيق الالكتروني وجوه كثيرة / حكايتي مع أول سيجارة / يوميات ولاء: ليلة لا تنسى