ليست الشمس بالقسوة التي اعتدتها.. بل هي أشد قسوة.
رغم أني لم أخرج بعد من غرفة نومي إلا أنها اخترقت كل شيء؛ فأذاقتني حراراتها و ضوئها.. ربما هذا الإحساس بالقوة الزائدة أشعرني بنقص ما يسيطر على كل نبضات حياتي. لكني لن أبالي .. فقد اعتدت المشاعر المتناقضة؛ النقص يجاور القوة، الحزن يجاور سعادتي بزوال متاعب أثقلت كاهلي في وقت مضى.
أنهض من فراشي .. أخرج من الحجرة .. رباه .. أحتاج لبرهة كي أستوعب المشهد .. الجميع في صالة الاستقبال يتشحون بالسواد.. تبدو عيونهم جاحظة وشفاههم منفرجة .. تفيض وجوههم من آثار ذعر؛ أحال منظرهم حتى شككت أني أعرفهم .. "ماذا جرى ؟!".. سؤال كررته ما يقرب من المائة مرة بلا مجيب .. حتى أكاد أصبح مثلهم ..
ها قد بدأ أحدهم يستعيد منظره الطبيعي .. بادرني بقوله "كيف جئتِ؟".. إذن وجودي هو مصدر ذعرهم ..
ألهذه الدرجة أصبح مصدر ذعر في يوم وليلة؟؟
رباه أين كنت كي أجيء؟.. أنا لم أخرج منذ يومين ..
استعاد آخر جزء من منظره .. "أين كنتِ أمس؟"
هل فقدوا ذاكرتهم؟ لكن لا يعقل أن تفقد ذاكرة الجميع في يوم واحد.. هل فقدت أنا ذاكرتي؟.. ذكرته بما كان أمس.. أصر أن ذلك كان أمس الأول.. أمس أنا لم أكن هنا بحثوا عني في كل مكان.. سلسلة مفاتيح الشقة في مكانها.. فأنا لم أخرج بإرادتي.. أبلغوا الشرطة.. لم تتضح أي آثار لسرقة أو لخطف أو أي شيء يدل على شيء.
أستمع للقصة مابين فقدان العقل وفقدان الروح.. كيف يضيع يوم كامل؛ ولا أذكر عنه شيء؟ أُظهر شكي فيما يحكون..
أكدوا لي أن اليوم الخميس خلال النشرة الإذاعية.. رباه كيف يضيع مني يوم؟.. كيف أضيع أنا منه؟...
أصبحت أحيا كل الأيام أخشى حرارة الشمس
ويظل السؤال عالق في نفسي إلى الأبد.. أين كنت ذلك اليوم؟.. أو بالأصح أين كان ذلك اليوم..؟
واقرأ أيضا:
ليس كل كبر في السن شيخوخة