بدأت حياة هذا الرجل عندما كان في العاشرة من عمره بالنسبة له حينما كان في الصف الخامس من المرحلة الابتدائية كان هذا الطفل يشعر أنه ليس كباقي الأطفال الذين من نفس عمره وأنه يتميز عنهم بشيء وهي الحساسية فكان هذا الطفل حساسا جدا وكان عنده موهبة الرسم وهذه الموهبة جعلته مرهف الأحاسيس محبا للجمال والطبيعة, فعندما كان في المدرسة كان يرى دائما طفلة جميلة فبدا يتعلق بها شيئا فشيئا ويزداد تعلقه بها يوما بعد يوم حتى أحس أنه يحبها فكانت عندما تذهب في رحلة مدرسية كان يذهب معها لشعوره بالسعادة معها وعندما انتهت السنة الدراسية أدرك هذا الطفل أنه لن يرى هذه الفتاه مرة أخرى فعاد إلى منزله تعيسا وذهب إلى غرفته وظل يبكي على فراقه لمن أحب
وجرت الأيام وساعدته على النسيان نشأ الطفل في أسرة متوسطة ولديه أربعة شقيقات فكان هو الولد الوحيد فكان الكل ينظر إليه أنه هو الرجل الوحيد الموجود في البيت إذا غاب الأب فكان عندما يلعب مع أصدقائه كان إخوته يقولون أنه مدلل ولن يتحمل المسئولية, رغم صغر سنه فكان يفهم ما يدور حوله وكان كلما يكبر كان الخوف من المسئولية يكبر لديه, كان والده يعمل حدادا فهذه المهنة جعلت والده قاسيا حاد الطباع وكان إخوته يقولون له أن يذهب للعمل مع والده في ورشته وهو كان لا يحب العمل مع والده لأنه كان يشعر بجفاء في المشاعر تجاه والده وكان هذا الجفاء يقتل كل مشاعر الحب تجاهه كما يقتل الجفاء الأرض الخضراء,
فعندما كبر الطفل أصبح من الصعب عليه أن يحبه أو يطيع أوامره وهذا جعل والده يقسو عليه أكثر وبدأت تتحول نظرة الفتى إلى والده إلى البغض والكره ولكن كان يكتم كل هذه المشاعر بداخله وفي هذه الأثناء عادت تراود الفتى أحلام الطفولة هذا الفتى وحبه لرفيقه دراسته في المرحلة الابتدائية ,وكان لا يعرف انه يحبها أم لا وكان الجواب لا اعرف كان يجاوب على كثير من الأسئلة التي كان يسألها لنفسه حتى ضاق صدره من هذه الحياة وأصبحت الحياة سوداء فكان الذى يلون له حياته شيئان هما الرسم وحبه لأمه فكان متعلق بها جدا فكانت تعوضه حنان الأب القاسي وفي تلك الفترة أصيبت الأم بمرض شديد أودى بحياتها, وكان يوم موت أمه يوم من أصعب الأيام التي مرت عليه فأحس أن هذا اليوم بسنة كاملة مليئة بالأحزان وجلس وحيدا شريد الذهن في غرفته يبكي ويبكي حتى ورمت عيناه من البكاء حتى استغرق في النوم من شدة البكاء والتعب والتفكير
وأدرك بعد ذلك انه أصبح وحيدا في هذه الحياة بعد رحيل أمه وزواج إخوته الأربعة فظل هو ووالده القاسي في بيتهم التعيس الخال من السعادة والشيء الوحيد الذي بقى له بعد وفاه أمه هو الرسم فقد كان يجد في الرسم عزائه الوحيد في هذه الحياة الخالية من المشاعر والأحاسيس وأنه كان يرى أمه في أحلامه دائما وكانت تضمه إلى صدرها, ومن الجانب الآخر بدأت مشاعر هذا الفتى في الاشتعال حيث رأى الفتاة التي أحبها منذ الصغر فقرر مقابلتها والاعتراف لها بمشاعره أملا في أن يربط بينهم ميثاق الحب فقابلها واعترف لها بحبه فاستهانت به وسخرت منه وقالت له انه لا يليق بها حيث أنها تحب المال فعاد الفتى إلى بيته جريحا مصدوم في من أحب وهذه الصدمة تمثل ثاني صدمه له بعد رحيل أمه فذهب إلى قبر أمه يشكو لها من كثره الآلام المحيطة به والقسوة الموجهة من والده
ومن أمثلة هذه القسوة أنه أجبره على ترك الدراسة والعمل معه رغم انه كان متفوقا في دراسته وكان يريد الالتحاق بكلية الفنون الجميلة ولكنه أطاع أمره فكان يعمل معه طيلة النهار حتى ينسى ما حل به من ظلم من أقرب الناس إليه وكان عندما ينتهي من العمل كان يذهب إلى غرفته ويحكى لامه ما حل به في يومه حتى ضاق صدره من هذه الحياة وفكر في الانتحار للحظات ولكنه سرعان ما طرد هذه الفكرة من رأسه وفكر في عقاب الله وانه لابد أن يصبر ويحمل وان مهما كان عذاب الدنيا صعب سيكون عذاب الآخرة سيكون أصعب فعزم على ترك المنزل والعمل في أي دولة حتى يبعد عن والده القاسي
وفى اليوم الذى قرر فيه الابن بان يترك البيت علم الأب بهذا الأمر فأراد أن يمنعه ولكنه لم يستطع فلطمه لطمه شديدة بعثرت كرامته ولكنه تحمل وهم على الذهاب فلطمه لطمة ثانيه ثم انهال عليه بالضرب وما كان للابن أن يدافع عن نفسه ألا بأنه دفع والده دفعه قوية فاصطدم بالحائط وأصيب في رأسه ومات فهرب الابن منزعجا وخائفا وأدرك أنه في ورطة حقيقية ومحنة كبيرة وأنه سيتهم بقتل أبيه حيث أن جيرانه سمعوه وهو يتعارك مع والده ورأوه يجرى وهو خائف, لم يجد إلا مكان واحد يلجا له وهو قبر أمه فذهب إليها ليشكو لها من ما حل بها من متاعب وفكر أن ينتحر حتى ينجو من هذه الحياة التعيسة فتخيل أمه ماثلة أمامه وتقول له لا وتختفي من أمامه مرة أخرى فتيقن أن أمه لا توافقه على هذا فاكمان باله وعرف أن أمه معه في كل لحظة ونام نوما عميقا وفى صباح اليوم التالي قرر أن يسافر, فسافر إلى إحدى الدول الأجنبية حيث ماتت المشاعر والأحاسيس وأصبح كل إنسان يفكر في أن يجمع أكبر قدر من المال فقط وأدرك أنه في صراع مع الحياة إما أن يفشل وأما أن ينجح فعزم على التفكير في النجاح وفي كل أسبابه
وعمل في وظائف متدنية بأقل الأجور حتى يعيش وهذا كان يومه بالنهار وعندما كان يحل الليل كان يأوي إلى إحدى الحدائق لينام بها, ويتخيل أمه أمامه ويناقشها وتنصحه وتحضنه وتهون عليه ما أساه الحياة, حتى اصح معه المال الكافي حتى يقيم مشروعا صغيرا ولكنه فضل أن يكمل دراسته في الكلية التي يحلم بها وبالفعل التحق بها وكان يشهد أساتذته له بمستقبل جيدا جدا ولكن تكد تعطه الدنيا السعادة حتى سلبتها منه مره أخرى, فكانت الشرطة مازالت تبحث عنه حتى استطاعت العثور عليه وقبضت عليه
وأخذته إلى أرض الوطن فإن الشاب مستقبله ضاع بسبب والده في حياته وبعد موته
وحكم عليه بخمسة وعشرين سنة سجن, فقضاهما وعندما خرج من السجن قرر البقاء مع أمه في قبرها حتى نهاية حياته ومكث معها طوال حياته حتى مات ودفن معها وانتقل إلى العيش معها من الحياة التعيسة المليئة بالمتاعب والمشاكل والآلام إلى حياة أجمل وأنقى
واقرأ أيضاً:
عسى..يا عَسى! / لستُ أنـا ! / فَـداحَـهْ ! / بَعْدُ وَبَعْدُ.../ فِـقْـهُ الرَّغْـبَةِ ! / سببٌ مَبْـحُـوح ! / جَـوازٌ لا يَـجُـوزُ ! / ذَوَبَـان!