صاح أحد أبناء خالتي: من منكم يستطيعُ عدَّ الطياراتِ الورقيةِ؟
صِحْتُ: أنا..
وتعالتِ الأصواتُ مِن حولي لأبناءِ خالتي الستةِ.. ضيوفُنا في الإجازاتِ الصيفيةِ.
صعدْنا إلى سطحِ منزلِنا الذي يتكوَّنُ مِن ثلاثةِ طوابقَ.. وبدأْنا العدَّ: 1.. 2.. 5.. 7.. 10.. 20.. 54.. 60!!
صاحتِ ابنةُ خالتي بالرَّقمِ الأخيرِ..
لكنَّني صرختُ: بلْ هي الخمسُ بعدَ الستين!
وتجادلْنا.. ثم ضَحِكْنا.. ونزلْنا نزُفَ هذا العددَ المهولَ لخالتي ولأمِّي.
إنَّ هذا العددَ لا يُذكر لِما كُنَّا نراه في عهدِنا!!
هكذا قالتْ جَدَّتي بصوتٍ هادئٍ ينمُّ عنْ سِنِّها.
مازحَ أخي جَدَّتي: وهلْ كانَ على أيامِكم هذه الطياراتُ يا جَدَّتي؟!
تبادلنا الضحكاتِ والنِّكاتِ!!
ثُم تحدَّت خالتي قائلةً: مَن مِنكم يستطيعُ صُنعَ طيَّارةٍ ورقيَّةٍ؟
صِحتُ بفرحةِ الطفولةِ وبراءتِها: أنا..
قالتْ إحدى بناتِ خالتي: أنا لا أستطيعُ صُنعَ طيَّارةٍ ورقيةٍ.. ولكنِّي أستطيعُ عملَ "عروسةٍ" كما علمتِني يا أمِّي..
ثُم أرْدَفتْ أختي قائلةً: وأنا أستطيعُ تفصيلَ ملابسَ لها مثلَ التي طرزتُها مع أمِّي لعروستي..
وحينئذٍ برقتْ فكرةٌ لابنِ خالتي الأكبرِ فصاحَ بها منفعلاً: أمَّا أنا فأستطيعُ أنْ أصنعَ بالخشبِ أثاثًا لهذه العروسةِ!
وأنا أستطيعُ صُنعَ سيارةٍ وعجلةٍ من أغطيةِ المياهِ الغازيةِ.. قالها ابنُ خالتي الأصغرُ.
شجعتْنا خالتي.. وحددتْ لنا موعدًا للانتهاءِ مِن صُنعِ هذه اللُّعبِ.. ثُم تجمَّعْنا لنعرضَ ما صنعناهُ بفخرٍ وسعادةٍ شديدين.. وأخذْنا نلعبُ ونستمتعُ بما صنعناهُ بأنفسِنا!
تداعتْ كُلُّ هذه الذكرياتِ أمامي وأنا أشاهدُ هذا الكمَّ الهائلَ المستوْردَ في أحدِ محلاتِ لُعبِ الأطفالِ محاولةً اختيارَ لُعبةٍ لابنةِ أُختي، وقدْ أدهشَني أنْ وجدتُ عددًا مِن
الطياراتِ الورقيةِ.. أقصدُ.. البِلاستيكيةَ.. لكنَّها أبدًا لمْ تكنْ مثلَ.. طيارتِي الورقيةِ.. بلْ هِي..
!!MADE IN TAIWAN
واقرأ أيضاً:
السهل الممتنع / الباشا ! / حوادث مصر المحروسة / ما بعد حرب لبنان / الأستاذة عزة تقول.... / الكلمة