إن تفكير برهان بأن الأمور يجب أن تكون بطريقة صحيحة دائماً، يجعل صراعه مع الواقع كبيراً، فالأمور كما هي لا كما يريد برهان في بعض الأحيان، وهذا ما يزعجه.
ما الذي يحدث؟
إن التفكير هو الطريق للشعور ومن ثم السلوك، ولكن هذا الطريق قد يكون بالاتجاه الخاطئ، فنرى الشخص يفكر بنفس النمط في كل ما يواجهه، وهذا قد يقود إلى الكثير من الصعوبات التي تواجه الشخص بسبب طريقة التفكير بالمواقف والأحداث.
نمط تفكير (عبارات الوجوب Shoulds & musts )
في بعض الأحيان، نجعل من مواصفات ما نريد معقدة جداً، من خلال وضع كلمات من مثل (يجب، لازم، مفروض، ينبغي....)، وتسمى هذه العبارات بعبارات الوجوب، حيث أننا إذا ما افترضنا معايير محدده للأشياء من خلال عبارة الوجوب، سنشعر بالإحباط إذا حدثت الأمور بأقل من هذه المعايير، وقد تكون عبارات الوجوب في مكانه الصحيح عند النظر لمعايير الحلال والحرام، أو عند النظر للقوانين، فيجب الوقوف عندما تكون الإشارة حمراء في الشارع، لكن لا يجب أن تكون معايير حكمنا على الناس جامدة وعالية لا يمكن الوصول لها وليس فيها مرونة.
أفكار (عبارات الوجوب) وحديث الشخص لنفسه
٠ ينبغي أن أكون الأول دائماً
٠ لازم تكون الأمور صحيحة
٠ يجب أن لا يحدث أي سوء فهم مع أصدقائي
٠ لازم الناس يكونوا صادقين دائماً
٠ ما لازم الناس يسوقوا هيك
ما يرافق نمط التفكير (عبارات الوجوب) من آثار
- الإحباط الشديد إذا لم يحقق الشخص اللازم حسب المعايير الشخصية
- النظر للأمور من وجهة النظر الشخصية دون اعتبار لوجهة نظر الآخرين
- صعوبة العمل مع فريق لسعي الشخص لتطبيق الوجوبيات الخاصة به، والتي قد لا تناسب الآخرين.
- الشعور بخيبة الأمل، خصوصاً كلما كانت اللوازم والوجوبيات عالية المعايير
- الغضب والانفعال في المواقف التي لا تحقق المعايير التي افترضها الشخص
- الكمالية، وهي المصطلح الذي يعبر عن سعي الفرد لتحقيق الكمال في كل شيء، وعلى الأغلب تكون طموحات الفرد أعلى من قدراته، لكنه يضع معايير عالية، وصعبة التطبيق على الأغلب
- الخوف من الفشل، ولذلك يسعى الفرد لانتظار اللحظة السحرية الحاسمة، والتي تكون كل الأمور فيها مثالية للقيام بالعمل الموكل إليه أو الذي يرغب به في صورة كاملة ومثالية، وهذا من أهم المداخل للتسويف، أي التأجيل المتكرر، فاللحظة الذهبية الكاملة على الأغلب غير موجودة
- الخوف من النجاح، لان ذلك يضع الشخص في دائرة الضوء وانتباه الآخرين، وبالتالي قد لا يكون النجاح كما يريد فعلاً، أو أن به نقصا.
كيف نتعامل مع نمط التفكير (عبارات الوجوب)؟
بما أن التفكير بنمط (عبارات الوجوب) قد يكون مناسباً في بعض المواقف، لكن المشكلة تكمن في أن يصبح هذا النمط الطريقة المميزة لتفكير الشخص، والطريقة التي تتحكم بتفكير الشخص في نظرته لنفسه، أو الآخرين، أو الحياة، أو المستقبل، أو في الناحية الروحية للشخص.
- عبارات الوجوب تكون كدستور شخصي للفرد، ولا يرضى بأقل من معايير هذا الدستور، لكن هذا دستور الفرد نفسه، وليس بالضرورة دستور ومعايير الآخرين.
- هنالك فروق فردية بين الناس، في قدراتهم، ومعاملاتهم، وأخلاقهم، وكل شيء.
- ما قد يصلح لك ليس بالضرورة أن يصلح للآخرين، وما تعرفه ليس بالضرورة أن يعرفه الآخرون.
- عبارات الوجوب كقفص يبقيك كالعصفور الأسير لا تستطيع التحليق في الحياة بحرية.
- في كثير من الأحيان تكون عبارات الوجوب من صنعك أنت، ومن وجهة نظرك، وقد يكون ذلك صحيحاً، لكن ليس معنى أن الخروج عنه كارثة .
- اترك للآخرين فرصتهم للعمل ضمن طريقتهم وأسلوبهم، فلكل شخص تجربته الخاصة، وليس معنى أنه لا يفعل الأمور بطريقتك أنه مخطئ.
- ضع المعايير التي تريدها، وبأعلى ما تستطيع من الدرجات، لكن الواقع يبقى كما هو، والآخرين كما هم، والحياة بواقعها .
- ليس بالضرورة أم يستجيب الناس لمطالبك، أو تتغير قوانين الحياة لتناسب رغباتك
كيف تعزز نمط تفكير (عبارات الوجوب)
- التشديد على أن ما نعتبره واجباً هو الصحيح وما دون ذلك خاطئ.
- استخدام العبارات الوجوبية في غير مكانها الصحيح (يجب، يبغي، مفروض، لازم، لا بد،...)
- عدم المحاولة لتحليل طريقتك الشخصية بجعل كل سيء واجباً.
- اعتبار أن عدم قدرة الآخرين على تحقيق معايير موجباتك خطئهم، وليس بسبب المبالغة بالمعايير الوجوبية.
- اعتبار الصعوبات التي تواجهها عند سعيك لتحقيق وجوبياتك ومعاييرها بسبب عدم بذلك الجهد المناسب، وليس بسبب كون هذه الوجوبيات تنطوي على قدر عالي من المبالغة.
واقرأ أيضاً:
ما هو الحزن؟ / ما هو فقدان الأمان؟ / الرِّعاية النَّفسية / الأفكار والاستدلال الانفعالي / الأفكار، التسمية وأخطائها / الأفكار والتعميم