وعدت وأنا أختتم مدونتي عن الشمع والمياه والكهرباء والبنزين أن أكتب بعضا مما لامست من فوائد انقطاع التيار الكهربي وأحسب أن كثيرين ستكون لهم خبرات مشابهة، أتمنى أن يزودونا بها لعلنا نتعامل بجدية وعقل أكثر مع مشكلة انقطاع التيار الكهربي التي يخيفني بشأنها جهلي بطبيعتها وتنبؤات كثيرين من المتشائمين أشرت إلى طرفٍ منها في مدونتي السابقة،.......... أذكر أننا اعتدنا منذ سنة 2010 أو ربما قبل ذلك، أن يتواكب ويتكرر انقطاع التيار الكهربي في رمضان وكانت فكرة الأحمال الزائدة تبريرا مقبولا لمشكلة كانت بمجملها مقبولة من حكومة كحكومات نظام مبارك، سنة 2011 لا أذكر أن الأمر كان ملحوظا بشكل أو بآخر ربما تقرر الانقطاع في بعض الأماكن وربما ضرر البعضل لكن ذلك لم يتم التركيز عليه لا إعلاميا ولا اجتماعيا وعلى المستوى الفردي لم تكن مثل تلك الانقطاعات تعنيني فما كان معتادا هو قطع الكهرباء عن الأحياء السكنية وليس المناطق الصناعية أو التجارية أو العامة وإنما كان أولادي وزوجتي يعانون جزاهم الله خيرا وليسامحوني فيما عجزت لظروف عملي عن مشاركتهم فيه.
أما أول ارتطامي المعرفي بموضوع انقطاع الكهرباء المتكرر الحالي فكان في أول أيام شهر رمضان المبارك هذا العام ... صليت الجمعة وانطلقت بسيارتي على طريق القاهرة الزقازيق الصحراوي وقبيل الزقازيق عند الكوبري الأخير في الطريق الذي يمر من قرية من ضواحي الزقازيق هي قرية بردين حيث أغلق الأهالي الكوبري احتجاجا على انقطاع التيار الكهربي ! ... عندما عرفت ذلك تذكرت ما قاله سكريتيري محمد معتذرا ومبررا تأخره في أن أهل واحدةة من القرى التي يمر عبرها قطار القاهرة الزقازيق قد قطعوا طريق القطار احتجاجا على انقطاع الكهرباء ... شعرت ساعتها بقلق شديد وبأن الأمور معرضة في كل لحظة للانفلات .... ربنا يستر ...
لكنني بعد قليل من الوقوف مع الواقفين تذكرت أن رئيس الجمهورية مفترض أنه سيمر من نفس هذا الطريق لأنه نوى أن يفطر في بلده " العدوة " وهي قرية من ضواحي الزقازيق أيضًا.... هم يريدون إحراج الرئيس الجديد إذن! ... ثم مر في رأسي التساؤل الغبي الذي مر في رؤوس كثيرين وهو " أكانوا يجرؤون على مثل هذا في عهد المخلوع؟" ... طبعا لا ولكن لأن منظومة الفساد كلها ما تزال عاملة ضد التيار وضد القيادة ولكنها قديما كانت تعمل معع الرأس الفاسد..... اللهم انصر الحق.... وأخيرا أُجريت بعض الاتصالات –غالبا- وفتح الطريق وإن كان من تحت الكوبري فقط.
ليلتها انقطع التيار قبل أذان العشاء في بيتي وخرجت متوجها في الظلام إلى مسجد منزو في شارع ليس بعيدا عن منزلي لكنه –كما اكتشفت ولله الحمد- يتبع منطقة لم تنقطع فيها الكهرباء بعد .... كان إمام ذلك كما عرفته من قبل من غير المطيلين في صلاة القيام وهو مثلي يتبع مقولة " قـللْ وأوفِ " بالطبع على أن أتدرج لأكون كما ينبغي أن أكون –قدر استطاعتي- في العشر الأواخر... في حوالي التاسعة وعشرين دقيقة انتهت صلاة القيام، وانقطعع التيار في منطقة ذلك المسجد، وعدت متجها إلى البيت ..... وهكذا أمضيت ليلات من الأسبوع الأول والثاني ربما من رمضان أهرب من معايشة انقطاع التيار، فهو ينقطع وأنا أصلي في مكان ينقطع فيه بعد الصلاة.
إلا أن تلك الحيلة لم تدم طويلا .... لقد بدأ التيار ينقطع مرتين أو ثلاثة يوميا أحدها وأنا عائد بيتي متصببا عرقا وملونا بشتى الصبغات التي تصبغ وجوه الماشين على أقدامهم في بلد كالزقازيق....، كذلك انقطع التيار علي وأنا أصلي القيام في مسجد عبد السلام ترك المجاور لعيادتي في روكسي .... كل هذه ليست فوائد لانقطاع التيار الكهربي بالتأكيد مثلما يفترض أني اكتب لأعدد فوائد لا لأذكر حكايات عن العذاب تحملوني ها قد وصلنا معشر المجانين:
ففي خلال خبراتي في التعايش مع انقطاع الكهرباء المتكرر:
جلست مرات متعددة مطولة مع أمي -حفظها الله- وهي دائما تلوم علي عجلتي .... المهم أن الثواب الذي كسبته أنا من انقطاع التيار كبير خاصة في رمضان وجلست مع أبناء أختيَّ مطولا أيضًا للمرات الأولى..... وفكرت في شراء مولد خاص للكهرباء إن كانت الأزمة ستطول –لا قدر الله- وحكيت وحكى لي هذا وذاك وشبه تسامرنا ..... واضح أن غياب الإنترنت أو بمعنى أصح مجانين منح لي وقتا كان الأولى بي أن أنتبه إليه وأتعشم أن لا تغيبني مجانين مرة أخرى... شعرت حقا بالتقصير وعسى يغفرون ويغفر الله والله غفور رحيم.
لابد أن ثواب القائمين في رمضان مع انقطاع الكهرباء فلا مكيفات ولا مراوح تبريد أكبر من ثواب المصلين في المسجد المكيف أو ذي التبريد المعقول ..... لا أراكم الله حرا كالذي تشهده مصر الآن "حر خانق كئيب" .... لكنني أكرر استغرابي مما لحظت في مسجد المحافظة على القرآن الكريم بالزقازيق من اختصار مفرط لصلاة القيام هذا العام ... وهو مسجد كبير مكانه الصاغة وهي مكان تجاري بالزقازيق ... لكن ما يزيد الاستغراب إلا عدم لجوء المصلينن في مسجد عبد السلام ترك في روكسي مصر الجديدة وهو مكان تجاري جدا جدا لكن في القاهرة، عدم لجوئهم للاختصار ماذا يعني .... لست أدري إن كان لذلك معنى؟؟
من الممكن لو تحمل الإنسان حالة " عرقه مرقه " التي اشتهرت في رمضان هذا العام ولها ضحايا بعضهم خاصة من المرضى على عقار الكوجينتول الذي يجفف الريق اضطروا لإفطار بعض الأيام .... من الممكن فعلا عند تحمل تلك الحالة لدقائق عشر أن تشعر بأن العرق أصبح يساعدك على الشعور بالبرودة ... ثم يا سلام لما بين الركعتين الثالثتين والرابعتين يفتح المجاورون لنوافذ المسجد الشبابيك فيهف نسيم الهواء الرباني فيستشعر الجميع الرحمة .... وعليه يستطيع الناس من الآن تعلم بعض أساسيات الحياة بكهرباء أقل كثيرا مما هو متاح الآن هذا إذا أرادوا.
من الممكن ما زال للإنسان المغموس في عمله على جهاز متصل بالإنترنت أن يعمل على الجهاز دوت إنترنت .... وربما أحيانا يفضل أن تفعل هذا .... بل إنني أنصح بالتقليل من استخدام الفلاشات أو المحاميل الجديدة من طراز أي فون .... نهايته كثير من العمل الهام يمكن إنجازه وأنت مفصول عن النت على حاسوب غير متصل.
واقرأ أيضاً:
التعليق: ذكرني انقطاع الكهرباء أثناء صلاة القيام بيوم القيامة الذي مقداره ألف سنة مما تعدون، حينما تدنو الشمس من الناس في أرض المحشر ويكون كل منا في عرقه علي قدر عمله حتي يصل الحال ببعض الناس إلي أن يلجمهم عرقهم إلجاما، فقلت حينها اللهم هون علينا طول يوم القيامة وحر يوم القيامة وقنا عذاب النار.
ذكرني انقطاع الكهرباء بالانقطاع عن الدنيا ونعيمها والفرار إلي الله تعالي، فقد خلقنا الله تعالي ونحن نستطيع التأقلم والحياة بدون الحاجة إلي مبردات للجو ولكن التعلق الزائد بالرفاهيات يقسي القلب ويبعده عن الله تعالي والدار الآخرة، فكم من مصل ترك المسجد لتوقف المكيفات بعد انقطاع الكهرباء، فقلت اللهم أخرج حب الدنيا من قلوبنا وأعنا علي ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ما أحييتنا واجعل قلوبنا متعلقة بك وبالآخرة.