متى تكون عدوانيًا ومتى تتقبل الإساءة؟
لقد قطعت الآن خطواتك الأولى تجاه السلوك التوكيدي، لقد تعلمت الفرق بين العدوانية، السلبية، والتوكيدية.
لقد وضعت يدك على المواقف التي تسبب لك صعوبة بالغة ولا تستطيع فيها التصرف بإيجابية وقيمت تلك المواقف وأعطيتها درجة من عشرة.
لقد حان الوقت أن تبدأ في ممارسة المهارات التوكيدية، وسنقودك إليها خطوة بخطوة.
تذكر القائمة التي كتبتها وراجع سلوكك فيها ونوعه، وطريقة تعبيرك اللفظي والجسدي. ربما تحاول بها أن تتجنب صراعًا، أن ترضي أحدًا، أن تسيطر أو تهين شخصًا. وراجع مكاسبك مع السلوك السلبي والسلوك العدواني وسترى أنك بالتأكيد ستكسب أكثر بأن تكون توكيديًا في سلوكك.
راجع أيضًا تأثير ذلك السلوك على الآخرين وكيف سيغير ذلك السلوك لو تكرر الموقف وكيف ستتغير النتيجة.
1) خطط كيف تكون توكيديًا
لقد حان الوقت أن يكون سلوكك أكثر إيجابية، وستجد أن تعاملك مع المواقف صار أفضل، ومن أفضل الطرق كي تتكيف مع المواقف الجديدة أن تراقب شخصًا يعجبك سلوكه وترى كيف تعامل بمهارة مع الموقف.
اكتب وسائل مختلفة للتعامل مع الموقف الواحد تختلف عن الطريقة التي تستخدمها الآن.
2) تخيل نفسك
استعمل مخيلتك لكي ترى نفسك تتعامل مع المشكلة بطريقة أفضل وتستخدم سلوكًا توكيديًا باستخدام ألفاظك وجسدك وتخيل كيف سيتفاعل الشخص الآخر وكيف سيكون رده.
تخيل عدة عواقب لذلك السلوك وكيف ستتعامل معها.
3) مثل دورًا (لعب الأدوار)
بدلاً من أن تنتقل من الخيال إلى التنفيذ فجأة في ذلك العالم القاسي، لابد أن تتمرن على السلوك وكأنك تمثل دور شخص إيجابي ذي سلوك توكيدي.
وسيكون مفيدًا جدًا أن تتمرن أمام المرآة لكي ترى الرسائل غير اللفظية التي ينقلها جسدك وتأكد من التالي:
۰ أن تواجه الشخص الآخر من مسافة معقولة.
۰ أن تنظر إليه مباشرةً في العينين.
۰ أن يكون جسدك ورأسك مستقيمان.
۰ أن تنحني قليلاً إلى الشخص عند الكلام معه.
۰ أن تتكلم بوضوح وبحزم وبصوت مسموع.
حاول أن تمثل دورك ثم دور الشخص الآخر وتدرب جيدًا على كل الاحتمالات الممكنة.
الاختبار
الشيء الحقيقي
الخطوة القادمة أن تختار موقفًا محتمل النجاح فيه حتى تبني ثقتك بنفسك، تحدث عن الصعوبات مع أحد أفراد عائلتك أو مع صديق مقرب، واطلب منهم مساعدتك على التعامل مع المشكلة بتشجيعك ومدحك عندما تخبرهم عن محاولاتك.
ابدأ في مكافأة نفسك على إنجازاتك وسلوكك الإيجابي، تذكر أنك لا تحتاج أن تنجح في كل مرة ولكن تأكد أن تتعلم من أخطائك وأن تتمرن في خيالك على سلوك أكثر تأثيرًا على حياتك العامة.
سيأخذ منك ذلك تدريبًا مستمرًا حتى تصبح تلك السلوكيات طبيعية وتلقائية.
خطواتك نحو الإيجابية
جاءت إلينا فتاة شابة تتطلع إلى التخرج من الجامعة والزواج لأنها كانت تعاني من توتر وصداع، وقد وجدت بعض الراحة في تعلم أساليب الاسترخاء ووجد أن جزءًا كبيرًا من الكرب عندها كان في علاقتها بخطيبها (زوجها الذي عقد عليها ولم يدخل بها)، طالب الطب الذي كان كثيرًا ما يطلب منها أن تقضي له العديد من المشاوير والتي كانت تمثل ضغطًا كبيرًا عليها.
وباتباع تلك الخطوات التي ذكرناها بدأت تلك الفتاة في مراجعة سلوكها.
ووصفت إحدى المشاكل التي صادفتها كما يلي:
في الأسبوع الماضي أمضى خطيبها عدة أيام مع أصدقائه في رحلة صيد، قبل رحيله مباشرة رآها وعاتبها على كثرة خروجها، وطالبها أن تحضر له الطعام الذي سيأخذه معه في الرحلة، وكانت لا تزال عائدة من مشاوير الشراء مع والدتها، والآن ستضطر للنزول مجددًا لتشتري له احتياجاته.
اعتذرت منه وبالفعل أحضرت له ما يريد بينما هو بالمنزل يتفرج على مباراة لكرة القدم.
بالطبع الموقف السابق تعرفت عليه مباشرة على أنه سلوك سلبي، لقد تجنبت أن تقول ما تفكر به، ما تشعر به، وما تريده. وكان اعتذارها محملاً بغضب خفي، وتذكرت كم كانت مشدودة وهي تقوله، وهي تأمل في داخلها أن يقدر كم هي متعبة وأن يتراجع عن طلبه (وهو ما لم يحدث).
أدركت تلك الفتاة كم ترغب في إسعاد خطيبها، وفي نفس الوقت فإنها ترفض ذلك السلوك منه، وعندما فكرت بعمق تذكرت أن حتى والد خطيبها لا يعامل زوجته بالاحترام الكافي، وأن حماتها لم تواجه زوجها قط بذلك، ولم ترفض أبدًا أيا من طلباته المتعددة، وأصرت الفتاة ألا تكرر نفس الخطأ.
بدأت تلك الفتاة تفكر في بدائل سلوك تستطيع أن تؤكد بها حقوقها.
كان لديها صديقة حميمة متزوجة أيضًا من طبيب ولكن كانت بينهما علاقة صحية جدًا وحميمة، سألتها عن العديد من المواقف التي تصادفها مع زوجها وكيف تتصرف فيها، وبدأت في استخدام مخيلتها في مراجعة طريقة جديدة تجيب بها على مطالب خطيبها العديدة.
وبدأت تتخيل خطيبها أيضًا في مناقشة بينهما حول تلك المشاكل التي تثير قلقها، ونصحناها أن تبدأ بأحد المواقف البسيطة وليس مع خطيبها ولكن أن تجرب أولاً مع أختها في إحدى المشاكل بينهما.
بدأت هي في تمثيل الدور بصوت منخفض وعيناها في اتجاه الأرض ولم يبدُ عليها أبدًا أنها مقتنعة بما كانت تقوله، حتى عندما واجهت نفسها في المرآة عرفت أنها غير مقنعة تمامًا واستعملت المرآة حتى تحسن من أدائها غير اللفظي.
وبعد أن نجحت في توكيد ذاتها مع أختها بدأت في استعمال طرق أخرى إيجابية وأخذت تتمرن عليها لاستعمالها في تحسين العلاقة مع خطيبها. والغريب أن خطيبها نفسه كان قلقًا وغير راض عن زواج والديه، ولكنه اندهش من تغير طريقة خطيبته وفوجئ أنه يفعل نفس تصرفات والده وأنه كان يضايقها.... وفي نهاية العلاج أبدت الفتاة رضاها عن سلوكها الإيجابي وأخبرتنا كيف أن علاقتها بخطيبها في تحسن مستمر.
كيف أؤكد حقوقي أمام طلبات الآخرين؟
هناك العديد من المواقف التي تواجهنا والتي نحتاج فيها أن نجيب على طلبات الآخرين بسلوك توكيدي، ولابد من التمرن على تلك المواقف حتى لا نجيب باندفاعية. ولنأخذ مثال على ذلك بطلب قام به مديرك في العمل، لقد طالبك أن تأخذ ساعات عمل إضافية في آخر اليوم حتى تنهي عملاً زائدًا عن عملك الأصلي. ولكنك لديك خططًا أخرى ولا تريد الاستغناء عنها.
أولاً: يجب أن تطلب إيضاحًا حول ماهية المطلوب منك بالتفصيل وأن تفهم كل دقائقه وأهميته، لأنك لو لم تفعل لن تستطيع أن تأخذ قرارًا حول ما إذا كان يجب أن تقبل العمل أو ترفضه.
الخطوة التالية: هي أن تقرر موقفك من تلك القضية، لابد أن تأخذ وقتًا كي تفكر في الطلب وحتى تصل إلى قرار.
لا تتردد أبدًا في طلب مزيد من الوقت للتفكير وأنك فور اتخاذك قرارا ستبلغ به رئيسك، ولابد أن تكون مسترخيًا تمامًا قبل اتخاذ ذلك القرار.
حاول أن تستخدم كلمة (لا) عندما ترفض طلبًا فإنها تحمل الكثير من الحزم والوضوح، أفضل بكثير من "أعتقد أنني.. ربما لأنني... ولكنني"، ومن المهم أيضًا أن تكون مختصرًا في ذكر أسبابك للرفض.
وتجنب التفسيرات الطويلة، فإنها قد تفسر على أنها اتهام بتحميلك عملا ليس لك أو كأنها هروبا من المسئولية، ويستطيع عندها الشخص الآخر أن يتلاعب بك.
حاول استخدام كلمة (أنا) في الرسالة التي تريد إيصالها، مثلاً "أنا لا أريد عملا إضافيا اليوم" "أنا لا أستطيع أن أعمل الليلة" أن تعطي إيضاحًا أنك أتخذت قرارك.
طريقة الإسطوانة المشروخة
قد تجد أنه من الضروري أن ترفض طلبًا لشخص ما عدة مرات قبل أن يستمع إليك فعليًا، في هذه الحالة أنصحك أن تستخدم طريقة فعالة جدًا، إنها طريقة الإسطوانة المشروخة، هذه الطريقة تتلخص في الآتي:
بصوت هادئ كرر (لا) وكررها بدون ذكر السبب الأصلي للرفض وكررها حتى يسمعها الشخص الذي أمامك، وقد تحتاج أن تتدرب على تلك الطريقة أمام المرآة.
ومن أحد أفضل المواقف لاستعمال تلك الطريقة هي عندما تحاول أن تجد قيمة ما دفعت من أجله مع عامل يصلح لك جهازًا بالمنزل، بواب، مقدم طعام في مطعم، باعة متجولين، صاحب منزل.
إنهم يحاولون أن يبيعوا لك أنصاف الحلول، ارفض تمامًا أي مفاوضات غير مرضية.
كن متأكدًا أن طريقة كلامك حازمة، هادئة، ومسترخية وأنت تقول (لا).
التمرن على لعب الأدوار بتلك الطريقة ثم تطبيقها فيما بعد سيريك كم هي مفيدة في العديد من المواقف.
قوة الصمت
الصمت هو طريقة للحوار غير الجسدي، وهي طريقة قوية جدًا في استعمالها خاصةً لو استمر الشخص في مضايقتك بعد تشغيل (الإسطوانة المشروخة)... استعمل الصمت. خاصةً لو كان أثناء الحوار، ولو تتذكر قصة الطبيب التي ذكرناها في أول مقال ستندهش أن صمته أثناء الحوار مع الموظف هو الذي أدى في النهاية إلى تغيير الغرفة.
مثلاً أنت تشتري الخبز وجدته غير طازج أو محروق أو لم ينضج وقال لك البائع وهو أيضًا جارك في السكن خذ هذا اليوم وغدًا سوف أجهز لك خبزًا طازجًا هدية، صمتك وعدم ردك هو أبلغ رد.
طرق إضافية
قد ترغب من حين لآخر في توكيد ذاتك أمام شخص لا يكف عن مضايقتك، قد ترغب في أن تقول "أنا حقًا أريدك أن تتوقف عن الضغط عليّ" أو "إنني لن أغير رأيي"، ولو أن هذا لم يجدي أخبر ذلك الشخص أنك تريد تغيير موضوع المحادثة وإلا فإنك ستغلق الهاتف أو إنك ستغادر الغرفة. ولابد أن تنفذ ما تقول حقًا.
وهناك طريقة أخرى "طريقة الحيرة أو التناقض" وهو مفاجأة من أمامك بما هو غير متوقع.
مثلاً قبل أن تغلق الهاتف أو تغادر الغرفة تقول "إني أتمنى أن تكتب لي كثيرًا أو تحادثني في ذلك الموضوع عدة مرات أخرى حتى أتمرن على تحسين سلوكي الإيجابي وكيفية رفض الطلبات"، وغالبًا ما تترك تلك الجملة الشخص الآخر أعزل معقود اللسان عاجزًا عن متابعة مضايقتك أو الإلحاح عليك.
طريقة الضباب
في تلك الطريقة الشخص الذي يحاول توكيد ذاته عليه أن يكرر ما يطلبه الشخص الآخر أو يقوله، وبهذه الطريقة فإنه يؤكد له أنه يفهم المشكلة التي يحاول ذلك الشخص إيصالها له.
ففي العلاقات خاصةً لو كانت مع أشخاص يهمونك من الضروري جدًا أن تعرف وقع رفضك على الشخص الآخر، وقد ترغب أن تفهمه أنك تشعر بمشاعره مثلاً بقولك "أنا أعرف إنك كنت تأمل أن أفعل كذا وأعرف أنني أحبطتك عندما رفضت ولكنني حقًا غير قادر على ذلك".
حاول أن تتجنب كلمات الاعتذار لأن غالبًا ذلك الاعتذار غير صادق وغير ضروري، وهو يعرض حقك في الرفض للخطر.
قد ترغب في تقديم ترضية ولكن من الضروري جدًا أن تعرف أنك غير مضطر لذلك، وأنك حر في ساعات راحتك، يجب أن تنقل رفضك للطلب الأساسي بوضوح وبدون أي إحساس بالذنب.
أنا شخصيًا يأتيني كثير من المعارف لزيارتي في البيت في الأوقات القليلة التي أقضيها مع أسرتي وكل منهم معه صديق أو ابن لكي أقوم بالكشف عليه لأن عنده حالة نفسية شديدة، ويكون، ردي أنا أعرف أن حالة ابنك أو صديقك شديدة في نظرك ولكن المكان المناسب للكشف في العيادة وفي أوقات العمل ولن أستطيع الكشف عليه وأنا لست الطبيب الوحيد.
وأحيانًا كثيرة أجد مريضا ينتظرني على باب العيادة لكي يطلب مني أن يدخل الكشف بدون ميعاد سابق أو الدخول قبل دوره بكثير ويعتدي على أدوار الآخرين بحجة أنه مسافر أو أنه جاء من مسافة بعيدة أو أن المواصلات سوف تنقطع في المساء فيكون ردي الرفض القاطع ولكن بأدب وحزم.
وفي النهاية تذكر أنه من حقك أن تغير رأيك وأن ترفض طلبًا قد سبق لك الموافقة عليه.
زِن العواقب لو وجدت أنك مضغوطا أو أحسست إنه قد تم التلاعب بك لا ضرر أبدًا من التراجع عن قرارك الأول.
تدرب على قول (لا)
استعمل الطريقة التخيلية أمام المرآة في المواقف التالية:
۰ طلب منك صديق قرضًا حتى أول الشهر.
۰ طلبت منك ابنتك أن تتأخر عند عمتها حتى منتصف الليل.
۰ أنك في لجنة وقد أنجزت عملك وفي آخر دقيقة اتصل بك عضو آخر وطلب منك مشاركته في عمله.
۰ طلب منك عمك البقاء معك بالمنزل لمدة شهر وهي ثالث مرة في هذا العام وهو غير محتاج لذلك وغير فقير وله من الأولاد سبعة وله من البيوت ثلاثة.
۰ شخص معك في العمل يصر عليك يوميًا أن تقله إلى منزله.
۰ بائع متجول يلح عليك أن تشتري شيئًا منه أنت لا تريده.
۰ يلح عليك أخوك وزوجته في الخروج للتنزه مساءًا بعد أن عدت من العمل متعبًا.
۰ تطلب منك صديقتك أن تخبزي لها بعض الفطائر أو الكعك وأنت وقتك مضغوط جدًا في عملك والمنزل.
۰ يطلب منك رئيسك (للمرة الثانية) تأجيل إجازتك.
۰ يطلب منك صديق مساعدته في تحضير حفل زواج ابنته وهو غني جدًا ويستطيع أن يستأجر من يساعده.
۰ طلب منك جارك أن توصل أولاده إلى المدرسة لأنهم مع أولادك يومًا ما ثم طلب منك أن تفعل ذلك طوال العام.
ويتبع>>>>: كيف تتقبل النقد دون توتر؟
واقرأ أيضاً:
أنا حرٌّ ...! / نفس اجتماعي: الثقة بالنفس والتوكيدية Self Assertion / علم جديد