أسس النظرية النفسية الإسلامية الأولى2
3 . الدوافع عند الإنسان
٠ اختزل فرويد الدوافع عند الإنسان بدافعي الجنس والعدوان واختزلها السلوكيون في الطعام والشراب والدوافع الفيزيولوجية ثم جاء الإنسانيون وارتقوا بالدوافع الإنسانية حتى كان تحقيق الذات هو رٔاس هرم الدوافع الإنسانية.
٠ الإنسانيون اقتربوا كثيرًا من النظرة الإسلامية للدوافع فالإنسان خلق ليكون خليفة عن لله في الأرض يحقق في ذاته صفات لله وهو مفطور على تحقيقها في ذاته لكن هنالك صفتان محرمتان عليه رغم أنه مفطور على الميل لهما وهما العظمة والكبرياء. الإنسان حيوان له احتياجات فيزيولوجية تضغط عليه ليسعى إلى إشباعها والجنس من هذه الدوافع لكنه ما أن يحصل على الحد الأدنى من اشباعها حتى ينتبه إلى الدوافع الإنسانية أي دوافع الاستخلاف في الأرض التي فطره لله عليها.
٠ الله رحيم وعليم وكريم وخالق ورازق ومنتقم وغفور وعادل و.... والإنسان خلق ليحقق هذه المعاني في نفسه ويتخلق بها، وهذا معنى الخلافة عن الله في الأرض، وليس ت مجرد عمار ة الٔارض وبنائها فالإنسان مستخلف حتى لو عاش في غابة أو كهف أو صحراء، الخلافة هي تحقيق المعاني التي تتضمنها أسماء لله الحسنى، وهي في جوهرها الحياة من أجل المعنى.
٠ الإنسان يمعنن (يعطي معنى) كل شيء حتى الأكل والشرب والجنس يحملها الإنسان المعانى ولا يقف بها عند الحاجة الفيزيولوجية البحتة، فحتى أن يتجشأ أحدهم وهو سلوك مقرف للحاضرين صار لدى بعض الشعوب مما يتباهى به الإنسان لأنه دلالة على الشبع والغنى في مجتمع جائع، والكرش الذي نخجل به في ثقافتنا المعاصرة يباهي به الإنسان في ثقافات لا تنظر إلى سلبياته بل تركز على أنه دلالة على الغنى والوفرة والشبع الزائد، الجنس يمارسه الحيوان وبنتيجته يتكاثر وكذلك يفعل الإنسان لكن الإنسان شحنه بالمعاني فتجد المسبات في كل اللغات تشير إلى الفعل الجنسي وقد يموت بسببه أناس كثيرون في الحضارات التي تربط شرف العائلة كلها بما يقع على المرٔاة جنسياً.
٠ هنالك حاجات أساسية للإنسان وهي الطعام والشراب والمأوى الملخصة في أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ثم بعدها تأتي المعاني (شجرة الخلد وملك لا يبلى) فالخوف من الموت والانعدام ومن الفقر والاحتياج من أهم مصادر القلق عند اإنسان الذي يدفعه إلى الكثير من الأفعال للتغلب عليهما، والسمعة والفخر قد يموت الإنسان في سبيلهما أو ينفق ماله وجهده وعمره سعياً وراءهما بل حتى الإفساد في الأرض تحدياً للخالق يشكل دافعاً للسلوك الإنساني، لذا كانت الدار الآخرة للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً.
٠ والإنسان مفطور على حب الجمال لذا يبذل في سبيله الغالي والرخيص حتى كان أعظم ثواب يناله المؤمنون هو النظر إلى وجه لله الكريم وهو الجميل الذي يحب الجمال.
٠ نلتقي مع الإنسانيين كثيرًا في فهمنا للدوافع عند الإنسان و مكانته في الكون،لكن نختلف معهم حول طبيعة علاقته بالخالق سبحانه وتعالى. فهم يرون أنفسهم أنداداً لهذا الخالق، هذا إن هم اعترفوا بوجوده، ونحن نرى أنفسنا خلفاء له في أرضه.
٠ المنظور الإسلامي لا يعلي من قيمة المعاني على حساب الحاجات البدنية كما فعل المتصوفة في جميع الأديان عندما ازدروا كل ما نسبوه للجسد وأعلوا كل ما نسبوه للروح، فدين الفطرة يعترف بكل الدوافع ويحترمها لكن ينظم إشباعها بحيث يكون من الحلال النافع.
ويتبع>>>>>> : أسس النظرية النفسية الإسلامية الأولى4
واقرأ أيضاً:
بصائر نفسية إسلامية (4) / ما لنا غيرك يا الله(3) / الطب النفسى شبهات وردود / الطب النفسى الإسلامى
واقرأ أيضاً:
بصائر نفسية إسلامية (4) / ما لنا غيرك يا الله(3) / الطب النفسى شبهات وردود / الطب النفسى الإسلامى