صناعة الوهم لتغيير المواقف والاتجاهات الإسلامية للشعب المصري
لقد شككنا في أنفسنا وشككنا في عقولنا تحت ضغط الحملة الشرسة لتشويه الإسلاميين. لقد راجع كلاً منا نفسه العديد من المرات ومنا من صدق ما يسمع من المنابر الإعلامية وردده ونشره وغير من موقفه وصوت ضدهم في معركة أو أكثر من الانتخابات والاستفتاءات. لقد استطاعوا خلق قصص وهمية عن الإسلاميين واستطاعوا الزج بنصف الشعب المصري أو أكثر ذي الأغلبية المسلمة للعيش بهذه القصص الوهمية.
لقد استطاعوا صناعة فوبيا الإسلام في بلد مسلم كما صنعت من قبل في البلاد الغربية. كيف فعلوا ذلك وهل عقولنا بهذا الضعف وهل نومنا مغناطيسياً وعميت أبصارنا فسرنا سائرين نياماً وعمياناً حتى نصدق ما قيل لنا.
للأسف هذا ماحدث وقد يحدث مراراً وتكراراً تحت تأثير صناعة الوهم التي تقوم بها الآلة الإعلامية الجبارة لمن يملك المال أو السلطة.
لا أحب هذا المسمى "السائرون نياماً وعمياناً" فأنا لا أحب أن يصفني أحد بهذا المسمى حتى ولو كنت مخطئاً وقد أطلق البعض هذا المسمى على المعارضين للتيار الإسلامي. الحقيقة هم جزء منا ونحن جزء منهم هم أهل لنا وأصدقاء وزملاء هم إخوة وأخوات لنا هم في آخر استفتاء 36%. بالرغم من رفضي لهذا المسمى فالمسمى به تشبيه يخليهم من المسئولية ويعذرهم فلقد رفع القلم عن النائم ولا حرج على الكفيف إذا تخبط فيمن حوله.
سأتكلم في هذه السطور عن كيفية صناعة هؤلاء وكيف تغير موقفهم ليصبح على ما هو عليه وسأتكلم عن من الذي لعب بعقولهم ولماذا لعب وما جزاؤه.
كلمة موقف أو اتجاه تعني موقف الإنسان من شيء ما أو اتجاهه في التعامل مع شيء ما. ويتكون الموقف من ثلاث عناصر وهم الفكر والمشاعر والسلوك.
ويخضع الإنسان طوال الوقت لمحاولات لتغيير مواقفه واتجاهاته ناحية أشياء كثيرة مثل السلع التجارية المختلفة وترسم له الخطط لتغيير هذه المواقف والاتجاهات لتكون في الاتجاه الذي يربح الجهة التجارية الممولة لهذه الخطط وما أكثر ذلك في يومنا هذا.
وعادةً ما نرى عملية تغيير المواقف والاتجاهات تجري من خلال الدعاية والإعلان بوسائل الإعلام المختلفة. وتتبارى بها شركات الدعاية والإعلان وتتنافس الشركت التجارية في جذب المستهلك بالعديد من الوسائل. ولا يقتصر تغيير المواقف والاتجاهات على السلع التجارية فقط بل أن الآباء والأمهات والمدارس والجامعات والمساجد والكنائس والنوادي والفنانين يعملون على تغيير مواقف واتجاهات الناس كلاً في الاتجاه الذي يريده.
وعلى مستوى السياسة يعد تغيير المواقف والاتجاهات شيئاً معروفاً وشهيراً ولا يمكن الاستغناء عنه.
وعلى مستوى السياسة في مصر فقد حاول النظام السابق في مصر كسب مواقف وتجاهات المصريين لصالحه من خلال العديدمن الوسائل الشرعية وغير الشرعية إلى أن خرج المصريون من عباءة هذا النظام وأسقطوه في 25 يناير 2011 .
وبعد الثورة كانت هناك 6 حملات ممنهجة ومنظمة لتغيير مواقف الشعب المصري تجاه الإسلاميين وخاصة الإخوان المسلمين وكانت المعركة الأولى التعديلات الدستورية في مارس 2011 ثم انتخابات مجلس الشعب ثم انتخابات مجلس الشورى ثم انتخابات رئيس الجمهورية والاستفتاءعلى الدستور وأخيراً الانقلاب العسكري المسمى بثورة 30 يونيو.
ولما كان الإسلاميون مستهدفين من هذه الحملة فقد قاموا بالدفاع عن أنفسهم من خلال حملات موازية للمحافظة على موقف الناس الإيجابي منهم ولكن بإمكانيات أقل وبقلة عدة وعتاد وتمكنوا من كسب المعارك الخمس الأولى ولذلك جاءت المعركة السادسة دموية لتقنع الناس أن المؤيدين للشرعية إرهابيين طالبين من الناس السماح لهم بقتلهم. تماماً كما قال فرعون لأهل مصر "وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد"
وحتى نقرأ الأحداث بشكل سليم ونقاوم اللعب بعقولنا فدعونا نتحدث عن تقنيات تغيير المواقف والاتجاهات.
أساليب تغيير المواقف والاتجاهات
ومن الجدير بالذكر قبل الدخول في تفاصيل تغيير المواقف والاتجاهات أن الأفضل دائماً من العمل على تغيير المواقف والاتجاهات هو بناء مواقف إيجابية من البداية من خلال كل مراحل وأماكن بناء الإنسان مثل المدارس والجامعات ودور العبادة والنوادي وغيرها وهذا يتطلب سنوات طويلة من العمل وبالتالي فإن القوانين المنظمة لهذه الأماكن كلها تحتاج لمراجعة وتعديلات لتحقيق الغرض منها وهو بناء الإنسان على مواقف إيجابية منذ نعومة أظافره.
وتقوم عملية تغيير المواقف والاتجاهات على تغيير عنصر أو أكثر من الثلاث عناصر المكونة لأي موقف والضغط بقوة لتغيير الجانب السلوكي وهو المطلوب عادةً.
ومن الجدير بالذكر أن دائرة المشاعر والفكر والسلوك دائرة متصلة ويؤدي كل عنصر منهم إلى العنصرين الآخرين وبالتالي فهناك اتزان بينهم ويختلف البشر عن بعضهم في سرعة العناصر الثلاثة فبعضنا عاطفي أسرع وبعضنا مفكر بشكل أسرع وبعضنا مندفع السلوك.
ولنعلم أن هذه الأساليب عادة ما يكون هناك تداخل بينها ولا يمكن فصلها تماماً عن بعضها
أساليب لتغيير الجزء الفكري
الجانب الفكري هو الأفكار المصاحبة للموقف ويتم تغيير هذه الأفكار من خلال عمل تغيير بالمعلومة المطروحة على الناس مثل:
1- إخفاء المعلومة (الإعلام المصري لا يذيع أي شيء عن المذابح ولم يذع كلمة أبو الفتوح ولا سليم العوا ولا يذيع شيئا لفهمي هويدي ولا أي واحد حيادي) to Hide or Neglect Information
2- حذف جزء من المعلومة Omission (إذاعة جزء وإخفاء جزء من المعلومة)
3- إضافة جزء للمعلومة ( مرسي أقال النائب العام لوجود ملفات تدين الإخوان تحت يده) Addition
4- تحوير المعلومة (الحديث عن الانقلاب على أنه ثورة والحديث عن الشرعية الثورية بدلاً من الشرعية الدستورية) Distortion وهو بمنتهى البساطة تغيير زاوية الرؤية للمعلومة
5- المقارنه الظالمة (حسني مبارك مع محمد مرسي - المتظاهرين السلميين مع الإرهاب - ثورة 25 يناير مع انقلاب 30 يونيو) Irrelevant Comparison
6- الفبركة وتأليف المعلومة بالكامل (منجد يشرف على لجنة- بيع قناة السويس- توطين الفلسطينيين بسيناء إدارة الجماعات الجهادية في سيناء - التخابر مع 4 دول) Fabrication
7- التشتيت Cognitive Distortion عمل فرقعة إعلامية لتشتيت أفكار الناس وإعطائهم مادة تشغلهم وتصرف عقولهم عن المهم وفي قول آخر تسمى Busy and Dizzy technique وكان النظام السابق يشغل عقول المصريين طوال الوقت في صراعات كثيرة حتى لا يفيقوا وهو الغرض من عمل أزمات البنزين والسولار وغيرها من الاعتصامات والمظاهرات
8- التعميم (حادثة البلكيمي) Generalization كلهم كهذا الرجل
9- السفسطة Sophistication الدستور لم يذكر سن الطفولة الدستور لم يذكر المحامين الدستور لم يجرم تجارة البشر وهكذا الشيطان يقع في التفاصيل فهي وسيلة لتفرقة الناس وتقسيمهم وتفكيكهم
10- إعادة ترتيب المعلومة Information Approach لتخدم غرض محدد
11- تقنية مصداقية المصدر Credibility of the Source اللجوء لخبير اقتصادي أجنبي على الحياد منا لبيان إفلاس البلد فتكون مصداقيته أعلى أو اللجوء لشخص إسلامي للحديث بسلبية على جماعته الذي انشق عنها
12- Gentle Assumption (وضع جملة بالمصادفة على أنها حقيقة في وسط معلومات أخرى صحيحة) ومثال ذلك المذيعة توجه سؤال للضيف: سيدي ماذا بعد أن هاجم الإخوان قاعة المؤتمرات الكبرى وأحدثوا هذه الفوضى هل سيستمرون في الاعتصام أم أنهم سيخضعون للأمر الواقع؟
13- What Is Repeated Will Be Approved And Believed التكرار مرات ومرات إلى أن تصبح الكذبه حقيقة
14-التهويل (الدستور سيؤدي إلى.. وإلى.....)
أساليب لتغيير الجانب الشعوري
من أسهل الطرق اللعب على مشاعر الناس من خلال بث مشاعر مثل:
1- الحزن
2- التخويف (الحجاب بالعافية- ميليشيات عسكرية للإخوان- أي شخص يجد جسما غريبا يجب أن يبلغ فوراً)
3- التخوين (الإخوان عقدوا الصفقات مع النظام السابق ومع قطر ومع حماس ومع أمريكا ومع إسرائيل؟ بث المشاعر عادةً ما ينجح حتى ولو كان غير منطقي مثل هذا المثل)
4- الحيرة
5- القلق
ولبث هذه المشاعر قد يتم استعمال تقنية النموذج الجذاب Attractive Model حيث يتم اللجوء لشخص جذاب ومحبوب من الناس وشراؤه أو التحايل عليه لخلق هذا الشعور لدى الناس حيث يقتنع الناس بمن يحبون، ويستعمل أيضاً تقنية الشقاق الفكري Cognitive Dissonance للعب في المشاعر حيث تقوم هذه التقنية على خلق عدم اتزان بين الثلاثة عناصر المكونة للموقف ليكون هناك شعور من عدم الراحة فيضطر الإنسان إلى تغيير سلوكه أو فكره للتغلب على هذا الإحساس السلبي. أنت ستعطي صوتك لمن باعوا دم الشهداء في محمد محمود ولمن عقدوا الصفقات مع النظام السابق وبالتالي أنت مذنب فيشعر الشخص بالذنب ويعيش في عدم راحة إلى أن يغير سلوكه ولا يعطي صوته في هذا الاتجاه
أساليب لتغيير الجانب السلوكي
1- الثواب بالفلوس والمكافآت العينية Reward
2- العقاب Punishment مثل منع الحوافز عن العاملين بشركات البترول إذا لم يعطوا صوتهم في الاتجاه الذي يرغب فيه رئيس مجلس الإدارة وتلفيق القضايا والاعتقالات
3- بالأمر من سلطة (المجندين أعطوا توكيلات لعمر سليمان) Obedience
4- بالإذعان إلى كبير (أهالي قرى بالكامل أعطوا لأحمد شفيق) Compliance
5- بالقناعة من خلال برامج منتقاة
6- بالمماثلة والتقليد Conformity حيث يحب 85% من الناس أن يلحقوا بالفريق الكاسب ويتم عمل هذه التقنية من خلال استطلاعات للرأي وهمية أو معيبة لإقناع الناس أن الكاسب سيكون فلان فيصوت الناس لهذا الشخص أو هذا الاتجاه وقد رأينا جميعاً كل استطلاعات الرأي تقول أن الدكتور محمد مرسي لن يكون في الأربعة الأوائل في انتخابات الرئاسة وكذلك رأينا إستطلاعات الرأي تقول لا للدستور وكذلك رأيناهم يقولون من نزل في 30 يونيو 30 مليون بينما ميدان التحرير لا يستوعب أكثر من 600 ألف
وسائل تغيير المواقف
القنوات الفضائية
الجرائد والمجلات والمطبوعات المختلفة
الإنترنت
الخطاب المباشر
لأي مدى يعتبر تغيير المواقف والاتجاهات عملا أخلاقيا وشرعيا؟ يعتبر هذا السؤال مشكلة كبيرة ولا يسهل الإجابة عنه فإن كان ممول الخطة وراسمها وتقنياتها ومنفذها يقصد خيراً ومصلحة عامة فهو عمل أخلاقي وإن كان العكس فهو غير أخلاقي وبالتالي فلا يمكن أن نجيزه للجميع ولا أن نمنعه من الجميع والأصعب من ذلك من يقول أن هذا الهدف خير ومصلحة عامة فالحكومة ستقول أنا خير والمعارضة ستقول كذلك أيضاً والأهم من ذلك فهو لا يمكن منعه بشكل كامل ولكن يمكن التعرف عليه ومنافسته.
لعب الإعلاميون وبعض السياسيين دوراً كبيراً وللأسف لعب بعضهم الدور بجهل تام ومطلق فكان أداةً في يد غيره، وقام البعض بدوره عامداً متعمداً لأسباب مختلفة منها:
1- خلاف فكري أيديولجي (الليبرالية)
2- مكسب مادي (حيث تصل تكلفة هذه الحملات والمخططات إلى ملايين عديدة وقد تكون مليارات)
3- طلب سلطة
4- خوفاً من افتضاح أمر
5- طلباً للشهرة والمجد
وأهمية موضوع تغيير المواقف والاتجاهات لا تقتصر فقط على قراءة أحداث 2011 - 2013 ولكن هناك معارك أخرى قادمة ومنها:
٠ معارك سياسية: كيف نوقظ السائرين نياماً وعمياناً وكيف ندير حملات انتخابية بطرق علمية وأخلاقية سليمة؟ وكيف نمنع أو نحد من التأثير اللا أخلاقي على الناس؟
٠ معارك اقتصادية: كيف نغير سلوك القوة العاملة في مصر وهو مشكلة أساسية لاقتصادنا؟
٠ معارك أخلاقية: كيف نغير السلوكيات الأخلاقية السلبية في مصر وكيف نعيد الأخلاق المصرية التي تم تجريفها كما جرفت أموال البلد؟
وغيرها معارك كثيرة جداً
واقرأ أيضاً:
القاهرة 30 وبطيخستان 2013