مصر مختبر سيكولوجي كبير، لمن يريد أن يبحث ويرصد ويتعلم!!!
يوجعني الاستسهال، كثيرون من حولي أراهم منخرطين في وصلة ولولة شديدة!!
منهم من يتكلم بثقة وجرأة تليق بالحمقى عن إرهاب وإرهابيين ومؤامرة كونية على مصر الحرة الأبية، وجيشها الممانع المقاوم -فجأة- لتبعية تربى عليها منذ ما يربو على النصف قرن!! وهرتلات عن دولة ينبغي أن نموت في صمت دفاعا عنها، لأنها هي حصننا الأخير، أو قبرنا المضمون، الآمن!!
ومن نفس الأفواه تنطلق دعوات كريهة متخلفة وبربرية، لكنني أجد نفسي غير مندهش لأن مقدمات هذا التشوش والخطل واضحة لكل راصد، وقليل من يرصد!!
وفي الجهة الأخرى تجد من يدعون بالويل والثبور على أولئك الذين "فقدوا إنسانيتهم" في ظروف غامضة!!!
ويتصورونهم وحوشا متخلفة بلا عقل، ولا مشاعر، ولا أخلاق، ولا قيم!!
مع إنه سهل جدا أن ترى كيف تمت صناعة الخوف والكراهية بغباء نادر، وجلافة، وقلة علم، وغياب تحضر من البعض، وبتدبير منظم ممنهج من آخرين، وواضح لكل ذي عينين!! ما هو مخزون فينا، وما تشاركنا في فعله كفيل بإنتاج ما نرى!!!
ليس في الأمر مفاجآت حيث تنافسنا في التدني الإنساني، والاستعلاء، والصلف، واستسلمنا جميعا لغوايات إعلام داعر استسهالي كاذب ومثير للكراهية والخوف وأحط ما في الإنسان من نزعات وغرائز -بمختلف قنواته- وأعدنا إنتاج ضخه الفاسد نتداوله على صفحاتنا!!
وتلاعبت الأجهزة المخابراتية بالعقول والمخيلات والمشاعر، ولم نبذل أي جهد محترم لرتق ما يتمزق، وما تمزق كثير عبر عقود!!
فما المفاجأة، وما مصدر ومصداقية الدهشة (الأوفر) التي أراها متناثرة ومكررة، والأسف والأسى مما يسمونه فاشية الشعب، أو لا إنسانيته، أو فقدانه للمروءة أو الأخلاق والقيم!!
هل أذيع سرا إذا قلت أننا مجرد مجتمع هش مفكك، ويعيش بلا قيم، ولا أخلاق راسخة عميقة، وأغلب ما نعتقد أنه أخلاق هو مجرد شكلانيات ومظاهر وإكسسوار تخفي نزعات فردانية أنانية، وعقليات معوجة ضعيفة القدرات، وأرواح منكسرة حبيسة ركام من القيود باسم العادات والتقاليد والأصول والعيب التي هي بدورها مجرد لا شيء!!!
هل هذا ينفي الطيبة التي يتصف بها أغلب المصريين، حتى تصل بهم إلى العبط؟؟
هل هذا ينفي وجود أفراد أكثر تماسكا ونبلا وقدرة على الرؤية في العتمة؟؟
هل هذا ينفي أن الخير موجود في الأمة إلى يوم الدين؟؟
طبعا.... لا ينفي شيئا مما تقدم، أو ما على شاكلته!!
أردت فقط أن أؤكد وأذكر أن كل ما نراه اليوم ليس وليد اليوم، ولا الأمس القريب، وحده!! وليس بسبب ما يجري من استقطاب وصراعات فقط، بل هو موجود ومخزون ومتراكم أظهرته المتغيرات، والضغوط، والصراعات!!
وهو حصاد جماعي لما قمنا، ونقوم به، أو ما كان ينبغي أن نقوم به، ولم نفعل!!!
لا دهشة، ولا مفاجآت، ولا صدمات، ولا دواعي لتماحيك البعض بأن البلد لم يعد يطاق، والحل هو أن نرحل!! مع التسليم بحق كل إنسان في التنقل!!!
ربما نقطة البدء أن نعترف أن هذا الوجه المشوه هو جزء من وجودنا الإنساني، فقط لم نكن نراه، وكنا نستخفي منه، ونتجمل ثم رأيناه!!
تشوه له أسباب ومقدمات وخطوات ونقلات وتحولات، ولم يحصل أبدا فجأة!!!
نحن لسنا ملائكة، ولا شياطين، نحن بشر نتألم ونتشوه ونظلم أنفسنا، وبعضنا فتؤدي المقدمات إلى نتائج!!!
28/8/2013
ويتبع >>>>>>>>: مسار الثورة اليوم، وغدا، وبعد غد..،.. الدولة...
واقرأ أيضاً:
18 -20 أغسطس هذي بلادي، عزيزي المتظاهر.. مع التحية!!/ مسار الثورة: المشهد باختصار مخل،.. يعني إيه سلمية ؟؟/ إحياء الموتى دراما الضحية !!