ولد الدكتور فاروق بمحافظة بني سويف في صعيد مصر، حصل على بكالريوس الطب في عام 1963، كما حصل على الماجيستير في علوم الأعصاب والطب النفسي عام 1966 من كلية الطب –جامعة عين شمس -وقضى فترة تخصصه/ تكليفه في قسم الطب النفسي بمستشفيات جامعة عين شمس، وقام بالمزيد من التدريب بعد تخرجه من الطب النفسي بالمملكة المتحدة عام 1968 حيث حصل على عضوية كلية الطب بلندن عام 1972، واستمر في حياته الأكاديمية في قسم الطب النفسي -جامعة عين شمس –كمدرس ثم كأستاذ مساعد ومنذ عام 1982 كأستاذ، لقد شغل منصب رئيس وحدة الإدمان، بمعهد الطب النفسي من عام 1997 إلى عام 2000.
وبالإضافة إلى ذلك، لقد اعتلى الدكتور فاروق مناصب عديدة من بينها استشاري الطب النفسي، مستشفى فخري، الدمام، المملكة العربية السعودية (منذ عام 1981)، أستاذ الطب النفسي في كلية طب الملك فيصل، الدمام، المملكة العربية السعودية (1990 – 1992)، مستشار في قسم الإدمان، بوزارة الصحة المصرية (منذ عام 1998) وعضو في لجنة المناهج الأساسية بالجمعية العالمية للطب النفسي (منذ عام 1995) كما شغل منصب نائب رئيس ورئيس القسم الاجتماعي الثقافي بالجمعية المصرية للطب النفسي (1985 -1995)، وبالإضافة إلى ذلك كان عضوا في لجنة ترقيات الأساتذة والأساتذة المساعدين في الطب النفسي بالمجلس الأعلى للجامعات المصرية، وعمل في امتحانات الخريجين والدراسات العليا بكليات طب جامعة عين شمس القاهرة، الإسكندرية، بنها والأزهر.
أشرف الدكتور/ فاروق عل العشرات من رسائل الماجستير والدكتوراه كما ألف عددا كبيرا من الأبحاث التي تغطي مساحات واسعة في مجال الطب النفسي، ولكن اهتمامه الرئيس كان في مجال الطب النفسي الاجتماعي _الثقافي. وفي عام 1998، أسس المركز العبر ثقافي للبحوث النفسية في جامعة عين شمس وظل مديره منذ الحين. وكان الهدف من المركز هو التركيز على كل من البحوث والعمل الاكلينيكي ذات الصلة بمجال القضايا الاجتماعية _الثقافية، وهو الجزء الذي غالبا ما يكون مهملا في ممارسة الأبحاث النفسية. ومنذ إنشاء هذا المركز، يتم عقد ورشة عمل سنوية تتناول المواضيع الاجتماعية _الثقافية في مجال الطب النفسي، مثل العنف، الإدمان، العرقية والنفسية وعلم العقاقير عبر الثقافات في الطب النفسي. وقد تم تقديم العديد من الدورات التدريبية وكذلك البحوث لمعالجة الجوانب الثقافية في مجال الطب النفسي. وتم إجراء بحوث موحدة بين الأطباء النفسيين في بلدان أخرى. ولا عجب، في أن يعتبر الاستاذ الدكتور/ فاروق لطيف مؤسس مدرسة الطب النفسي الاجتماعي _الثقافي في مصر.
لقد كان واحدا من القلائل الذين برعوا في تعليم وممارسة العلاج النفسي وعلم النفس وطور مدرسته الخاصة التي كان لها أبلغ الأثر على مرضاه، وطلابه، وحتى على زملائه. وعلاوة على ذلك، عمل الدكتور فاروق في رئاسة تحرير العديد من المجالس الاستشارية للمجلات النفسية مثل تحديث مجلة الطب النفسي المعاصر(1997)، المجلة المصرية للطب النفسي والمجلة الأسيوية للطب النفسي، ولكن سيتم ذكره بالأخص لكونه مؤسس ورئيس تحرير مجلة الشرق الأوسط للطب النفسي المعاصر، وهي المجلة الرسمية لمركز الطب النفسي. في البدء كانت المجلة تصدر مرتين في العام (2 أعداد/ عام) وفي عام 1994 تحت اسم "الطب النفسي المعاصر". قام الدكتور فاروق ببذل قدر كبير من المجهود لتعزيز المجلة لتصبح بذلك واحدة من المجلات الرائدة في مجال في مجال الطب النفسي في الشرق الأوسط .
ثم بدأت المجلة في الظهور السريع ثلاثة مرات في العام الواحد ثم أربع مرات (4 أعداد/ عام). وخلال تقدمها، تغيرت تسميتها إلى المجلة "المصرية للطب النفسي المعاصر" إلى أن وصلت إلى تسميتها الحالية "مجلة الشرق الأوسط للطب النفسي المعاصر"، مما يعكس انتشارها التدريجي في المنطقة.
وكان تقديم البحوث يتم في البداية بواسطة البريد العادي، والبريد الإلكتروني أو عن طريق التسليم باليد.
أما الآن، فالمجلة تقبل الطلبات عبر الإنترنت فقط ويتم نشرها من قبل ناشر دولي رائد، وهو يبينكوت وليامز ويلكنز.
ولقد أصر الدكتور فاروق على التحقق من أصالة جميع الأبحاث المقدمة، وحتى أبحاثه الخاصة. لقد كان الدكتور فاروق منشغلا جدا بالقضايا الأخلاقية في مجال البحوث. لذا ليس من المستغرب، أن تكون مجلة الشرق الأوسط للطب النفسي المعاصر قد نجحت في أن تصبح عضوا في لجنة أخلاقيات النشر (COPE)، كما نجحت المجلة أيضا في الحصول على فهرستها في مؤشر كوبرنيكوس وفي أوفيد.
كما قبلت فهرسة المجلة أيضا في سكوبس (scopus) وبدأت في اتخاذ خطوات عملية للفهرسة في MEDLINE . ويعتبر السر الأعظم وراء هذا النجاح المتوالي هو القيادة والإخلاص والعمل الدءوب للدكتور فاروق. لقد كان رجلا يتمتع في شخصه بالنزاهة والتفاني والقيم والولاء والالتزام في السلوك. فتعتبر محاضرة عكاشة السنوية هي أحد الأمثلة على ذلك، فمنذ إنشاء مجلة الطب النفسي المعاصر في عام 1994, تمكن وبنجاح كبير من ترسيخ محاضرة سنوية تكريما للدكتور عكاشة.
كان الهدف منها تشييد أواصر الصداقة مع الأستاذ الدكتور/ أحمد عكاشة، ليس فقط باعتباره مؤسسا لمركز الطب النفسي بجامعة عين شمس ولكن أيضا لكونه مؤسس الطب النفسي الحديث في مصر والعالم العربي. إن محاضرة عكاشة باتت حديثا سنويا هاما في حياة مجتمع الطب النفسي في مصر.
والشكل المعتاد لهذا الحدث هو محاضرة يتم إلقاؤها من جانب واحد من أكثر المتحدثين البارزين في جميع أنحاء العالم، يليها العشاء، ثم يتم منح ميدالية، دبلوم، وجائزة مالية لافضل إسهام علمي من جانب الأطباء النفسيين الشبان. ومن أمثلة المحاضرين رؤساء الجمعية العالمية للطب النفسي السابقين والحاليين، ورؤساء الطب النفسي في البلاد الأوروبية ومنظمة الصحة العالمية، وكبار الأساتذة ولفيف من الشخصيات العامة والوزراء.
ورغم كل ذلك، لن نتذكر الدكتور فاروق فقط لكونه أول أو أكثر رؤساء التحرير امتيازا لمجلة الشرق الأوسط للطب النفسي المعاصر، ولكن أيضا لكونه طبيبا نفسيا ممتازا، وباحثا متفردا في مجال العبر ثقافات في الطب النفسي. سوف نتذكره صديقا عزيزا وزميلا حبيبا، رجلا نبيلا، وخادما أمينا لمهنته.
لقد افتقدنا الدكتور ولكن لنا بعد رحيله عن عالمنا العزوة والسلوان في زوجته، ونجليه الاثنين، وأحفاده الإثنين، فضلا عن العديد والعديد من الأصدقاء والزملاء. وسيتم نشر نعي وكتاب تذكاري للتسجيل وللإشارة بإنجازاته وسماته الكثيرة في مجلة الشرق الأوسط الحالية للطب النفسي في الوقت المناسب.
لقد فقدت، صديقا مخلصا، صادقا، جادا، على مدار أكثر من 40 عاما.
فليرحمه الله ويتغمده برحمته الواسعة..........
واقرأ أيضًا:
أحمد عكاشة: المصري.. النجم.. المعلم/ على باب الله: أساتذتي