من النظريات الأكثر قبولا لتفسير انقراض الديناصورات، أن تلك المخلوقات العظيمة كانت تأكل النباتات وترعى مثل الغزلان والخرفان وغيرها من الحيوانات التي تعيش على النباتات. ومع توالي القرون ودوران الأزمان برز من بينها نوع جديد يأكل اللحوم ويتميز بفكين عظيمين وأنياب حادة، ومخالب يدين كبيرة وشرسة، وهذا النوع من الديناصورات لا يقدر على صيد الحيوانات الأخرى لأنه لا يمتلك قدرات الركض السريع، فلا يستطيع صيد الغزلان أو الأرانب والثيران وغيرها من أهداف الحيوانات المفترسة، فما وجد إلا أن يفترس الديناصورات التي تأكل النباتات، وهي عظيمة الجسم بطيئة الحركة، فتهاجمها مجموعات منها وتفترسها، ومع تواكب القرون، ازداد عددها وراحت تفتك بالديناصورات النباتية، حتى تمكنت من القضاء عليها، فوجدت نفسها بكثرتها الهائلة غير قادرة على توفير الطعام، فراحت تتصارع وتتقاتل وتفترس بعضها، حتى انقرضت وصارت متحجرات، نقرأ عنها ونكتشف هياكلها.
وهذه القصة الانقراضية يمكن مقارنتها بما يجري ببلاد العرب اليوم، فالبعض يقول أن العرب أعدادهم كثيرة ولن ينقرضوا، لكن التأريخ بأحداثه وتطوراته يؤكد بأن أي نوع من المخلوقات الولودة مهما تعاظم عدده، إذا تفشى فيه القتل الداخلي فإنه سينقرض حتما ويذوب في الموجودات الأخرى، ولا يفصل بينه وبين الانقراض التام إلا عامل الزمن المنظور وغير المنظور. ولا نغفل أن الديناصورات انقرضت بسلاح المخالب والأنياب، فكيف بنا وقد توفر عندنا سلاح التدمير الشامل؟
وعليه، فالعرب بهذا التمزق والتحارب والتفاعل الشرس، وبتسليحهم من قبل الطامعين بهم بأحدث الأسلحة الفتاكة، إنما يمضون على سكة الانقراض، وسيكون السبب الأكبر في انقراضهم هو الإقتدار الذي به انطلقوا وتسيّدوا، وبه سيندحرون. وربما ستدور القرون ولن يجد العرب أنفسهم إلا قلة مستضعفة مرهونة بإرادات الآخرين، ومكبلة بأصفاد التحديات الخطيرة التي تستهدف محقهم بالكامل. فالعربي الذي يقاتل العربي، إنما يقتل نفسه ويحفر قبره وقبر أحفاده بيده.
ومن المفجع أن العرب قد ذهبوا بهذا الاتجاه المأساوي، وهم يرفعون الرايات التي تزيدهم عدوانية على بعضهم، وتحرق وجودهم وتمنع وحدتهم وقوتهم وعزتهم، وكأنهم يقفزون إلى أتون الموت أجمعين، ويكرهون الحياة أجمعين!!
فالويل للعرب مما يفعلونه بكل ما يمت بصلةٍ لوجودهم المَكين!!!
واقرأ أيضاً:
سلوك الاجترار!!/ هل الكتابة إدمان؟!!/ الكلمات نار ونور!!/ المواكبة والحياة!!/ الانتحار الديمقراطي!!/ الرعيب العربي!!/ الرسوب الديمقراطي!!/ تكريسُ المُكّرَس!!/ الديمقراطية!!/ الرسالة والإصرار!!/ الديمقراطية بين الفشل والفرصة!!/ سبائك الشعوب والأوطان!!/ التكرير الديمقراطي!!