جسدك مرآة نفسك1
البحث عن الأمان والرعاية لدى مرضى القرحة المعدية:
تغلب ملاحظة القرحة المعدية والاثنى عشرية في أواسط العمر تقريباً، وغالباً ما تظهر بشكل مفاجئ، أو تعود للظهور بعد مرحلة من الشفاء. وفي القرحة المعدية يشعر المريض بمشاعر الضغط، والشعور بالامتلاء بعد الطعام وآلام في المنطقة العليا من البطن، بالإضافة إلى التجشؤ والتقيؤ. أما في حالة قرحة الاثنى عشرية فتظهر الآلام عندما تكون المعدة فارغة، وتشتد الآلام ليلاً، وتتراجع عند تناول الطعام.
وغالباً ما يشعر المرضى بالتعب السريع، وآلام في الأعضاء وصداع وأرق. أما الوضع النفسي فيتميز برغبات الأمان المكبوتة والحنين والشعور بالوحدة.
تسهم في الإصابة بالقرحة المعدية عوامل البيئة كالضجيج والعمل في ورديات ومتطلبات الإنجاز المتزايدة، ونقص الدفء الانفعالى الإنساني والأمان. إلاّ إنه لدى غالبية الناس يمكن أن يظهر الاضطراب نتيجة وجود استعداد ولادي. فمن خلال فرط النشاط في منطقة البطن والأمعاء يصعب على الطفل الاسترخاء في أثناء تناول الطعام. ويصح هذا بالتحديد عندما لا يراعي الأهل فرط حساسية طفلهم، عندئذ فلن يشعر هذا الطفل بالارتباط بين تناول الطعام والإحساس بالأمان. إن الإحساس بعدم امتلاك الشعور بالأمان ولو لمرة واحدة بشكل صحيح يمكن أن يستمر طوال الحياة، ويتجدد باستمرار في أثناء الطعام بالتحديد، ومن ثم يتم "ابتلاعه" ثانية… وهكذا.
يتعرض الأشخاص الذين يهاجرون من وطنهم لأسباب مختلفة للإصابة بالقرحة الاثنى عشرية، وكذلك الذين يشعرون بالوحدة الشديدة أكثر من غيرهم. ويعيش المرضى في صراع دائم. ففي المهنة يتنافسون مع الآخرين باستمرار على الرغم من أنهم يبحثون في الآخرين عن القرب والتعلق. إنهم يريدون الاستقلالية ومودة الآخرين في الوقت نفسه؛ ويشعرون بأن عليهم دائماً إثبات قوتهم لشريكهم الذي يشعرون بأنهم متعلقون به.
وبالنسبة للشفاء من المرض فإنه من المهم أن يفهم المريض رغباته، ويتعلم التعبير عنها أمام الآخرين. وعلى الرغم من أن البذل المهني مرغوب، إلاّ إنه ينبغي عدم المبالغة به. ولا بد للمنافسة المستمرة مع الآخرين من أن تحمل الكثير من الخيبات في طياتها، التي لا يستطيع المريض تحملها، كما أن الخوف من فقدان العمل يمكن أن يقود إلى إرهاقات شديدة. وعندما تفشل الوسائل الطبية والحمية في تحقيق التحسن لابد من إعادة النظر في الوضع الحياتي.
القولون المتهيج والتعبير عن المشاعر:
غالباً ما يستجيب القولون (جزء من المعي الغليظ) على الاضطرابات النفسية. ويظهر هذا المرض الذي يكون فيه القولون سليماً من الناحية العضوية لدى الراشدين في أواسط العمر وأواخره، كذلك لدى الأطفال أيضاً، حيث يعاني المرضى من التبادل المستمر بين الإسهال والإمساك، ويترافق القولون المتهيج بآلام مختلفة الأنواع كالآلام في أسفل البطن والغازات والشعور بالامتلاء والتشنجات، ووخز الصدر، وآلام في القلب من خلال ابتلاع الهواء، وأرق وانحطاط في الجسم وصداع وعصبية وعدم استقرار داخلي. وبما أن الآلام في أسفل البطن يمكن أن تشير إلى أمراض مختلفة يقوم المرضى بإجراء فحوص داخلية متنوعة إلى أن يصبح المرض مزمناً ومعاندًا على المعالجة الدوائية في أغلب الأحيان. ذلك أن المرضى يبتعدون أكثر فأكثر عن رؤية الأسباب النفسية.
يمكن لخبرات القلق كمواقف الامتحان والمعلمين والمديرين أو الرؤساء والأهل…إلخ. أن تسبب تهيج القولون. وغالباً ما لايتم إدراك التعلق بممثلي السلطة شعورياً، بل وتتم إطاعتهم بشكل خواف. وبدون المساعدة الخارجية يبدو أنه من غير الممكن تحقيق الإشباع من هذا التعلق. وبعض المرضى يبدون بأنهم مقدامون ومتلائمون ومسيطرون على ذاتهم. إنهم يموهون خوفهم من خلال الظهور بمظهر الجريء الفعال. وعلى الرغم من أنهم يرغبون بالتقارب المنسجم مع ممثلي السلطة فإنهم يبدون غامضين لمحيطهم .
على الأصدقاء والطبيب مساعدة المريض في التعبير عن مشاعره، وعلى إعادة التفكير بتلاؤمه المفرط. وعليه التعرف على عدم ثقته والاعتراف بالضعف. بل ربما عليه كذلك أن يدرك أن سلبيته قد تكون نقطة قوة وبشكل خاص في عصر يعد فيه للأسف الإنسان العملي (أو الذرائعي) أفضل من الإنسان الأمين والموثوق.
اضطرابات الطعام ونداء الاستغاثة:
الطعام هو أكثر من مجرد تناول الغذاء، إنه يرمز للصداقة والترابط، ويجمع الأسرة والأهل والأصدقاء معاً. ويشكل وسيلة من وسائل التواصل بين البشر، بل ويثير هذا التواصل أيضاً، وفي الوقت نفسه يمكن للإنسان أن يجد في الطعام تعويضاً لإحباطاته ومشكلاته.
فإلى جانب فرط الشهية للطعام التي ترتبط بنوبات من الأكل الشره، ومع الوزن الزائد ومع التقيؤ في غالبية الأحيان يمكن أن يظهر في الجانب المقابل نقص الشهية للطعام، الذي يمتنع فيه المرضى عن تناول الطعام ويقومون بتقيؤ الطعام كذلك. ويشكل مرضى الضوَّر الفئة الثالثة من هؤلاء المرضى. وهؤلاء عبارة عن أشخاص يمتلكون وزناً طبيعياً، إلاّ إنهم يعانون من نوبات فرط الأكل يتناولون فيها كميات كبيرة من الطعام دفعة واحدة يعقبها بعد ذلك تقيؤ الطعام الذي تم تناوله. ونوع رابع يلاحظ في منطقتنا العربية يتميز بالفقدان المتطرف للشهية مع عدم القدرة على تناول كمية وافية من الطعام لسد حاجات الجسد ولا يعاني فيه المرضى من نوبات الأكل ولا يقومون بالتقيؤ.
ويظهر هذا الاضطراب بشكل غالب لدى النساء أكثر من الرجال فحوالى 90% من مرضى هذا النوع هن من النساء لذلك تتحدث المراجع المتخصصة حول هذا الاضطراب بصيغة المؤنث في وصف المرضى. ويسير المرض بصورة مزمنة وغالباً دون ملاحظة المحيط لنوبات الأكل والتقيؤ. ويشكل هذا الاضطراب تهديداً حقيقياً للحياة وخصوصاً في فترة المراهقة، وعامل خطر على القلب والدورة الدموية؛ لأنه يسبب ارتفاع ضغط الدم كمان ويمكن أن يؤدي إلى الإصابة بالسكري.
غالباً ما يعاني مرضى فرط الشهية للطعام من الاكتئابات ومشاعر الذنب، لأنهم يتمردون على والديهم من خلال نوبات الطعام والتقيؤ. وفي كثير من الأحيان يصبح هؤلاء سمان بحق. وبما أن السمنة الزائدة لا تلقى الاستحسان (عند الفتيات اليافعات وقبل الزواج بصورة خاصة في مجتمعاتنا العربية)؛ لأنها لا تتطابق مع معيار الجمال السائد الذي تغذيه كل يوم عشرات الإعلانات والصور يعاني المرضى بهذا الاضطراب من إحباطات إضافية.
وبالمقابل فإن فاقدي الشهية قلما يشعرون بالمعاناة من اضطرابهم، إنهم يشعرون بالراحة الجسدية والنفسية حتى في الحالات المتطرفة من انخفاض الوزن، فإنهم يعتبرون وزنهم طبيعياً. ويشعرون بالانزعاج من كل ما هو جسدي، بل إن اهتماماتهم غالباً ما تكون ذهنية خالصة، يقومون بحمايتها من خلال المرض، ذلك أن التجويع يعطي تأثيراً مخدراً. فتحت تأثير الجوع يطلق الدماغ الاندروفينات وهي مواد مخدرة يتعود عليها الجسد ويطلب كل مرة المزيد من الأندروفينات التي تعني مزيداً من التجويع.
وفي كثير من بلدان العالم يلاحظ ازدياد فرط الشهية مع التقدم في السن. وبشكل خاص لدى الأشخاص الذين يعيشون ضمن ظروف اجتماعية غير مناسبة فهؤلاء يفترسون همومهم. ويشعر المرضى بأنهم معزولون ومغبونون في بيئتهم. إنهم يعانون من الخوف من الوحدة، ويشعرون بالملل ويجدون في الطعام تنفساً لاشعورياً. وإذا ما فقدت النسوة شريك حياتهن بالموت أو الطلاق يمكن لفرط الشهية أن يظهر لديهن. والأم التي تميل إلى مواساة هموم طفلها اليومية من خلال تقديم الطعام له بدون محاولة فهم ما يقلقه أو يزعجه، فإنها بذلك تشجع الميل لدى طفلها لأن يعاني في سن الرشد من الوزن الزائد، لأن تخفيف القلق سيرتبط لديه مع تناول الطعام.
كما أن الفتيات والنسوة اللواتي يبالغن في مثال النحافة غالباً ما يصبحن من مرضى فقدان الشهية. فكثير منهن قد مررن بخبرة الرفض من الآخرين عندما يزداد وزنهن قليلاً، وبالتالي يغرقن في قسر التجويع، الذي يعني التقبل. وهناك مواقف أخرى يمكن أن تثير السمنة وفقدان الشهية كالصراع على السلطة بين الأم وابنتها، ورفض الدور الأنثوي، وعدم وجود انفصال داخلي عن منزل الوالدين، الذين غالباً ما يكونان قد قمعا وكبتا رغبات الاستقلالية عند الفتاة في فترة المراهقة.
ويمكن للمعالجة النفسية المتمركزة حول المتعالج أو العلاج السلوكي أن يساعدا على إيجاد أسباب فرط الأكل. أما فقدان الشهية العصبي فهو مرض شديد ومعاند، ويحتاج للعلاج في مشفى متخصص بالطب النفسي الجسدي. ولكن في حالة عدم وجود نحافة شديدة زائدة كثيراً عن الحد الطبيعي يمكن للأهل والأصدقاء مساعدة الفتاة من خلال الحديث حول المعيار المثالي للنحافة. كما يمكن لتشجيع الصداقات مع الأتراب وتنمية الاستقلالية عن الأهل أن تساعد في هذا المجال. إلاّ إنه يغلب في أحيان كثيرة وجود صراعات أسرية يتم التعبير عنها من خلال النزعة للطعام، وعندئذ لابد من العلاج الأسري الذي يمكنه أن يقدم المساعدة في هذا المجال.
الاعتراف والشرح في اضطرابات الدورة الشهرية:
غالباً ما تكمن الأسباب النفسية الجسدية خلف الاضطرابات الجنسية واضطرابات الإنجاب لدى الجنسين. أما أكثر الشكاوى التي تشكو منها النساء عادة فهي اضطرابات وأوجاع الدورة الشهرية. يقع المجال الزمني الطبيعي للدورة الشهرية بين 20 و40 يوماً وذلك حسب الحالة النفسية. ومن هنا يصعب تحديد متى يكون عدم انتظام الدورة طبيعياً ومتى يكون مرضياً بالفعل. فلدى المرضعات مثلاً تنقطع الدورة خلال فترة الإرضاع. ولدى اللواتي يمارسن الرياضة القاسية يلاحظ وجود اضطرابات في الدورة الشهرية بسبب الإجهاد الشديد للجسد. إلا إنه عندما تنقطع الدورة الشهرية لأشهر عدة أو تبدأ دائماً بشكل متأخر فيمكن أن تكمن اضطرابات ما خلف ذلك. وغالباً ما تترافق الدورة عندئذ مع شكاوى أخرى كالتعب والتوتر والدوار وآلام تشنجية وصداع واكتئابات خفيفة تظهر قبل بدء الدورة بقليل.
تتعرض المرأة في كل مكان إلى ضغوط اجتماعية شديدة ومتنوعة. وإذا ما كان الزوجان غير قادرين على إنجاب الأطفال تحمل المسؤولية في بداية الأمر للمرأة، على الرغم من أن الرجل يمكن أن يكون غير قادر على الإنجاب أيضاً. وحتى عندما تتحطم الأسرة أو يحدث حمل غير مرغوب به فالمرأة هي التي تحمل مسؤولية ذلك بدون جدال. وبشكل عام فإن التوقعات الاجتماعية من المرأة عالية جداً، ويضاف إلى ذلك الإرهاقات المضاعفة من خلال الدور المزدوج في المهنة والأسرة.
ويرمز نزيف الدم الشهري إلى الخصوبة والأنوثة، ومن هنا يمكن لاضطرابات الدورة الشهرية أن تشير إلى الخبرة السلبية للدور الأنثوي. ويضاف إلى ذلك أن غالبية النساء يمتلكن خبرات سيئة من خلال المرة الأولى التي حدثت فيه الدورة بسبب عدم التوعية المسبقة والخوف والمفاجأة الناجمة عن ذلك.
والنساء اللواتي يعانين من انقطاع الدورة أو عدم انتظامها غالباً ما يشعرن أن الدم عبارة عن شيء قذر أو شيء مرضي. وهن يرفضن جسدهن من حيث المبدأ. وعندما تكون المرأة واقعة تحت ضغط شديد للإنجاز، وقلما تحظى بالاعتراف، يمكن لذلك أن يؤثر على الدورة. وكثير من الفتيات اليافعات لا يردن تقبل دورهن كامرأة ناضجة، ويرغبن بالبقاء أطفالاً أو أن يكن رجالاً.
ولدى النساء الأكبر سناً أيضاً يمكن أن تكون اضطرابات الدورة الشهرية تعبيراً عن عدم الرضا عن دور المرأة في زواجها أو أسرتها. وتبدأ السن الحرجة (ما يسمى خطأ بسن اليأس) بين سن 42 و55، ولكن ليس لذلك تأثير على الرغبات الجنسية.
ينبغي على الأهل التوعية المبكرة للفتاة حول الدورة الشهرية؛ كي تستطيع الفتاة تقبل دورها الأنثوي وإتاحة الفرصة لها بالتساوي مع الذكور لتقرير مصيرها بالشكل الذي يناسبها. فالمرأة السعيدة يندر أن تعاني من مشكلات في العادة الشهرية، وبالتالي يمكن أن تؤثر بشكل إيجابي على تربية ونمو أطفالها.
النشاط والمتعة في الروماتيزم:
تشكل الأمراض الروماتيزمية طائفة من أشكال الألم، التي ينبغي على الطبيب بالدرجة الأولى القيام بتشخيصها بدقة ذلك أن نفس الآلام يمكن أن تكون موجودة في أمراض عضوية مختلفة. وحتى اليوم مازالت أسباب الأمراض الروماتيزمية غير معروفة بكاملها. وقد أمكن استنتاج وجود ترابطات نفسية جسدية بشكل خاص في التهاب المفاصل الروماتيزمي وروماتيزم البطن (روماتيزم العضلات الوظيفي).
ويتمثل تمرد الجسد هنا في أن المريض يعاني من آلام مبرحة في المفاصل والعضلات. وغالباً ما يلزم المرضى الفراش ولا يستطيعون النهوض بدون مساعدة الآخرين.
أما الأسباب الكامنة فتتمثل أنه منذ الشباب المبكر كان كثير من مرضى الروماتيزم قد شهدوا خبرة أن العالم بالنسبة لهم قاس وجاف. إنهم يعتقدون أن البقاء لا يمكن أن يدوم إلا من خلال النشاط والبذل والسيطرة. وتنشأ مشاعر الذنب لديهم عندما يخشى هؤلاء من أن بذلهم ونشاطهم يجعلهم غير محبوبين من قبل المحيطين بهم. ويخشى مرضى الروماتيزم دائماً من المنافسة المهنية ووقت الفراغ، إنهم يريدون توكيد ذاتهم في النشاطات الرياضية والحصول على الاعتراف. كما يمكن أن يكون الأمر على عكس ذلك تماماً، وذلك عندما يرغب المريض بالروماتيزم خدمة محيطه والتضحية من أجل الآخرين فقط.
ويتميز مرضى روماتيزم المفاصل بشدة النشاط. ويمكنهم أن يعبروا عن عدوانيتهم عن طريق الألم المستمر. وغالباً ما يتميزون بالدقة ووعي المسؤولية، ويعتقدون بالإضافة إلى ذلك بأنهم غير ناجحين. وبالمقابل فإن مرضى روماتيزم البطن يبدون دائماً بمظهر المحافظ على صحته ويتجنبون بمساعدة الألم التعرض لإرهاقات إضافية. غير أن هذا السلوك يمكن أن يقود إلى أن يزداد الألم والتشنج شدة بسبب عدم الحركة. ويغلب أن يشكل المرض إمكانية للتملص من المسؤوليات.
ويمكن تخفيف الألم الشديد من خلال العلاج الفيزيائي. أما العلاج الدوائي بالأدوية المخففة للألم والكابحة للالتهاب فلها عواقب سلبية على المدى البعيد. وحدها مضادات الاكتئاب يمكن أن تكون ذات فائدة. ولكن ينبغي استخدامها باستشارة الطبيب. وهناك بعض الأدوية الطبيعية التي يمكنها المساعدة. ومن ناحية أخرى على المرضى أن يتعلموا التعبير عن رغباتهم وأن يختاروا نشاطات تقدم لهم المتعة وليس تلك القائمة على المنافسة. وقد يقدم التعبير الصريح عن العدوانية الراحة لبعض المرضى. وقد يقدم الاستشفاء الاستجمامي في منابع المياه الحارة الفائدة لأولئك المرضى الذين يفتقدون للدفء الإنساني والذين يرغبون أن يشعروا بمتعة الاعتناء بهم، شريطة أن يتم اختيار الاستشفاء وليس بناء على رغبة الطبيب.
تغيير إيقاع الحياة اليومية في الشقيقة:
حوالي 90% من أنواع الصداع ككل لا يوجد لها أي سبب جسدي. وصداع الشقيقة يظهر لدى النساء أكثر من الرجال. وتعني الشقيقة أن أحد نصفي الرأس لا تتم ترويته بشكل سليم، ذلك أنه في حالة التركيز المرتفع يعمل نصف الدماغ بشكل أكبر من النصف الآخر.
يعاني مرضى الشقيقة من ألم مبرح يستمر لساعات ويترافق ببرودة في الأقدام والأيدي وفرط حساسية للضوء والضجيج وبدوار وتقيؤ. وبشكل خاص يستجيب المرضى بحساسية لسوء التأقلم المترافق غالباً مع تبدلات الطقس والتغذية غير الصحيحة وعدم انتظام النوم والإرهاق في العمل أو في الأسرة. وعادة ما يتم في الشقيقة تناول المسكنات التي ترفع مع الزمن من الحساسية للألم وبالتالي يمكن أن تقود للإدمان.
وتكمن أسباب الشقية في أن مرضى الشقيقة يتوقعون من أنفسهم منذ الطفولة تحقيق إنجازات عالية، ويجهدون أنفسهم عقلياً في العمل بشكل خاص وخصوصاً إذا كان العمل مرتبط بنقص في الحركة. بالإضافة إلى ذلك يخافون من عدم القيام بدورهم بصورة كافية كآباء أو كأزواج أو في المهنة إنهم لا يستطيعون الاسترخاء حتى في أثناء النوم.
علاقتهم بالمحيطين بهم غالباً ما تكون غير شخصية ومتوترة. إنهم يتمنون الاهتمام بهم أكثر، غير أنهم من جهة أخرى يصدون الأشخاص الذين يتقربون منهم كثيراً. إنهم يحتاجون لمساحات كافية من الحرية، إنهم طموحون ودقيقون وشديدو الصبر ويتحملون المسؤولية وينزعجون بسهولة. ولأنهم يريدون باستمرار الكفاح وتوكيد ذاتهم فإنهم غالباً ما يشعرون بالذنب تجاه المحيطين بهم.
إذا ما كان مرضى الشقيقة منذ الطفولة يسعون نحو الإنجاز وبالتالي يضعون أنفسهم تحت الضغط فإن العلاج النفسي يمكن أن يساعدهم هنا. كما ينصح بتمارين الاسترخاء والتدليك والإبر الصينية. وينبغي تخفيض الأدوية بالتدريج. كما يمكن لتغيير ظروف الحياة أن يساعد هنا.
افحص الغذاء والبيئة في التحسس:
ليس كل فرط في الحساسية عبارة عن تحسس. فهناك ثلاثة أنواع من فرط التحسس تتمثل في التسمم والخاصية المزاجية أو البنيوية idiosyncrasy والتحسس. وفي التحسس يكون جهاز المناعة الجسدي مفرط النشاط. وعندما يصاب أحد الأشخاص بتحسس حاد (أي تحسس يظهر بسرعة ودون سابق إنذار ويصل إلى قمته خلال وقت قصير) فقد يرتبط ذلك مع حالة صدمة مهددة للحياة. إلاّ إن غالبية أشكال التحسس غالباً ما تظهر على شكل تحسس احتكاك مزمن يتجلى على شكل ربو والزكام التحسسي والإسهال وأمراض الجلد وحمى القريص وتغيرات في مستوى الدم. وهناك مواد مختلفة تطلق عليها تسمية المُحسسات أو مولدات الحساسية يمكن أن تثير هذه الارتكاسات. فالغضب والحزن المقموعان يقويان من ارتكاسات التحسسس. بالإضافة إلى ذلك غالباً ما يكون هناك ضعف في الاحتكاك بمواد معينة ترهق المريض بصورة إضافية وبالتالي تحدث فرط إثارة بالعضوية تضعف من قوة الدفاع أو المناعة، فترتفع شدة فرط الحساسية.
وفي بعض الأحيان يتم الخلط بين التسمم والارتكاسات التحسسية. فكثير من سموم البيئة (في الطعام والملابس…إلخ) تسبب اضطرابات شبيهة بالارتكاسات التحسسية. وإلى جانب ذلك هناك الخاصية المزاجية أو البنيوية، أي فرط الحساسية الجسدية للاتصالات البين إنسانية. فالمرضى هنا يرتكسون على روائح معينة أو أشخاص أو مواقف ما بتغيرات في الجلد أو في التنفس أو في محيط المعدة والأمعاء. ويمكن للأنواع الثلاثة هذه أن تظهر مع بعضها. وأحياناً يختلط الأمر على الجسد إلى درجة أنه لا يعود يعرف كيف يحمي نفسه من الجراثيم والفيروسات. كما تنشأ التهابات مزمنة؛ لأن الجسد يستجيب بشكل "تحسسي" على نفسه.
وأول خطوة في الشفاء هي البحث عن المواد التي يمكن أن تسبب التحسس للمريض (صابون معين، عطور، روائح، الألبسة…إلخ). وفي حالة الخاصية المزاجية أو البنيوية فلا بد من العلاج النفسي. وفي حالة التحسس الغذائي لابد من تجنب الأطعمة المسببة للحساسية ومن بينها حليب البقر والبيض والسمك والحمضيات. وفي كل الأحوال لابد من تجنب إعطاء الكورتيزون بسبب العواقب الوخيمة، وهو لا يساعد إلاّ في الحالات الحادة التي تهدد باقتراب الصدمة. وهنا لابد من أن يكون ذلك تحت إشراف الطبيب.
واقرأ أيضًا:
كيفَ تَـخْـتَـلُّ صورة الجسد؟ / الأكل الانفعالي Emotional Eating / ضوء الصباح، هل هو علاج ضد السمنة؟ / ردًّا على هل اتخاذ الصورة معيارا شِرْك