تشاهد شخصاً يحتضر أمامك ويبدأ قلبك يعتصر متألماً ولا تملك سوى دموعك تفتح لها الأبواب لتنهال.
لا تَشعر سوى بضعفك وعجزك وتسأل: كيف أعيد الحياة له؟ كيف أعيد الحياة لوطني الذي يحتضر؟
لم يتغير فيك الحال يا بلدي العراق منذ يوم السقوط. احتضرت ولا تزال تحتضر.
سالت دماء أبنائك على أرضك وتهدمت أبنيتك صغيرها وكبيرها. تحترق جوامعك وكنائسك وفُجرت حُسينياتك، دُمرت معالمك، وطُمست حضارتك، وتَحطمت أحصانك المنيعة.. لم يعد فيك حُرمة لدور العبادة.. تشرد أبنائك في كل بقاع الأرض وشيوخك صامتون خوفاً، وحزناً، وألماً، وعجزاً.
أرى شبابك خلف القضبان…. ولكن بعضهم أرى رؤوسهم مقطوعة في النفايات ومعالمهم مُبهمة.
أرى وأسمع اغتصاب نسائك على مرأى من ذويهم فتلك إحدى فنون التعذيب
والله عز وجل فوقنا يطلع..!!
النساء أصبحن أرامل وهناك من هن في سجون الطواغيت. وستلدن أطفالاً!!
ما مصير هؤلاء الأطفال؟؟!! عندما يكبرون هل سيفهمون معنى كلمة "وطن" في حال لو خرجوا وصاروا أحرارا هل سيضحون بحياتهم من أجل وطنهم في يوما ما!!؟؟ أي وطن هذا؟؟! إلى أي وطن هم ينتمون؟؟!!
وانتهى الحال في خيام "لاجئين" في وطن!!… عفوا اسمهم نازحين!!! خيام تأويهم من وحوش البشر، ومن ليالي العراق الساخنة وصيفه المُلتهب.. وبرده القارص.. وأمطاره وعواصفه!!..
للأسف.. هذا هو الحال.. فقد دنس أراضيه الأنجاس، وباعوه الأوباش.. ضاع الحق فيه وعلت أصوات الظلم والفساد... مشاهد الموت ورائحة الدم في كل ليلة من لياليه.
طعنوك من كُل الجهات.. طعنوك حتى اختلطت دماء أبناؤك بتربتك..!!
هل أقول: سقطت لهم مُستسلما!
حكمك من ادعوا أنهم من رجال الدين.. تلطخت عمائمهم بدماء الأبرياء وباعوك مُقابل الورقات الخضراء ليسكنوا القصور الفخمة.. ويرَكبوا السيارات المكيفة!! وتحصنوا ببعض العجول!!
تحولت أيامنا في العراق إلى سواد كسواد عقولهم وقلوبهم.. ولا أظن أن لهم عقولاً.. أو قلوباً..!!
كُلهم لصوص دخلوك ثم دمروك وعاثوا فيك الفساد.. مُلأت خزائنهم في بنوك الغزاة بالفضة والألماس والياقوت والورقات الخضراء..!! وبرزت كروشهم بما لذ وطاب وكُل يوم لهم مأدبات!!
وأبناؤه لا يجدون لقمة تسد حاجتهم.. ولا مأوى.. ولا أمان.. ولا ماء.. ولا كهرباء.. ولا حياة لنا..!!
ماتت الرحمة والعدالة... أصبحت عنواناً من زمن الإنسان القديم!! والآن زمن الأزرار حيث لا إحساس، ولا عقول، ولا قلوب...!!
وانتهى الحال إلى الفرار إلى بلاد الغربة حيث لا كرامة ولا حقوق.. وهذا أضعف الإيمان..!!
هكذا أصبح حالنا.. نمسي ونأمل أن يكون الصباح بأفضل حال..
ياعراق يا بلدي الحبيب انهض أرجوك قاوم فقد ساء الحال.. أبناؤك يموتون في أرضك.. وفي بلاد من دمرك.. أطفالك في شواطئهم طفت أجسادهم الطاهرة تشكو لربها سوء الحال.. والله شاهدٌ!!
ياعراق لا تستسلم.. انهض.. قاوم.. حتى تعود لياليك.. ليالي السلام.. وبغدادك.. سيدة البلاد.
رسالة من د.ح
واقرأ أيضاً:
سيكولوجيا الفساد في العراق/ مأساة العراق (من الداخل)/ مأساة العراق (منذ قيام الدولة الحديثة)/ العراق بين قبضة إيران والميليشيات الشيعية