الجمال والجاذبية ٣- مقياس الجمال
إدراك وتفضيل عامل على آخر في الطبيعة له وظيفته التكيفية، والتي بدورها تساعد على ضمان استمرار الجينات الصحية وتوارثها من جيل إلى آخر. لم يتغير الإنسان كثيراً عبر العصور وما يسعى إليه دوماً هو تقييم زوجه جينيا عن طريق دراسة المظهر والشكل المتوفر أمامه وقيمة الزوج الاجتماعية. يمكن أن نضع ذلك على شكل معادلة يستعملها الإنسان بدون وعي منه أحياناً وهي:
القيمة الجينية = شكل الزوج + القيمة الاجتماعية.
على ضوء ذلك يمكن القول بأن تفضيل الإنسان لشريكة حياته (والعكس صحيح أيضاً) هي من أجل العثور على أفضل فرصة للحفاظ على جيناته. البحث عن القيمة الجينية لشريكة الحياة يتم وصفها أحياناً في العلوم البيولوجية بعملية الانتقاء الجنسي. لذلك يمكن تحوير المعادلة إلى ما يلي:
الانتقاء الجنسي = البحث عن القيمة الجينية = الجمال والجاذبية + القيمة الاجتماعية.
هذا ما يفعله الإنسان حين يبحث عن زوجه، وهذا ما تفعله الأم حين تبحث عن زوج لابنها أو ابنتها. الكثير من الدراسات تركز على صفات المرأة، ولكن هناك دراسات أيضاً تتعلق بالرجل وجميعها تتفق بأن أهداف عملية الانتقاء الجنسي هي:
١- مباشرة وتعني ما يحصل عليه الإنسان من اختيار زوجه.
٢- غير مباشرة وتعني ما سيتم نقله إلى أطفاله وراثياً.
التوسطية في الجمال
عامل التوسطية في الجمال يحتل الموقع الثاني بعد التناسق في تقييم الإنسان للجمال والجاذبية. التوسطية Averageness تعني مدي تشابه الوجه مع أغلبية الوجوه الأخرى داخل المجموعة الاجتماعية التي ينتمي إليها الفرد. أما الوجوه الغير متوسطية فهي تلك التي تحتوي على صفات متطرفة مقارنة بالمجموعة. رغم أن التطرف يثير الفضول ولكنه يميل إلى الزوال مقارنة بالتوسطية التي تميل إلى الثبات. هذا العامل أكثر ملاحظة في تقييم الوجه ولكن لا يقتصر عليه.
هذه الحقيقة أثارت فضول العلم منذ مدة طويلة وتم تكرارها في أكثر من دراسة ويعتقد البعض بأن الوجه المتوسط في جماله أكثر تفضيلا لأنه يعكس تنوع الجينات في المجموعة والتي هي الأخرى تفسر مقاومة الجسم للأمراض. بعبارة أخرى الوجه المتوسط في جماله يعني وجود تنوع جيني يعكس ديمومة وصحة المجموعة التي ينتمي إليها الفرد. أما الوجه المتطرف في جماله فهو يحتوي على جينات خارجة عن معدل المجموعة وضارة بالصحة.
هذه الملاحظة عن العلاقة بين توسطية الجمال والصحة تم دعمه بوجود علاقة بين العوامل الثلاثة:
١- التوسطية.
٢- تنوع الجينات.
٣- الجاذبية.
التنوع الجيني يرتبط برموز لبروتينات جهاز المناعة والأخيرة ترتبط بجاذبية الوجه وتوسط جماله. هناك أيضاً دراسات ميدانية تراجع السجلات الطبية وتشير إلى أن صحة إنسان ذي وجه متوسط الجمال أكثر سواءً وعافية من غيره.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه في يومنا هذا هو ما هو الوجه الجميل المتوسط في المجموعة بسب اتصال العالم عبر شبكات الإنترنت؟.
الصورة التي يراها الإنسان عبر الشاشة غير الصورة على أرض الواقع، وأحيانا تثير الارتباك في تقييمه للجمال والجاذبية وخاصة حين يكون اتصاله مع مجموعات اجتماعية غير تلك التي ينتمي إليها.
المصادر
1- Lie H. C., Rhodes G., Simmons L. W. 2008. Genetic diversity revealed in human faces. Evolution 62, 2473–2486.
2- Langlois J. H., Roggman L. A. 1990. Attractive faces are only average. Psychol. Sci. 1, 115–121.
3- Mitton J. B., Grant M. C. 1984. Associations among proteins heterozygosity, growth rate, and developmental homeostasis. Ann. Rev. Ecol. Syst. 15, 479–499.
4- Rhodes G., Zebrowitz L. A., Clark A., Kalick S. M., Hightower A., McKay R. 2001. Do facial averageness and symmetry signal health? Evol. Hum. Behav. 22, 31–46.
5- Roberts S. C., Little A. C., Gosling L. M., Perrett D. I., Carter V., Jones B. C., Pentonvoak I., Petrie M. 2005. MHC-heterozygosity and human facial attractiveness. Evol. Hum. Behav. 26, 213–-226.
6- Thornhill R., Gangestad S. W. 1993. Human facial beauty: averageness, symmetry, and parasite resistance. Hum. Nat. 4, 237–269.
ويتبع >>>>>>>>>: الجمال والجاذبية ٥- البحث عن الزوج
واقرأ أيضاً:آ
البدانة من الجمال إلى القبح / فداحة الصورة......قبل....و......بعد / ما الذي يحدث لدماغ المرأة مع الحمل والأمومة / تصورات الجسد والجنس: رؤية نفسية