وحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية فإن ما يقرب من مليون شخص ينتحر سنويا، وهذا المعدل لم تطرأ عليه تغيرات واضحة بعد اكتشاف الأدوية المعالجة للكآبة، وكلما ازداد عدد البشر ازداد عدد المنتحرين، وهذا يعني أن الجهود المبذولة للقضاء على الانتحار لم تتكلل بنجاحات باهرة، لكنها ذات منافع وقائية وتحذيرية. فالانتحار ثاني سبب لموت البنات ما بين عمر (15-19)، وفي أمريكا ينتحر أكثر من (44000) شخص سنويا، وكل انتحار يترافق مع (25) محاولة انتحار، والانتحار يكلف الخزينة أكثر من (51) بليون سنويا.
وينتحر (13.26) من (100000) شخص سنويا، أي بمعدل (121) شخص يوميا، واستخدام الأسلحة النارية يكون في (50%) من الانتحار، والرجال ينتحرون أكثر من النساء بمعدل مضاعف (3.5)، وتكون أعلى نسبة له في متوسطي الأعمار. والعديد من دول العالم لا تحتفظ بإحصاءات دقيقة يمكن بها دراسة نسب الانتحار فيها، لكن أكثر من (800000) شخص ينتحر في العالم كل عام، فالانتحار هو السبب الثاني للوفاة للأعمار ما بين (15-29)، ويبدو أن أكثر من (78%) من المنتحرين في المجتمعات الفقيرة وذات الدخل المحدود.
ومعظم العوامل المؤدية للانتحار هي الاندفاعية والعوامل الاقتصادية، وفشل العلاقات العاطفية والأمراض المزمنة والآلام المرافقة لها وكذلك الأمراض الخبيثة، كما أنها أكثر في المجتمعات التي تعاني من الطائفية والتميز العنصري وفي المهجرين واللاجئين وغيرهم، وما يقرب من (30%) من المنتحرين يستخدمون المبيدات الحشرية، والمعروف أن كل شيء قاتل يكون في المتناول يستخدم للانتحار.
وتسعى الأمم المتحدة والمنظمات العالمية لوضع مناهج توعية لكي يكون الناس على دراية بمخاطر الانتحار وما يؤدي إليه وهل يمكن التفاعل للحد منه، وهناك خطة عالمية لتقليل الإنتحار بنسبة (10%) في عام 2020، وهذا قد يكون بعيد المنال، لأن نسبة الانتحار تتخذ منحى تصاعديا، ولا تقل إلا في زمن الحروب والتحديات المصيرية الشاملة، عندما يقف الناس جميعا في مواجهة مصيرهم ويستشعرون بأن الحياة قد تضيع منهم.
هذا بعض مما يمكن قوله بخصوص الانتحار بمناسبة اليوم العالمي للانتحار في 6\9\2017. لكن الانتحار كسلوك قد يتخذ توجهات جماعية واجتماعية، كأن تقرر جماعة من الناس الانتحار، أو مجتمعات عن وعي أو لا وعي تخوض غمار الانتحار، وكم من المجتمعات والشعوب قد انتحرت عبر العصور، وحتى بعض الحيوانات لديها مسيرات انتحار جماعية، وبعضها تعبر المياه المحتشدة بالتماسيح في قفزات انتحارية ينجو منها مَن ينجو ويموت مَن يموت.
ومن الواضح أن العرب قد انتحروا في الأندلس، فسلوكهم على مدى قرون كان انتحاري الطباع حتى أدى بهم إلى الفناء، فالعرب لم ينهزموا في الأندلس وإنما انتحروا، واليوم تحصل في المجتمعات العربية ذات السلوكيات الانتحارية التي مارسوها في الأندلس، وهذا يعني أن الضعف سيدب والصراعات ستتواصل حتى تحقيق غايتها الفنائية.
فهل من قدرات وعي لما تتسبب به السلوكيات الانتحارية الفاعلة في مجتمعاتنا؟!! إنها تساؤلات قد تبدو غريبة لكن الواقع يتكلم بلغة يمكن حل رموزها ومعرفة عباراتها ومدلولاتها.
وهي تقول إنكم يا عرب تنتحرون!!
* الإحصاءات قد تتباين وتتغير وفقا لمصادرها.
واقرأ أيضاً:
تجمع المكتئبين في بحر إسكندرية / خطيب الجمعة والانتحار / الأفكار الانتحارية والتعامل معها