الفصل السادس عشر
قيل لعدي بن حاتم: "أي شيء أوضع للإنسان؟!، قال: كثرة الكلام"
قليلا ما تتوقف عن الحديث!، فسيل كلامها منهمر لا ينقطع، والمواضيع التي تفتحها بالعشرات في المرة الواحدة; يقول لوجيك: "ليست الثرثرة عيبا، إنها مرض".
وعلى خلاف النرجسيين، فإن كثيري الحديث يثرثرون باستمرار، ليس فقط عن أنفسهم ولكن عن كل شيء، بل قد يكون كلامهم عن خصوصياتهم قليلا!، وليس من الضروري أن يكون هذا سيئا، في الحقيقة قد تجد الثرثارين أذكياء وممتعين، إنك فقط تتمنى لو أنهم توقفوا عن الحديث ليتنفسوا لبرهة، ويتركوا الميكروفون لشخص آخر يتحدث!!!، وهنا يكون من حقك أن تقول: "لا" لكثير الحديث.
وإليك بعض العبارات التي يمكنك قولها كي تتخلصين من ثرثارة "لَسِنَة":
* "أود أن أجلس وأتحدث ولكن علي أن أغادر فوراً؛ لأنني مُتعب".
* "يا إلهي هناك الكثير ليُقال في هذا الشأن، كم أتمنى أن أسمع المزيد ولكن ليس هذا بالوقت المناسب بالنسبة لي".
* "لا أستطيع أن أستمع الآن فعقلي يفكر في شيء ما عليَّ القيام به في الحال ".
- عندما تصطدم بكثيري الحديث في العمل، فغير الموضوع لأحد المشروعات بطريقة لبقة على قدر الإمكان، أشر للموعد النهائي وأنك تحتاج إلى الانتهاء منه قائلاً:
"ها ها، يا لها من قصة مضحكة، أوه، لا هل نحن في يوم الأربعاء بالفعل؟!، إن الخطة الاستراتيجية يجب أن تُقدًّم يوم السبت!؛ عليَّ أن أُسرِع حتى أستطيع أن أنتهي منها في الموعد المُحدد".
"هل أجبتك على سؤالك؟!، إن كنت لم أجبك أرجو أن تًعذُرني؛ لأن علي أن أعود إلى العمل".
- إن كان المتحدث كثيرا هو رئيسك في العمل، فعليك أن تسأل سؤالا يتعلق بالعمل لتجذب عقله بعيدا عما كان يقوله، يفضل أن تستفسر عن شيء تود بالفعل معرفته، فإذا استمر في الحديث فقد يكون عن شيء مفيد.
"إنك على حق، لقد ارتفع سعر المانجو، الحمد لله تذكرت أن أسألك شيئا: هل تستطيع أن تدلني على شخص ما في الجوازات لأنني بحاجة لتجديد جواز سفري حتى أحضر المؤتمر المتعلق بمؤسستنا في الخارج".
لقد صدق من قال: "كثيرون يحبون الثرثرة، وقليلون يحبون الاستماع".
على الهاتف وتريد إنهاء المكالمة
لقد اشتكى صديق لنا أنه عاد إلى المنزل في أحد المرات ليجد سبع رسائل على آلة الرد على المكالمات -وجميعها من والدته-, لا لم تكن الحالة طارئة ولكنها مجموعة من الحكايات والآراء التي تود أن تشاركها معي، وهي توضح تماما لماذا هذه الآلة صديقك المفضل, إن كان هناك ثرثاراً في حياتك، فإليك بعض الطرق لقضاء وقت أقل على الهاتف والتي تقلل الحاجة لقطع المكالمة:
أترك آلة الرد على المكالمات (Answer Machine) تعمل في أوقات الذروة لعدد من المرات أو طول الوقت، وتبادل المعلومات مع الآخرين بالاتصال بهم و ترك الرسائل لهم، وذلك عندما تتأكد أنهم ليسوا في المنزل.
مع شخص قريب منك وتود الاطمئنان عليه أكثر من مرة حدد موعدا معينا للهاتف، فالأقارب من المناطق البعيدة دائما ما يقومون بذلك، ولكن حتى إن كانت والدتك تسكن في آخر الشارع وتتحدث كل يوم، فمن الظريف أن تحدد نظاما لوقت التحدث في الهاتف -بتحديد موعد خاص للحديث- ستشعر بذنب أقل لعدم التحدث في الأوقات الأخرى.
يمكنك أن تحد من قضاء وقت طويل في الحديث بأن تتحدث من هاتف العمل أو تجعل الشخص الآخر يتصل بك في العمل، فمن السهل أن تقطع المكالمة نتيجـة التزامات العمل.
يمكنك أن تحد من مكالمة الهاتف بأن تحددها بالأوقات التي تعلم أنك لن تستمر طويلا متحدثا في الهاتف، مثلا أن تكون في الصباح قبل أن تغادر إلى العمل، أو أن يكون لديك شيء على الموقد ويحتاج إلى تركيز انتباهك كاملاً، وبذلك سيكون لديك سببا معدا مسبقا لتتخلص من تلك المكالمة الهاتفية.
إليك ما يجب أن تقوله لتنهي المكالمة:
" إنني مشتت الذهن قليلا بسبب ما يجري من حولي اليوم، فهل هناك ما يسوء أو أنها مجرد مكالمة فأنا حقيقي أحبك؟!"
الصديق: "وأنا أحبك أيضا، دعنا نتحدث غدا".
"أود أن أستمع ماذا جرى، ولكن ليس هذا بالوقت الملائم للحديث، فهل يمكنك الاتصال بي غدا في العمل قرب موعد الغداء حوالي الساعة الثانية عشرة والنصف؟".
"أمي أريد أن أستمع إلى أحداث يومك، ولكنني أريد أن أكلمك عندما أكون متيقظا لأمنحك اهتماما كاملا، هل يمكنني الاتصال بك في الصباح ليكون أول شيء أسمعه وأتفاءل به طوال اليوم هو صوتك الجميل؟".
كما كنت أقول: قاطعي الكلام
إنه لشيء مهين أن تُقاطِع من يُحدثك وهو يتكلم؛ وذلك عندما تحاول أن توضح نقطة معينة، ولكننا لابد أن ندرك أن الاختلافات المكانية والعرقية تؤثر على درجة إدراك الناس للإهانة الموجهة عند قطع الحديث، فما قد يعتبره أحدهم ممن يسكن في مصر حضور بديهة قد يعتبره من يسكن في الخليج وقاحة مثلا أو العكس، ولذلك في المرة القادمة التي يقاطعك فيها أحدهم - قاطعه باعتدال- فقد يكون الأمر مجرد تصادم ثقافات وليس أمرا شخصيا علينا أن نبين لهم حدودهم، فعندما يتعدى أحدهم على حديثنا بقليل من العدوانية -بمعنى أن يتدخل مقاطعاً حديثي برأي أو توضيح نقطة معينة- فإليك كيف نردهم إلى مكانهم:
"من فضلك توقف عن مقاطعتي؛ فأنا لم أنته من كلامي بعد".
" أرجو أن تتركني أنتهي مما كنت أقوله" (وعندما تنتهي أعطه دفة الحديث) قائلاً:
"والآن، ما الذي كنت تود أن تقوله؟!".
"المعذرة فأنا أحاول أن أوضح نقطة مهمة في الموضوع".
"إنني لم أقاطعك، فمن فضلك لا تُقاطعني حتى أنتهي من حديثي".
" أعتقد أنه دوري في الحديث، فأعطني الفرصة لأتحدث!".
للحفاظ على النظام عندما تتحدث مجموعة من الناس مع بعضهم البعض فلابد للجميع من الصمت عندما يتحدث شخص من المجموعة والآخرين كلهم آذان صاغية له؛ وذلك لمنع حالة الذوبان في ثرثرة غير واعية ممن بداخل المجموعة؛ فيقوم الجميع من الجلسة بدون استفادة.
أما في حالة انعقاد درس أو محاضرة يلقيها أستاذ على طلابه، ضع في اعتبارك كأستاذ تربوي إحدى الطرق التي يستعملها التربويون في الغرب مع طلابهم بإمساك قلم أو مسطرة عندما يشرع أي مستمع من الحاضرين في الحديث، ففي أي وقت، لا يتحدث إلا من معه القلم أو المسطرة ليرغم الآخرين على الاستماع له قبل أن ينطلقوا بالحديث. وعندما ينتهي كل متحدث، يتم تمرير القلم أو المسطرة للشخص التالي.
أما إذا تحدث شخص ليس معه القلم أو المسطرة فإنه يدفع غرامة فورا؛ وبالتالي يتعلم عدم الثرثرة، و يمسك لسانه عليه، ويتعلم حسن الاستماع، أما المبلغ الذي يتجمع من الغرامات فهو يُخصص في نهاية المحاضرة لشراء حلوى أو عصير لأفراد المجموعة كلهم بعد نهاية الدرس أو المحاضرة، يقول المثل الأسباني: "الصمت حكمة والثرثرة ندامة"، ويقول الإمام علي رضي الله عنه: "لسان العاقل وراء قلبه، وقلب الأحمق وراء لسانه".
"لا" للمكالمات المتأخرة ليلا
قبل أن أبدأ الكلام عن هذا الموضوع الحساس تذكر الحكمة التالية: "ابتسم عندما ترفع سماعة الهاتف, سيسمع الطالب ابتسامتك"، ولكن بعض من متطلبي المساعدة المستمرة قد يختبر حدود صبرك بأن يتصل بك متأخرا ليلاً من أجل التخفيف عن أنفسهم؛ فيقوم بتحليل مشكلة بعد منتصف الليل على الهاتف بتفاصيل كثيرة أو يقوم هذا الشخص بتوبيخك بعنف لقيامك بإبداء ملاحظة لم تعجبه في أثناء لقاء عمل بينكما بالنهار، أو أحد مرضانا النفسيين المُدللين، والذي عرف هاتفك وأنت طبيبه المعالج بطريقة ما، إنهم يشعرون بأن شيئاً ثقيلا يُثقِل عقولهم وأنفسهم ويودون أن يشاركوه معك في الحال!.
إن المكالمات شديدة التركيز ليست ممتعة على الإطلاق، وحتى أنها أسوأ عندما تكون مترنحا ولم تأخذ قدراً كافياً من النوم، فعقلك مشوش، ودفاعك محطم، والهدف من هذا هو أن تحرر نفسك من المحادثة بسرعة قبل أن يصعب عليك أن تهرب، لتجنب الالتصاق بالهاتف في منتصف الليل، لا تجيب على أي من ملاحظات أو اتهامات المتحدث، وبدلا من ذلك عليك أن تصر على أن المكالمة الهاتفية لابد أن يؤجلها إلى وقت مناسب.
إن هذا سيجعلك أكثر إعدادا لنفسك وأن تفكر فيما تود أن تقول، وعندما يُفاجئك أحد من متطلبي المساعدة المستمرة فعليك أن تكسب الوقت:
أود التحدث معك في هذا، ولكن الآن ليس بالوقت المناسب، إنني متعب للغاية لقد أيقظتني من نوم عميق، دعنا نتحدث بشأن هذا الموضوع غدا.
أنا آسف أنك متضايق، ولكنك لست منصفاً معي لتحدثني في مثل هذا الوقت؛ لا أستطيع التفكير فيه الآن، أريد أن أنام، رأسي سينفجر.
لقد مررنا بهذا عدة مرات ولا أريد الخوض فيه ثانية -على الأقل ليس الآن- وفي مثل هذا الوقت المتأخر!!.
ولكن أفضل الطرق لتجنب مكالمات الليل المتأخرة هي أن تتجنبها جميعها، استخدم الوسائل الآلية: أغلق الرنين في هاتفك وشغل آلة الرد على المكالمات، لتبرير الموقف، يمكنك أن تترك رسالة على آلة الرد لمتحدث آخر الليل مثل: إن كنت أنت ثانية، فقد تلقيت رسائلك العديدة وسأحدثك غدا بعد الثالثة ظهراً، أحلام سعيدة.
يتبع >>>>>>>>>>> المصابون بوساوس المرض والحظ العاثر