مجانين... هونج كونج !! تيفون !! .. دبي.... مجانين1
في العاشرة صباح السبت 15 سبتمبر كنا أمام الفندق وقد وصل "جاري" مبكرا وتحركنا خلال دقائق وبدا "جاري" سعيدا بالعمل مع فوج مصري للمرة الأولى في حياته، ..... كان واضحا في أغلب سلوكياته وأقواله أنه شخص مدقق حازق .... وكانت وجهتنا الأولى هي حديقة أوشن بارك Ocean Park فوزع علينا خريطة للحديقة وأعطانا كثيرا من المعلومات عن مدينة الملاهي تلك وهي من أهم المزارات في هونج كونج بل وتعد الوجهة الشعبية رقم 33 حول العالم. وتنقسم إلى جزئين يقعان في المحيط؛ الجزء الأول يضم معرض أحياء مائية "أكواريوم" وحديقة حيوان مصغرة، وعند الانتهاء من هذا الجزء تأخذ التلفريك الصغير الذي يأخذك فوق المحيط إلى الجزء الثاني وهناك تجد حديقة ملاهي مثيرة جدا بها مجموعة كبيرة من الألعاب.... وقد أصبح كثيرون يفضلونها على ديزني لاند الموجودة نسختها في هونج كونج ... يقول "جاري" أنك تستطيع أن تجد ديزني لاند في أماكن متعددة من العالم لكن توجد أوشن بارك واحدة في العالم في هونج كونج.
في الطريق أشار لنا "جاري" إلى عدد من البنايات السكنية متعددة الطوابق والتي بدت فخمة حتى استغربنا أنها لذوي الدخل المحدود، الذين تدعمهم الحكومة، وراح يحدثنا عن الكفاح المطلوب من الشاب ليستطيع الوصول إلى شقة يؤوي فيها زوجة وأطفالا لأن أسعار إيجار الشقق باهظة جدا ... أخيرا وصلنا وكان المنظمون قد وضعوا لنا خطة سير داخل الحديقة ورجوننا أن نلتزم بها كي لا نتفرق وكان موعد اللقاء ومكانه محددين على كل حال.... لكن "جاري" تركنا لساعتين ونصف هنا لارتباطه باستقبال وفد ما في المطار وتسليمه لزميل له، ليعود هو لنا....
أخذنا بعض الصور في مدخل الحديقة مع نافورة المياه مرة وحيدا ومرة مع المجموعة حيث يظهر معي د. عقل عطا وزوجه، ثم د. محمد عادل الحديدي ودكتور حسن فروير وزوجه ثم د. أسامة الخولي ثم أنا فدكتور محمد المهدي فدكتور عمرو سالم... ثم اتجهت من فوري إلى معرض الأحياء المائية الذي هو نقطة البداية ونقطة اللقاء الأخير أيضًا قريبة منه، وكم كنت سعيدا بأن أحدا لم يمنع الكاميرا .... ورغم أنهم يوقفونك على الباب ليلتقطوا لك صورة ... إلا أني تعلمت بعد ما حصل لي في متحف مدام توسو ألا أشتري مثل هذه الصور... ضيعت وقتا طويلا في المعرض أو قولوا تأخرت عن أغلب المجموعة ... لكنني استمتعت بالمناظر وحسبت أن الصور التي التقطها لي بعضهم ستكون رائعة والحقيقة أنها بقيت رائعة لكنني لا أظهر واضحا فيها ... المشكلة أن الإضاءة لا تصلح للتصوير وأن الفلاش إما ممنوع أو يؤدي إلى انعكاسات غير محسوبة للأضواء من الخلفية الزجاجية...... لكن بالفعل شاهدت هناك أنواعا من الأسماك وقناديل البحر العجيبة الجمال، وبعض الصور يمكن أن يعتبر مقبولا.
خرجت بعد ذلك من الأكواريوم لأجد أن لا أحد ظاهرا من المجموعة إلا المهدي وابنه ود. لطفي الشربيني وأخذنا لفترة نبحث عن باقي المجموعة ثم اقتنعنا بأنهم سبقونا .... اتجهنا بعدها إلى نجم الحيوانات هناك وهو دب الباندا الذي يقف الناس في طوابير لمشاهدته وهو يأكل أغصان البامبو كما وصف لنا "جاري"... وفي الطريق اكتشفنا بأن موعد العرض فاتنا وأن علينا الذهاب إلى التليفريك لنعبر للجزء الآخر من الحديقة ... ثم بدأت رحلة البحث عن التليفريك حتى وصلنا إلى الطابور الذي لم يكن طويلا .... وكانت رحلة التليفريك من أروع ما جربنا فأنت لست فقط على حافة الجبل كما المعتاد، وإنما أنت فوق المحيط تمر بين جبلين على كل منهما قسم من تلك الحديقة، وحقيقة من أجمل ما كان في ذلك اليوم أني كنت مع المهدي وابنه أغلب الوقت وكانت رحلتنا في التليفريك معا هذه المرة .... التقط عمر لنا صورا والتقطت لنفسي سيلفي بالكاميرا السوني العادية والتي لا تمتلك أصلا هذه الخاصية لكن الحقيقة أغلب الصور جاء جميلا الحمد لله فهذا يعني قدرا جيدا من التوازن الحركي البصري يمكنني من تصوير نفسي قالبا الكاميرا .... أي وأنا لا أرى ما أصور... كان الدافع لتلك المغامرة هو رغبتي في تصوير وجهي وخلفه ما هو جد مثير من الخلفيات .... وأخيرا وصلنا إلى النصف الآخر من الحديقة ... وهناك وجدنا مكانا فسيحا آخر تحركنا فيه قليلا ولم نجد من المجموعة إلا تائهين أمثالنا كلما سألنا أحدهم أين المجموعة أشاروا باتجاه لعبة ما وكان منها واحدة تتميز بسرعتها وتقلباتها الحادة حكى لنا عنها "جاري" نويت أن أغامر وأشارك عمر فيها لكننا أيضًا وصلنا متأخرين ... فما كان أمامنا إلا انتظار العودة مع بعض التائهين من المجموعة لنرجع إلى حيث البوابة التي سنلتقي عندها .... ولا أتذكر إن كنا أخذنا بعض الصور أو لا ؟
لم تكن العودة بالتليفريك وإنما قطار بدا غريب الشكل فضيا من الخارج أي وهو مغلق الأبواب أو يمشي ... ثم ذهبيا مضاء بالأحمر أو يكاد من الداخل بدا قطارا من ألف ليلة وليلة عندما تحكيها فتاة من هونج كونج التي حقيقة لم ألاحظ فيها فتيات... اللهم إلا صورا تراها شئت أم أبيت ! على الجدران والواجهات لفتيات إعلان جميلات... لكني سمعت من "جاري" عن وجود أزمة عنوسة بسبب الضغوط الاقتصادية وأن البنات غالبا يرضين بعرسان من الصين ..... بدلا من الدقيق بلا عجين... أتذكر أنني انتبهت إلى درجة حرارة الجو فجأة عندما دخلنا لننتظر دورنا لركوب هذا القطار العجيب، لكنني في أغلب الأحيان صارت لا تذكرني بأنني كنت يتصبب عرقي إلا الصور ! فلم أكن أتخيل أنه سيظهر بهذا الشكل في الصور ! هذه لعمري حالة طبية مرضية اسمها فرط التعرق !
رجعنا إلى أمام معرض الأحياء المائية وكان لدينا حوالي 25 دقيقة على موعد تجمع المجموعة واللقاء مع "جاري" الذي بدا واضحا أن غيابه أثر على تلاحم المجموعة ... وفي هذا المكان تجول عمرٌ للتسوق بعدما التقط لي صورة مع النافورة وقال لي أنها للتاريخ وهي تحت لتحكموا بأنفسكم ..... نسيت أن أقول بأن أحد أسباب استعجالنا وعدم التعجل في بذل مجهود أن جاري كان قد أعطانا فكرة مؤداها أن اليوم سيكون صعبا لأننا سنذهب سفرا إلى قرية للصيادين الفقراء وسنسير كثيرا على الأقدام واعتذر عن كون اليوم السياحي سيكون طويلا مجهدا.. الحمد لله لم نكن نشعر بالإجهاد !... وتجمعنا كلنا في الحافلة في الموعد الموقوت.
بعدها كان علينا السفر إلى قرية الصيادين تاي أو Tai O Village وكان الطريق طويلا ضيقا ومنحنياته من أخطر ما رأيت ... زد على ذلك أن إصلاحات تتم ببعض أجزاء متفرقة منه !!.... نسيت أن أقول لكم أنها قرية تقع في واد سحيق الانخفاض والطريق جبلي أخضر جميل وكذلك القرى المتناثرة على جانبيه، تأوي هذه القرية مجموعة صيادين بنوا منازلهم، على مدى أجيال، على أعمدة خشبية ليحموا أنفسهم من المدّ والجزر في جزيرة لانتو ويسمون سكان التانكا. وتترابط هذه البيوت في ما بينها لتؤلّف مجتمعًا شديد التماسك يعيش فعليًّا على الماء. ويشكل عالمهم الساحر ملاذًا للمصورين....... وطبعا تحركت شهية أغلبنا لالتقاط الصور، وزادنا "جاري" بأن قرية الصيادين هذه في الماضي كانت مقراً للتهريب والقراصنة وأثناء الحرب الأهلية في الصين تحولت إلى ملجأ لـلمهاجرين غير الشرعيين، لكن أغرب ما مر علينا في ذلك الطريق المثير كان مبنى نراه من ارتفاع لا يقل عن 1000 متر .... وقبل ظهوره نبهنا "جاري" أننا بعد حوالي دقيقة من الآن سيكون على يميننا ناحية المحيط عددا من المباني التي تشكل وحدة يحدها الماء والجبال الخضراء خمنوا ماذا تكون ؟ ... وعندما نظرنا إليها كان منا من تمناها لنفسه فقلنا مستشفى أمراض نفسية ؟ وبعضنا قال مدرسة ؟ معهد خاص بذوي الاحتياجات الخاصة .... لكن أحدا لم يخمن ما قاله "جاري" هذا هو سجن المجريمين شديدي الخطورة والمحكومين بسنوات سجن طويلة هذا هو سجنهم في هونج كونج .. كانت هذه الحقيقة صادمة لأغلبنا ... أي مستوى من الإنسانية هذا ؟ وقلت لجاري في الحافلة (وليس "جاري") وقتها لعلهم يعالجونهم بالجمال ؟ ... ثم قلت وإن كان جمال الطبيعة متوفرا أينما وليت وجهك في هونج كونج.
وصلنا إلى القرية أخيرا بعدما طال الطريق... ولكننا عرفنا بأننا سنكتفي بزيارة القرية والتجول فيها ومعنا "جاري"... لكن الرحلة البحرية لقرية الصيادين ستلغى لأن هناك إعصارا في طريقه إلى هونج كونج وهو ما يعني أن كل شيء في هذا المكان قد يكون في خطر، ... وقد انشغل الصيادون بتأمين ما يستطيعون تأمينه وبالتالي فلا قوارب تعمل اليوم ... وبالفعل تجولنا في شوارع القرية التي كانت قرية صينية واضحة المعالم وكنت أزور هذا النوع من القرى للمرة الأولى فقد زرت فقط الحي الصيني في لندن مع سداد ورأيت بعض محال الأكل الصيني في بعض الـ "مولات"، ولما كانت القرية قرية صيادين فقد كان طبيعيا أن تتاجر في الأسماك ... لكن أمامك إن رأيت سمكة أعجبتك خياران إما أن تدخل المطعم فتأكل أـو أن تشتريها مجففة (محفوظة بالتجفيف)... في شوارع القرية توقف أغلبنا لالتقاط الصور أو لشراء تذكار ما .. وكانت المحلات والدكاكين والبيوت المتلاصقة كلها إمام محال لبيع الأسماك المجففة أو هياكلها المفرغة أو الهدايا فتأخر أغلبنا وبعضنا تعجل وبدا واضحا أننا تفرقنا حتى انفعل "جاري" لأنه احتار مع من يكون منا وكان الاحتكاك الأول بين المجموعة وبينه، وقال بالحرف الواحد أنه رافق أفواجا من كل الدنيا ولم ير مثل هذا من الأفواج.... ثم تجمعنا وأكملنا الجولة في شوارع المدينة حتى وصلنا إلى معبر صغير يمر فوق شريط من ماء المحيط يفصل بين جزيرتين تكادان تتلامسان وأخذت صورة لنفسي بكاميرا عادية.. فبدا رأسي الحليق وقد قبضت عضلات عيني وقطبت حاجبي اتقاءً لضوء الشمس الحارق وإن لم تكن حبات عرقي دليلا فتلك كانت الحقيقة.
انطلقنا بعد ذلك راجعين نفس الطريق لكن لأعلى هذه المرة ولم يكن الصعود أسهل كثيرا من الهبوط لكنها كانت بالفعل رحلة مرهقة ... وأخيرا وصلنا إلى مول موعد في المدينة City Date Mall .... وللأمانة لم أستشعر الفرق بينه وبين سابقه... ولم أتجول بالأصل للشراء ... ثم انطلقنا في طريقنا للعشاء وأبلغنا "جاري" بأن السلطات المعنية بالطوارئ أعلنت رفع درجة الاستعداد إلى 3 وأنه لا يعرف ما إن كان سيكون ممكنا أن نذهب إلى جزيرة ماكاو حسب برنامج الرحلة لكن إذا ارتفعت الدرجة إلى 8 فسيكون الخروج من الفندق محظورا على أي فرد غدا... ثم دعانا للاستمتاع بالعشاء... وكان في مطعم أسماك ميراج بفندق يسمى فندق النهضة Renaissance Hotel ... وكان عشاء أجمل من سابقه، ومن ثاني ليلة من ليالي هونج كونج بدأنا نحتار بين العشاء والعشاء أيهم أجمل؟ .... نسينا ما حكى عنه "جاري" من احتمال لزومنا الفندق غدا ... وبدا واضحا لي أن "جاري" حريص على ألا نقلق وأن يستمر شعورنا بالأمان فمهما كان سيكون فإن تأهب السلطات واضح وهي على أعلى درجات الاستعداد .. وأن المطلوب منا هو فقط الالتزام بالبقاء داخل الفندق.... وصلنا الفندق وصعدت إلى غرفتي صليت المغرب والعشاء جمع تأخير واغتسلت وقعدت أحرر ما نشر يوم الأحد 16 سبتمبر 2018.... وكانت قصيدة طاووس القديمة "خِرْقَةٌ للرجلِ الثَلْجِيِّ !"... واتجهت إلى السرير وما أن بدأت أدخل في النوم حتى بدأت أسمع أصوات سيارات إسعاف قلت استرها يا ألله وحاولت النوم ... وأنعم الله علي به لكن الغريب أني كنت كلما صحوت خلال الليل سمعت أصوات سيارات الإسعاف... وأتساءل وأنا نصف نائم في نفسي عن سبب كل هذه الصفارات الإسعافية ؟!
ويتبع>>>>> : مجانين... هونج كونج !! تيفون !! .. دبي.... مجانين3
واقرأ أيضًا:
لقاء في الأردن / حديث لندن وقت العصر / ثانية ألتقي سدادا .... جمعا في لندن / مجانين ... استانبول ... بوخاريست استانبووووووول3