الهبّة الإكتوبرية للشعب في تشرين الأول لعام ألفين وتسعة عشر، أججت الروح الوطنية وكشفت معدن المواطنين، فانطلقوا يعبّرون عن أصالتهم ونقاوة نفوسهم، وانتمائهم الحقيقي للوطن، فهو فوق جميع الانتماءات، وبدونه لا قيمة لها ولا معنى.
وتأكد للوطن أنهم ينتمون إليه بأرواحهم وقلوبهم ونفوسهم وعقولهم وكل ما فيهم من الطاقات والتطلعات، ولا يشعرون بوجودهم ودورهم في الحياة من غير التمسك بالانتماء المطلق للوطن. وتبين بوضوح أن ما دار في البلاد منذ ألفين وثلاثة وحتى اليوم، محض أضاليل وافتراءات وهذيانات، حَسِبَ أصحابها بأنهم سيخدعون المواطن بها وبه يتاجرون، وفقا لمقتضيات رغباتهم وتطلعاتهم المرهونة بأسيادهم.
المواطنون يتوهجون يقظة ووعيا وإدراكا وإصرارا على أن الذي كان لن ولن يكون، وأن البلاد عليها أن تتخذ مسار النماء والرقاء والعطاء الإنساني الصادق النبيل. فثاروا وجسّدوا ثورتهم بالفعل المقدام والتوثب العزوم الهمّام، والقول الصريح الداعي للتقدم إلى الأمام، وإنهم يستعيدون هويتهم وسيادتهم وحقوقهم، ويؤكدون إرادتهم في الحياة وتقرير المصير.
إنهم شعب واحد، وأمة صيرورة حضارية خالدة، وكينونة وجود يحمل رسالات أجيال تطلعت نحو العلاء والرجاء. فهم يكنزون موروثات حضارية انبثقت بها ومنها مسيرات البشرية، وتنورت أيام الأرض بأفكارهم وأحلامهم وتمنياتهم، التي أخذت الأنام إلى آفاق الحرية والكرامة والإبداع المتميز الأصيل.
وأمام يقظة شعب وثورة حضارة وصولة إرادة، سينهزم الفساد وتندحر الشرور، وستنال عقابها القِوى التي إنتهكت حرمات السيادة والأمانة والمسؤولية، وأذعنت للطامع بالبلاد والعباد، من أجل التمتع بآثام السلطة وخطايا الكراسي الرهينة.
إنها يقظة شعب يتمسك بهويته وجوهره وسيادته وقيمه الحضارية وأخلاقه وتقاليده الوطنية، التي تداولتها الأجيال لتحافظ على بقائها وعزتها وكرامتها.
فالأوطان باقية بإرادة مواطنيها، وإن الجوهر ينبثق من تحت ركام الأضاليل.
وقل يحيا الشعب ويبقى الوطن، وكل خوّانٍ إلى جحيمات بئس المصير!!
واقرأ أيضاً:
النهضة والفكر!! / أحبُّ الفلسفة ويوجعني الفلاسفة!! / ضع وطنك أولا ستكون أولا!! / الباليات والعاديات!!